رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1362

الانتحار فعل انتباه في لبنان

22 ديسمبر 2019 , 07:00ص
alsharq
لبنان
بيروت - أماني جحا

الانتحار أخلاقياً ودينياً أمر غير مشروع، قتل النفس غير مقبول في كل الشرائع الانسانية. قتل نفسك أو غيرك هو أمر غير أخلاقي وغير قانوني، مع العلم أنه في حالة الحرب مثلاً تقتل بهدف منع القتل، حتى في حالة محاربة العدو، اذا كنت قادراً على الوصول الى النتيجة المطلوبة من دون قتله. القتل ممنوع، لكن ما الذي يدفع انسان لقتل نفسه؟ هناك مصطلح يسمى "علم النفس السياسي"، والاكتئاب سواء كان متعلقاً بالشأن السياسي أم لا، هو مرض قد يصل في حال تطور الى الانتحار. في المقابل، فانه من واجبنا منع الحالة المرضية من أن تصل الى الانتحار.

المشكلة أن مجتمعاتنا العربية تعاني من حالة اكتئاب عام، في ظلّ ضبابية الأفق، وغياب الفاعلية، وانعدام الأمل بالتغيير، والمكتئب يغرق في حالة يأس، وتنتفي رغبته بانتظار الغد أو ترقبه حتى، فرغبته في الحياة تتساوى فعلياً مع الموت. وللدلالة على الوضع الكارثي للانتحار، فان منظمة الصحة العالمية تصنّف الاكتئاب سبباً رئيسياً للعجز والمرض في العالم، لكونه يصيب أكثر من ٣٠٠ مليون شخص تقريباً. وللدول العربية النصيب الأكبر تبعاً للظروف السياسية والمعيشية والاقتصادية التي تعيشها.

وما يزيد من حدة المشكلة في وطننا العربي، هو ثقافة التعاطي مع المريض النفسي، فزيارة الطبيب والمستشار النفسي يعتبر القسم الأغلب من الناس بـ"المعيبة"، لا بل يعتبرون المريض النفسي مجنوناً. مع العلم أنه حتى في الدول الأوروبية وغيرها، لا يمكن تلبية الطلب بما خصّ المرضى والأشخاص الذين يعانون حالة نفسية، لكثرتهم. ولكن اذا اقتربنا قليلاً من بعض الحالات وحاولنا طرح بعض الأسئلة لمعرفة أسباب الانتحار سنجد أنها حالة من حالات الهروب الذي يحتاج الى قرار صادم.

ففي حالة طالب أردني كان يدرس الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت، يطرح السؤال نفسه: ما الذي يدفع بطالب، مفترض أنه بحال عقلية سليمة وحالة مادية جيدة للانتحار؟ ما الذي يدفع بشاب في مقتبل العمر فضّل الموت على الحياة؟ هل هي الرغبة منه في الموت؟

الانتحار هو تخلص من ألم معنوي لا يمكن احتماله. يعلم الجميع أن القدرة على احتمال هذا الألم المعنوي أو العذاب الداخلي تتفاوت من انسان الى آخر، كذلك فان أحد أسباب الانتحار بحسب الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي دافيد دوركايم هو "لفت الانتباه". فالمنتحر يقوم بفعله بهدف لفت النظر الى قضية أكبر من فعل الانتحار، وهذه النقطة مهمة جداً، لأن معاناة هذا الشخص من أي سبب كان، سواء بسبب حالة مرضية تخصه أو أحد أنسبائه، أو عجزه على تسديد مبالغ يفترض سدادها، كقرض سكني، أو قسط مدرسي، أو عدم تقبل المجتمع لطباعه أو سلوكه، تجعله يهدف بفعل الانتحار الى التضحية بنفسه للفت الأنظار الى قضية عامة. السؤال الذي يبرز هنا: هل هذه الظاهرة هي في ازدياد في مجتمعاتنا العربية أم لا؟

في السياق، يرى المتخصص في علم النفس الايجابي ميلاد حدشيتي، أن هذه الحالة ليست في ازدياد ولا نقصان، لكن الانتحار لسبب معيشي في ظل أزمة سياسية جعل الأنظار تلتفت اليه أكثر من الانتحار لأسباب أخرى. ويعتبر أيضاً أننا لا نستطيع حصر الانتحار بالسبب السياسي فقط لأن المنتحر يعاني من أزمة نفسية أساساً. بالتالي ان الحفاظ على صحة نفسية سليمة، يجنّب بمكان ما الوصول لحالة الانتحار. لذلك يخطئ الاعلام في حصر السبب بالأزمة الاقتصادية أو السياسية بأنها سببت الانتحار فقط لجذب الانتباه. وهنا يصرّ حدشيتي على أن للاعلام دورا مهنيا في التعاطي مع هذه الحالة، لأن طريقة التفاعل الاعلامي معها قد تسمح ولو بنسب قليلة في التخفيف من القيام بالفعل. فتصوير المنتحر بأنه بطل أو تمجيد فعله أو اعتبار فعله "حلاً" قد يدفع بعض من يعاني من أزمات نفسية مماثلة للاقدام على فعل الانتحار كـ"بطولة". ويضيف حدشيتي أن هناك عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية، تلعب دوراً في عملية الانتحار.

فعل الانتحار الذي يختلف عن الانتحار السياسي للدولة، مثل العمليات الاستشهادية، التي هي بالشكل العام نوع من أنواع الانتحار، لكن الاستثناءات الأخلاقية والدينية أعطى لهؤلاء حقّ قتل النفس لأن السبب سامٍ. وأفضل مثال عن هذا النوع من الانتحار كان في ثورة تونس حين أحرق محمد البوعزيزي نفسه يوم ذاك للفت النظر الى قضيته الانسانية، رغم تقديمه اعتراضاً على ازالة عربته غير القانونية لأنها كانت تعيله. بالتالي فان البوعزيزي كان مخالفاً للقانون، لكن ذلك لم يكن رغبة منه في المخالفة انما لحاجته لمورد رزق. ومن هنا فان هذا النوع من الانتحار يُسمع صداه عالياً مقارنة بالانتحار لأسباب اخرى.

بالعودة الى لبنان، فاذا كانت المشاكل التي تعاني منها دول كبرى عادة ما تعتبر ظروفها المعيشية والسياسية أفضل حالاً من دولنا العربية كبيرة، فكيف الحال ببلد كلبنان يعاني من تصدعات حرب أهلية، واعتداءات اسرائيلية، ثم أزمة اقتصادية حادة، وظروف معيشية صعبة، وصولاً الى الجهل المجتمعي؟ فالجهل المجتمعي يقلّل من أهمية المرض النفسي، في ظلّ اعتقاد بأن أقصى ما يمكن أن يصل اليه الانسان هو التعب، أو الانزواء، أو أن يشعر بأنه غير سعيد، من دون التنبه الى خطورة تطور الوضع، لا بل الجزم بأن الحال لن يتطور والأمر لا يستدعي ذلك، علي الجميع ادراك أنه لا يمكن لغير المكتئب أن ينتحر.

ولكن ما هو الفعل الأهم اليوم لمحاولة احتواء الأزمة الحاصلة وعدم تركها لارخاء ظلالها على المواطنين بشكل أكبر؟ بداية ان على المجتمع التقاط الرسائل التي يطلقها المكتئبون، فالأزمة التي يمر بها اللبنانيون اليوم لن تحل بفعل سحر ساحر. فلا يوجد تأمين صحي فوري، ولا حل لأزمة البطالة في القريب العاجل، ولا فرص الاستثمار، وغيره. بالتالي لا بوادر لحلّ الأزمة قريباً، وهنا على المجتمع التكافل والتضامن والتصدي ومحاولة استيعاب الظرف والتقاط رسائل المكتئبين محاولة منه لاحتواء الأزمة قدر المستطاع.

اقرأ المزيد

alsharq الأمين العام لمجلس التعاون يرحب بخطة ترامب لإنهاء الأزمة في غزة

رحب السيد جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالخطة التي أعلنهاالرئيس الأمريكي دونالد ترامب،... اقرأ المزيد

70

| 30 سبتمبر 2025

alsharq صاروخان.. الأول جعل الطفلة نايا يتيمة.. والثاني شهيدة

عام واحد الفاصل الزمني بين مجزرتين، الأولى جعلت الطفلة الرضيعة نايا جودة يتيمة، والثانية جعلتها شهيدة. صواريخ الاحتلال... اقرأ المزيد

102

| 30 سبتمبر 2025

alsharq أدنبرة أول مدينة أسكتلندية تقاطع إسرائيل

وافق أعضاء مجلس مدينة أدنبرة الأسكتلندية بالأغلبية على قرار مقاطعة البضائع الإسرائيلية وسحب كافة الاستثمارات مع الكيان الصهيوني،... اقرأ المزيد

126

| 30 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية