رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما ترى مهام الدولة وكثرة شؤونها وتشابكها وتعقدها وذلك نتيجة مجمل من التطورات الاقتصادية والثقافية وغيرها من الميادين المختلفة، ومع الحاجة لزيادة التشريعات، ولاستحالة تنظيم مجلس الشورى جميع هذه الموضوعات والتي تتعدد مجالاتها وذلك باتباع الإجراءات التشريعية في بسط القوانين المتزايدة يوماً بعد يوم، حيث إن تلك القوانين الكثيرة تحتاج وقتا لتنظيمها وترتيبها.
وبناءً عليه صار من الضروري تدخل السلطة التنفيذية في إصدار قواعد قانونية ملزمة تتغلب على هذه الإجراءات المطوّلة، وأيضاً للتيسير والتسهيل لتلك الضروريات.
لذلك، فالسلطة اللائحية للإدارة تستطيع أن تصدر القرارات وتنشئ قواعد تنظيمية تطبق على الأفراد كاللوائح.
أما عن العلاقة بين اللائحة والقانون:
فهناك صور تتفق فيها اللائحة مع القانون ومنها:
- فاللائحة والقانون كلاهما يُعتبران قواعد عامة ملزمة.
- واللائحة والقانون كلاهما مفسران متشابهان للقانون.
لذلك إذا أخطأ القضاء في تطبيق أو تفسير اللائحة كان الحكم قابلا للنقض.
- واللائحة والقانون كلاهما لا يمكن أن يخالفا الدستور.
وهناك صور تختلف فيها اللائحة مع القانون ومنها:
- التي تصدر اللائحة هي السلطة التنفيذية، أما الذي يصدر القانون فإنه مجلس الشورى.
- تختلف درجة القوة بين اللائحة والقانون، فالقانون أقوى من اللائحة، فاللائحة يجب أن لا تخالف القانون، ويجب أن لا تعدل عليه أو تخالف أحكامه.
من ناحية أخرى فإن الدستور أقوى من القوانين واللوائح، وبالتالي لا يجوز للوائح مخالفة القوانين والدستور، فالدستور تبنى وأعطى مجلس الشورى سلطة تشريعية.
- واللوائح عادة تخضع لرقابة القضاء العادي، أما القانون فيوجد لها المحاكم القانونية والمتخصصة.
لذلك.. اللوائح إجراءاتها أقل وأيسر وأسهل، كما أنها سلطة تنفيذية، تنفذ بسهولة بشرط عدم مخالفة القانون والدستور.
- القانون عادة تكون صلاحياته أكبر من اللائحة، فالقانون هو الذي يخاطبها الدستور حسب ما يقرره، كما أن القانون ينظم أي موضوع، ويستطيع أيضاً مواجهته، وينظم كثيرا من الأمور بقانون.
لذا.. وبناءً على ما تم بيانه، فإن طبيعة العلاقة كما أوضحنا تبين خضوع اللائحة للقانون.
إذاً.. اللائحة وفقاً لهذه العلاقة التقليدية تم تحديد مجالها مقارنة بالقانون الذي لم يتم تحديد مجاله، كما أن للقانون قوة يستطيع بها أن يمنع السلطة التنفيذية من أن تتدخل باللوائح لكي تنظم مواضيع لم ينص الدستور على صلاحياتها في تنظيمه بلوائح، فإذا صدرت مثل تلك اللوائح عندها تكون باطلة ومخالفة للقانون.
ولا نغفل أن هناك تغييرات قد حدثت في مجال القانون، فلن يستطيع القانون إلى ما لا نهاية في تفرده بتناول أي موضوع بالتنظيم، فإذا كانت هناك مسائل يتم تنظيمها بلوائح ولا يجوز للقانون أن يتصدى لها فإن الصورة تغيَّرت وأصبحت السلطة اللائحية هي الأقوى، والتشريع ما هو إلا استثناء.
فالسلطة التنفيذية وفقاً لهذا المعنى هي التي تختص في تملك التشريع، وتمارسه باختصاص مطلق وبحرية تتشابه مع حرية مجلس الشورى في الممارسة وتشريعه حسب مجاله في الدستور.
