رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تعد ثورة البيانات الضخمة Big Data مجرد انعكاس للتحول الرقمي الذي شهده العالم في العقود الأخيرة، بل أصبحت أشبه بزلزال جيولوجي يعيد تشكيل بنية المعرفة والاقتصاد والسياسة معًا. لقد تحولت البيانات من مجرد أثر جانبي للأنشطة البشرية إلى رأس مال إستراتيجي يتجاوز في قيمته النفط والغاز، باعتبارها موردًا متجددًا، قابلًا للتوسع اللامحدود، لا ينضب ولا يُستهلك كما تُستهلك الموارد التقليدية. من هنا نشأت مقولة أن البيانات هي الذهب الجديد، أو العملة الأكثر تأثيرًا في الاقتصاد المعرفي المعاصر، حيث باتت تحدد موازين القوة في النظام العالمي وتعيد صياغة العلاقات بين الدول والشركات والمجتمعات والأفراد.
تشير الأرقام إلى تسارع مذهل في حجم ما ينتجه العالم من بيانات، بحيث يصعب على الخيال أن يستوعب حجمه. ففي عام 2019، بلغ الحجم العالمي نحو 41 زيتابايت، وقفز إلى 101 زيتابايت عام 2022. ومع اقتراب نهاية 2025، تتوقع التقديرات أن يصل حجم البيانات المُنتجة يوميًا إلى ما يقارب 463 إكسابايت، في مقارنة صارخة مع 59 زيتابايت فقط في 2020. هذه القفزة تعني أن العالم في خمس سنوات فقط أنتج من البيانات أكثر مما أنتجته البشرية عبر تاريخها الطويل، وأننا أمام طفرة معرفية غير مسبوقة. غير أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الكم وحده، بل في الكيف؛ أي في القدرة على تحويل هذا الطوفان الرقمي إلى معرفة ورؤى قابلة للاستخدام في اتخاذ القرار وصناعة المستقبل.
هنا يبرز الذكاء الاصطناعي كالمعضّد الأساسي لهذه الثورة، حيث يوفر القدرة على تحليل البيانات، واستخلاص الأنماط الخفية، وتوليد التنبؤات الاستباقية. وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف ما يقارب 19.9 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030، أي ما يعادل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. لم يعد الاستثمار في البيانات رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل أصبح ضرورة إستراتيجية للبقاء في سباق التنافسية الدولية، فالمستقبل لن يكون لمن يملك الموارد الطبيعية وحدها، بل لمن يملك القدرة على استخراج المعنى من الأرقام وتحويلها إلى قرارات.
في قلب هذه الثورة، تتبلور اتجاهات تقنية تعيد رسم ملامح إدارة البيانات عالميًا. فـ”التحليلات في الزمن الحقيقي” باتت أداة لاتخاذ قرارات لحظية في الأسواق وسلاسل التوريد، وأصبحت الحوسبة على الحافة حلًا لتقليص زمن الكمون في تطبيقات مثل إنترنت الأشياء والسيارات ذاتية القيادة. كما برزت تقنيات الخصوصية التفاضلية والتشفير بوصفها أدوات ضرورية لحماية المعلومات في بيئة باتت فيها الثغرات الأمنية تهديدًا سياديًا. وفي الوقت ذاته، يتم اللجوء إلى البيانات التركيبية لتدريب الخوارزميات بعيدًا عن البيانات الحساسة، فيما تلوح الحوسبة الكمية في الأفق بوعد قادر على قلب معادلات التحليل رأسًا على عقب بفضل قدرتها على معالجة تعقيدات رياضية يستحيل على الحواسيب التقليدية التعامل معها.
لكن هذه الثورة ليست تقنية أو اقتصادية فحسب، بل تحمل أبعادًا جيوسياسية وأخلاقية عميقة. فمن يملك البيانات يمتلك السلطة، ومن يسيطر على تدفقها يرسم خرائط النفوذ. لقد صارت الشركات العملاقة مثل غوغل وأمازون وعلي بابا ومايكروسوفت مراكز قوة موازية للدول، بل تتجاوزها في بعض المجالات، إذ تتحكم في تدفقات المعلومات العالمية وتدير فضاءات رقمية يقطنها مليارات البشر. ومن هنا نشأت مخاوف من أن السلطة السياسية لم تعد محتكرة بيد الحكومات، بل أصبحت موزعة بين كيانات اقتصادية عابرة للحدود قادرة على التأثير في الرأي العام وصناعة القرار وحتى نتائج الانتخابات. الولايات المتحدة والصين تقفان على رأس هرم هذه الهيمنة الرقمية، إذ يشبه التنافس بينهما “حرب بيانات” جديدة، فيما تحاول أوروبا شق طريقها عبر تشريعات صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات التي تسعى لحماية الخصوصية وضبط سلوك الشركات. إنها معركة ليست تقنية فقط، بل قيمية وسيادية، تحدد هوية الفضاء السيبراني وأخلاقياته.
في العالم العربي، تبدو الصورة أكثر تعقيدًا. فمعظم دول المنطقة ما زالت تستهلك البيانات أكثر مما تنتجها، وتعتمد على منصات وخوادم أجنبية، ما يجعلها رهينة للاعتماد التكنولوجي الخارجي. وفي المقابل، تمتلك المنطقة فرصة فريدة نظرًا لطاقاتها البشرية الشابة؛ إذ يشكل من هم دون الثلاثين أكثر من نصف السكان، وهذه قاعدة بشرية ضخمة إذا جرى تأهيلها بالمعرفة الرقمية والمهارات التقنية. التحدي يكمن في القدرة على ترجمة هذه الطاقات إلى إبداع ومبادرات مبتكرة، لا أن تُترك لتكون مجرد مستخدم سلبي لتطبيقات أجنبية.
التهديد الأكبر يتمثل في استمرار الفجوة الرقمية، بما يجعل البيانات العربية مخزّنة ومُدارة في خوادم تقع خارج المنطقة، الأمر الذي يحرمها من السيادة على ثروتها الرقمية. لذلك فإن الحاجة ملحّة لبناء “سيادة بيانات عربية” من خلال إقامة مراكز بيانات إقليمية مرتبطة بالطاقة المتجددة، وسن تشريعات لحماية الخصوصية تعكس القيم والمصالح المحلية، وتحفيز الشركات الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فضلًا عن إنشاء تحالفات إقليمية في مجال اقتصاد البيانات قادرة على منافسة الاحتكارات العالمية.
إن الثورة البياناتية الضخمة ليست مجرد تحول تقني عابر، بل هي إعادة صياغة عميقة لمفاهيم السيادة والسلطة والثروة في القرن الحادي والعشرين. من يملك البيانات يملك القدرة على تشكيل المستقبل، ومن لا يملكها يبقى تابعًا في النظام العالمي الجديد. المنطقة العربية تقف اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تبقى مجرد مستهلك هامشي في اقتصاد البيانات، أو أن تتحول إلى فاعل أساسي إذا ما استثمرت بجرأة في بنيتها الرقمية وربطت بين البيانات والتعليم والابتكار والسيادة التقنية. إنها لحظة تاريخية لا تقل أهمية عن اكتشاف النفط في القرن الماضي، لكنها هذه المرة فرصة تقوم على مورد غير ناضب، يتجدد ويتوسع كل يوم، ويمنح من يملكه قدرة على إعادة تعريف القوة والثروة والمعرفة معًا. المستقبل العربي قد يُكتب بأحرف من بيانات، لكن ذلك مشروط بقدرة المنطقة على إدارة هذه الثروة الرقمية بعقلانية ورؤية إستراتيجية، حتى لا تتحول إلى مجرد فائض رقمي يُستهلك بلا أثر أو معنى.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• متخصص بالسياسة السيبرانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8478
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4698
| 05 أكتوبر 2025