رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة عبدالعزيز بلال

فاطمة عبدالعزيز بلال

مساحة إعلانية

مقالات

1295

فاطمة عبدالعزيز بلال

وجه مبعثر ...

01 فبراير 2015 , 02:47ص

سألني بينما هو يقلّب ملفي الطبي:

" اشرحي لي حالتك، أغرقيني بتفاصيل لا تهم ولا تسمعيني سوى ما يختلج نفسك، اجعليني صديقاً لك أو اعتبريني مقرباً إليك".

قالها بينما سماعته الطبية معلقة على رقبته، ينظر إليّ بإمعان مفرط، أشاهد فمه يتحرك حتى أدركت أن صوته اختفى، لا أسمع إلا موسيقى عزفتها روحي الذابلة، وصنع أوتارها قلبي الكسير، وجهي مبعثر، سئمت من البحث عن بقاياه، وها أنا ذا أمام طبيب كالمحقق لا يمل من فضوله والخوض في خفايا نفسي البائسة، أود لو أن أكتب على حائط مكتبه الأزرق ما أريد بلا صوت يردد على مسامعي آلاف الأسئلة في الدقيقة الواحدة، لا أحتاج إلا لقلم داكن لأضع خربشتي التي تنتظر أن أسيلها على ورق حزين كصاحبته،

وقفت أمام النافذة أنظر لأسفل الشارع الرمادي، أحاول أن أحسب المسافة ما بين شرفتها والرصيف لأنثر رغبتي في حذف ذلك الطبيب الثرثار من الأعلى، لم يزدني قلمي إلا غموضاً، فهو من جعل وجهي مبعثراً كحروفي التي لا تُدرج من ضمن اللغات التي لا يفهمها أحد، ولكنها لم تتركني لوحدي تحت عثرات الغرباء.

وجهي مبعثر

قلتها ذات يوم وأنا أجمع بقايا وجهي وتقاطع ملامحي الدامعة فانتثرت على يميني قوافي أشعاري وتراتيل خواطري التي نقشتها بدمي ، سرت على مفترق الطريق ولا تزال علامات الاستفهام تسقط على رأسي كالأحجار من تلك العيادة، أسير وتسير معي خطواتي فتهمس لخطوات المارة فتلمزني بالقول ثم ترشقني بأقسى أنواع العبارات وتتهمني بالجنون، دموعي تنتظرني خلف الإسفلت وبين سرايا الحي، تلك الطرقات تعرفني، فقد نقحتني وكشفت ما بي من أخطاء إملائية لا تغتفر.

على الرصيف جلست وحدي أسامر وحدتي بخربشات قلم، شيء غريب أحدث في قلبي حشرجة بالرغم من صمتي، أصبحت أشبه بالزجاجة الرقيقة التي سرعان ما تنكسر وتتهشم، وتحدث جرحاً لمن يرغب في مداواتي، شيئاً ما يريد أن يختبئ خلف عقارب ساعتي ليوقف التوقيت عن الحركة دون جدوى، أكتب عبارات ليس لها محل، أتركها مبعثرة كبعثرة وجهي، وحينما يحين الوقت أجمعها وأدخرها لساعات الشدة، عندما تصرخ مذكراتي هل من حروف؟

حل الليل فلتحفت بنجومه وافترشت بعض أوراق الشجر التي كنت أشكو إليها منذ الصغر وأكتب على جذعها أبياتا للبدر:

جرحٍ ينام .. وجرحٍ شعر بي وانتبه ..

قام وتبعني لشرفة ظلمه بعيد ..

جاني يقاسمني السهاد .. جاني قصيد ..

أدفن يدي تحت الثرى .. فوق الثرى ..

وأعيش أنا بباقي يدي ..

نصف يموت .. ونصف درى أنه يموت ..

يا سيدي .. ربي أنا نقطة فـ بحر ..

علمني كيف أهوى الحياة ..

علمني كيف أهوى القدر ..

علمني بإيماني أكون ..

يارب .. أكثر من بشر ..

فأبكاني البدر وأبكت وحدتي متون أشعاره ...

مساحة إعلانية