رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1722

"الجزيرة": المالكي أدار السجون السرية والتصفية الجسدية لـ75 ألف عراقي

23 أكتوبر 2015 , 12:00ص
alsharq
عبدالحميد قطب

عرضت قناة الجزيرة فيلماً وثائقي مدعوماً بمئات المستندات والوثائق الرسمية أعده برنامج "الصندوق الأسود" عرض أسراراً لأول مرة عن تاريخ رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذى حكم العراق بالنار والحديد بذريعة "محاربة الارهاب" وفرض حكماً سلطويا قمعياً وهو لا يزال يتصرف وكأنه زعيم البلاد، فرغم أنه فقد كل مناصبه السياسية الرسمية، فإنه ظل رجل الظل الأقوى القابض على مفاصل الدولة.

وقد ظهر في الفيلم أبرز المحطات التاريخية في حياة المالكي الظاهرة منها والخفية، بدءاً من انضمامه إلى صفوف حزب الدعوة عام 1968، ثم توليه رئاسة اللجنة الجهادية للحزب في الخارج، وهي التي خططت لضرب المصالح العراقية في الداخل والخارج، وانتهاء بما يتعلق بحقبة حكمه في العراق.

فبداية المالكي في حزب الدعوة الذي يحكم العراق الآن، والذي هو في الأساس تنظيم سياسي شيعي، نشأ في العراق عام 1957 وتبنى فكرة الاسلامي السياسي، وطرح أفكاراً حركية مباشرة للاستحواذ على الحكم في العراق.

الوثائق تكشف مسؤولية المالكي عن دخول تنظيم الدولة الإسلامية وانتشاره في العراق

ويعتبر محمد باقر الصدر المرجع الشيعي البارز هو المؤسس الفعلي لحزب الدعوة، وقد برز الصدر كمفكر شيعي بجذور عربية، يطمح لاقامة دولة اسلامية شيعية في العراق، مما جعل الكثير من شيعة العراق يتحلقون حوله، بعد أن رأوا فيه السيد والمرجع، الامر الذى ادى لاستحواذ حزب الدعوة على مكانة مهمة في الاوساط الشيعية العراقية، ولاقت افكاره رواجاً بين الشباب العراقي المنتمى للمذهب الشيعي، والمتطلع لدور سياسي في العراق.

ففي حقبة المالكي ارتفع صوت الطائفية في 2006 وشهد العراق صراعا عنيفا، حصد أرواح آلاف العراقيين، وأدركت واشنطن أن رئيس الوزراء آنذاك إبراهيم الجعفري غير قادر على قيادة المرحلة وبحثت عن بديل واستقر رأيها على المالكي لوجود توافق بين القيادات السياسية الشيعية عليه.

عمليات التصفية

سعى المالكي خلال ولايته الأولى إلى تكريس الطائفية داخل العراق إقصاء وقتلا، حيث أدار فرقا للقتل والاعتقالات تأتمر بأوامره، وأنشأ سلسلة من السجون السرية تدار من قبل المليشيات الشيعية تسببت بمقتل 75 ألفاً بينهم 350 عالماً و80 طياراً عبر معلومات وفرها المالكي للموساد والحرس الثوري.

وقد تمكن فريق التحقيق من الحصول على عشرات الوثائق السرية المسربة، جميعها تتعلق برئيس الوزراء العراقي إبان فترة حكمه، وبعضها صادرة عن مكتبه وتحمل توقيعه الخاص.

الوثائق المسربة ذات طابع أمني تتعلق بأحداث أمنية وقعت في عهده، شملت التعذيب والسجون والقتل على الهوية والإعدام خارج إطار القانون والاختفاء القسري. وكلها صنفت جرائم ضد الإنسانية مورست بحق الشعب العراقي وتحت إشراف المالكي نفسه بعيدا عن وزارة العدل.

ربما يكون رجل إيران الذي دعمته معارضا وحاكما، وربما يكون رجل الولايات المتحدة التي أتت به إلى سدة الحكم، وأيا كان فإن المالكي لا يزال هو صاحب النفوذ المطلق في العراق.

هيمنة المالكي

فتحت ذريعة محاربة الإرهاب وبقبضة أمنية مشددة، هيمن المالكي على العراق ليخضعه لسلطة الفرد المطلق طوال فترة حكمة لتستمر بعد خروجه.

من بين الوثائق ما يكشف عن مسؤولية المالكي في دخول تنظيم الدولة الإسلامية وانتشاره في العراق. ففي تقرير صادر عن لجنة تحقيق برلمانية عليا تمت التوصية بإحالة نوري المالكي إلى القضاء العراقي باعتباره المتهم بتسليم الموصل لتنظيم الدولة دون قتال في يونيو 2014.

ويعود نجاح المالكي في إحكام قبضته الأمنية على العراق إلى مليشيا شيعية تخضع لأوامره مباشرة، ويقول رئيس لجنة العراق في البرلمان الأوروبي الأسبق ستراون ستفنسون في هذا الصدد إن هناك 32 ألف موظف عراقي إيراني معظمهم فروا من نظام الرئيس الراحل صدام حسين إلى ايران وقامت هيئة الحرس الثوري الإيراني بتمويلهم وإرسالهم إلى العراق عقب سقوط النظام في 2003 ليشغلوا مناصب حساسة في الجيش والمؤسسات العامة.

وكشف أن لديه قائمة بأربعمائة شخصية تشغل مناصب عليا، بعضها تعمل في مكتب المالكي وأخرى تبوأت مناصب عليا في الجيش، مشيرا إلى أن النظام بكامله تم الاستيلاء عليه من طرف طهران بينما ظل الغرب يتفرج.

حزب الدعوة

ويكشف التحقيق كيف شكل حزب الدعوة الإسلامي ذو الجذور الشيعية (1957) المنطلق والبداية بالنسبة لمسيرة المالكي السياسية بعد أن انضم إليه عام 1968. وكيف ساهمت الظروف والأحداث في صعود نجم المالكي بعد وصول صدام حسين إلى سدة الحكم في العراق وآية الله الخميني في إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وانتقال حزب الدعوة إلى الحضن الإيراني وتبنيه العمل المسلح.

المالكي هيمن على العراق ليخضعه لسلطة الفرد المطلق طوال فترة حكمة بذريعة محاربة الإرهاب.. وقاد الجناح المسلح لحزب الدعوة ونفذ اغتيالات وتفجيرات في العراق والكويت ولبنان

ففي أعقاب إعدام زعيم الحزب محمد باقر الصدر في 1980 من قبل النظام العراقي حدث انقلاب في مسيرة الحزب الذي قرر تشكيل جناح مسلح لمواجهة النظام ورموزه.

وتم تشكيل اللجنة الجهادية بقيادة المالكي هدفها مصالح العراق في الداخل والخارج، كانت عملية جامعة المستنصرية في بغداد في 1980 باكورة أعمالها العسكرية بمحاولة اغتيال طارق عزيز أحد قيادات حزب البعث آنذاك.

في غضون ذلك انطلقت الحرب العراقية الإيرانية وفيها تعاظمت عمليات الحزب داخل العراق وانضم عدد من عناصره إلى صفوف الجيش الإيراني في قتال الجيش العراقي.

حكومة طائفية

بعد سقوط صدام، عاد المالكي إلى العراق بعد أكثر من عشرين عاماً في الخارج تحت المظلة الأمريكية وعاد حزب الدعوة إلى ممارسة العمل السياسي.

تم اختياره من قبل الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر لشغل منصب نائب رئيس لجنة خاصة لاجتثاث عناصر حزب البعث، وهنا لمع نجم المالكي في عالم السياسة.

وتحت ذريعة محاربة البعث، تمت تصفية عدد من الشخصيات من طرف المالكي بهدف إقصائهم من أي دور سياسي في العراق مستقبلاً، وقد أدار نور المالكي فرقا للموت والاغتيال تأتمر فقط بتوجيهاته.

المالكي استغل 500 مليار دولار من أموال النفط والضرائب لتصفية خصومة

وقد رصدت وثيقة عرضها الفيلم أكثر من 2000 شخص احتجزوا في سجون سرية ترتبط مباشرة بمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، بل ولقد أنشاء سلسلة كاملة من السجون السرية، تم تمويلها باموال الضرائب العراقية، ومعظم هذه السجون تدار من قبل المليشيات الشيعية المعروفة بوحشيتها واستباحتها للقتل وسفك الدماء خارج أطار القانون.

وقد كشف مبعوث الامم المتحدة الى العراق ان معظم العراقيين يؤخذون الى سجون سرية ثم يختفون تماماً، ولا تعلم عائلتهم عنهم شيئا، وهكذا دون أي تهمة.

كما أن وثائق "ويكيلكس" كشفت أيضاً أن هناك اكثر من 100 مقر عسكري تابع للمالكى، وبعيد كل البعد عن سيطرة الاحتلال الامريكي للعراق بل وعدم تدخله في أحكام الإعدام وإجراءات التصفية التى تمارسها حكومة المالكي، والذى يجعل من ذلك رخصة للمالكي ومليشياته للقتل والابادة.

فخلال ولاية المالكي الأولى بلغ عدد القتلى جراء عمليات العنف خمسة وسبعين ألفاً ومائتين وأربعةً وتسعين قتيلاً، معظمها كانت اغتيالاً بهدف الاقصاء والترهيب، غير أن اغتيال ثلاثمائة وخمسين عالماً نووياً عراقيا، وثمانين ضابط طيران بقيت لغزاً شغل الشارع العراقي، لكن معلومات كشفتها وثائق بأن المالكي وفّر السير الذاتية لهؤلاء العلماء العراقيين وطرق الوصول إليهم بغرض تصفيتهم وسلمت لفرق موت تابعة للموساد الاسرائيلي وايران، وهو ما يكشف عن تواطؤ واضح بين المالكي والموساد الإسرائيلي والحرس الثوري الايراني، بل إن هناك وثائق كشفت عن تصفية شخصيات برلمانية عراقية.

وقد كشف الفيلم أيضاً عن عرض المالكي رشوة مالية لصحفي اجنبي في مقابل ان يكف الصحفي عن كشف جرائمه، لكن الصحفي ابلغ الوسيط بانه لن يصمت إلا بعد أن يُعتقل المالكي ويقدم للمحاكمة.

وتربعت العراق في عهد المالكي في قائمة الدول الاكثر فساداً، حيث اختفت اكثر من 500 مليار دولار من عائدات النفط واموال الضرائب ابان فترة حكمه، انفقها على مليشياته وفرق الاغتيال والتى معظمها تقودها قيادات ايرانية.

ففى مارس 2010 خاض العراقيون معركتهم الانتخابية وخاض اياد علاوي الانتخابات وفاز حزبه برئاسة الوزراء إلا ان المالكي لم يقبل بالنتائج، وطالب الولايات المتحدة بعدم قبول نتائج الانتخابات وقد كان.

مساحة إعلانية