رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

699

علي فوزي: أحن لقضاء رمضان في بلدي لكني أستمتع به في قطر

26 يونيو 2015 , 03:13م
alsharq
هاجر بوغانمي

يحدث أن يتحول ارتباط الإنسان بالمكان الجديد الذي اختاره طلباً للرزق ورغبة في تحقيق الذات بعيداً عن التعدد، وسيراً نحو التفرد في غير تربته، إلى عادة لا فكاك منها، حتى لو تخللت تلك التجربة عودة مؤقتة إلى المكان الأول الذي نشأ فيه وترعرع.. وكم كثر أولئك الذين طاب لهم المقام فآثروا أن يقضوا ما قدر لهم من العمر بيننا، فتصبح السنوات وإن طالت كأنها الأمس القريب.. هكذا هو الأمر بالنسبة للفنان التشكيلي والناقد المصري علي فوزي، الذي يقيم بيننا منذ أكثر من ثلاثين سنة مطلعاً ومهتماً بالعديد من التجارب التشكيلية القطرية، ومشاركاً فاعلاً في قراءة المشهد والإحاطة بمختلف جوانبه.

يسرد حكاية إقامته بالدوحة فيقول: قدمت في عام 1984 متعاقداً للعمل في وزارة التربية والتعليم، مدرساً للتربية الفنية، وبعد استلام عملي تعرفت على البلد وبعض الأصدقاء، وأهّلت نفسي بعد شهرين لاستقبال أسرتي المكونة من زوجتي وطفلين (ولد وبنت). وحرصت على الانخراط في الساحة التشكيلية في قطر. في نهاية 1984 كنت قد تعرفت على معظم الفنانين التشكيليين القطريين والمقيمين، وكنت أداوم على حضور الندوات والمحاضرات المختلفة في مجال الفن التشكيلي، والتي كانت تستضيفها الجمعية القطرية للفنون التشكيلية في مقرها القديم.. في هذه الفترة تعرفت إلى حسن الملا، رئيس الجمعية آنذاك، والفنانين سلمان المالك، وعلي حسن، وجاسم زيني، وفرج الدهام، وعيسى الغانم، وعيسى المالكي وعدد كبير من الفنانين القطريين، وفي هذا الوقت كان هناك فنانون مقيمون على غرار الفنان محمد المدني، والفنان محمد حسب الله من مصر، والفنان الفلسطيني ياسر أبو سيده، والفنان فؤاد البسطوي، كلهم ملأوا الساحة عملاً ونشاطاً..

منذ عام 1985 وحتى التسعينيات سعدت بقضاء رمضان في مصر، ثم مع اختلاف دورة الأيام، ومع مرور السنين بدأ الشهر الفضيل يأتي في فصل الشتاء، فكان يتوافق مع فترة عملي، وأتاح لي قضاء شهر رمضان لعدد من السنوات في الدوحة. وفي نفس الوقت استمتعت بالروحانيات الموجودة هنا والمتمثلة في المساجد الممتلئة، والندوات الدينية الكثيرة، والبرامج التلفزيونية.. كل النواحي الدينية مؤهلة للاحتفال بشهر رمضان، كما لا أنسى المحاضرات القيمة التي كانت تقام في فندق "شيراتون" الدوحة بإشراف نادي الجسرة الثقافي، الذي اعتاد أن يستضيف كبار الشخصيات العلمية في مجالات العلم والشعر والأدب، فكانت علامة مميزة من علامات رمضان محاضرات نادي الجسرة. ومن بين الذكريات التي لا تنسى اجتماعات الفنانين بعد صلاة التراويح في مقر الجمعية. حيث نتبادل الحديث في العديد من القضايا الفنية والمستجدات والإشكاليات التشكيلية، ومع استمرار تلك الاجتماعات توطدت علاقتي بعدد كبير من الفنانين، وأقدمت على فكرة تأليف كتاب عن اليوبيل الفضي للجمعية القطرية للفنون التشكيلية، يحكي قصة الجمعية منذ 25 سنة. وخرج الكتاب الى النور، ووزع في قطر، وحقق رواجاً وصدى كبيرين. وبعد أكثر من 30 سنة أقوم في رمضان الحالي بوضع اللمسات الأخيرة لكتاب قيم عن الفنانة التشكيلية القطرية بدرية الكبيسي. مضيفاً: أنا متفرغ ذهنياً لهذا الكتاب لكني منشغل إلى حد كبير بالعبادات. بطبيعة الحال حتى في قطر هناك اختلاف في الطقوس الرمضانية منذ 25 سنة والى الآن، حيث كانت البساطة عنصراً مهماً من عناصر اللقاءات والبرامج، وكل ما يحتفى به في رمضان، أما الآن فقد تطورت الأمور تطوراً شديداً، فمع زيادة عدد السكان زادت المساجد وأصبحت أكثر فخامة من الجانب الهندسي والمادي من الداخل. وتدخلت التكنولوجيا في نقل جميع الأحداث الرمضانية، ويعتبر الحي الثقافي "كتارا" نموذجاً لهذا التطور، حيث تتعدد البرامج والفعاليات الثقافية والدينية في شهر رمضان بصورة مكثفة.

وفي حديثه عن الفروق بين رمضان في قطر ورمضان في مصر قال: الاختلاف كبير من حيث الاحتفالات الشعبية والليالي الرمضانية، وامتلاء النوادي والمقاهي بعد صلاة التراويح في مصر، وازدحام الشوارع، وامتلاء الأسواق والمحلات، وانتشار باعة الفوانيس والحلوى الرمضانية.. بحيث يشعر الانسان أن مصر في عيد، ناهيك عن حلقات الذكر والإنشاد الديني والمحاضرات الثقافية وامتلاء المساجد من صلاة الفجر وحتى التراويح.

لا أخفيك أنني أحن إلى لمة الأصدقاء والأهل في رمضان، أما هنا، فالوضع مختلف لعدم وجود الأقارب وقلة الأصدقاء، رغم أن الناس هنا يتميزون بنوع من الطيبة، لكن ودّ الأصدقاء ليس كودّ الأهل والجيران، وبالتالي فإن حنيني لقضاء شهر رمضان في بلدي أكثر وإن كنت أستمتع بقضائه هنا إذا حكمت ظروف العمل.

وعن طقوسه الرمضانية يقول: غالباً ما تنتهي علاقة الطالب مع المدرسة قبل شهر رمضان وبالتالي فإن عملنا متعلق في هذه الفترة بالامتحانات والتصحيح وإخراج النتائج قبل العيد. أصلي صلاة الظهر في العمل وبمجرد وصولي الى البيت أنام فترة الظهيرة، وبعد الإفطار تبدأ الطقوس العادية والمتمثلة في الزيارات بعد صلاة التراويح. كما أتابع المسلسلات المختارة مع قراءة الصحف ومتابعة الأخبار، كل هذا غالبا ما يكون في الفترة ما بعد صلاة التراويح إلى صلاة الفجر.

ويتابع: على مدى فترة تنقلي بين المدن حيث قضيت ثماني سنوات في ليبيا وأكثر من 31 سنة في قطر تعرفت إلى أصدقاء كثيرين، ومازالت عادة تبادل الأطباق موجودة في الدوحة، وهي فرصة للتعرف على المنتج التراثي في الأكل. أما الأكلات القطرية فغالبا ما نتعرف عليها في الدعوات الخاصة، ولكنها ليست بشكل دائم.

وفي نهاية لقائنا معه أعرب الناقد والفنان علي فوزي عن سعادته بهذه الفسحة.. داعيا قراء (الشرق) إلى محاولة اقتناص فرصة المغفرة التي يطرحها الله في هذه الأيام، وتقديم الصدقات، وقراءة القرآن..

مساحة إعلانية