رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تشير التقارير الدولية إلى أنّ نصف أفراد إحدى الجاليات العربية في الولايات المتحدة ينتمون إلى فئة الكفاءات المتعلمة وأصحاب المهن المتخصصة، كما يعمل نصف الأطباء النيجيريين خارج بلادهم، بينما يتمتع نصف الباكستانيين المقيمين في الولايات المتحدة بمستوى تعليمي جامعي على الأقل. ويكشف هذا الواقع عن أنّ معظم الدول الإسلامية تواجه صعوبة في الحد من هجرة العقول والخبرات إلى الخارج. ومع ذلك، ورغم تأخرها في مؤشرات التنمية، فإن هذه الدول ليست عاجزة عن تكوين العلماء والمتخصصين. والدليل على ذلك أن عددًا من العلماء المسلمين حازوا جائزة نوبل في المجالات العلمية، مثل محمد عبد السلام، أحمد زويل، عزيز سنجار، ومنجي بواندي، وهم من أصول باكستانية، تركية، مصرية وتونسية، وقد أكمل اثنان منهم دراساتهما الجامعية في أوطانهما.
وقد نال أدباء من تركيا ومصر وتنزانيا أيضًا جائزة نوبل في مجال الأدب، مما يدل على أنّ مؤسساتنا التعليمية، رغم ما تعانيه من قصور، قادرة على تخريج علماء ومبدعين بمستوى عالمي. وبالتالي، فإن المشكلة الحقيقية لا تتمثل في ضعف القدرة على تكوين الكفاءات، بل في عدم استثمارها بالشكل الكافي أو في فقدانها. فكثير من الدول الإسلامية تنفق جهودًا وموارد كبيرة لتأهيل الكفاءات المهنية، لكنها تفشل في الحفاظ عليها، الأمر الذي يدفع الكثير من أصحاب المواهب إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل في الخارج. ومع اتساع هذه الظاهرة، أصبحت تشكل عقبة جدية أمام مساعي التنمية في تلك الدول.
يعاني خريجو الجامعات في الدول الإسلامية من البطالة وتدني الرواتب، مما يدفع الكثير منهم إلى البحث عن حياة كريمة لهم ولأسرهم خارج أوطانهم. ونظرًا لضعف مستوى التصنيع في هذه الدول، فإن عددًا كبيرًا من المهندسين لا يجدون فرصًا لتطبيق معارفهم، فيضطر بعضهم للعمل في وظائف مكتبية لا تتناسب مع مؤهلاتهم، بينما يتجه آخرون إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل. فعلى سبيل المثال، رغم وجود أقسام للهندسة الفضائية في معظم الدول الإسلامية، إلا أن الدول التي تمتلك برامج فضائية متقدمة قليلة جدًا. وبالمثل، نجد أن أقسام هندسة الحاسوب متوفرة في كل مكان، غير أن عدد الدول التي تقوم فعلًا بتصنيع الحواسيب محدود للغاية.
العلماء والمهنيون الذين لا يجدون فرصًا لممارسة مهنتهم في بلادهم يضطرون للبحث عن عمل خارجها، غالبًا في الدول الغربية. وتحتاج الدول الإسلامية إلى مثل هذه العقول والمواهب لتعزيز التنمية وتحقيق الازدهار. إلا أن الدول الفقيرة التي استثمرت في إعداد هؤلاء الشباب ترى ثمار هذا الاستثمار تُجنى من قبل الآخرين. فالدول المصدّرة تتحمل تكاليف الاستثمار وفي الوقت نفسه تفقد عوائدها، مما يعني أنها تخسر مرتين.
تواجه الدول الإسلامية صعوبة كبيرة في الاحتفاظ بالأساتذة والخبراء المتخصصين. ونتيجة لذلك، تتراجع المشاريع البحثية ومخرجاتها، ويتأثر إعداد الأجيال الجديدة سلبًا. عندما يشاهد الطلاب أمثلة ضعيفة أو يقتنعون بأن النجاح يتطلب مغادرة وطنهم، يقلّ لديهم الدافع لممارسة البحث العلمي داخليًا. وينطبق الأمر نفسه على المجال الثقافي، حيث تُعد هجرة الفنانين والمفكرين المبدعين خسارة كبيرة للدولة. إن هجرة رأس المال الفكري تُضعف أيضًا روح الابتكار والأفكار الجديدة. بهذا الشكل، تصبح هجرة الأدمغة جزءًا من حلقة التخلف المستمرة، فقلة الفرص تدفع إلى الهجرة، والهجرة بدورها تقلّص الفرص المتاحة لمن يبقون في البلاد.
أما الدول الغربية المتقدمة، فهي لا ترغب في استقبال العمالة غير الماهرة داخل بلادها، لكنها تُظهر مرونة كبيرة في استقطاب الكفاءات المتميزة. فهذه الدول، التي تستثمر بالفعل في التعليم والبحث العلمي، تعزز ثروتها عبر جذب العقول المتميزة من الخارج دون أن تتحمل أي تكلفة في إعدادهم. بالإضافة إلى ذلك، توفر الدول المتقدمة حوافز اقتصادية جذابة وبيئة حرة، إلى جانب المنح الدراسية، وتشجيع الهجرة، والمشاريع البحثية، وبطاقات الإقامة الدائمة، لتوظيف هؤلاء المهنيين المؤهلين في مراكز البحث والجامعات. ومن الطبيعي أن تسعى هذه الدول للاستفادة من هذا الميزة، كما تحاول دول أخرى القيام بالمثل.
كحل لهذه المشكلة، يجب على الدول الإسلامية القيام بإصلاحات شاملة لتعزيز قدراتها العلمية وتشجيع الكفاءات الموهوبة على البقاء وعدم الهجرة. ويشمل ذلك توفير بيئات تعليمية أكثر حرية وإبداعًا، والاستثمار في بنية البحث والابتكار، وتطبيق أساليب إدارة مهنية وعمليات توظيف قائمة على الكفاءة والاستحقاق. وعلى الرغم من أن تركيا وقطر وبعض الدول الأخرى حققت نجاحًا نسبيًا من خلال هذه السياسات التحفيزية، إلا أن معظم الدول الإسلامية لم تتمكن بعد من الحد من هجرة العقول. وفي عصر تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، يجب اعتبار العقول الماهرة مورداً ثمينًا، لا سلعة تُهدر، لضمان البقاء في طليعة السباق العلمي.
تخلَّص من صدماتك
جسد الإنسان يختزل الكثير من الأمور، وكذلك دماغه قد ينسى بعض الأمور غير المهمة ويتذكر بعض الأمور التافهة... اقرأ المزيد
36
| 02 ديسمبر 2025
الحماية الجنائية للموظف العام.. من يملك حق تحريك الدعوى؟
يواجه موظفو خدمة الجمهور في الجهات الحكومية مواقف متباينة خلال تعاملهم اليومي مع المراجعين، وقد تتجاوز بعض الردود... اقرأ المزيد
42
| 02 ديسمبر 2025
فضائل الصمت
في التجارب الإنسانية، يظل الشطر المخفي هو الأصدق، فالظاهر لا يبوح سوى بالقليل، ولا يُنبئ إلا عن علامات... اقرأ المزيد
36
| 02 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
1956
| 30 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1740
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1590
| 25 نوفمبر 2025