رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

936

فلسطين.. براءة الطفولة تستفز وحشية القناص الإسرائيلي

21 أغسطس 2023 , 07:00ص
alsharq
رام الله - محمـد الرنتيسي

لا يمكن حصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين، بالنسبة العالية من الشهداء أو الجرحى من بينهم، فالقتل واحد من مظاهر هذا الجنون، ولكن هناك إلى جانبه الشيء الكثير مما يتغلغل في أعماق نفوس جيل فلسطيني كامل.

وتضع مشاهد القتل والقمع والتنكيل اليومية، الأطفال الفلسطينيين، في مواجهة مبكرة مع القتل والرصاص، فتترك بصماتها على أجسادهم الغضة، وعلى هواجسهم، وحتى نظرتهم للعالم ككل.

وللطفولة في فلسطين معانٍ كثيرة تتجاوز البراءة، ذلك المعنى الوحيد لهذه الكلمة في مناطق أخرى، فيولد الطفل الفلسطيني شاباً، يرضع من زيت الزيتون الضاربة جذوره في الأرض الفلسطينية، ويرافقه الحجر، وحتى إن احتاج لشيء من الأحلام البكر، وللحظات من الطفولة، إلا أن أحاديثه تبقى في السياسية.

ويبدو أن الطفولة الفلسطينية، باتت تستفز وحشية القناص الإسرائيلي، الذي عوّد رصاصه على رائحة دم الأطفال، وآخرهم الطفل عبد عامر الزغل ابن الـ15 ربيعاً، الذي قنصه رصاص الاحتلال، في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، ما يؤشر على أن هذا الرصاص بات وحشاً لا يشبع!. في قصص استشهاد الآباء، بُعد آخر لمعاناة الأطفال في فلسطين، إذ يمشون في جنازات آبائهم، بذهول وتحدٍ، وغضب مسكون بالالتباس، ووجوه مزدحمة بالأسئلة، يهتفون بصراخ مبحوح لحناجر صغيرة (ربما لهذا السبب لا يسمعهم العالم).. يرفعون شارات نصر وأعلام على أكتاف المشيعين، صورهم تدخل بيوت العالم عبر الشاشة الصغيرة، وترى شارات نصر ترسمها أصابع صغيرة، وبراعم تطالب العالم بأن يحميها من موت بشع ومبكر، فماذا ستقول عيون الأطفال والفتية الفلسطينيين أمام جبروت الاحتلال؟.. كأنها تقول: «ليس من السهل إقناع الطفولة بوقف ثورتها على رصاص المحتل إلى أن تنعتق منه».

في قرية كفر قدّوم شرق مدينة قلقيلية بالضفة الغربية، اعتاد الطفل حسن محمـد عساف، على مرافقة والده، والمشاركة معه في المسيرات المناهضة للاستيطان والتوسع الاستعماري، الذي ينهش جسد القرية منذ عدة سنوات، وفي كل مرة اعتاد والده أن يحمله على أكتافه، بينما يرفع هو علم الوطن.

والد الطفل حسن، ذاق مرارة الاعتقال والتنكيل مبكّراً، كان أيامها طفلاً، عندما كان يحرص على المشاركة في مواكب الشهداء وتشييعهم.. الابن يعيش اليوم تجربة الأب، ومن نفس الطراز، فقد رفع العلم في مسيرة تشييع والده الشهيد، من على أكتاف رفاقه، وقد بدأت الرحلة المحفوفة بالمخاطر، وإلى المصير المجهول، كأنه يقول لقتلة والده: «هنا صمدنا، وهنا انتفضنا، وهنا قتلتم.. سنبقى ويبقى الحجر».

بين حسن ووالده الشهيد، تشابه كبير في الفكر والميول، ولعل نظرات الطفل ابن الثمانية أعوام، الذي سيكبر قبل أوانه، ستظل تلاحق الجسد المرفوع على أكف المشيعين، ربما استعداداً لما هو قادم، والتفرّغ لملاحقة قتلته.

المشهد تكرر مع أطفال الشهيد الأسير خضر عدنان، الذي قرع دولة الاحتلال بجوعه، فتراهم في كل مناسبة وطنية، ومع كل عدوان احتلالي، محمولين على الأكتاف في المسيرات والتظاهرات الوطنية، يهتفون للشهداء والأسرى.. هكذا كان خضر في حياته، وهكذا يحفظون وصيته، بمواصلة الطريق نحو الحرية والانعتاق من قبضة المحتل.

ولا يراعي الاحتلال أية حقوق لأطفال فلسطين وهو يمارس جرائمه بحقهم دون حسيب أو رقيب، ولا يعير أي اهتمام للانتقادات أو الإدانات الدولية، فيكبرون قبل الأوان، على وقع الرصاص بأشكاله، وهو يخترق أجسادهم الغضة، والغاز السام على اختلاف خواصه الكيميائية.

مساحة إعلانية