رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

793

وايل كورنيل تدرس الفوائد الصحية للتمور

22 يونيو 2016 , 10:37م
alsharq
غنوة العلواني

استعان باحثون من وايل كورنيل للطب – قطر بأحدث التقنيات الفائقة لإستقصاء خصائص التمور ورصد فوائدها الصحية، وذلك في ضوء مكانتها وأهميتها الخاصة عند المسلمين وحرصهم على بدء الإفطار بالتمور خلال شهر رمضان الفضيل. ويتميّز هؤلاء الباحثون باختصاصهم في أحد المجالات البحثية الحديثة نسبياً المعروف باسم "علم المستقلَبات"، ويُقصد به الدراسة الشاملة للتحولات الكيميائية الحيوية في جسم الإنسان.

فمن المعروف أن التمور غنية بالسكريات الطبيعية، ما يجعلها مثالية عند بدء الإفطار في شهر رمضان، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن التمور غنية أيضاً بما يُعرف باسم "الكيماويات النباتية"، ويُقصد بها الكيمياويات النباتية الطبيعية الخافضة للكوليسترول والمقلِّصة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب. ويُعرف عن التمور أيضاً بأنها تحتوي على مضادات الأكسدة ومضادات الالتهاب ومضادات السرطان ومركبات حامية للأعصاب إلى جانب خصائص أخرى. ويستخدم باحثو وايل كورنيل للطب - قطر تقنيات متقدمة لتحليل الكيمياويات النباتية المفيدة لصحة الإنسان والموجودة في اثنين من أكثر أصناف التمور انتشاراً في المنطقة وهما الخلاص ودقلة النور.

والخلاص هو صنف رَطْب لونه بني محمر ينتشر في بلدان مجلس التعاون ومنها قطر ويُطلق عليه لقب "ملك التمور"، أمّا دقلة النور فهو منتشر في بلدان شمال إفريقيا مثل تونس والجزائر. وفي هذا الصدد، تقول سويتي ماثيو أخصائية مشاريع علوم الأطعمة والصحة في وايل كورنيل للطب – قطر: "من المعروف أن التمور تحتوي على كيماويات حيوية مثل الفلافونيات والكاروتينويدات والبوليفينولات والأستروجينات النباتية والأستيرولات النباتية، وهذه ذات فوائد جمة لصحة الإنسان. ونحن مهتمون بمعرفة ما هي الجزيئات "الصحية" التي تجد طريقها إلى جسم الإنسان عندما يتناول أحدنا التمور".

فوائد التمور

وأضافت: نريد أن نعرف كيف تؤثر الاختلافات في الكيمياويات الحيوية في صنفين من التمور في الاستقلاب عند الإنسان، ومن ثم في صحته. لذا، وبدلاً من استقصاء ما تحتويه التمور من ألياف ومعادن وفيتامينات، أجرينا تجارب لتحليل وجود الكيمياويات النباتية وتغيراتها في دم متطوعين تناولوا التمور بعد صيام استمر اثنتي عشرة ساعة. ومن ثم قمنا بمقارنة محصلة التجربة بمحصلة تجربة تناول المتطوعون خلالها مشروبات سكرية خالصة.

الباحثون أجروا دراسة بحثية وتدوين خصائص 250 صنفاً من 15 دولة

وهذه المنهجية مستلهمة من خطوة أساسية في الصناعة الدوائية تتمثل في إجراء تجارب صارمة على العقاقير الجديدة قبل طرحها في الأسواق، فمن الأهداف الأساسية حينها إثبات ما يُعرف باسم "التوافرية الحيوية" للعقار، أي التحقُّق من أن العقار المذكور يظهر بالفعل في مجرى دم المتطوعين بعد تناوله. وقُمنا هنا بتطبيق المبدأ ذاته بإجراء تجربة إكلينيكية على التمور بجعلها بمثابة "عقاقير". وعند انتهاء الدراسة التحليلية سنتمكن من معرفة أي المغذيات النباتية تُستقلب بالفعل في أجسام المتطوعين ومن ثم التحقُّق من فوائدها لجسم الإنسان".

ويُولي الدكتور ستيفن أتكنز أستاذ الطب في وايل كورنيل للطب – قطر وأحد الخبراء الدوليين المعروفين في بحوث السكري والسمنة، اهتماماً خاصاً في المركبات الكيماوية المستخرجة من النباتات، خاصة الأستروجينات النباتية، وعلّق على الموضوع قائلاً: "هناك أربع فئات من الأستروجينات النباتية، هي الأيسوفلافونات والأستلبينيات والليجنانات والكومستانات. وتثير الإيسوفلافونات اهتمام الباحثين أكثر من غيرها، خاصة الجينيسيتن والديادزين، بسبب تركيزاتها العالية في منتجات الصويا وما يُعتقد من فوائد لها في تحسين حالة المصابين السكري والحد من خطر الأمراض المتعلقة بالغدد الصماء، مثل هشاشة العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية وأعراض سن الإياس وسرطان الثدي والبروستاتا. فقد توصل باحثون إلى أن التمور تحتل المرتبة الثانية بين الفواكه من حيث مستويات تركيزات هذه الأستروجينات النباتية. لذا قد يكون للتمور فوائد صحية عظيمة في حال شكلت جانباً من حمية غذائية صحية".

استعان فريق الباحثين بواحد وعشرين متطوعاً معافى للمشاركة في الدراسة، وأخذ الباحثون عينات دم من المتطوعين بعد صيام استمر اثنتي عشرة ساعة. ثم طُلب من المتطوعين تناول كمية كبيرة من تمور "دقلة النور"، وأُخذت بعدئذ منهم خمس عينات دم بمعدل عينة كل نصف ساعة. وبعد مرور أسبوع، عاد المتطوعون إلى العيادة وأُعيدت تلك العملية مع تمور "الخلاص". وكتجربة موجّهة، أُجريت العملية ذاتها مع مشروبات سكرية خالصة.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور كارستن زوري أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية في وايل كورنيل للطب – قطر: "استكملنا أخذ العينات المطلوبة كاملةً ونقوم حالياً بتحليلها لمعرفة تأثير أكل التمور في عملية الاستقلاب عند الإنسان. وهذه دراسة استقصائية مثيرة للاهتمام لأنها قد تعطينا معرفة معمقة عن أصناف التمور ذات التركيزات العالية من الكيماويات النباتية المفيدة للصحة، لنتمكن بعدئذ من تقديم توصيات أفضل بشأن الحمية الغذائية المفيدة لصحة الإنسان".

بنك التمور

تُعرف التمور بأنها من أهم المحاصيل الزراعية في بلدان الشرق الأوسط، فأشجار النخيل تتكيف إلى حد بعيد مع البيئة الصحراوية الجافة والرملية. ويمثل هذا المشروع جانباً من اهتمام الباحثين في وايل كورنيل للطب – قطر المتواصل في نخيل التمر، إذ نالوا في عام 2012 منحة برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي – المقترحات الاستثنائية من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي (X-014-4-001) لتعزيز جهودهم في مجال البحوث الأساسية والتطبيقية والإكلينيكية المتعلقة بنخيل التمر.

كذلك أنشأ باحثو وايل كورنيل للطب – قطر أول "بنك حيوي للتمور" تتمثل مهمته في تدوين خصائص أكثر من 250 صنفاً مختلفاً من التمور جُمعت من 15 بلداً، منها قطر والإمارات والسعودية ومصر والعراق وباكستان وليبيا وتونس والمغرب والأردن والسودان وعُمان وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية. ومن بين هذه الأصناف قام الباحثون بتحديد الخصائص الاستقلابية أو الأيضية لـ 110 أصناف من التمور. وسيتمكن الباحثون في المستقبل، في ضوء هذه البيانات مقرونة بالنتائج المتأتية من دراسة التوافرية الحيوية، من التنبؤ بالفوائد الصحية المحددة لكل صنف من أصناف التمور.

ومنذ عدة سنوات، يقود الدكتور جويل مالك مدير علم الجينوم في وايل كورنيل للطب - قطر وأحد الباحثين المنخرطين عن كثب في بحوث نخيل التمور، فريق الباحثين الذي وضع خريطة جينومية كاملة للنخيل للمرة الأولى في عام 2008.

واكتشف فريق الباحثين حينها أنه من الممكن استخدام تحليل الجينوم في تحديد جنس فسائل النخيل في وقت مبكر، وهذه مسألة بالغة الأهمية من الناحية التجارية لأن إناث النخيل فقط هي التي تثمر. وفي السابق كان الأمر يستغرق ما بين ستة إلى ثمانية أعوام قبل أن تزهر أشجار النخيل المتكاثر من البذور ومن ثم تحديد جنسها.

وقال مالك في هذا الصدد: "بما أننا حددنا تسلسل جينوم نخيل "الخلاص" بشكل كامل وسنستكمل تحديد تسلسل جينوم نخيل "دقلة النور" قريباً، فستسهم الدراسة الإكلينيكية للتمور إلى جانب الدراسات الاستقلابية والجينومية، في إثراء الفهم الشامل للتمور. وحسب معرفتنا، فإن هذه الجهود البحثية غير مسبوقة ونعتقد أنها ستمهد الطريق أمام تحقيق الصلة المثلى بين زراعة نخيل التمر وصحة الإنسان".

مساحة إعلانية