رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعلن الأمم المتحدة في بداية شهر يوليو من كل عام، كما هي العادة، عن طريق صندوقها للسكان، البيانات التقديرية لسكان العالم، بقاراته وأقاليمه ودوله من حيث الأحجام الكلية وخصائصهم الديموغرافية والجغرافية. وقد أظهرت بيانات عام 2024 المنشورة على نطاق عالمي، جوانب من تلك الخصائص التي يستمتع المتابعون لها ويتوقون لنشرها سنة بعد أخرى، ولا أبالغ عندما أقول بأنني أحدهم لارتباطها بتخصصي العلمي وكذلك اهتماماتي البحثية. ويسرني أن أقدمها في هذه المقالة اختصاراً لها مضيفاً إليها جوانب يمكن قراءتها من بين أرقامها. ولكن بادئ ذي بدء، لا بد من التذكير بأن كل الأرض كانت ملكاً لأبينا آدم وأمنا حواء في بداية أن جعل الله سبحانه وتعالى الأرض مسكناً لبني آدم، حيث يقدر الديموغرافيون عمر الإنسان بخمسين ألف سنة كمتوسط التقديرات، وأن عدد البشر الذين ولدوا منذ ذلك التقدير بين 105 و110 مليارات نسمة حتى الآن، أكثر من 90% منهم تحت الثرى، والبقية حية تنتظر يومها الموعود، وهم اليوم حوالي 8.2 مليار نسمة.
ومما يجب توضيحه في هذا الصدد، أن الأرقام التي تذكر في جميع الإحصائيات هي تقديرية وحتى الأرقام التي توضح عبر حركة عقارب الساعات السكانية الوطنية، والانتباه الثاني بأن كثيراً من سكان الأرض قد يسجلون في أكثر من مكان جغرافي او دولة لعدة أسباب، ولكن أهمها قبول كثير من الدول بازدواجية الجنسية، حيث تسمح 61 دولة بها مما يعني تكرار الوجود لهؤلاء، وحلاً لهذه المشكلة فإن العالم متجه ومنذ زمن بمنح كل إنسان رقما مع بداية ولادته حسب الموقع دون أن يتغير ولو تجنس بجنسية أخرى. ولكن من جانب آخر، يجب العلم بأن كثيراً من البشر لا يسجلون لأسباب كثيرة ومن أهمها المجموعة التي تعرف بالبدون، والذين يكادون يتواجدون في جميع دول العالم بصورة أو بأخرى لأسباب طبيعية أو اجتماعية أو سياسية أو قانونية وغيرها.
والسكان كمصطلح، فإنه يذهب الى كل السكان دون تفريق بناء على جنسياتهم، إلا إذا حدد بذلك التعريف في جزئية خاصة من البيانات، فسكان دولة قطر لا يعني مواطنيها فقط، بل يعني جميع السكان المستقرين بصفة قانونية على أرضها، وكذلك سكان الولايات المتحدة الأمريكية، فليس كلهم أمريكيون بالضرورة.
ولكن قبل تسجيل بعض الحقائق عن الوضع السكاني العالمي لعام 2024، من الجيد بيان الأفكار العلمية بخصوص النمو السكاني بين الإيجابية والسلبية، وموقف الأمم المتحدة منذ نشأتها. فلا نبالغ ابتداء إن قلنا بأن الجغرافيين هم من أوائل الذين درسوا الظاهرة السكانية، فنظروا لها بدقه قبل أن يتولى أمرها الديموغرافيون الجدد، ويتقدمون بنظرياتهم السكانية دون الربط بالضرورة بالجغرافيا. وقد كثر الاهتمام بالظاهرة السكانية مع إنشاء هيئة الأمم المتحدة في عام 1945، والتي بدأت تصدر سنويا إحصائية شاملة عن الوضع السكاني العالمي تحت اسم Population statistical year book. وكان من توجهات القائمين عليها وهم يخططون للعولمة البدء في إعداد الكوادر البشرية للقيام بمهمة جمع البيانات بشكل منظم وحسب التعريفات الدقيقة للمصطلحات والتصنيفات التي تطورت كثيراً.
والجدير بالذكر ابتداء، أن اجمالي عدد السكان كان قد قدر في عام 1800 بحوالي المليار نسمة الأول، وفي عام 1900 حوالي 1.7 مليار، وقفز في عام 2000 إلى حوالي 6.5 مليار. وعليه سميت العقود الخمسة الأخيرة من القرن العشرين بمرحلة الانفجار السكاني، حيث شهد العالم كما ذهب اليه مسبقاً المفكر الإنجليزي الاقتصادي توماس مالتوس في بداية القرن التاسع عشر، انخفاضا في معدلات الوفيات بسبب التطورات العلمية والتكنولوجية التي توقع تأثيرها على النمو السكاني المرتفع، عندما ذكر بأن العالم سيدخل متاهة قلة الغذاء بسبب الزيادة البشرية بمتوالية هندسية، على الرغم من ايمانه بأثر التكنولوجيا التي بدأت تنضج وتتطور على زيادة الإنتاج الغذائي، ولكنها ستكون بمتوالية حسابية. ولكن المفكر لم يضع في اعتباره دور الحروب العالمية ولا الحروب الأهلية ولا الفساد السياسي ولا نهب المستعمرين خيرات الدول الفقيرة، والتي أراها شخصياً عوامل أخرى واضحة أفقرت شعوب العالم النامي، وأوسعت الفجوة بين المجموعتين من حيث النجاح والتفوق والغنى كنتيجة.
وإيمانا بأفكار هذا القس ومن جاءوا من بعده، تبنت منظمات الأمم المتحدة منذ الخمسينيات ضرورة توجه الدول نحو السياسات السكانية لخفض النمو السكاني، والتي يرى المتابعون أنها حققت أهدافها الكمية جزئياً، فلولاها لكان عدد سكان مصر اليوم أكثر من 150 مليونا والهند أكثر من ملياري نسمة على سبيل المثال. ولكن هذا المفكر لم يتطرق إلى ظاهرة زيادة السكان من كبار السن والتي بدأت تقلق المنظرين المالتوسيين المعاصرين والذين نسمع عنهم هذه الايام، بأن كبار السن غير المنتجين وغير الفاعلين والذين يكلفون ميزانيات الدول وكذلك هيئات التقاعد الشيء الكثير، ففكروا في طريقة التخلص منهم وخاصة الفقراء، وبلغة قاسية غير إنسانية في كثير من الأحيان، والتي يرجح كثيرون أنهم متهمون بصناعة الفيروس الأخير لتحقيق الفكرة المالتوسية كما يعتقدون، والتي قد يكون مالتوس منها براء.
ولكن السعي الخبيث لهؤلاء، كما يعتقد الكثيرون سوف يستمر، في كبح النمو السكاني حتى المعتدل منه، وخاصة في الدول النامية، حيث قناعتهم بأن الحياة للأصلح والأقوى كما في أفكار مروجي النظام العالمي الجديد.
ولنا وقفة أخرى قادمة بإذن الله في محطات حول أرقام 2024 لبيان جوانب من التغيرات العامة، والتغيرات الخاصة بأقاليمنا الجغرافية ومستقبلها السكاني.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ الجغرافيا غير المتفرغ
جامعة قطر
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
975
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
909
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
693
| 15 ديسمبر 2025