رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد العزيز عبد الهادي الاحبابي

ماجستير الأديان وحوار الحضارات

مساحة إعلانية

مقالات

204

عبد العزيز عبد الهادي الاحبابي

قيم لتعارف الحضارات: (لتعارفوا)

01 أغسطس 2025 , 02:00ص

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات:13)، آية عظيمة اختزلت غاية من غايات الخلق، وهي: التعارف لا التنافر، والتواصل لا التصادم. التعارف بين الحضارات ليس ترفًا فكرياً، بل ضرورة إنسانية، وركيزة قرآنية لتحقيق السلام والتكامل في هذا العالم المتنوع.

أولاً: الاحترام المتبادل

التعارف لا يقوم إلا على أساس الاحترام، الذي يعني الاعتراف بإنسانية الآخر وخصوصيته، دون احتقار أو ازدراء. وقد بين النبي ﷺ ذلك عملياً في تعامله مع غير المسلمين، حيث زار مريضًا يهوديًا، وقام لجنازة فقال: «أليست نفسًا؟» رواه البخاري.

ثانياً: العدل

لا يمكن أن ينجح أي تعارف إذا غاب العدل. العدل قيمة عليا لا تفرق بين مسلم وغير مسلم، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ (المائدة: 8).

ثالثاً: الحوار

الحوار هو الجسر الذي يصل بين الحضارات، وأمر الله به نبيه فقال: ﴿ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ (النحل:125). وقد ضرب الإسلام أروع الأمثلة في آداب الحوار مع المخالفين، كما فعل النبي ﷺ مع وفد نصارى نجران، حيث استقبلهم في المسجد وأمنهم وناقشهم بأدب واحترام.

رابعاً: الرحمة

فالرحمة ليست حكرًا على أبناء الدين الواحد، بل تشمل كل البشر. قال ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» رواه الترمذي. وهذه الرحمة تسهم في بناء علاقات إنسانية راقية بين الشعوب.

خامساً: الاعتراف بالتنوع

التنوع سنة إلهية، لا مفر منها ولا مصلحة في إنكارها: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (هود:118). فالاعتراف بهذا التنوع لا يعني الذوبان، بل الفهم والتكامل، فكل حضارة لها ما تقدمه للإنسانية.

وخلاصة القول: إن التعارف بين الحضارات ليس شعاراً نظريًا، بل مسار أخلاقي وسلوك عملي، يقوم على قيم سامية دل عليها الوحي، وثبتها السلوك النبي، وشهدت بها تجارب التاريخ. فلنكن سفراء لهذه القيم في واقعنا، نفتح نوافذ الحوار، ونغلق أبواب الصدام، ونظهر أجمل ما في حضارتنا لنرتقي بالعالم معاً. «لتعارفوا».

مساحة إعلانية