رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يتفننون فيما يطلق عليه شاي الضحى أو افتر نون تي afternoon tea، وما يقدم خلال ساعات محددة من اليوم من أصناف محددة ومعدودة من حلوى، وساندويتش ومربى وشاي وقهوة، ويجتمعون في بهو فندق خمسة نجوم وبعد طول انتظار، وما رافقه من ضجيج المكان انتظارا لهذا الاجتماع المحدد وقته وطلبه وضيوفه! يجتمعون بحوار وكلمات معدودة، وبنظرات وتفحص وجوه لمن هم من زوار في المكان! اجتماع يفتقد روح ومتعة اللقاء الصادق، ثقافة الاستمتاع وإحساس السعادة، وعيش اللحظة، والتفاؤل، وحسن الظن بالله في كل وقت.. جميعها تكسب صاحبها، وتنعكس على من معه من صحبة وأهل المتعة والراحة والسكينة، وبتفاؤل واستبشار انتظار الغد بما يحمله من بشارات، وطي صفحة الأمس بكل ذكرياته وحواره وصوره، والاكتفاء بحمل وحفظ أجمل اللحظات والذكريات في ذاكرة العقل والروح قبل ذاكرة الهواتف الذكية، إتقان فن الاستمتاع بكل شيء تملكه وحولك ومعك.. نعمة ومتعة يفتقدها كثيرون، كم من بشر يعيشون في قصور، وسط حديقة غناء.. وكم من بشر يقتنون يخوتا في وسط البحار، وكم من بشر يسهل عليهم السفر بين مدن وقارات بطائرات خاصة يقطعون فيها الفضاء.. كم من بشر يملكون المال وكل الوسائل من مال وجاه إلا أنهم يستأجرون ويدفعون الملايين لمن يخلق وبوجود لهم فن اللحظة والمتعة! قد ندخل أماكن ومنازل؛ بل قصورا بديكوراتها وتصاميمها وأثاثها و مقتنياتها؛ إلا أنه نصاب بإحساس انقباض ونفور وضيق صدر.. لتكلف ومبالغة في كل شيء.. ولا نجد إحساس وطيب الروح وعفويتها، ولا نجد بساطة النفس وصدقها.. يكون ثقل اللقاء منهكا للروح … والجسد. ونجد هذه المتعة بعد طول وصول وصعود لشقة بسيطة جدا، ودون تكييف وأثاث بسيط.. ونشرب شاي وقطع حلوى ومكسرات، ولهو أطفالهم وصراخهم يملأ المكان، إلا أن المتعة وانشراح الصدر يفوق وينسي تعب الصعود.. هناك من الناس من نستمتع معهم بشرب فنجان قهوة، في مساحة أرض بسيطة وصغيرة، وحولك أحواض لأشجار وزرع، وأحواض ننتظر تفتح أزهارها، نستمتع معها بجلسة بسيطة وحوار لا ننظر فيه لساعة الزمن.. ولا نتفقد فيه رسائل واتساب، ولا نشاهد ما يعرض على وسائل تواصل اجتماعي خرساء وما تقدمه من ضوضاء وتلوث بصري ! اجتماع ومتعة حوار ولقاء تلتقي فيه الأرواح ببساطة وراحة.. مع إمكانيات بسيطة. وهناك من تصنع لذاتها حديقة عند مدخل بيتها وفي شرفة غرفتها، وهناك من تستمتع بصنع قالب حلوى وكيك.. وحمله وتقطيعه وصفه في طبق.. مع كوب شاي.. هناك شعوب تستمتع بوجود الجيران واجتماعهم، وتستمتع بالاجتماع واللقاء في بلكونة أو شرفة بسيطة لمسكنها عبارة عن شقة بسيطة لا مساحة للفضاء إلا تلك البلكونة الصغيرة المساحة الكبيرة بمعنى اللقاء فيها، تجتمع فيه بقلب وروح تسع أعدادا من الجيران على شرب شاي او تناول حلوى وفاكهة أو حتى أكل المكسرات والبذور.. إتقان فن الاستمتاع ينبع من العفوية والبساطة وعدم التكلف، والمبالغات في كل شيء؛ تكلف اجتماع ودعوات، تكلف ضيافة، تكلف زينة ومكياج، تكلف هدايا لا معنى لها، تكلف في الحوار وتكلف في الجلوس، وتكلف في نبرة صوت ولغة جسد ونظرات! فن الحوار والضحك متعة تترك أثرها في النفوس، وهذه المتعة تتحقق بحوار وسوالف ومواضيع عامة وضحك ونقاش لا يدخل ويغوص ويتعمق في الخصوصية! ولا يبحث عن ما بين السطور! والاهم حوار بعيد عن طاقة الحسد والغيبة والنميمة وحوار أرواح لا تحمل أضغانا وأحقادا.. لماذا نستمتع بالجلوس والحوار واللعب مع الأطفال؟ ولا نمل ولا نتعب في اللعب واللهو معهم؟ لأنهم ببساطة يتعاملون بعفوية نقية وصادقة لا زيف فيها ولا خبث.
… آخر جرة قلم:
إتقان فن الاستمتاع بلقاء واجتماع، فن الاستمتاع برشفة قهوة.. وتناول حلوى.. وحديث لا يُمل ولا يشعرك وكأنك في تحقيق وسين وجيم.. وما يوجده من تكلف وضيق صدر! إتقان في العيش بلحظة المكان، ولحظة الزمان، ولحظة تحتوي العين صورا وانعكاس وجوه جميلة الروح وطيبة النفس.. وسليمة الفكر وحسن الظن، إتقان الاستمتاع بكل زاوية بسيطة وركن هادئ.. تجتمع فيه مع أرواح نقية ونفوس طيبة يرتد ذلك أضعافا راحة وسعادة ومتعة، وتضيف لحظات من الزمن لذاكرة الروح لا تنسى.. أجمل الأرزاق أن تتقن فن الاستمتاع بما تملك مع من تحب.
قضايانا المتسارعة تباعاً
السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد
201
| 29 أكتوبر 2025
قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب
في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد
258
| 29 أكتوبر 2025
المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟
منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد
93
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6549
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3156
| 23 أكتوبر 2025