رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. خالد وليد محمود

• متخصص بالسياسة السيبرانية

مساحة إعلانية

مقالات

393

د. خالد وليد محمود

الذكاء الاصطناعي إذ يعيد تعريف الفاعل في العلاقات الدولية 1-2

07 سبتمبر 2025 , 01:44ص

لم يعد النقاش حول الذكاء الاصطناعي محصورًا في قدرته التقنية أو تطبيقاته الاقتصادية، بل امتد ليشمل موقعه في بنية النظام الدولي ذاته. ففي اللحظة التي تُصاغ فيها إستراتيجيات الأمن القومي وتُبنى التحالفات العسكرية وتُدار الحملات الانتخابية، يبرز الذكاء الاصطناعي بوصفه قوة خفية تعيد رسم معادلات النفوذ والهيمنة. لقد تحوّل من مجرد أداة مساعدة إلى عنصر يفرض نفسه في صميم صناعة القرار، ويجبر الباحثين وصناع السياسات على التعامل معه باعتباره أكثر من «وسيلة»، وربما كفاعل ناشئ له منطقه الخاص في العلاقات الدولية. هذه النقلة تطرح سؤالًا إشكاليًا: هل ما زالت الفواعل في النظام الدولي حكرًا على الدول والمنظمات، أم أن الخوارزميات والأنظمة الذكية بدأت تكتسب ملامح الفاعلية السياسية؟

النظريات التقليدية في العلاقات الدولية، وعلى رأسها الواقعية والليبرالية، انطلقت من مسلّمة أن الفاعل هو الدولة ذات السيادة أو التنظيمات المؤسسية العابرة للحدود. لكن التحولات الرقمية المتسارعة كشفت عن قصور هذا التصور ، إذ ظهرت أنظمة غير بشرية تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات معقدة في الزمن الحقيقي، بل على التأثير في سلوك جماعي واسع النطاق. هنا، وفرت المقاربات ما بعد البنائية ونظرية الشبكات الفاعلة (Actor-Network Theory) أفقًا جديدًا، حيث لم يعد الفعل السياسي حكرًا على الكيانات البشرية، بل يمكن أن تشارك فيه كيانات تقنية ورقمية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، الذي بات يشكل عقدة مركزية في شبكات السلطة العالمية.تقرير مؤسسة RAND، إلى جانب دراسات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، أظهر بوضوح أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا لا غنى عنه في التنبؤ العسكري ورسم السيناريوهات الدفاعية. فعلى سبيل المثال، باتت الجيوش تعتمد عليه في تشغيل الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي المستقلة، وفي مراقبة الفضاء السيبراني بحثًا عن التهديدات العابرة للحدود. مثل هذه التطبيقات لا يمكن اعتبارها مجرد تحسينات تقنية، بل هي انتقال نوعي جعل الخوارزميات جزءًا من معادلات الردع والتوازن الإستراتيجي، بحيث أصبح «الذكاء الاصطناعي» نفسه يدخل ضمن حسابات السيادة الوطنية والهيمنة الدولية.يمكن تمييز ثلاث سمات رئيسية تمنح الذكاء الاصطناعي درجة من الفاعلية. أولها قدرته على التنبؤ والتأثير، عبر تحليل كمّيات هائلة من البيانات الاقتصادية والسياسية والأمنية بسرعة تتجاوز القدرات البشرية. ثانيها استقلاليته النسبية، حيث تتمكّن بعض الأنظمة المعتمدة على التعلّم العميق من اتخاذ قرارات تكتيكية دون تدخل مباشر من الإنسان، وهو ما يفتح الباب أمام تصرفات غير متوقعة تتجاوز سيطرة الجهة المشغّلة أحيانًا. أما السمة الثالثة فتتمثل في تأثيره في السلوك الجماعي، إذ باتت خوارزميات الإعلام الرقمي تشكل آراء الجماهير وتؤثر في الحملات الانتخابية والاحتجاجات، وتعيد صياغة فضاء الرأي العام بما ينعكس على القرارات السياسية على مستوى الدول.مع ذلك، لا يعني هذا أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح فاعلًا مكتمل الأركان. فثمة حدود واضحة لفاعليته ينبغي التوقف عندها. فهو لا يزال يعتمد على البنية التحتية البشرية في تصميمه وصيانته وتمويله. كما أنه يفتقر إلى الإرادة الذاتية أو المصلحة المستقلة؛ فهو لا يملك مشروعًا سياسيًا أو إستراتيجيًا خاصًا به خارج إرادة مستخدميه، مهما بلغت درجة تعقيده. أضف إلى ذلك أن الإطار القانوني والسياسي العالمي لا يزال يتعامل معه كأداة، وليس ككيان يمكن أن يُسند إليه مسؤولية قانونية أو سياسية، وهو ما يجعل الحديث عن «فاعلية مطلقة» أمرًا سابقًا لأوانه.لكن، ورغم هذه الحدود، فإن إدماج الذكاء الاصطناعي في بنية العلاقات الدولية يحمل تداعيات بعيدة المدى على المفاهيم الكلاسيكية للسيادة والردع والشرعية. 

 فالسيادة لم تعد مقتصرة على السيطرة على الأرض والموارد، بل أصبح امتلاك الخوارزميات وتطويرها جزءًا من معايير القوة الوطنية. والردع لم يعد يقتصر على الأسلحة النووية أو التقليدية، بل دخلت في معادلته سباقات التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يشبه المشهد الراهن إلى حد كبير بدايات القرن العشرين مع سباق التسلح النووي. أما الشرعية، فهي تواجه مأزقًا جديدًا: فإذا اعتمدت الحكومات أو المنظمات الدولية على أنظمة ذكاء اصطناعي لاتخاذ قرارات مصيرية، مثل شن هجوم استباقي أو فرض عقوبات اقتصادية، فمن سيكون المسؤول إذا اتضح لاحقًا أن القرار كان خاطئًا أو كارثيًا؟ الدولة التي استخدمت الخوارزمية أم النظام نفسه؟ هذا السؤال يفتح الباب أمام تحديات قانونية وأخلاقية غير مسبوقة.

اقرأ المزيد

alsharq موازنة الدولة 2026 نهج متوازن يعزز جودة التنمية

تعكس موازنة الدولة للعام المالي 2026 جملة من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد حرص الدولة على ترسيخ الاستقرار المالي،... اقرأ المزيد

63

| 13 ديسمبر 2025

alsharq من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني

من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد

114

| 13 ديسمبر 2025

alsharq العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2

على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد

93

| 13 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية