رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حمد عبدالرحمن المانع

حمد عبدالرحمن المانع

مساحة إعلانية

مقالات

2140

حمد عبدالرحمن المانع

تصويب العادات السيئة من الأهمية بمكان

08 فبراير 2013 , 12:00ص

ظاهرة الإلحاح أو باللهجة الدارجة (التلزيم) تكاد تكون ذات صبغة شرقية ومن المعلوم بأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده، وهذه الصفة المحرجة بطبيعة الحال تتم عن حسن نية فيما يعتقد (الملح) بأنها تعكس مدى غلاء الشخص وتقديره له وهي تندرج في إطار المبالغة، وتتفاوت حدة الإلحاح من شخص لآخر إلا أنها كما أشرت آنفا ذات صبغة شرقية طبقاً للبيئة والثقافة التي تعزز من بروزها في هذه المنطقة أو تلك، ويصر الإنسان (اللحوح) على ممارسة هذه العادة السيئة لما تسببه من إحراج بالغ وعدم إتاحة الفرصة للطرف الثاني لتمرير قبول الاعتذار فقد يعتذر الطرف الثاني لـ (اللحوح) مرة، فيعيد الكرة في ملعبه بالطلب مرة ثانية وثالثة إذ إن المرة الثانية تعتبر كافية في إصرار (المٌلزم على الملزم عليه). وما زاد عن ذلك فإنه حتماً يندرج في نطاق الإلحاح غير المرغوب فيه والذي يصل حد الإزعاج والإحراج في ذات الوقت، فقد ينصاع الطرف (الملزم عليه) للأمر تبعاً للإصرار المتواصل ويرتبك برنامجه جراء هذا القصف الودي المشوب بحسن النية والمحبة الصادقة، إلا أن المحبة الصادقة تحتم تفهم الظروف وقبول الاعتذار وقد تتم العملية برمتها في إطار المجاملة في حين أن هذه العملية قد تتسبب في آثار سلبية قد تنعكس على مستوى العلاقة فالطرف (الملزم عليه) الذي أمسى رهنا لهذه الصفة غير المحببة ستجعله يتهرب من لقاء زميله آنف الذكر أو حتى الاتصال عليه خشية وقوعه تحت مطرقة (التلزيم اللي ما له لازمهْ) وهكذا تنحسر سبل التواصل ويتضاءل بريقها تبعاً لبعض العادات التي تصنف في بعض الأحيان من باب زيادة الكرم ولكن زيادة الكرم أيضاً تعني الاحتفاء الصادق بالمكرم وإكرام النفس هواها، أي أن قبول الاعتذار في المرة الأولى أو الثانية يوضح بجلاء بأن الرسالة وصلت، وعلى النقيض من ذلك فقد يستغلها البعض بطريقة أخرى كأن يعزم شخص آخر من باب المجاملة فيبادره الآخر بسرعة صواريخ توماهوك قائلاً (الله يهديك بس لو أنك ما لزمت) وهي مرة واحدة ومن طرف اللسان وتكمن المشكلة هنا في مسألة الأعداد أي أن العازم المجامل لم يكن يتوقع بأن مشاعر صاحبه في ثلاجة وأبرد من قطع الدجاج في الفريزر وليت الأول منح الثاني جزءاً من حمأة إفراطه وليت الثاني منح الأول زخماً من الواقعية بغض النظر عن اصطدام واق عيته بصاحبنا البارد، والأدهى من ذلك هو إدراج الحلف وإقحام الطلاق في هذه المسائل وهذا في الواقع يعد أزمة أخلاقية بكل أبعادها فالاستهانة بالحلف وتداوله في كل كبيرة وصغيرة ليست من الأخلاق في شيء وتوقع الإنسان في المحظور إذ إن التساهل في هذا الأمر وعدم تطبيق الحلف نتيجة لعدم تجاوب طرف إلى الطرف الآخر يحتم على المرء أداء كفارة اليمين قال تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) فلماذا كل هذا الأمر؟ ولماذا يتم إقحام الحلف في مسائل لا تعدو عن كونها تعبيراً عن المحبة ونحو ذلك، فهناك أساليب كثيرة أخرى بديلة لإبرازها كعربون محبة، إن تقنين الحلف وعدم الحاجة إليه إلا في الحالات الذي يتطلبها الحلف كأداء الحقوق والشهادة وغير ذلك من الأمور التي حددها الشارع الحكيم تجنب المرء الوقوع في المعاصي والزلات فضلاً عن ذلك فإن الصدق يعزز الثقة والثقة توجب الاحترام للموثوق به والصدق من صميم تعاليم ديننا، فلماذا لا يكون الدافع للتعبير عن مشاعرنا بقوة وقعه وتأثيره، وأمر من ذلك من يحلف بالله كثيراً وفي غير المواضع المخصصة للحلف بل ويضع زوجته تحت مطرقة هذا العبث فيطلق وربما بالثلاث إن لم يلبِ المدعو الدعوة وهذه قمة الإسفاف والاستهانة بالعلاقة الزوجية لترزح الأسرة تحت وطأة التبعات السلبية السيئة الناجمة عن هذا الجهل ويتشتت شمل الأسرة لا لشيء سوى تراكم التخلف المؤدي إلى هذه النتائج البائسة، وتدفع الأسرة ثمناً باهظاً لمجرد دعوة على رأس خروف محشي أو مشوي لا يهم، فهل أصبحت الأسرة وقيمتها رخيصة بخسة إلى هذا الحد ليهدم ما بناه في سنين عمره في لحظة كرم لا تمت إلى الكرم بصلة،بل أنها ستورث العناء والشقاء وهل يفقد الإنسان عقله حينما تنفلت عواطفه ويعجز عن السيطرة عليها عبر هذا العبث المخزي، إن وسائل الإعلام مقروءة ومرئية ومسموعة يقع على عاتقها جزء كبير في حمل هذه المسؤولية، وإيقاف هذا المد الهادر المفعم بالتجاوزات اللفظية التي لا تلبث أن تقلب كيان الأسر رأساً على عقب وتصيب الاستقرار الاجتماعي في مقتل، ومهما كانت العادات مرتبطة ارتباطاً وثيق الصلة بالمجتمعات، فإن تحجيم بعض العادات السلبية السيئة يتطلب جهداً ليس باليسير ويتطلب مثابرة دؤوبة لا تنقطع حيث إنها متأصلة ومتجذرة في العمق، لذا فإن فصل العادة بالعادة هو السبيل لإنجاح هذه المهمة، بمعنى أن من تعود على الحلف بمناسبة وبغير مناسبة، فبالإمكان أيضاً أن يتعود على الامتناع عن الحلف وكما أسلفت فإن سياق النماذج والأمثلة وتصويب العادات من الأهمية بمكان ومن ضمن المهام وأبرزها تكثيف الإرشادات بمغبة هذا الأمر وخطورته فضلاُ عن تعويد الصغار عدم الحلف وتفعيل قيمة الصدق في نفوسهم وأن يكون الحلف في أضيق الحدود طالما أن الصدق هو المقياس جئت إلى المنزل في إحدى المرات وإذا بابني الصغير يشكو من أخيه الكبير ويكثر من الحلف قلت له يا بابا لا تحلف أنا أصدقك بس لا تحلف يا بابا أنت مؤمن وتصلي لربك خمس صلوات وأخلاقك عالية فلماذا تحلف؟ وبعد فترة وجيزة جاء وقال لي بابا أبغي أشتري ملابس رياضة قلت له إن شاء الله عندما أعود في المساء نذهب إلى السوق، فبادرني بقوله أخاف تتأخر فقلت له أحلف لك إني ما أتأخر حينئذٍ أدركت أن المشكلة متأصلة وأننا نحن الكبار بحاجة ماسة إلى قوة في الإرادة وتصويب بعض السلوكيات الخاطئة فإذا فعلنا قيمة الصدق سيقلدنا الصغار ويقتدون بنا شيئا فشيئاً فقط دعونا نحاصر هذه العادة السيئة ونزيلها إلى الأبد.

 

اقرأ المزيد

alsharq حين تضعف منظومة الحكم الرشيد

لم يعد مشهد الاحتجاجات والحراك الشبابي مفاجئًا لنا وللمراقبين في عالمٍ يتغير بسرعة مذهلة، وحيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية... اقرأ المزيد

189

| 22 أكتوبر 2025

alsharq خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد... اقرأ المزيد

78

| 22 أكتوبر 2025

alsharq الجعفراوي.. شهادة سبقت الرحى

في آخر مشاهد حياته، ظهر صحفي الجزيرة صالح الجعفراوي في مقطع مصور تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، ممددا على... اقرأ المزيد

111

| 22 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية