رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الجد والجدة هما نور في كل بيت وُجِدا فيه، ورحمة أهداها الله للأحفاد، فترى السكينة، وهدوء النفس يملأ قلبيهما، ويعاملان الجميع بعطف وحنان، فقد عانيا في الدنيا وسارا فيها طويلًا حتى اكتسبا من الخبرات ما يجعلهما هادئي النفس مطمئني البال، كما أنهما أكثر أهل البيت عبادةً لله، فقد زادت عبادتهما لله بزيادة عمرهما بعكس أبنائهما أو أحفادهما، لذلك فقد اكتسبا قدرًا من الرحمة والبركة.
هما بركة البيت فينبغي علينا الحفاظ عليها ما استطعنا، فكلما عملنا على رعايتهما وحمايتهما أثابنا الله بذلك عظيم الأجر والثواب.
الجدان وقد خط رأسهما المشيب وضعف جسدهما، واحتاجا لمن يرعاهما، فمن لهما سوى الأبناء والأحفاد؟! لذلك علينا ألا نملَّ أو نتضجَّر من خدمتهما، فهما لم يبقَ لهما من العمر الكثير، وإن بقي، فعلينا أن نخدمهما بحب ومودة ورحمة، ففي ذلك رضا لله عز وجل ورضا لهما.
كما أن خدمتهما فرض علينا فقد وصانا عليهما ربنا الكريم في قوله تعالي: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" كما أمرنا بالدعاء لهما.
فأقْبِل على جدك وجدتك في هذا الشهر الكريم، واغتنم الفرصةَ، وبادر أنت وإخوتك في خدمتهما وتحملهما في كبرهما وطلباتهما.
ما يلفت النظر وما يأسف له القلب أن بعض الناس إذا كبر آباؤهم وصاروا أجدادًا لأولادهما، وثقلت عليهم خدمتهم تزمَّروا وتأففوا منهم، وربما منهم من تطاول عليهم بالسب والشتم والضرب أحيانًا!!
ألم تكن هذه أمك التي ربَّتْك وتحمَّلت في صِغَرك وتعثرت في عثراتك لتكبر وتنجب لها هؤلاء الأحفاد، التي لم تكل ولم تمل من مواصلة رعاية أبنائك؟
ربما منهما من شق عليه صيام رمضان أو أذن له الطبيب بالإفطار، فاحتاج الرعاية الكاملة في نهار رمضان من طعام وشراب، فلا تتركهما بحجة صيامك، فرعايتهما في صيامك وإطعامك لهما الطعامَ بيدك وبطِيب نفسٍ لهو تمامٌ لصيامك وأكبر ثوابًا عند الله.
الجد والجدة في كبرهما يحتاجان للرعاية أكثر من أي وقت آخر، بل يحتاجان لوجود الأسرة كلها بجوارهما ويتبادلان أطراف الحديث معهما، لا يُحبان الجلوس بمفردهما فيشعران بغربة ووحدة، لأنهما في ذلك الوقت ترقُّ مشاعرهما ويعلمان بدنو أجلهما، فعلينا ألا نشعرهما بفراغ أو وحدة على قدر المستطاع، ونشاركهما الحديث من بداية يومهما حتى نهايته وذلك بطيب نفس وصدر رحب، لا عن غضب وضيق نفس. ولقد حثنا رسولنا الكريم على ذلك حيث قال — صلى الله عليه وسلم —: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي وحسَّنه. ومن الإحسان إليهما أيضًا: صحبتهما بسفر أو نزهة إذا كانا قادرين على ذلك، من باب الترويح عنهما، وخصوصًا حينما يكون ذلك إلى أداء عمرة أو حج، فتفوز برضاهما والإحسان إليهما ورعايتهما وأداء طاعة. فما أجمله من عمل! وما أجمله من ثواب!
وأنتم أيها الأحفاد انتبهوا جيدًا لهؤلاء الأجداد فهم بركة لكم والدعاء مستجاب عندهم، فلا تتركوا الفرصة تتفلَّت من بين أيديكم، واستفيدوا من خبراتهما في الحياة فهما كنزا خبرات، ونصائح لا نهاية لها.
فأنصتوا إليهما جيدًا ولا تكِلُّوا من ذلك، فمما يؤسف أيضا هذه الأيام أننا نجد كثيرًا من الشباب ينفرون من أجدادهم وجداتهم ولا يجلسون معهم، ويكرهون حديثهم الطويل، أو يجلسون بجوارهما صامتين لا حوار بينهم، شغلتهم هواتفهم ومحادثاتهم عبر الإنترنت التي لا جدوى منها في معظم الأحيان.
لو تعلمون أيها الشباب ما يقدمه لكم أجدادكم من خير ونصيحة راشدة وخبراتِ حياة مفيدة ما تركتموهم لحظة.
وأعود في حديثي مرة أخرى إلى الآباء، فإن وجود الجد والجدة في البيت درس عملي للبر والإحسان تقدمانه لأبنائكم، فإذا رأى الأبناء منكما الرعاية والاهتمام والرفق والبر في تعاملكم معهم فسوف يشبون وينشأون على ما رأوكم تفعلونه، وهذا ما سيفعلونه معكم — إن شاء الله —، والعكس صحيح فإذا تأففتم ونهرتم وتعاملتم بقسوةٍ وفجورٍ فسوف تتعاملون بنفس المعاملة، (فكما تدين تدان) انتبه جيدًا من هذا الأمر كي لا تتحسَّر على لحظة من لحظات وجودهما بجوارك وتقول: يا ليتني أحسنتُ إليهما يا ليتني قدمتُ إليهما البر والعطف، فستقعد ملومًا محسورًا، تتحسر ندمًا وتتذوق مرارة تلك المعاملة وما كان يشعر به آباؤك عندما كنتَ تُسيء لهما، وليس ذلك فقط العقاب ولكن هناك عقاب أكبر في الآخرة ينتظرك.
أمر صعب يجب الانتباه إليه جيدًا، فالجد والجدة بركة ونور البيت بل فرصة يجب على كل مسلم ذكي استغلالها أحسن استغلال حتى لا يندم وقت لا ينفع ندم، واستغلوا الشهر الكريم وأكثروا وبالغوا في البر والإحسان إليهما وقدموا إليهما كلَّ ما يحتاجان إليه ويحبانه ويرضون عنه إلا ما كان في معصية الله تعالى فلا طاعة فيه.
ومن كان قد فقد أحد أجداده أو كليهما، فليبادر بالإحسان إليهما في قبرهما، فيتصدق لهما وحبذا صدقة جارية، أو يقوم بالعمرة أو الحج لهما، أو إن لم يستطع فيكتفي بالدعاء والاستغفار لهما، والإكثار من ذلك في شهر رمضان المبارك حيث يتضاعف الثواب.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان إلى صدمة؟ (تخيل) أن (جهة ما) استهدفت مقرًا سكنيًا لحركة (ما) في قلب العاصمة، بلا سابق إنذار.الضربة لا تهز مبنى وحسب، بل تهز النفوس، والمجتمع، والتعليم، والجامعات… وحتى صورة المستقبل. هنا السؤال الذي يفرض نفسه؟ إذا اهتزت الدوحة.... من يهتز أولاً ؟ اهتزاز المجتمع… بين الصدمة والصلابة: المجتمع بكامله يدخل في اختبار جماعي عند الأزمات. يولد القلق، ويضعف الإحساس بالأمان، لكن في الوقت نفسه تتكشف فرص لصناعة الصلابة المجتمعية. هذه الصلابة تبدأ من وعي المواطن، وتنمو عبر التعليم وتترسخ عبر ثقافة المسؤولية المشتركة بين الدولة والأفراد. اهتزاز الأمن النفسي… الشرخ الخفي: الأمن النفسي هو الركيزة الأولى لأي مجتمع مستقر. فإذا تصدّع هذا الركن، انهارت معه القدرة على التفكير المتوازن، واتسعت دوائر الخوف والارتباك. الأزمات لا تقتل بالجراح المباشرة وحدها، بل بما تزرعه في النفوس من قلق وشعور بالعجز. أما آن الأوان أن يُنظر إلى الأمن النفسي كأولوية وطنية لا تقل عن الأمن العسكري أو الاقتصادي؟ إنه صمام الأمان الذي يحدد قدرة المجتمع على الصمود أمام أي صدمة، وهو الخط الفاصل بين مجتمع ينهار عند أول اهتزاز، ومجتمع يُعيد ترتيب نفسه ليقف أكثر قوة. الأزمات تكشف هشاشة أو قوة المناهج. التعليم لم يعد مجرد رياضيات وعلوم، بل مهارات حياة، كيف يتعامل الطالب مع الخوف؟ كيف يحافظ على اتزانه النفسي وسط الصدمات؟ وكيف يتحول من ضحية محتملة إلى جزء من الحل؟ المطلوب أن تتحول المناهج إلى منصات لتعليم مهارات التكيف والوعي الأمني. الجامعات القطرية مطالبة بتطوير برامج أكاديمية في الأمن وإدارة الكوارث، وإنشاء مراكز بحث تدرس انعكاسات الأزمات على المجتمع والنفس البشرية. لم تعد الجامعة مجرد منارة للعلم، بل أصبحت درع وعي يحمي المجتمع ويُسهم في استقراره. الاستقرار ليس معطى أبديًا، بل بناء يومي يتطلب وعيًا، تعليما، وتأهيلاً نفسيًا وأمنيًا. هذه الصدمة الافتراضية قد تتحول إلى فرصة وطنية لإعادة التأسيس، مناهج أعمق، جامعات أقوى، وأكاديميات أمنية تندمج في صميم العملية التعليمية. لماذا تؤجل دراسة العلوم السياسية حتى تُطرح كتخصص جامعي، وكأنها شأن خاص بالنخبة أو الباحثين. الوعي السياسي في جوهره وعي وطني، يبدأ من المراحل الدراسية الأولى، مثلما يدرس الطالب الجغرافيا أو التاريخ. إدراج مبادئ العلوم السياسية في المناهج المبكرة يمنح الطلبة أدوات لفهم العالم من حولهم، يعزز انتماءهم الوطني، ويُنمّي لديهم القدرة على قراءة الأزمات والتعامل معها بوعي لا بردود فعل عاطفية. إنه استثمار طويل المدى في جيل يعرف كيف يحمي وطنه بالمعرفة، قبل أن يذود عنه بالفعل. فالدرس الأكبر أن الأزمات، مهما كانت قاسية، قد تُعيد صياغة المستقبل على أسس أصلب وأعمق.إن الرسالة ليست مجرد تحذير افتراضي، بل نداء وطني. أما آن الأوان أن نُعيد صياغة حاضرنا لنضمن مستقبلنا؟ وفي قطر، حيث تحفل الساحة بقيادات واعية، قادرة على اتخاذ قرارات جوهرية، يظل الأمل كبيرًا بأن نُحوّل التحديات إلى فرص، وأن نصوغ من زمن التسارع تاريخًا جديدًا يليق بوطن لا يعرف التراجع.
1692
| 11 سبتمبر 2025
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، لا يعني أبدا نسيان هذا العدوان الإرهابي الهمجي، فهو سيبقى شاهدا على وصول العربدة الإسرائيلية إلى ذروتها، في ظل أسئلة جادة عن حدود الصبر العربي وصمت المجتمع الدولي؟ لقد شكّل هذا الهجوم الغادر اعتداء سافرا على سيادة دولة قطر، ومحاولة آثمة لنقل أجواء الحرب إلى قلب الخليج، في سابقة خطيرة تعكس استخفافا صارخا بالقانون الدولي، ودوسا على أبسط قواعد النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وعدم المساس بأمنها واستقرارها. المفارقة المؤلمة أن الدولة التي طالتها يد العدوان الإسرائيلي هذه المرة، هي نفسها التي حملت على عاتقها طوال الأشهر الماضية عبء الوساطة الشاقة في حرب غزة، فعلى مدار عامين أظهرت الدبلوماسية القطرية قدرة لافتة على فتح قنوات تفاوض بالغة الحساسية، وبذلت جهودا متواصلة في سبيل بلورة حلول توقف نزيف الدم وتفتح الطريق أمام تبادل الأسرى وإمكانية إنهاء الحرب، برغم العراقيل المتعمدة والمتكررة التي وضعها الاحتلال لنسف أي فرصة للسلام. ومن هنا فقد بات واضحا أن الرسالة التي أرادت «حكومة الإبادة» بقيادة بينامين نتنياهو إيصالها من هذا العدوان هو أنها ترغب في اغتيال مسار الوساطة ووأد كل جهد يسعى لإنهاء الحرب التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهي رسالة تكشف أن هذه الحكومة، بتركيبتها المتطرفة، لم تعد ترى في الدم الفلسطيني سوى وقود لبقائها، وأداة للهروب من أزماتها الداخلية المتفاقمة وانقساماتها العميقة. لكن الأخطر أن هذا السلوك يكشف عن نزعة عدوانية متصاعدة للاحتلال ربما تفتح الأبواب على مصاريعها أمام مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. نعم، فحين تصبح عاصمة خليجية آمنة - بغض النظر عن أي ذرائع أو مبررات- هدفا مشروعا في عقل صانع القرار الإسرائيلي، فذلك لا يعني سوى شيء واحد وهو أن المنطقة بكاملها باتت في مرمى حسابات متهورة لا تعترف بسيادة الدول ولا تقيم وزنا للاستقرار أو للقوانين والأعراف الدولية، ما يهدد بجر المنطقة برمتها إلى ويلات لا يمكن التنبؤ بنتائجها الكارثية. لقد عكست حالة التضامن العالمي الواسع مع دولة قطر عقب هذا العدوان المكانة التي باتت تحتلها هذه الدولة الخليجية، والتقدير الذي تحظى به جهودها الدؤوبة لوقف حرب غزة، لكن هذه المواقف على أهميتها اللحظية يجب أن تقترن بخطوات عملية تردع هذا السلوك العدواني المنتهك لسيادة الدول وتمنع تكراره سواء على دولة قطر أو غيرها من دول المنطقة. كما ينبغي أن تشكل هذه الحادثة نقطة تحول حقيقية، تدفع المجتمع الدولي إلى ما هو أبعد من التضامن السياسي والبيانات التقليدية، فالمطلوب اليوم هو تحرك عملي يلزم إسرائيل بوقف عدوانها، والدخول في مفاوضات جدية برعاية الوسطاء، لإنهاء حرب الإبادة في غزة ولجم مساعي حكومتها المتطرفة لتفجير كل المنطقة عوضا عن التجاوب مع المساعي الحميدة لإخماد الحروب والتوترات.
1380
| 12 سبتمبر 2025
ما جرى بالأمس لم يكن حدثًا عابرًا، بل هجوم أيقظ الضمائر وأسقط الأقنعة، الضربة الصهيونية التي استهدفت مقرًا لقيادات المقاومة أثناء اجتماع لبحث مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، لم تكن مجرد اعتداء عسكري جبان، بل إعلانًا صريحًا بأن هذا الكيان الغاصب قد فقد أوراقه السياسية، ولم يعد يملك سوى منطق العصابة المنفلتة التي لا تعبأ بالقوانين ولا تحترم سيادة الدول ولا تراعي أبسط الأعراف الإنسانية. لقد انكشفت البربرية على حقيقتها، الدولة التي حاولت أن تفرض هيبتها بالحديد والنار، كشفت عن ضعفها وانكسارها أمام العالم، لم يعد في جعبتها إلا لغة الغدر وضربات عشوائية لا تفرّق بين مدني وعسكري، ولا بين أرض محايدة وأرض محتلة، ولا بين عدو ووسيط، تلك العلامات الواضحة لا تعني إلا شيئًا واحدًا: الانهيار من الداخل بعد سقوط صورتها في الخارج. نحن أمام لحظة فارقة، لحظة اختبار للتاريخ: هل سنرتقي إلى مستوى المسؤولية ونحوّل هذا الحدث غير المسبوق إلى بداية لصحوة عربية وإسلامية؟ هل سنشكّل جبهة موحّدة مع شرفاء العالم لنضع حدًا للتواطؤ والتطبيع، ونطرد سفراء الاحتلال من عواصمنا، ونغلق الأبواب التي فُتحت لهم تحت شعارات مضللة لم تجلب سوى الوهم والعار؟ أم سنمضي كأن شيئًا لم يكن؟ إنها فرصة ذهبية لإعادة ترتيب البيت العربي من الداخل، ليست القضية قضية قطر وحدها، بل قضية كل شبر عربي مهدّد اليوم بانتهاك السيادة، وغدًا بالاحتلال الصريح، لقد أثبتت التجارب أن هذا الكيان لا يفهم إلا لغة الردع، ولا يقرأ إلا معادلات القوة، وكل لحظة تأخير تعني مزيدًا من الاستباحة والاستهانة بحقوقنا وكرامتنا. نحن أمة تمتلك أغلب موارد الطاقة ومفاتيح طرق التجارة العالمية، ومع ذلك تُعامل كأطراف ضعيفة في معادلة الصراع، آن الأوان أن نتحرك لا بخطابات رنانة ولا بيانات جوفاء، بل بمواقف عملية تُعيد الهيبة إلى هذه الأمة. لقد أراد الاحتلال من وراء هذه العملية الغادرة أن يوجّه رسالة مرتبطة بمقترح ترامب، مفادها أن لا صوت يعلو فوق صوته، لكن الرد الحقيقي يجب أن يكون أوضح: السيادة لا تُستباح، والقرار لا يُملى من واشنطن ولا من تل أبيب. الغدر هو آخر أوراقهم… فلنجعل وحدتنا أول أوراقنا.
1362
| 10 سبتمبر 2025