رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بدور المطيري

• كاتبة وصحفية كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

111

بدور المطيري

حين فتحت قطر قلبها قبل ملاعبها

04 ديسمبر 2025 , 04:00ص

"حياكم في قطر" هي أول عبارة يسمعها القادم الى مطار الدوحة، وفور خروجه سيجدها على لافتات الشوارع، ترافقه حتى يدخل المدينة، فيشعر بحفاوة الاستقبال وروح الشعب القطري المضياف وفي افتتاح كأس العرب 2025، بدت هذه العبارة وكأنها تمتد من بوابة الوصول الى مدرجات الملعب، في رسالة أرادت الدوحة أن تقولها بوضوح "هذه بطولة عربية في بيت عربي".

منذ اللحظة الأولى للحفل كان واضحا أن قطر لم تعد تتعامل مع الاستضافة كحدث بروتوكولي، بل كجزء من هويتها ورؤيتها الحديثة. الأضواء التي غمرت الملعب لم تكن مجرد عرض، بل تأكيد أن تجربة كأس العالم 2022 لم تكن نهاية مشروع، بل بدايته، الدوحة اليوم تقدم نفسها للعالم كلاعب أساسي في صناعة الأحداث الرياضية الكبرى، وتتعامل مع البطولات بوصفها نافذة لعرض صورتها ودورها الاقليمي المتنامي.

ورغم أن الحفل جاء مبهرا بصريا، فإن قوته الحقيقية كانت في رسائله، فالعروض الفنية والموسيقى والرمزيات التي حضرت لم تكن لتجميل المشهد، بل لتوحيده. بدا الحفل محاولة لتذكير العرب أنهم قادرون على الاجتماع حول لحظة واحدة، وأن الرياضة ما تزال إحدى المساحات التي تجمع ولا تفرق.

ومن وجهة نظري، فإن هذا تحديدا ما أتقنته قطر وبجدارة، فهي تفهم جيدا معنى أن تتحول الرياضة الى قوة ناعمة، والى منصة تعبر من خلالها الدول عن قيمها وتبني صورتها الدولية. قطر لا تقدم استعراض قوة، بل استعراض ثقة، دولة تقول للعالم أنها قادرة على تنظيم حدث بحجم قارة دون أن تتخلى عن طابعها وهويتها.

لكن العنصر الأكثر تأثيرا في الافتتاح كان الحضور الفلسطيني، لم يكن حضورا كليا ولم يقدم كفقرة منفصلة، بل جاء كجزء من الطابع العام للحفل، الرمزية كانت واضحة وهادئة، فلسطين ليست ضيفا، بل جزء من الذاكرة العربية التي تحرص الدوحة على إبقائها في الواجهة، والمباراة الافتتاحية بين قطر وفلسطين كانت رسالة بقدر ما كانت مباراة، تقول إن الرياضة قادرة على قول ما يصعب قوله خارج الملعب.

في المدرجات، بدت اللحظة العربية خالصة، أعلام مختلفة ولكن الهتاف واحد، لهجات متعددة لكنه الشعور ذاته، وكأن الملعب تحول الى بيت كبير أعاد جمع العائلة بعد غياب طويل، وهنا يكمن جوهر الرؤية القطرية أن الاستضافة ليست مجرد تنظيم بل بناء لحظة وصناعة انطباع وخلق مساحة يشعر فيها العربي بأنه جزء من شيء أكبر.

قطر لم تعد تنافس على لقب افضل دولة منظمة بل على مكان ثابت في الذاكرة العربية المعاصرة.

وهكذا حين انطلقت صافرة البداية، لم تعلن فقط بدء البطولة بل بدء فصل جديد في قصة الرياضة العربية، فصل تثبت فيه الدوحة أن البطولات قد تلعب في الملاعب ولكنها تحفظ في القلوب.

وقطر كما اثبتت الليلة، أتعبت من بعدها في تنظيم البطولات الدولية. وفي كل حدث تؤكد أن الريادة في هذا المجال أصبحت علامتها الفارقة التي لا ينافسها فيها أحد.

مساحة إعلانية