وقد لا يستطيع مجلس الشورى عملياً أن يعوق عمل السلطة التنفيذية أو يقيِّد حريتها في التصرف، لذلك يرى البعض أن العلاقة ما بين السلطة التقليدية والقانون واللائحة قد تغيَّرت، أما العلاقة ما بين القانون واللائحة فمراكزهما في النظم الدستورية للدول العربية هو نفس المركز الذي كان في النظام الفرنسي قبل تعديله بالدستور لسنة 1958 م، فلا مجال محددا للقانون والعلاقة بين اللائحة وبين علاقة ارتباط، فاللائحة بشكل عام تُعتبر أقل منه ولا تستطيع الخروج عن أحكامه باستثناء مملكة المغرب والتي أصدرت دستورها في سنة 1962 م، ونظمت العلاقة بين القانون واللائحة على طريقة الدستور الفرنسي، فجعلت للائحة مجالا أوسع ومستقلا، وأيضاً مجال خاص بها لا يجوز للقانون التدخل فيه.
أما الدستور القطري فإنه نظم السلطات وأقام الحكم على أساس الفصل فيما بينها مع تعاونهما كما نصت على ذلك المادة (60) من الدستور القطري:
"يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها على الوجه المبين في هذا الدستور".
- المراسيم بقوانين:
عادة في النظام الديمقراطي تكون سلطة التشريع لدى أعضاء مجلس الشورى فهم يعتبرون ممثلي الشعب وهذا هو مفهوم مبدأ الفصل بين السلطات، حيث يكون هناك تمييز بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وعندها توكل إلى مجلس الشورى سلطة التشريع.
وما إن تطورت السلطة اللائحية واتسعت إلى أن أصبح للسلطة التنفيذية الحق بأن تشرع بعض المواضيع في ظروف خاصة عن طريق (المراسيم بقوانين) وهي تعتبر لوائح ولكنها ترتفع قوتها إلى مصاف القانون، لذلك تستطيع أن تلغي أو تعدل في القوانين.
المادة (76) من الدستور القطري نصت على أن:
"يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين في هذا الدستور".
هناك حالات يجوز فيها للسلطة التنفيذية أن تمارس هذا الاختصاص الاستثنائي عن طريق إصدار مراسيم لها قوة القانون، وقد أخذ الدستور القطري بالآتي:
المادة (70) من الدستور القطري:
"يجوز للأمير في الأحوال الاستثنائية التي تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة لا تحتمل التأخير، ويقتضي اتخاذها إصدار قوانين، ولم يكن مجلس الشورى منعقدا، أن يصدر في شأنها مراسيم لها قوة القانون".
وتعرض هذه المراسيم بقوانين على مجلس الشورى في أول اجتماع له، وللمجلس في موعد أقصاه أربعون يوما من تاريخ عرضها عليه وبأغلبية ثلثي أعضائه أن يرفض أيا منها أو أن يطلب تعديلها خلال أجل محدد.
ويزول ما لهذه المراسيم من قوة القانون من تاريخ رفض المجلس لها أو انقضاء الأجل المحدد للتعديل دون إجرائه.
إذاً يجوز للأمير وللسلطة التنفيذية أن تصدر مثل تلك اللوائح في حالة عدم انعقاد مجلس الشورى وكذلك الفترة ما بين الفصول التشريعية، والحكمة قد تكمن في جعل إصدار مثل تلك اللوائح في عدم انعقاد مجلس الشورى ان لو كان مجلس الشورى منعقدا، فهو بالتالي صاحب الاختصاص، وإذا لم ينعقد المجلس فصاحب الاختصاص غير موجود، وتقوم الحكومة بذلك.
لذا.. فالقيد الزمني لمثل تلك اللوائح لا شك أنها تكون ما بين الفصول التشريعية، ومابين أدوار الانعقاد.
لذلك فلا يمكن للسلطة التنفيذية أن تستخدم المادة (70) من الدستور إلا في حالة غياب مجلس الشورى، وكما وبالإشارة إلى ما أسلفنا فإن الحكمة من ذلك أن مجلس الشورى هو صاحب الاختصاص الأصلي في التشريع ويعتبر من أهم أعمال مجلس الشورى وتخصصه وتستطيع أن تسن تشريعا إذا رغبت في ذلك لمواجهة الضرورة.
لذلك، يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة تتطلب اتخاذ أمور مستعجلة ولذلك سميت هذه المراسيم بقوانين بـ (لوائح الضرورة) والذي يقدر حالة الضرورة هو الأمير.
لذلك يكون تقدير حالة الضرورة من عدمها متروكاً للأمير ومن ثم تحت إشراف مجلس الشورى.
وسوف نكمل ما تبقى في المقالة القادمة بإذن الله.
خبـير قانـوني
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
 
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2781
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
1806
| 03 نوفمبر 2025