رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نقوم بجرد أهم أحداث 2024 عربيا وإقليميا وعالميا ففيما يهمنا نحن العرب وما يهم دار الإسلام حدوث الإبادة الإرهابية لشعب فلسطين بجريمة غير مسبوقة تتمثل في تدمير شامل لقطاع غزة وقتل 50 ألف غزاوي من بينهم 17 ألف طفل بريء و15 ألف امرأة وكما قالت وزارة الصحة في القطاع 10 الاف ما تزال جثامينهم الطاهرة تحت الأنقاض وعدد قليل جدا ممن يقاومون وتسميهم إسرائيل «بالإرهابيين» ثم اغتيال فاجأنا لرؤوس المقاومة في فلسطين وفي لبنان مع تفجير أجهزة (البيجر) الالكترونية المبرمجة للقتل في لبنان ومحاولة إسرائيلية لتجديد مأساة غزة في جنوب لبنان وفي بيروت نفسها. ويعرف العرب والمسلمون مدى عجز المجتمع الدولي عن وضع حد للإجرام الإسرائيلي.
*ومن أحداث 2024 التي تهمنا من قريب السقوط السريع لنظام الأسدين الاجرامي في بضع ساعات وفتح صفحة جديدة في سوريا تحمل وجه وملامح قائد ثورتها أحمد الشرع مع ظهور بوادر الثورة المضادة التي تستعد للانقضاض على سوريا الحرة ولكن المطمئن والإيجابي هو أن القادة الجدد لسوريا الحرة اعتبروا بدروس الثورات المضادة في بلدان عربية شقيقة تمكنت فيها قوى الردة واستعباد الشعوب من الانقلاب على الحقوق والحريات بأياد داخلية وخارجية معروفة! ولا نغفل عن ذكر فتح جبهة اليمن المساندة لثورة غزة واستعمال اليمن لصواريخ متقدمة ودقيقة التسديد. كما لا ننسى التخاذل الذي اتسمت به حكومة محمود عباس إزاء المقاومة الفلسطينية وصلت الأربعاء الماضي الى غلق مكتب الجزيرة وطرد طاقمها فالتحقت سلطة عباس عربيا بدولة تونس الوحيدة التي ارتكبت هذه الخطيئة يوم 26 يوليو 2021.
* أما الحدث الأهم دوليا فهو الفوز المتوقع للرئيس القديم الجديد (دونالد ترامب) الذي سيكون له تأثير كبير على تغييرات عميقة في العلاقات الدولية لأنه أفصح عنها في حملته الانتخابية ضد الفاشلة (كاميلا هاريس) التي تحملت كوارث سياسات (بايدن) خاصة في تأييده غير المبرر لإبادة شعب غزة الأعزل وهو ما أحيا من جديد عمليات إرهابية منعزلة كما وقع في مدينة (نيو أرليانز) وهو كذلك مما اضطر ملايين الناخبين من الأقليات العربية والأوروبية والمكسيكية الى انتخاب (ترامب) أملا في وعوده الهلامية بإنهاء حربي الشرق الأوسط وأوكرانيا والرجل كما تعرفون يتمتع بصداقة (بوتين) الذي يشاع أنه ورط روسيا في دعم المرشح (ترامب) تحسبا لمستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة حتى لا تنفرد الصين بريادة استراتيجية قادمة في العالم!
* وحتى نفك طلاسم العام الجديد نستعرض تقريرا أعده الموقع الألماني المعروف (دوتشي فيلي) وعدد فيه أهم التحديات الاقتصادية و الأزمات السياسية التي سيواجهها الرئيس ترامب في عهدته الثانية وقال الموقع إنه من المرجح أن يكون عدم القدرة على التنبؤ هو العامل الرئيسي في توجيه الأحداث خلال سنة 2025 وما بعدها وأفاد الموقع بأن (ترامب) سبق أن شكك في التعاون الدولي كما هو حاليا واستخف بالحلفاء وحلف الناتو الذي سبق أن خرج منه في عهدته الأولى وقد تؤدي التحالفات التجارية الجديدة وأمريكا المنغلقة على نفسها إلى عواقب غير متوقعة كما أن غياب القيادة الأمريكية الواضحة لحلف الناتو سيفتح المجال أمام دول مثل الصين والهند وروسيا لملء الفراغات العسكرية والسياسية والاقتصادية وهنا لا بد من التذكير بما حدث في عام 2024 من أحداث مزلزلة ستكون لها انعكاسات وامتدادات ليس في عام 2025 فحسب ولكن على مدى أطول من عشرية أو عشريتين وهذه الهزات وقعت في سوريا بالتغيير السريع المعروف وفي واشنطن بعودة (ترامب) للحكم وفي الاتحاد الأوروبي بانتخابات شعوبه لفائدة أحزاب اليمين العنصري خشية أمواج الهجرة الناتجة عن تواصل الحروب الأهلية والإقليمية في بلدان الجنوب مثلما يقع في ليبيا ذات الحكومتين والسودان ذي الجيشين والعراق المتخبط في أزمات موروثة من نظام صدام وسوريا التي لم يستقر فيها الحاكم الجديد القوي الذي يخافه العلمانيون سدنة الاستعمار الغربي وعملاؤه. ثم انتخابات الصين التي أفرزت إبقاء الزعيم في مناصبه وهو المتمسك بضم تايوان الى الصين التاريخية واحتمال تصلب (ترامب) في قراراته مواصلة تسليح تايوان والصراخ الدبلوماسي بأنها جزيرة مستقلة عن الصين!
هذا الى جانب انتخابات رئاسية مطعون في صدقيتها في دول غير محورية. وتغيرت مع السنة الجديدة أوضاع أوروبية عديدة منها اعتذار الرئيس (ماكرون) في كلمة تهنئته للفرنسيين بالعام الجديد عن خطئه حين أقدم على مغامرة حل البرلمان مما جعل تشكيل حكومة فرنسية شبه مستحيل الى اليوم كما أن بريطانيا عاقبت حزب المحافظين على ارتكابه مغامرة «البريكسيت» وأعاد شعب المملكة حزب العمال الى السلطة.
* أما على الصعيد الكوني الشامل فيستعد العالم بأسره في السنة الجديدة للتعامل العقلاني مع تعاظم الذكاء الاصطناعي وأغلب دول القارات الخمسة تتسابق في سن تشريعات استباقية مشكوك في نجاعتها حتى تضمن أنظمتها الحاكمة الوقاية من استعمال معارضيها لآليات الذكاء الاصطناعي لمقاومتها والإطاحة بها ونتذكر أن مؤتمرات «دولية» انعقدت من أجل تنسيق جهود الأنظمة وتفعيل تضامنها للرد على محاولات تسييس الذكاء الاصطناعي واستغلال تأثيره على أذهان الجماهير آخرها مؤتمر مشترك بين اليابان والدول العربية في تونس ومؤتمر آخر بين الصين ودول آسيا في بيجين وغيرهما.
كيف يُدار العجز دون المساس بأساسيات الموازنة
أودّ توظيف مفهومٍ يُعرف بـ المشتقة الجزئية (Partial Derivative) كإطار تحليلي في استعراض الموازنة العامة لسنة 2026، وذلك... اقرأ المزيد
270
| 16 ديسمبر 2025
الفورمولا 1 من التراجع إلى العالمية
في عام 2016، كانت سباقات الفورمولا 1، تعاني من تراجع شعبيتها وعلامتها التجارية. فقد انخفضت أعداد الحضور والمشاهدين،... اقرأ المزيد
87
| 16 ديسمبر 2025
هوية الاعتبار.. من باب الاعتزاز
تزامناً مع اليوم الوطني لدولة قطر، لا شك بأن أفضل وأنسب ما يكتب خلال هذه الفترة ما يتعلق... اقرأ المزيد
141
| 16 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1257
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
804
| 10 ديسمبر 2025