رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منى الجهني

[email protected] 

مساحة إعلانية

مقالات

207

منى الجهني

الجعفراوي.. شهادة سبقت الرحيل

22 أكتوبر 2025 , 04:02ص

في آخر مشاهد حياته، ظهر صحفي الجزيرة صالح الجعفراوي في مقطع مصور تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، ممددا على الأرض وقد اخترقت الرصاصات جسده النحيل، ينزف، بينما كان يوثّق ما بعد الحرب، فيما كان صوته الذي يئن وجعا يلهج بآخر ما يملك من وعيٍ وصدق «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله». 

لم يسقط برصاصة قناص إسرائيلي هذه المرة، بل برصاص العملاء داخل غزة، في حيّ الصبرة تحديدًا.

في واحد من أكثر المشاهد قسوةً على الضمير العام أن تمتد يد الغدر له لتُخرس صوته.

إن اغتيال صالح ليس فقدًا لشخص؛ بل لعدسةٍ كان العالم يرى الحقيقة من خلالها، ولصورة كانت تلتقط توثق مقاطع الدمار والتهجير والقصف، ولصوت ينقل الوجع.

إنه اغتيال لشاب كان شاهدا على الأحداث التي يمر بها الفلسطينيون. وتؤكد الإحصاءات أن أعداد الصحفيين القتلى في غزة بلغت مستوى غير مسبوق تاريخيًا.

وفي القانون الدولي ومواثيق الصحافة يعد هذا جريمة. ويعتبر استهداف الصحفيين عمدًا جريمة حرب إذا تبين أن الاغتيال كان مقصودًا أثناء أداء مهنتهم الإعلامية. كما أنه خرق لحرية الصحافة.

 ومن المفارقات في يوم دفن صالح الجعفراوي يكون شقيق صالح، ناجي الجعفراوي، قد أفرج عنه ضمن دفعات تبادل الأسرى في اليوم ذاته الذي ودّعت فيه غزة صالح إلى مثواه الأخير.

لم يكن اغتياله مجرّد حادثة ميدانية عابرة، بل لحظة فاصلة بين الحقيقة والغدر.

وكأن لم تكن الرصاصات كافية، حتى يتواطأ الغدر معها ليُكمل ما بدأه الرصاص لاغتيال الحقيقة. والغدر أشد من القتل في حد ذاته لأنه يجمع بين الخيانة والخداع وسوء النية.

الغدر ليس قتلًا جسديًا فقط، بل هو اغتيال للثقة والكرامة والعهد، وسقوط المروءة.

 الذاكرة لا تصفح ولا التاريخ ينسى فالغدر ليس من شيم العرب. فهي تعد وصمة عارٍ تظل تلاحق صاحبها «فالغدر سُبّة لا تزول» كما يقول العرب. فالعربي الأصيل لا يطعن من الخلف، ولا يبيع صاحبه مهما كان الثمن.

ورغم الخيانة، سيبقى صوت الشهداء صادقًا، لأن الحقيقة قد تُغتال، لكنها لا تموت.

بهذا الوصف، لا يُنظر إلى الغدر كمجرد فعلٍ سياسي أو حيلةٍ عسكرية، بل غدر بالقضية الفلسطينية.

 وبالرغم من تحريم الغدر حتى مع الأعداء في الحرب، فكيف بمن يغدر بأخيه؟ إن الخيانة لا تنتصر أبدًا وإن بدا في لحظة أنها غلبت. 

لم يُقتل صالح وحده، رحل صالح وقد ترك الكاميرا التي كانت شاهدة معه، وترك في ذاكرة الأمة إرثا لا يزول في زمن الحرب وكان شاهدا على الحقيقة. رحل الجعفراوي وقد اختار طريق الحقيقة وخلد معها معنى أمانة الصورة ومعنى أن تكون إنسانا. 

كانت الشهادة آخر ما نطقه هذا الشاب الذي عاش حياته يشهد للعالم على الحقيقة، فختمها بشهادة الحقّ أمام الله. 

سقط جسده صامتًا، لكن صوته بقي شاهدًا على أن الكلمة الحرة لا تُغتال، وأن المؤمن لا يُهزم ولو مات قائمًا على الأرض.

هكذا رحل صالح كما عاش وما أعظم أن يختم الإنسان مسيرته وقد جمع بين الشهادتين، شهادة كلمة الحق التي نطق بها طول حياته، وشهادة الإيمان التي ختم بها أنفاسه الأخيرة. ختم الجعفراوي حياته كما عاشها صادقًا، شجاعًا، ومؤمنًا بأن الحقيقة تستحق أن يُضحّى من أجلها، سلامٌ على من ماتوا وهم أحياءٌ في الذاكرة... كل هذا وبيني وبينكم

اقرأ المزيد

alsharq صيف سويسري ضائع

«سأعود مُعافَى من الشعارات المخزونة في طيات لساني، أترك التعصب الذي يستولي عليَّ ويحيلني ببغاء تكرر المحفوظات. تطرفت... اقرأ المزيد

372

| 06 نوفمبر 2025

alsharq بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل المتجددة

كانت المقالات في الصحف من أكثر الأشياء المؤثرة في صناعة الرأي العام والتوجيه المجتمعي، وكان كاتب المقال صاحب... اقرأ المزيد

513

| 06 نوفمبر 2025

alsharq مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون للأطراف بشأن تغيرات المناخ.. لحظة الحقيقة

تبدأ اليوم في منطقة الأمازون البرازيلية «قمة بيليم» التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للأطراف بشأن تغير المناخ... اقرأ المزيد

213

| 06 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية