رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا بد من كلمة شكر وتقدير إلى سعادة رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والسادة أعضاء مجلس الشورى الميامين على إقرارهم قانون الكفالة الذي يضمن حقوق الوافدين إلى بلادنا ويضمن في الوقت ذاته حقوق المواطن والوطن.
(2)
أستطيع أن أجزم أنه لا يخلو مجلس من مجالس أهل قطر ومجالس المقيمين العرب، من الحديث حول قانون الكفالة ويتناول القوم سلبيات ذلك القانون وإيجابياته، ويقيني أن إيجابياته أكثر من سلبياته، خاصة أمام المجتمع الدولي، الذي ما برح يتناول أوضاع العمالة في بلادنا على وجه التحديد بأنها تعاني وأن حقوقها مهضومة وأنهم يكلفون بأعمال خارج عن طاقتهم وساعات عمل تزيد عن ساعات العمل المعمول بها في أي دولة من دول العالم، وأنهم لا يتقاضون أجورهم في مواعيدها، الأمر الذي يؤثر في أوضاع أسرهم في الخارج الذين يعتمدون كلية على مداخيل تلك العمالة، ويقيني بأنه ليس حرصا على حقوق الإنسان عامة أو حقوق العمالة الوافدة إلينا ولكن محاولة لتشويه واقعنا لأننا فزنا بحق تنظيم دورة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، نعلم جيدا بأن هناك دولا عربية تعمل بكل جهد لتشويه قدرة بلادنا على تنظيم تلك المظاهرة الرياضية العالمية والتي لم تفز بها أي دولة عربية رغم محاولة البعض.
اليوم وضعت القوانين واللوائح بكل دقة التي تنظم حياة تلك العمالة بما في ذلك الحق في الخروج من البلاد والدخول إليها بالطرق القانونية ودون إذن الكفيل. الغريب أن دول الخليج عامة بها عمالة وافدة وتتعرض لنفس الظروف التي يعيشها العامل في دولة قطر قبل إصدار التشريعات الأخيرة، ولا تثار حقوق العمالة في تلك الدول الخليجية، علما بأنه جرت إضرابات عمالية وافدة في أكثر من دولة خليجية ووجِهَت بالقمع البوليسي، ومن النادر أن تذكر الصحافة الغربية والأمريكية عامة تلك الإضرابات. وهنا نحمد الله في قطر أنه لم تجر أي إضرابات عمالية في قطر كتلك التي حدثت في بعض الدول الخليجية المشابهة لأوضاعنا. ومع ذلك لم نسلم من صحافة البهتان وصحفيي الحقد والضغينة والغيرة من قطر.
(3)
يدور في المجتمع القطري حديث بأن هناك تشريعات تُعد تحرم على الوافدين البقاء بيننا في قطر إذا بلغ الإنسان سن الستين عاما من العمر، ويعلل أنصار هذا المشروع بأننا -نحن المواطنين- نواجه تزاحما في الطرق والمستشفيات والمدارس، وهدرا في المياه والكهربا والسلع الاستهلاكية، وعلى ذلك فإن هذه الفئة من المواطنين تناصر إخراج الوافد ابن الستين عاما من البلاد.
الرأي الآخر لا يناصر إخراج ابن الستين عاما من العمر من البلاد، وحجته في ذلك أن المقيم أيا كان عمره من الوافدين إلينا يدفع تكاليف الماء والكهرباء والإقامة ومصاريف أولاده أو أحفاده في المدارس التي يملكها قطريون، وكذلك مصاريف الدراسة الجامعية، وعلى ذلك فإنه لا يشكل منافسة في الاستهلاك لأنه يدفع تلك التكاليف التي تحددها الدولة.
في المراكز الصحية والمستشفيات لا شك يواجه المواطن صعوبة في الحصول على موعد مبكر لزيارة الطبيب في المراكز الصحية أو المستشفى، وهذه المسألة تحتاج إلى تنظيم من إدارات تلك المؤسسات، علما بأن الوافدين يتحملون جزءا كبيرا من تكاليف الدواء الذي يوصف لهم طبيا، وكذلك يدفع مبلغا ولو أنه رمزي لمعاينة الطبيب.
في هذا السياق لا نجد مبررا جوهريا لإلغاء إقامة ابن الستين عاما طالما يتحمل تكاليف إقامته وتكاليف وفاته.
(4)
الرأي عندي، أن ابن الستين من إخواننا العرب المقيم معنا في الحد الأدنى عاش في هذه البلاد أكثر من 40 عاما، وهو يعمل إما مهندسا أو معلما أو طبيبا أو صحفيا أو محاميا أو قاضيا أو حتى نجارا، وتزوج، وأنجب وأصبح أبناؤه الذين تعلموا في مدارسنا، ولا أهم لقطر حيث المولد والتعلم والنشأة، فأصبح الابن لا يعرف وطنا غير قطر، ويمكن أن نقيس ذلك على متفرجي كرة القدم عندما يقابل فريق قطري فريقا آخر فإن التشجيع كله يذهب لصالح الفريق القطري بحكم النشأة والمولد. هذا الجيل اكتسب عاداتنا ويشاركنا همومنا ويفرح لانتصاراتنا وأصبح يعمل في أي مجال كان تعلمه، أعني أنه أصبح منتجا، فكيف نفرق بين الأولاد والأحفاد والآباء الكبار سنا.
بالصدفة التقيت برجل في الستينيات من العمر قال: عشت في قطر أكثر من أربعين عاما، أنجبت أربعة من الأولاد وبنتين في قطر، تعلموا في مدارس قطرية، وأرسلت الأولاد للخارج تباعا لإتمام دراستهم في أحسن الجامعات الأمريكية وماليزيا، أحدهم طبيب أسنان وآخر مهندس مدني والثالث هندسة كمبيوتر والرابع إدارة أعمال، ولم أجد لهم عملا لا في القطاع الخاص ولا القطاع العام، وبلادي تعصف بها الحروب والطائفية وعدم الاستقرار، فلا أستطيع الذهاب إلى بلادي لظروفها المميتة فما العمل؟!
قلت له: هاجر إلى كندا أو أمريكا أو أستراليا ستفتح لك الأبواب. قال: علمت أولادي من خير هذه البلاد وأبعث بهم يستفيد منهم الآخرون وهذه البلاد الطيبة في حاجة إلى مثل هؤلاء. وقال والعبرة ملء عينيه: أنت يا دكتور محمد تنصح أن أهجر أولادي وأنت تدعو إلى الوحدة العربية والقومية وعودة الكفاءات العربية المهاجرة! سكتّ وقدمتُ له الاعتذار.
(5)
المستشارة الألمانية أنجلا ميركل، فتحت باب الهجرة للاجئين السوريين ووطنتهم في ألمانيا وقالت في البرلمان الألماني: ألمانيا تحتاج إلى زيادة في السكان والسبيل إلى ذلك قبول مهاجرين منتجين، عندنا عجز في العمالة، وسداد ذلك العجز هو قبول مهاجرين.
سؤالي: لماذا لا تُقدِم دول الخليج العربية، خاصة ذات الندرة السكانية، على منح الكوادر المنتجة وأسرهم من إخواننا العرب الإقامة الدائمة وليس بالضرورة حصولهم على الجنسية، لكن تعطيهم هذه الدول حق التملك والعمل بدلا من العمالة الآسيوية.. المؤسسات المصرفية تعج بالهنود، بينما أبناء العرب المقيمون معنا لا يجدون عملا، في الوقت نفسه الأبواب مفتوحة لغير العرب.
آخر القول: أبناء المقيمين في الخليج ثروة قومية حافظوا عليها من الهجرة، وامنحوا آباءهم الثقة حتى لو جاوزوا الستين عاما، فهم خير من يقف معنا في الأزمات.
- تخيلوا أن الأزمة قد انتهت والعدوان توقف وعاد أهل شمال غزة لأنقاض منازلهم ونشطت الطواقم الإنسانية في... اقرأ المزيد
81
| 18 سبتمبر 2025
ترأست دولتنا الحبيبة قطر اجتماع القمة العربية الإسلامية الطارئة في عاصمتنا الدوحة، وذلك لمناقشة ما حدث في بلادنا... اقرأ المزيد
81
| 18 سبتمبر 2025
في القمة الطارئة التي استضافتها الدوحة أظهر الملوك والأمراء والرؤساء المشاركون في فعالياتها أنهم مع قطر قلباً وقالباً،... اقرأ المزيد
78
| 18 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان إلى صدمة؟ (تخيل) أن (جهة ما) استهدفت مقرًا سكنيًا لحركة (ما) في قلب العاصمة، بلا سابق إنذار.الضربة لا تهز مبنى وحسب، بل تهز النفوس، والمجتمع، والتعليم، والجامعات… وحتى صورة المستقبل. هنا السؤال الذي يفرض نفسه؟ إذا اهتزت الدوحة.... من يهتز أولاً ؟ اهتزاز المجتمع… بين الصدمة والصلابة: المجتمع بكامله يدخل في اختبار جماعي عند الأزمات. يولد القلق، ويضعف الإحساس بالأمان، لكن في الوقت نفسه تتكشف فرص لصناعة الصلابة المجتمعية. هذه الصلابة تبدأ من وعي المواطن، وتنمو عبر التعليم وتترسخ عبر ثقافة المسؤولية المشتركة بين الدولة والأفراد. اهتزاز الأمن النفسي… الشرخ الخفي: الأمن النفسي هو الركيزة الأولى لأي مجتمع مستقر. فإذا تصدّع هذا الركن، انهارت معه القدرة على التفكير المتوازن، واتسعت دوائر الخوف والارتباك. الأزمات لا تقتل بالجراح المباشرة وحدها، بل بما تزرعه في النفوس من قلق وشعور بالعجز. أما آن الأوان أن يُنظر إلى الأمن النفسي كأولوية وطنية لا تقل عن الأمن العسكري أو الاقتصادي؟ إنه صمام الأمان الذي يحدد قدرة المجتمع على الصمود أمام أي صدمة، وهو الخط الفاصل بين مجتمع ينهار عند أول اهتزاز، ومجتمع يُعيد ترتيب نفسه ليقف أكثر قوة. الأزمات تكشف هشاشة أو قوة المناهج. التعليم لم يعد مجرد رياضيات وعلوم، بل مهارات حياة، كيف يتعامل الطالب مع الخوف؟ كيف يحافظ على اتزانه النفسي وسط الصدمات؟ وكيف يتحول من ضحية محتملة إلى جزء من الحل؟ المطلوب أن تتحول المناهج إلى منصات لتعليم مهارات التكيف والوعي الأمني. الجامعات القطرية مطالبة بتطوير برامج أكاديمية في الأمن وإدارة الكوارث، وإنشاء مراكز بحث تدرس انعكاسات الأزمات على المجتمع والنفس البشرية. لم تعد الجامعة مجرد منارة للعلم، بل أصبحت درع وعي يحمي المجتمع ويُسهم في استقراره. الاستقرار ليس معطى أبديًا، بل بناء يومي يتطلب وعيًا، تعليما، وتأهيلاً نفسيًا وأمنيًا. هذه الصدمة الافتراضية قد تتحول إلى فرصة وطنية لإعادة التأسيس، مناهج أعمق، جامعات أقوى، وأكاديميات أمنية تندمج في صميم العملية التعليمية. لماذا تؤجل دراسة العلوم السياسية حتى تُطرح كتخصص جامعي، وكأنها شأن خاص بالنخبة أو الباحثين. الوعي السياسي في جوهره وعي وطني، يبدأ من المراحل الدراسية الأولى، مثلما يدرس الطالب الجغرافيا أو التاريخ. إدراج مبادئ العلوم السياسية في المناهج المبكرة يمنح الطلبة أدوات لفهم العالم من حولهم، يعزز انتماءهم الوطني، ويُنمّي لديهم القدرة على قراءة الأزمات والتعامل معها بوعي لا بردود فعل عاطفية. إنه استثمار طويل المدى في جيل يعرف كيف يحمي وطنه بالمعرفة، قبل أن يذود عنه بالفعل. فالدرس الأكبر أن الأزمات، مهما كانت قاسية، قد تُعيد صياغة المستقبل على أسس أصلب وأعمق.إن الرسالة ليست مجرد تحذير افتراضي، بل نداء وطني. أما آن الأوان أن نُعيد صياغة حاضرنا لنضمن مستقبلنا؟ وفي قطر، حيث تحفل الساحة بقيادات واعية، قادرة على اتخاذ قرارات جوهرية، يظل الأمل كبيرًا بأن نُحوّل التحديات إلى فرص، وأن نصوغ من زمن التسارع تاريخًا جديدًا يليق بوطن لا يعرف التراجع.
1833
| 11 سبتمبر 2025
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، لا يعني أبدا نسيان هذا العدوان الإرهابي الهمجي، فهو سيبقى شاهدا على وصول العربدة الإسرائيلية إلى ذروتها، في ظل أسئلة جادة عن حدود الصبر العربي وصمت المجتمع الدولي؟ لقد شكّل هذا الهجوم الغادر اعتداء سافرا على سيادة دولة قطر، ومحاولة آثمة لنقل أجواء الحرب إلى قلب الخليج، في سابقة خطيرة تعكس استخفافا صارخا بالقانون الدولي، ودوسا على أبسط قواعد النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وعدم المساس بأمنها واستقرارها. المفارقة المؤلمة أن الدولة التي طالتها يد العدوان الإسرائيلي هذه المرة، هي نفسها التي حملت على عاتقها طوال الأشهر الماضية عبء الوساطة الشاقة في حرب غزة، فعلى مدار عامين أظهرت الدبلوماسية القطرية قدرة لافتة على فتح قنوات تفاوض بالغة الحساسية، وبذلت جهودا متواصلة في سبيل بلورة حلول توقف نزيف الدم وتفتح الطريق أمام تبادل الأسرى وإمكانية إنهاء الحرب، برغم العراقيل المتعمدة والمتكررة التي وضعها الاحتلال لنسف أي فرصة للسلام. ومن هنا فقد بات واضحا أن الرسالة التي أرادت «حكومة الإبادة» بقيادة بينامين نتنياهو إيصالها من هذا العدوان هو أنها ترغب في اغتيال مسار الوساطة ووأد كل جهد يسعى لإنهاء الحرب التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهي رسالة تكشف أن هذه الحكومة، بتركيبتها المتطرفة، لم تعد ترى في الدم الفلسطيني سوى وقود لبقائها، وأداة للهروب من أزماتها الداخلية المتفاقمة وانقساماتها العميقة. لكن الأخطر أن هذا السلوك يكشف عن نزعة عدوانية متصاعدة للاحتلال ربما تفتح الأبواب على مصاريعها أمام مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. نعم، فحين تصبح عاصمة خليجية آمنة - بغض النظر عن أي ذرائع أو مبررات- هدفا مشروعا في عقل صانع القرار الإسرائيلي، فذلك لا يعني سوى شيء واحد وهو أن المنطقة بكاملها باتت في مرمى حسابات متهورة لا تعترف بسيادة الدول ولا تقيم وزنا للاستقرار أو للقوانين والأعراف الدولية، ما يهدد بجر المنطقة برمتها إلى ويلات لا يمكن التنبؤ بنتائجها الكارثية. لقد عكست حالة التضامن العالمي الواسع مع دولة قطر عقب هذا العدوان المكانة التي باتت تحتلها هذه الدولة الخليجية، والتقدير الذي تحظى به جهودها الدؤوبة لوقف حرب غزة، لكن هذه المواقف على أهميتها اللحظية يجب أن تقترن بخطوات عملية تردع هذا السلوك العدواني المنتهك لسيادة الدول وتمنع تكراره سواء على دولة قطر أو غيرها من دول المنطقة. كما ينبغي أن تشكل هذه الحادثة نقطة تحول حقيقية، تدفع المجتمع الدولي إلى ما هو أبعد من التضامن السياسي والبيانات التقليدية، فالمطلوب اليوم هو تحرك عملي يلزم إسرائيل بوقف عدوانها، والدخول في مفاوضات جدية برعاية الوسطاء، لإنهاء حرب الإبادة في غزة ولجم مساعي حكومتها المتطرفة لتفجير كل المنطقة عوضا عن التجاوب مع المساعي الحميدة لإخماد الحروب والتوترات.
1515
| 12 سبتمبر 2025
لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة أول أمس، التاسع من أيلول/ سبتمبر مجرّد عملية عسكرية عابرة، لدولة مارقة، بل كانت رسالة صاخبة مغزاها: «لا حدود لعربدة تل أبيب، ولا حصانة لأحد والكل مستهدف، ولا احترام لقانون ولا التزام بعهد، حتى وإن اصطدمت المصالح بمصالح أقرب الحلفاء»… 12 صاروخاً أطلقته 15 طائرة إسرائيلية مقاتلة استهدفت موقعاً مدنيا معروفاً في وسط الدوحة، يلتقي فيه فريق تفاوضي أبدى موافقة مبدئية على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإطلاق سراح الأسرى، كان يفترض أن يكون بارقة أمل يقود إلى إغلاق ملف إنساني شائك، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، بخطوة طائشة، وصفها معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بأنها «غادرة» نسف تلك المساعي، بما يؤكد الشكوك بحقيقة الأهداف التي كان يسعى لتحقيقها خلال السنتين الماضيتين من إطالة أمد الحرب على غزة. من الواضح الآن أنه لم يكن يهدف إلى تحرير الأسرى ولا الوصول إلى تسوية، بل العكس هو الصحيح: إبقاء الجرح مفتوحًا، وإطالة أمد الحرب إلى أطول فترة ممكنة، طالما كانت الحرب هي وسيلته الوحيدة وملاذه الأخير لتأجيل ساعة الحساب، والهرب من شبح السجن الذي يطارده بتهم الفساد. إن دولة قطر وقد تصدّرت مشهد الوساطة منذ البداية وما زالت، تجد نفسها في موقف حرج. فكيف يمكنها الاستمرار كوسيط «موثوق» بينما تُستهدف أراضيها بهذا الشكل الفج؟ الغارة لم تستهدف حركة حماس وحدها، بل أصابت قلب الجهد الدبلوماسي، وأحرجت كل دولة خليجية كانت تراهن على التحالف مع الولايات المتحدة، كحصانة يمكن أن تردع دولة مارقة كإسرائيل من مجرد التفكير بالعدوان عليها، لكن ذلك لم يحصل، فأي قيمة بقيت لهذا التحالف في ظل العجز الأمريكي، لا نقول التماهي أو التواطؤ، آخذين بنظر الاعتبار ضبابية وعدم تماسك السردية الأمريكية للحدث !! لقد برهنت إسرائيل مرة أخرى أنها دولة مارقة، يقودها متطرفون مهووسون بالقوة المفرطة! لا حدود لغطرستهم وجنونهم، لا يعترفون بقانون ولا يلتزمون بعهد، فمن غزة إلى الضفة، إلى لبنان، ومن سوريا إلى اليمن، وصولًا إلى إيران وقطر، امتدّت ذراع إسرائيل في المنطقة لتنشر الفوضى بلا رادع. والقائمة مرشحة للزيادة، في إشارة صريحة إلى أن المستهدف هو الكل الخليجي بل والعربي وبلا استثناء. هذه ليست أزمة عابرة، بل ناقوس خطر. والتاريخ أمامنا شاهد: في الحرب العالمية الثانية، استطاع الألمان أن يستفردوا بكل دولة أوروبية على حدة وينتصروا. لكنهم انهزموا عندما اجتمع المستهدفون في جبهة واحدة. السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: متى يستدرك العرب بل دول الخليج العربي وحدتهم، وقد وصلت النيران إلى عتبات بيوتهم؟ … أما آن الأوان لإعادة النظر بالأسبقيات وإعلاء شأن المصلحة المشتركة والتسامي عن الخلافات البينية في وجهات النظر في هذه المسألة أو تلك؟ أليس من الضروري أن ترسل الدول الست وعلى الفور رسائل غضب مشتركة، تقطع فيها جميع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية مع إسرائيل، وتوقف على الفور مساعي التطبيع … لابد أن يدفع المعتدي ثمن عدوانه الغادر، ولابد أن يدرك العالم أجمع حقيقة أنّ الخليج العربي كتلة متراصة، وأن دولة قطر ليست وحدها. إن الغارة على قطر ليست مجرد عدوان، بل اختبار لوعي الأمة بأسرها. فإما أن نستفيق ونتدبر، أو نظل متفرقين نُستنزف تباعًا حتى النهاية. الاعتداء لن يثني قطر عن الالتزام بمبادئها السياسية بوصفها كعبة المضيوم، ولن يغير موقفها الثابت من دعم القضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية بما تمثله من أولوية لدى القيادة السياسية. وهذا ما أكده أمير قطر بقوله «إن قطر ستواصل نهجها البنَّاء في الوقوف مع الأشقاء والقضايا الإنسانية العادلة بما يوطد دعائم الأمن والسلم الدوليين». مرة أخرى تثبت دولة قطر أنها لن تخضع للابتزاز، ولن تحيد عن المبادئ والمسلمات والقيم، بل هي أقوى من التحديات وقادرة على تجاوز كل الأزمات بعزيمة وحكمة سياسية وإرادة وثبات. رحم الله من ارتقى شهيداً في هذا العدوان الغادر، رحم الله شهداء غزة والضفة، وحفظ الله قطر، وأوطاننا من كل سوء.. اللهم آمين.
1398
| 11 سبتمبر 2025