رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. ياسر محجوب الحسين

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

543

د. ياسر محجوب الحسين

أوروبا والسودان.. ماذا وراء الأكمة؟

04 يونيو 2011 , 12:00ص

(غزل) الاتحاد الأوروبي في ديمقراطية السودان، جعل البعض يتذكر الحكمة العربية التي تقول: "الحق ما شهدت به الأعداء"!. لكن في الوقت نفسه جعل البعض الآخر يقول إن (الغزل) مكافأة للدولة لتفريطها في جنوب البلاد!. ماذا قالت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الاستفتاء؟. عبارات الغزل حملها بيان قبل يومين للبعثة جاء فيه: "إن عملية استفتاء جنوب السودان تمت بمصداقية تعكس الرغبة الساحقة من الناخبين في جنوب السودان للانفصال".. "إن عملية إدارة الاستفتاء عموما كانت ذات كفاءة ومنظمة ومعدة إعدادا جيدا".

رئيسة وهي كذلك عضو في البرلمان الأوروبي تقول (بعضمة لسانها): "إن عملية الاستفتاء في جنوب السودان هي لبنة في بناء ديمقراطية ناجحة في السودان".. الحقيقة تقول وبدون الوقوف كثيرا عند رأي هؤلاء وأولئك إن السودان وشعبه دولة عصرية وليس غريبا عليه أن يجري استفتاء بتلك الكيفية التي أبهرت العالم.. النجاح الذي أشارت إليه البعثة ليس ملكا لحزب معين أو جهة معينة وإنما ملك للإنسان السوداني.. التقرير الذي اشتمل على 56 صفحة اعترف بالدور المهم لحكومة السودان وحكومة جنوب السودان ومفوضية استفتاء جنوب السودان ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في تنظيم وإجراء الاستفتاء بطريقة سلمية. لم نقل ولن نستطع القول إن العملية مرت من دون إخفاقات، لكنها إخفاقات لا تنتقص من النجاح الباهر للعقل السياسي في السودان.. الإخفاقات من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، تتلخص فيما يعرف بالقضايا العالقة التي يرى الكثيرون ليس في الأمر ارتباطا مباشرا بعملية الاستفتاء، فنجاح التأثير الدائم لعملية الاستفتاء في نظر الاتحاد مرتبط بقرارات لابد من اتخاذها مثل الديون الخارجية وترسيم الحدود والعملة والمواطنة وأرباح البترول. الاتحاد اعتبر أن تأخير تنفيذ استفتاء أبيي الذي كان مقرر عقده بالتزامن مع استفتاء الجنوب مسؤول جزئيا عن العنف وعدم الاستقرار في أبيي.

لن يرتاح المتشككون وسيظل يتساءلون: ماذا وراء موقف بعثة الاتحاد الأوروبي (الإيجابية)؟! ماذا وراء الأكمة ؟، تقول العرب "وراء الأكمة ما وراءها"، وهي مقولة ذهبت مثلا في إفشاء المرء على نفسه أمرا مستورا، ربما ضاق العالم (المتحضر) ذرعا بمقاطعته للسودان وحرمان شركاته من ثرواته بعدما أرهقته الأزمة المالية وأمسكت بتلابيبه، فجاء يسعى مفصحا عن (موقف جديد) و(جدي) تجاه السودان.. البعض سيسارع ويفسر الأمر على أنه بسبب (صمود) و(تحدي) السودان لكافة محاولات قهر الشعوب عبر الأدوات الاستعمارية المسماة دولية، ربما من قائل آخر إن الموقف الجديد ناتج عن سياسة واقعية قائمة على قناعة متنامية بتراجع القوة وفشل نهج المقاطعة والضغوط، مع ذلك كله نحذر من أن تنزلق الدبلوماسية السودانية مزالق الواقعية السياسية.

(اليونميس) ستكون مختبرا لعلاقة السودان بالأمم المتحدة و(اليونمس) قوات للأمم المتحدة جاءت للسودان بعد اتفاقية السلام الشامل تحت البند السادس وينتهي أجلها بنهاية تنفيذ الاتفاقية في 9/7/2011م تاريخ إعلان قيام دولة جنوب السودان.. الخارجية السودانية أخطرت الأمم المتحدة بأن على (اليونميس) الرحيل في الوقت المعلوم.. الناطقة باسم الأمم المتحدة قالت إن بقاء (اليونميس) مرتبط (برؤية) الأمم المتحدة وليس جمهورية السودان!!. الله يستر.

آخر ما صدر عن أمريكا بشأن السودان أنه أهم دولة إفريقية بالنسبة لها.. يقيني أن الإدارة الأمريكية لم تحتار في شأن دولة من الدول مثلما تحتار اليوم في السودان الذي اعتمد إستراتيجية الصمود في وجه القرارات الأممية من لدن أمريكا طيلة عقدين مضت.. لا الضربات العسكرية (مصنع الشفاء نموذجا) ولا الحصار العسكري والاقتصادي وجد فتيلا مع السودان فقد ظلت إرادة القرار الوطني هي الغالبة.. سيكون أوباما على سبيل المثال أكثر شجاعة إن قرر زيارة السودان بدلا من إيراد المقارنات السخيفة بين دارفور والبوسنة.. المقارنة العابرة التي وردت في أحد خطاباته تشير إلى أن تركة جورج بوش مازالت تلقي بظلالها على حركية الفعل في السياسة الخارجية الأمريكية.

مساحة إعلانية