رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أحمد فودة

أحمد فودة

مساحة إعلانية

مقالات

700

أحمد فودة

ما لم يقله "سيل" عن حرب أمريكا على الإسلام

01 ديسمبر 2010 , 12:00ص

في المحاضرة التي ألقاها الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط باتريك سيل في "الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط" تحت عنوان "حرب أمريكا على الإسلام" في الثامن عشر من شهر نوفمبر الجاري، جرى الحديث عن عدد من النقاط التي تنتهي إلى نتيجة واحدة مؤكدة وهي أن واشنطن في حرب حقيقية ضد الإسلام.

فقد أشار إلى أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة معلنا فيه أن بلاده لن تكون في حرب ضد الإسلام، بدل أن يمثل أملا عظيما تحول إلى خيبة عظيمة لأن الرئيس الأمريكي نكص عن وعده كما يقول سيل الذي أشار إلى أن أوباما، الذي بفضل خلفيته، كان أكثر قدرة من غيره لفهم الإسلام واسترضائه بدلا من استعدائه، "لأنه على نحو ما ابن العالم الثالث. فأبوه مسلم، وقد أمضى سنواته الباكرة في إندونيسيا، كما أنه أول رئيس أمريكي أسود. لكنه أيضا "ذلك الفتى الأمريكي" الذي نشأ في هاواي وتعلم في هارفارد وبدأ حياته المهنية في شيكاغو. وربما كان "ينوي" ألا يكون في حرب ضد الإسلام، لكنه لم "يفعل" شيئا بهذا الخصوص غير الكلام".

وبطبيعة الحال كانت النتيجة المترتبة على هذا النكوص، ليس فقط استمرار مشاعر الكراهية لدى الشعوب الإسلامية ضد الغرب، بل تزايد هذه المشاعر التي أرجعها المحاضر إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها يتعلق بعسكرة السياسة الأمريكية الخارجية، وثانيها يرتبط بالتأييد الأعمى لإسرائيل على مدي أكثر من 40 عاما (طبعا هي أكثر من 60 عاما وليس 40 كما يشير سيل، أي منذ ما قبل قيام الدولة الإسرائيلية) وحمايتها الكاملة لها من أي إجراءات عقابية قد يتخذها مجلس الأمن والفيتو ضد الدولة الفلسطينية. أما ثالث هذه الأسباب فيتمثل في الخوف المَرَضي من الإسلام الذي اجتاح أمريكا وبقية الدول الغربية والذي جاء في إطار محاولات الدول الغربية لإيجاد عدو جديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي (إمبراطورية الشر) فوجده في العالم الإسلامي.

هنا انتهى التحليل الذي قدمه سيل لتفسير حالة العداء المتبادلة بين الولايات المتحدة والغرب من جهة والعالم الإسلامي من جهة أخرى، والذي قد يكون مناسبا لتوضيح بعضا من ملابسات حالة العداء هذه خلال العقود الأخيرة، لكنه بالتأكيد لا يوضح الأسباب الحقيقية لتلك الحالة التي تمتد جذورها عبر التاريخ وترتبط بنشأة العالم الإسلامي نفسه.

ذلك أن الصراع بين الإسلام كدين وحضارة مع الحضارة الغربية بدأ منذ اللحظات الأولى لانتشار دعوة الإسلام في الجزيرة العربية ومع الرسائل التي أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لقادة الإمبراطوريات المحيطة بالدولة الإسلامية الوليدة يدعوهم فيها للدخول في الإسلام ومنها الإمبراطورية الرومانية في الغرب. ثم تعزز هذا الصراع عسكريا مع دخول الدولة الإسلامية في صدام عسكري مع خطوط التماس المسيحية في غزوة مؤتة ضد جيش الغساسنة المتحالفين مع الإمبراطورية الرومانية حامية المسيحية في ذلك الوقت.

ومع ازدياد انتشار الإسلام وتوسعه شرقا وغربا واستمرار تهديده لأطراف تلك الإمبراطورية في عهد دولة الخلفاء الراشدين ومن بعدها الدولتين الأموية والعباسية، ثم انطلاقه لتهديد قلب هذه الإمبراطورية فيما بعد، خاصة في عصر الدولة العثمانية، عمل الغرب على مواجهة هذا التهديد القادم بكل وسيلة ممكنة للحفاظ على هويته وكيانه من الذوبان في الإمبراطورية الإسلامية الجديدة كما ذاب غيرها من الإمبراطوريات كالإمبراطورية الفارسية.

وكان من أبرز الوسائل التي اعتمد عليها الغرب للدفاع عن نفسه محاولة تشويه الدين الجديد أمام المجتمعات الغربية من أجل منع أفرادها من التفكير في محاولة استكشاف هذا الدين والتعرف عليه ومن ثم الدخول فيه.

وقد تطورت هذه المحاولات حتى أصبحت علما له قواعد تحكمه وله رواده من مشاهير المثقفين والكتاب الأوروبيين وهو ما عرف بعلم الاستشراق.

ثم تطورت علوم أخرى مرتبطة به أبرزها علم الأنثروبولوجيا الذي عمل بمساعدة علم الاستشراق على تحقيق هدف الدفاع عن الهوية الأوروبية المسيحية، إضافة إلى بناء قاعدة علمية ومعرفية ساعدت فيما بعد الدول الأوروبية في تحقيق سيطرتها على الإمبراطورية الإسلامية بعد إضعافها ثم تفتيتها إلى دول ودويلات صغيرة متشاحنة ومتقاتلة حتى تبقى تابعة لها بعد استقلالها الصوري عن الاحتلال الأوروبي في منتصف القرن العشرين.

بعد نجاح المرحلة الأولى من عملية مواجهة الإسلام عبر تشويهه في أعين أبناء المجتمعات الأوروبية، بدأت المرحلة الثانية التي كانت موجهة إلى الخارج، أي إلى الإمبراطورية الإسلامية ذاتها التي بدأت تشهد ضعفا وانقساما جعلها مطمعا لأعدائها وفي مقدمتهم الأوروبيين.

وخلال هذه المرحلة سعى الأوروبيون إلى السيطرة على هذه الإمبراطورية عبر تشويه صورة الإسلام في عيون المسلمين أنفسهم بصرفهم عن عقيدتهم توطئة لتنصيرهم والسيطرة عليهم، لأنهم كانوا يعلمون جيدا أن قوة المسلمين وعزتهم تكمن في تمسكهم بدينهم. ويظهر ذلك في بحوث المستشرقين حول العقيدة الإسلامية والسيرة النبوية والتاريخ ‏الإسلامي، بل القرآن الكريم والسنة المطهرة.

وقد اعتمدت الدراسات الاستشراقية على عدد من المناهج من أجل تحقيق الهدف الأساسي لها وهو تشويه صورة الإسلام والمسلمين. وكان من أبرز هذه المناهج منهج الإسقاط، الذي يعرفه علماء التحليل النفسي على أنه "حيلة نفسية، يلجأ إليها الشخص كوسيلة للدفاع عن نفسه ضدّ مشاعر غير سارّة في داخله، مثل الشعور بالذنب أو الشعور بالنقص، فيعمد إلى أن ينسب للآخرين أفكاراً ومشاعر وأفعالاً حياله، ثمّ يقوم من خلالها بتبرير نفسه أمام ناظريه".

ومن هنا عمد المثقفون والكتاب الأوروبيون إلى وصف الإسلام والمسلمين بشتى النقائص والجرائم التي تتصف بها حضارتهم ومجتمعاتهم المسيحية، بدءًا من اتهام الإسلام بأنه دين محرف وصولا إلى اتهامه بالإرهاب.

لم يتوقف منهج الإسقاط عند مفكري الغرب ومثقفيهم خاصة المستشرقين منهم ـ والذي تحول إلى قاعدة لعمل الدول والحكومات الغربية ـ عند هذا الحد، بل تواصل واستمر بمرور الزمان وتزايد النقائص والجرائم الغربية ضد العالم، خاصة بعد صعود الحضارة الغربية وسيطرتها على العالم ممثلة في الاستعمار الأوروبي خاصة البريطاني والفرنسي.

وبعد انحسار الدور الإمبراطوري عن أوروبا والذي تسلمته الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، انطلقت واشنطن لتستكمل الدور المسيحي الغربي في مواجهة الإسلام والعمل على القضاء عليه. وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتمثل نقطة انطلاق جديدة لتدمير الإسلام، يقوم خلالها منهج الإسقاط الغربي بوصم الإسلام بجريمة الإرهاب التي نشأت وترعرعت في المجتمعات المسيحية سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، ومارستها وما زالت تمارسها بشتى صورها ضد شعوب العالم المختلفة خاصة الشعوب الإسلامية.

هذا ما لم يقله سيل ولن يقوله أي مفكر غربي إلا إذا كان لديه بقايا من ضمير.. أن الحرب الأمريكية على الإسلام ما هي إلا امتداد لحرب الغرب المسيحي على هذا الدين وحضارته ومنتسبيه من شعوب الشرق.. ولن تنتهي إلا بتسليم إحدى الحضارتين.. الغربية أو الإسلامية.

اقرأ المزيد

alsharq اذكروا غزةَ فإنها أمانة

تعلمون بأنني أتصفح بشكل يومي موقع صحيفة الشرق بل وأستمتع وأنا أتصفحه لتنوعه واهتمامه بأدق الأمور وأصغرها، وهذا... اقرأ المزيد

156

| 20 أكتوبر 2025

alsharq وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت سنتر»، خيارًا ترفيهيًا أو موضة مؤقتة، بل أصبحت جزءًا من... اقرأ المزيد

522

| 20 أكتوبر 2025

alsharq جمهور التفاهة!

لم نكن لنتخيل أن الغباء له هذا الحضور الطاغي بيننا، وأن التفاهة تملك هذا العدد الهائل من الأنصار.... اقرأ المزيد

300

| 20 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية