رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

814

إصلاح مجلس الأمن ونظام "بريتون وودز" المالي على خط المواجهة مع خطوات الإصلاح والتغيير

23 مايو 2023 , 01:29م
alsharq
مجلس الأمن.. صورة أرشيفية
الدوحة - قنا

تصاعدت في السنوات الأخيرة مطالب إصلاح مجلس الأمن الدولي ونظام بريتون وودز المالي (وهو نظام مالي أسس قواعد للعلاقات التجارية والمالية بين الدول الصناعية الكبرى في العالم في منتصف القرن العشرين)، بشكل مطرد مع تزايد النزاعات العسكرية والأزمات الاقتصادية والاتهامات التي توجه للدول الخمس صاحبة الفيتو في مجلس الأمن بالتفرد بالقرارات الدولية، ومن هنا جاء خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأخير أمام قمة مجموعة الدول السبع التي عقدت في هيروشيما اليابانية، ليسلط الضوء مجدداً على عمليات الإصلاح الضرورية والملحة لتحقيق التقدم المنشود بما يتماشى مع الواقع في عالم اليوم للحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين.

وفي كلمته خلال مؤتمر صحفي، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن مجلس الأمن ونظام بريتون وودز يعكسان موازين القوى في عام 1945 لكنهما يحتاجان إلى تحديث، مشيرا إلى أن الهيكل المالي العالمي مختل وغير عادل وعفا عليه الزمن، مؤكدا على فشل بريتون وودز في أداء وظيفته الأساسية كشبكة أمان عالمية في مواجهة الأزمات المالية وما خلفته من تضخم وركود عالمي أكثر من مرة، بجانب الصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 .

ووفقا للمادة الـ23 من ميثاق الأمم المتحدة، تشكل مجلس الأمن عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، للاضطلاع بالمهمة الرئيسة في حفظ السلام والأمن الدوليين، على أن يضم 15 عضوا، بينهم 5 دائمون يتمتعون بحق النقض لقرارات المجلس، وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، إضافة إلى 10 أعضاء آخرين غير دائمين، تنتخب الجمعية العامة 5 منهم لدورة مدتها عامان.

بينما تم إقرار نظام بريتون وودز، خلال مؤتمر النقد الدولي الذي انعقد عام 1944 في منطقة غابات بريتون في نيوهامبشر الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، بهدف تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي، عبر ربط قيمتي الدولار والذهب ببعضهما البعض وكان بداية عهد المكانة المهيمنة للعملة الأمريكية.

وإذ كانت القوة العسكرية وامتلاك الأسلحة النووية، قد شكلت العامل الرئيسي في مقدار السلطة والصلاحيات في مجلس الأمن عقب الحرب العالمية الثانية، التي كفل الانتصار فيها للدول الخمس الكبار تشكيل توجهات مجلس الأمن، وحرمت ألمانيا واليابان منها بسبب هزيمتهما، إلا أن موازين القوى تبدلت منذ عقود، وأصاب المعطيات القائمة آنذاك تغييرات جذرية بمرور الوقت.

وفي هذا الإطار، جاء أكبر تحرك لإصلاح مجلس الأمن، في الذكرى الستين لانتهاء الحرب العالمية الثانية عام 2005 عندما أطلقت البرازيل وألمانيا والهند واليابان مسعى مشتركا من أجل الحصول على مقاعد دائمة، إذ تدرك أغلبية الدول مدى ارتباط قرارات مجلس الأمن بمصالح الدول الكبرى، كما ساندت دول أخرى المشروع مثل جنوب إفريقيا وتركيا.

ورغم كثير من الدعوات والمناشدات لضرورة تعديل وإصلاح آلية استخدام حق النقض من الأساس، ليتحول من حق أحادي مطلق إلى أداة للحفاظ على الأمن الدولي، ومع الأخذ في الاعتبار أن الدول المحتمل انضمامها لن تحظى بالمساواة في الحقوق والواجبات ذاتها على الأرجح مع الأعضاء الدائمين، لكن هذه المطالب قوبلت باعتراضات مختلفة، فالصين تعارض بشدة إمكانية حصول اليابان والهند على مقعد بمجلس الأمن، لأن بكين تعتبرهما قوتين موازيتين في آسيا، في الوقت الذي يحظى مطلباهما بدعم أمريكي، وفي أوروبا لا تتشاطر جميع الدول الأوروبية الموافقة على منح ألمانيا مقعدا، كما تتنازع عدة دول إفريقية تعد من بين الأكثر سكانا والأقوى اقتصادا على المقعد الإفريقي.

ويعتبر التأييد الأمريكي لمسعى توسيع هيكلية مجلس الأمن الذي يراه البعض بارقة أمل لدول عديدة، لا يرقى بحسب الخبراء لأكثر من تأييد لزيادة عدد حلفائها في المجلس، ولذا يعتقد أن خطوات الإصلاح والتغيير داخل مجلس الأمن ستسير ببطء شديد، إذ لابد أن يتوافق الخمسة الكبار بينهم بشكل تام، وهو أمر يبدو شبه مستحيل في الآونة الأخيرة .

 

ومع تزايد القوة الاقتصادية والسياسية لأوروبا الغربية واليابان على المسرح الدولي من جهة، ودور البلدان الاشتراكية والنامية من جهة ثانية، برزت معطيات جديدة تتعارض مع ثبات أسعار صرف العملات الذي يقوم عليه نظام بريتون وودز، كما تتعارض مع الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي المتمثلة في سيطرة عملتها المحلية على النظام النقدي الدولي.

وفي الوقت الذي هيمنت فيه واشنطن ومن خلفها مجموعة الدول السبع التي تأسست عام 1975، للسيطرة على الاقتصادات النامية وإرساء مفاهيم النفوذ المدعوم بأكبر قوة عسكرية، ظهرت مجموعة "بريكس" لدول مصنفة على أنها ذات اقتصادات ناشئة، في محاولة لكسر عالم القطب الواحد اقتصاديا.

وبدأت فكرة تأسيس مجموعة "بريكس (BRICS) بشكل تكتل اقتصادي عالمي، في قمة استضافتها مدينة يكاترينبورغ الروسية عام 2006، حينما عقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم آنذاك، على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ثم التحقت دولة جنوب إفريقيا إليها عام 2011.

ولذا أظهر صناع القرار السياسي في أوروبا والولايات المتحدة الخشية من عواقب تحول مجموعة بريكس إلى كيان اقتصادي للقوى الصاعدة التي تسعى للتأثير على النمو والتنمية في العالم، وبالتالي تشكل كيان سياسي تحدده نزعاتها وهيمنتها، وفتح الباب أمام وجود عالم ثنائي القطبية في ظل الصعود الصيني الهائل.

لكن مجموعة "بريكس" باتت بالفعل أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم وتجاوزت تصنيفها السابق كاقتصادات ناشئة، بفعل قدراتها على تغيير جيوسياسي كبير في موازين القوى عالميا مع توالي السنوات، وهو ما أكدته الأرقام الأخيرة، حيث كشفت عن تفوق مجموعة "بريكس" لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدما في العالم، وذلك بعد أن وصلت مساهمة "بريكس" إلى 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية مطلع العام 2023.

وليس هذا فحسب، بل دشنت "بريكس" عام 2014، بنك التنمية الجديد برأس مال ابتدائي قدره 50 مليار دولار كبديل للبنك وصندوق النقد الدوليين، علاوة على إنشاء صندوق احتياطي للطوارئ لدعم الدول الأعضاء التي تكافح من أجل سداد الديون بهدف تجنب ضغوط السيولة، فجذبت دولا عديدة عانت من تجارب مؤلمة تحت وطأة برامج التقشف القاسية من قبل صندوق النقد الدولي.

ومن المتوقع أن تكون اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المقبلة ذات أهمية كبيرة، حيث ستتم مناقشة واستعراض مطالب إصلاح مجلس الأمن. على الرغم من عدم وجود خطة واضحة حتى الآن بشأن هذا الإصلاح، إلا أن هناك اهتماما متزايدا بتلبية هذه المطالبات.

مساحة إعلانية