رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

767

ميانمار بين الإبادة الجماعية والانقلاب العسكري

24 فبراير 2021 , 07:00ص
alsharq
هاجر العرفاوي

لم يكن الانقلاب العسكري الذي حدث مطلع الشهر الجاري في ميانمار والذي أدى لاعتقال زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي، هو الأول في تاريخ البلاد، لكنه في الواقع يذكر بانقلابي 1962 و1988 اللذين شهدتهما البلاد منذ استقلالها.

وقبل عقد من الزمن فقط، كانت ميانمار والتي تعرف أيضا باسم بورما، تخضع طيلة نصف قرن لحكم الأنظمة العسكرية القمعية قبل أن تتحول إلى نظام الحكم الديمقراطي في عام 2011.

* نهاية الديمقراطية الناشئة

خلال السنوات الخمس الماضية، قاد حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي كان محظورا في السابق في ميانمار، بعد فوز مرشحته أونغ سان سو تشي عام 2015 في أول انتخابات حرة وعادلة تقود البلاد منذ 25 عاما، وكان ينظر لها على أنها علم من أعلام حقوق الإنسان ولم تتخل عن مبادئها في النضال لكنها تخلت عن حريتها لتتحدى جيشا قمعيا طالما أحكم قبضته على ميانمار.

وكانت سو تشي قد أمضت نحو 15 عاما في السجن، بين عامي 1989 و2010، وأصبحت ايقونة الديمقراطية ورمزا عالميا للمقاومة السلمية بفضل نضالها على الصعيد الوطني لتمنح الديمقراطية لميانمار في نوفمبر عام 2015.

ورغم ان دستور البلاد منعها من أن تصبح رئيسة لأن ابنيها يحملان جنسية أجنبية، إلا أن أونغ سان سو تشي، البالغة من العمر 75 عاما، تعد الزعيمة الفعلية للدولة ولقبها الرسمي هو مستشارة الدولة، ويعد رئيس البلاد وين منت حليفها القوي.

وبعد فوزها للمرة الثانية، في انتخابات 8 نوفمبر الماضي، كان من المفترض أن تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية صبيحة الأول من الشهر الحالي، امام البرلمان المنتخب حديثا، إلا أن جيش البلاد كان الأسبق في قلب موازين الحكم، خلال ساعات الفجر التي سبقت مراسم اليمين الدستورية.

*انقلاب باسم الديمقراطية!

في انقلاب ليس الأول في تاريخ ميانمار، اعلن الجيش والذي يعرف باسم التاتماداو، استيلاءه على السلطة، وامر باعتقال القائدة العليا للبلاد أونغ سان سو تشي والرئيس وين مينت، اضافة إلى عدد غير محدد من أعضاء حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية الحاكم.

وأعلن الجيش حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، ونصب الجنرال السابق مينت سوي نائب الرئيس والقائد العسكري السابق يانغون رئيسا للبلاد بالإنابة. كما أعلن مينت سوي تحويل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى القائد الأعلى للجيش مين أونغ هلاينغ طوال مدة الطوارئ.

وعلى غرار الانقلابات السابقة، وقع الانقلاب العسكري هذه المرة تحت مسمى الديمقراطية، إذ يسمح الدستور في ميانمار للجيش بالاستيلاء على السلطة لمنع أي موقف من شأنه "تفكيك الاتحاد أو اللُّحمة الوطنية أو أن يُسبِّب فقدان السيادة".

ويعني ذلك عدم قطع الجيش سيطرته على البلاد كليا، في ظل حكم ديمقراطي يمنحه دستوره ربع مقاعد البرلمان، فضلا عن تحكمه بالوزارات السيادية وهي الشؤون الداخلية والدفاع وشؤون الحدود، وهو المطلوب تماما للاعتراض على أي تعديل دستوري.

*أسباب الانقلاب

على ما يبدو ان هناك عوامل عديدة متشابكة، دفعت الجيش للانقلاب المفاجئ على الحكومة، أولها الفوز الساحق الذي حققه حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في الانتخابات التي أجريت مؤخرا، والتي اعتبرت بمثابة استفتاء على الحكم الديمقراطي الوليد.

واعتبر الجيش في بيان أصدره عشية الانقلاب، ان استيلاءه على السلطة كان حتميا بعد احتجاجه على مزاعم بتزوير الانتخابات التي فاز فيها حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية على حزب التضامن والتنمية الاتحادي المحسوب على الجيش.

كما أن التوتر بين سو تشي وقادة الجيش وصل إلى ذروته خلال الفترة الأخيرة السابقة للانقلاب، رغم وقوفها إلى جانب الجيش عندما اتهم دوليا بارتكاب إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينجا عام 2017.

ودافعت زعيمة ميانمار آنذاك بنفسها، عن الجيش في محكمة العدل الدولية في لاهاي، على اثر الدعوى القضائية التي قامت برفعها دولة غامبيا، بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، ووصفتها بأنها "أخبار مزيفة".

وتجدر الاشارة الى ان سو تشي حصلت على جائزة نوبل للسلام، نظير جهودها في تحقيق التغيير في بلادها سلميا، وأصبحت أيقونة للحقوق المدنية في العالم، لكن وقوفها في صف الجيش البورمي ضد الروهينجا يعكس مدى قوة الجيش واحكام قبضته على البلاد من وراء الكواليس، وربما هذا ما دفعها للدفاع عنه والتستر على ما ارتكبه في حق الروهينجا، فربما لو لم تفعل ذلك لانقلب عليها.

وظلت التوترات بين الجانبين كبيرة بسبب دور الجيش في السياسة، باعتبار ان الرابطة الوطنية الديمقراطية كانت تدعو باستمرار الى تعديل الدستور وإجراء تغييرات، في حين استمر الجيش في رفضه، معتبرا أنه "جزء أساسي" من الأمن، في بلد تملؤه الجماعات العرقية المسلحة.

*احتجاجات واسعة

صاحبت الانقلاب احتجاجات واسعة في أجزاء مختلفة من البلاد، مطالبة بالإفراج عن الزعيمة أونغ سان سو تشي. ونظم سكان بعض المدن احتجاجات ليلية من منازلهم، للتعبير عن غضبهم بقرع الأواني وغناء الأغاني الثورية، كما حصلت بعض التحركات والتجمعات المفاجئة أثناء النهار.

وكرد من الطرف المقابل، تم قطع شبه تام لشبكات الإنترنت في البلاد، واصدر جيش التاتماداو أوامر لمقدمي خدمات الإنترنت بحظر مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها فيسبوك الذي يعد ابرز وسيلة تواصل في البلاد.

وتشهد الاحتجاجات توسعا وتصعيدا منذ أكثر من اسبوعين، بعد وفاة شابة اصيبت برصاص الشرطة في العاصمة نايبيداو، في التاسع من الشهر الحالي.

ورغم ان احتجاج المتظاهرين في ميانمار على الانقلاب الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا يستحق الإشادة، إلا أنه يطرح تساؤلا عن غيابه وصمته طيلة السنوات الأربع الماضية، حيث ارتكب الجيش جرائم في حق الروهينجا التي اعتبرت دوليا حملة وحشية من التطهير العرقي ودمرت قراهم وقتلت الآلاف منهم، وأجبرت آخرون على الفرار إلى دولة بنغلاديش المجاورة، بحسب صحيفة أوبزرفر البريطانية.

*مخاوف الروهينجا

ندد اللاجئون من الروهينجا المسلمين الذين فروا إلى بنغلادش المجاورة بالانقلاب العسكري في بلادهم، مؤكدين أنه يزيد من مخاوفهم بشأن العودة.

وأعرب خين ماونغ رئيس رابطة شباب الروهينجا في مخيمات إقليم كوكس بازار المتاخم لميانمار، عن خشيته من عودة حكم العسكر الى البلاد، معتبرا أن أي عودة إلى ميانمار لن تكون آمنة وسيستغرق الأمر وقتا طويلا لأن الوضع السياسي في البلاد أسوأ الآن، ومن الممكن ان يشكل الانقلاب تأخيرا في عودة الروهينجا الى وطنهم وبالتالي انتكاسا لجهود مسؤولين من ميانمار وبنغلادش الشهر الماضي حول سبل بدء عمليات الترحيل التي كانت متوقعة ان تبدأ في يونيو المقبل.

*ردود فعل عالمية

قوبلت انقلاب الجيش بغضب عالمي واسع، فقد دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن الجيش إلى "التخلي عن السلطة" والإفراج عن المسؤولين والنشطاء المحتجزين، وحث المجتمع الدولي الى مطالبة الجيش البورمي بإعادة السلطة فورا، وهددت الولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات التي رفعت خلال العقد الماضي.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ان الإعلان عن نقل كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلى الجيش، يشكل ضربة قوية للإصلاحات الديمقراطية في البلاد. ودعت العديد من الدول كافة الأطراف في ميانمار إلى حل الخلافات الإفراج عن مستشارة الدولة الشرعية أونغ سان سو تشي و"استعادة الديمقراطية".

ورغم الادانات العالمية الواسعة، يبدو أن شيئاً لم يردع الجيش، فهو يواصل طريقه لتعزيز سلطته وتعيين وزراء جدد دون الإعلان عن موعد محدد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تقود البلاد من جديد.

ومن الواضح ان الازمة السياسية في ميانمار ستتعقد أكثر فأكثر في الفترة القادمة ومن المحتمل جدا ان تضع البلاد على مشارف أزمة اقتصادية حادة في ظل انتشار وباء كورونا وتوسع دوائر الفقر والنزاعات المسلحة بين عشرات الفصائل.

اقرأ المزيد

alsharq الدوحة تشارك باجتماع مديري الضرائب الخليجيين

ترأس سعادة السيد خليفة بن جاسم آل جهام الكواري، رئيس الهيئة العامة للضرائب، وفد دولة قطر في الاجتماع... اقرأ المزيد

72

| 12 سبتمبر 2025

alsharq قطر تؤكد استمرار دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية

واصل سفير دولة قطر في لبنان سعادة الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني جولته على القيادات السياسية... اقرأ المزيد

80

| 12 سبتمبر 2025

alsharq الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن ..المندوب الدائم للجزائر: الهجوم الإسرائيلي الجبان على قطر إهانة للدبلوماسية

أكد عمار بن جامع المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف دولة قطر يمثل... اقرأ المزيد

104

| 11 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية