رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اقتصاد

630

تحديات مصرفية كبيرة تواجه الدول العربية في 2015

29 ديسمبر 2014 , 12:11م
alsharq
القاهرة، بوابة الشرق - وكالات

إذا كانت كلفة "ثورات الربيع العربي" قد بلغت أكثر من 800 مليار دولار وفق دراسة مصرفية لبنك "HSBC"، وشملت الأضرار 8 دول هي: تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، الأردن، البحرين، ولبنان، فإن دول منطقة الشرق الأوسط قد خسرت 35 مليار دولار من إجمالي دخلها بسبب الحرب في سوريا وتوسع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وعمليات الإرهاب، وفق تقرير للبنك الدولي الذي أكد أن هذه التقديرات هي الحد الأدنى للخسائر الاقتصادية في المنطقة.

ولذلك، شهد الاقتصاد العربي في العام 2013 تراجعاً في النمو الحقيقي مقارنة بعام 2012، حيث بلغ الناتج المحلي الاسمي لمجمل الدول العربية نحو 2.8 تريليون دولار، ولكن على الرغم من ضخامة حجم الخسائر، ومع الأخذ بالاعتبار استمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية والاجتماعية، وانخفاض أسعار النفط وإيرادات صادرات الطاقة للدول المنتجة، تتوقع مصادر مصرفية أن يرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.9 تريليون دولار بنهاية العام 2014، ثم إلى 3 تريليونات دولار بنهاية العام 2015، علما بأن الاقتصاد العربي يشكل نسبة 3.7% من حجم الاقتصاد العالمي، ونحو 9.7% من حجم اقتصادات الدول النامية والصاعدة.

وفي الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى أن متوسط النمو في المنطقة العربية 4% عام 2014، وسيرتفع إلى 4.5% عام 2015، فإن الوقائع بدورها تشير إلى أن هذا النمو يتفاوت بشكل كبير بين دول تشهد انتعاشاً اقتصادياً مدعوماً بعائدات تصدير الطاقة والسياسات المالية والنقدية التوسعية، وبين دول تعاني ركوداً اقتصادياً في ظل تقلص حركة رؤوس الأموال الأجنبية الوافدة مع تراجع كبير في الاستثمار، وزيادة العجز في حسابها الجاري، فضلاً عن استنزاف مخزونها من الاحتياطات الأجنبية وتدهور المالية العامة، حتى أن الدول التي تشهد اضطرابات أمنية وسياسية منذ نحو 4 سنوات تواجه ضغوطاً كبيرة على موازين مدفوعاتها، الأمر الذي أدى إلى انخفاض في الحساب الجاري للمنطقة العربية من 397 مليار دولار عام 2012 إلى 300 مليار عام 2013، ويتوقع انخفاضه إلى 270 ملياراً بنهاية العام 2014، ثم إلى 220 مليار دولار بنهاية عام 2015.

ويحدث كل ذلك في ظل ارتفاع مقلق وخطير لأزمة البطالة التي تجاوزت نسبة 17% مع وجود 20 مليون عاطل عن العمل في البلاد العربية، وأصبحت إحدى أكبر معوقات التنمية والنمو الاقتصادي، إذ تقدر تكلفتها على الاقتصادات العربية نحو 50 مليار دولار سنوياً.

تحديات مصرفية

في ظل كل هذه التطورات، بسلبياتها وإيجابياتها، تبرز أهمية القطاع المصرفي العربي الذي يجمع المراقبون على أنه يتمتع بدور طليعي في مرحلة تأمين التوازن المطلوب للاقتصادات العربية، ولكن على الرغم من أن هذا القطاع لا تنقصه الإمكانات ولا الكفاءات ولا الموارد البشرية، بل ينقصه بالتأكيد الأمن والاستقرار ووضع الإستراتيجيات والخطط الواقعية لمواكبة الأحداث الإقليمية والدولية، فضلا عن مواجهة الاختراقات التي يتعرض لها سواء كان ذلك من القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، والاحتيال عليها من قبل عصابات محترفة، أو من عمليات وصفقات كبيرة تقوم بها بعض المؤسسات المالية وخصوصاً العاملة منها في الأسواق الأوروبية، والتي ساهمت بشكل كبير في ازدهار "صيرفة الظل" التي وصل حجمها إلى نحو 60 تريليون دولار سنوياً.

نمو الأصول المجمعة

وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن حجم الموجودات "الأصول" المجمعة للقطاع المصرفي العربي قد بلغت في منتصف العام 2014 نحو 3.1 تريليون دولار، بزيادة 8%، مقارنة بنسبة نمو 10% في العام 2013 بكامله، وبذلك أصبح القطاع المصرفي يعادل نحو 105% من حجم الاقتصاد العربي.

كذلك بلغت الودائع 2 تريليون دولار، والقروض المقدمة للقطاعين العام والخاص 1.75 تريليون دولار، ما يشكل نحو 60% من حجم الاقتصاد العربي، مع العلم أن عدد المصارف العربية تجاوز الـ 430 مصرفا، ورأسمالها نحو 340 مليار دولار، ولعل أكبر دليل لأهمية المساهمة الكبيرة للصناعة المصرفية العربية في الاقتصاد العربي أن نسبة نمو القطاع المصرفي تبلغ نحو 3 أضعاف نسبة نمو الاقتصاد.

ولكن هل ستستمر هذه المؤشرات الايجابية في ظل تراكم التحديات التي تواجه المصارف العربية ؟

إضافة إلى تحديات داخلية ناتجة عن تداعيات أمنية وسياسية تواجهها المصارف العربية، طرأ تراجع عائدات النفط وتأثيره على موازنات الدول المنتجة وإنفاقها الاستثماري، كنتيجة طبيعية لتراجع سعر البرميل بنسبة تزيد على 40%.

المصارف الخليجية

ولكن على الرغم من أن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قد أكدت على "نظرة مستقرة للقطاع المصرفي الخليجي في العام 2015، مع أداء تشغيلي قوي في ظل رصيد جيد من الاحتياطات الأجنبية وسياسات نقدية توسعيه واستمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية"، فإن صندوق النقد الدولي توقع هبوط الفوائض المالية لدول الخليج من نحو 275 مليار دولار قبل تراجع أسعار النفط إلى 100 مليار دولار في العام 2015.

وفي الوقت نفسه حذرت وكالة "موديز" من تركيز المصارف الخليجية على الإقراض لقطاع معين، مثل القطاع العقاري، الذي سبق أن تسبب بأزمات في الماضي، وأن استمرارها في ذلك من شأنه أن يزيد من مخاطر الائتمان، خصوصاً أن معظم هذه المصارف لها محفظة قروض بارزة مع القطاعات الحكومية، إضافة إلى القطاع العقاري.

ومع أهمية التحديات الداخلية، تبقى التحديات الخارجية الأهم والأخطر، وهي ناتجة عن تغيرات حصلت في العالم خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبحت المصارف العربية تخضع لحزمة من الأنظمة والقوانين لها طابع دولي يتناول أصول ممارسة أعمالها، والإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة الجرائم المالية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتبادل المعلومات لمكافحة التهرب الضريبي، ويبدو أن المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة استسهل تحميل المصارف عبء المكافحة الذي هو في الأصل من مسؤوليات أجهزة الأمن ودوائر فرض الضرائب ومؤسسات فرض النظام وتطبيق القانون، وهي ضغوط دولية تحت طائلة تعريض المؤسسات المصرفية للعقوبات.

مساحة إعلانية