رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اقتصاد

6469

أصحاب مشاريع صغيرة يكشفون لـ"الشرق" أسباب خسائرهم: الرسوم والإيجارات تهددان رواد الأعمال

20 فبراير 2023 , 07:00ص
alsharq
حسين عرقاب

نشر موقع " aix-investments " تقريرا تحدث فيه عن أهمية قطاع ريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ودوره في تعزيز وتحقيق النمو الاقتصادي في المنطقة، مؤكدا على أن قطر تعد واحدة من بين أكثر الدول تركيزا على هذا المجال في الفترة الأخيرة، وذلك من خلال عملها الدائم على الرفع من عدد المنتسبين إليه، وزيادة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إطار رؤيتها المستقبلية المبنية على تأسيس مصادر دخل جديدة والتقليل من الاعتماد على المداخيل المالية الناتجة عن صادرات الدوحة من الغاز الطبيعي المسال، والتي تعد المورد الأول للاقتصاد القطري في الفترة الحالية بحكم المكانة التي تحظى بها الدوحة في السوق العالمي للطاقة.

 

نسب النمو

وبين التقرير النمو الحاصل في قطاع ريادة الأعمال في قطر في المرحلة المنصرمة، وبالذات سنة 2022 التي قدر بها حجم التطور في هذا المجال بحوالي 25 %، إذا ما قورنت الأوضاع بما كانت عليه في السابق، بحكم احتضان الدوحة لفعاليات النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في تاريخ المنطقة العربية، ما أسهم بشكل مباشر في زيادة عدد الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة في الدوحة ضمن شتى القطاعات، وبالذات الخدمية منها، وذلك في إطار الخرص على تلبية رغبات زوار البلاد خلال تلك المرحلة، والذين بلغ عددهم حوالي المليون زائر في شهر واحد.

 

توافق الرؤى

وأكد التقرير على أن الحفاظ على هذا النمو والاستمرار في السير على درب هذه النتائج الإيجابية، في هذا النوع من القطاعات يعد صعبا في ظل المشاكل التي تواجه المستثمرين الناشئين، وعلى رأسها السيولة المالية التي لا تتواجد في مثل هذه المشاريع بالشكل الذي قد تتوفر فيه في المشاريع والمؤسسات الكبرى، وهو ما يتطلب تخطيطا محكما من طرف القائمين على هذا القطاع في الجهات الحكومية، وتنسيقا وثيقا بينها وبين أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وذلك من أجل تحقيق التوافق اللازم في الرؤى، والهادف إلى تذليل كل العقبات التي تواجه المشاريع الناشئة بكل تأكيد.

تذليل العقبات

وتعليقا منهم على ما جاء في تقرير موقع " aix-investments " أنهم لا يمكن لأي أحد كان إنكار النمو الهائل الذي حققه قطاع ريادة الأعمال في قطر على الأقل خلال الخمس سنوات الأخيرة، وبالأخص في العام الماضي الذي شكل مناسبة الصحوة بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر، بالنظر إلى زيادة التي سجلت في الحركة التجارية داخل قطر، بحكم احتضانها للمونديال، إلا أن الأهم حاليا هو مواصلة السير بهذا المجال إلى الأمام، وتذليل جميع العقبات التي تواجه صغار المستثمرين من أجل تمكينهم من تجاوز كل العقبات، وتشجيعهم على البقاء في هذا العالم الذي يعتبر واحدا من بين أبرز الأعمدة التي شيدت عليها رؤية قطر 2030، والعاملة على تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاستناد على صادراتنا من الغاز الطبيعي المسال في تمويل الاقتصاد الوطني.

وأكد المتحدثون لـ "الشرق" على ضرورة إعادة النظر في مجموعة من النقاط التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا لنمو مجال ريادة الأعمال في قطر، واصفين إياها بالحاجز الذي يقف بينهم وبين تطوير هذا المجال أكثر خلال المرحلة المقبلة، واضعين على رأسها التكاليف المتزايدة والمرتبطة بالأغلب بالرسوم الحكومية، والتي باتت حسب أقاويلهم تفرض عليهم مصاريف إضافية من الممكن استخدامها في إطلاق أو توسعة المشاريع الحالية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، والتي باتت بدورها مرضا ينخر قطاع ريادة الأعمال في قطر، بالنظر إلى وصولها لمستويات غير مسبوقة، لا تسمح في الوقت الراهن حتى بالتفكير بإطلاق مشاريع إضافية، ناهيك عن ضرورة مراجعة قانون العمل وتكييفه بما يخدم جميع الأطراف، بعد أن باتوا أكبر المتضررين منه بسبب خسارتهم لكفاءاتهم التي كانوا السباقين لاستقدامها إلى الدوحة، وتكوينها لتصل إلى ما هي عليه من المهارة.

التنسيق المستمر

وفي حديثه لـ الشرق قال رائد الأعمال مصعب الدوسري إنه لا يمكن التشكيك في التطور الذي حققه القطاع في الفترة الأخيرة، والذي كشف عنه تقرير موقع " aix-investments " إلا أن الأهم من كل هذا هو كيفية الاستقرار عليه، والاستمرار في السير به إلى ما هو أفضل خلال المرحلة المقبلة، من أجل وضعه في الإطار الذي يسمح له بلعب دوره كاملا في تحقيق رؤية قطر 2030، المبنية في الأساس على تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على المداخيل المالية الناتجة عن صادرات الدوحة من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يتطلب اتخاذ الأطراف المشاركة فيه من جهات حكومية ومستثمرين لمجموعة من التدابير.

وبين الدوسري أن أول ما يجب اعتماده لمواصلة تسجيل مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأرقام إيجابية من شأنه الاسهام في تعزيز الاقتصاد الوطني، هو التنسيق بين القائمين على هذا المجال عن الجانب الحكومي وغيرهم من أصحاب الاستثمارات الناشئة، وذلك بغرض تقريب وجهات النظر والتعرف على المشاكل والعقبات التي تواجه الناشطين في هذا العالم، ما يسمح بكل تأكيد بالوصول إلى جميع الحلول اللازمة العاملة على الحفاظ على النسق التصاعدي لهذا المجال، القادر على المشاركة في الوصول بالدوحة إلى المكانة التي تبحث عنها بين أفضل عواصم العالم وليس المنطقة وفقط، بالنظر إلى دوره الرئيسي في تطوير الطرفين الخدمي والتجاري في الدولة، والذين يعدان ركيزتين أساسيتين في عملية النهوض السياحي الذي تسعى إليه الدولة في المرحلة القادمة.

رسوم مكلفة

من جانبه رأى رائد الأعمال الدكتور حمد جاسم الكواري أن أحد أكثر ما يؤرق رواد الأعمال في قطر خلال المرحلة الأخيرة، هو التكاليف الكبيرة التي بات يتحملها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر، والتي دفعت بالكثير منهم خلال الفترة الماضية، إلى اتخاذ قرار التصفية، والتوجه إلى نوع آخر من الاستثمارات بعد أن تعدى حجم التكاليف في بعض الاستثمارات قيمة المداخيل، مفسرا كلامه بالتأكيد على أن إطلاق أي مشروع ناشئ لا يتم بالصورة التي قد يراها الأفراد غير المستثمرين، حيث أن الواقع يقول أن الحصول على أي ترخيص أو تجديده يتطلب دفع مبالغ مالية معتبرة، تندرج في الأساس في رأس مال الاستثمار بالكامل، والتي يتم إثقالها محليا برسوم من الممكن حذفها أو على الأقل التقليل من وطأتها إذا ما أردنا تشجيع رواد الأعمال على الاستثمار في قطر، وعدم البحث عن اقتناص الفرص المشابهة لها في الخارج.

وشدد الكواري على أن أهم ما يجب تحقيقه في الفترة الحالية، إذا ما أردنا الحفاظ على المستثمرين الحاليين وتشجيع غيرهم على دخول عالم ريادة الأعمال في الدوحة، وبالذات في الفترة الحالية التي تشهد ركودا منتظرا بعد نهاية فعاليات النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم لكرة القدم، والتي احتضنتها الدوحة في الفترة ما بين 20 نوفمبر و18 ديسمبر الماضيين، هو العمل على مراجعة الرسوم المقررة لعمليات إنشاء المشاريع في قطر، والوصول بها إلى أقل مستوياتها في أول سنتين من عمر المشروع، والتي كثيرا ما يكون حجم الأرباح فيها متوسطا، إن لم نقل منعدما بحكم العادات التجارية، التي تتطلب الصبر على أي استثمار لأكثر من عام، قبل البدء في جني الأرباح، وذلك على عكس ما يحدث حاليا بعد أن باتت الرسوم تشهد زيادات دورية تضر المستثمر أكثر مما تنفعه.

إيجارات مرتفعة

بدوره صرح رائد الأعمال أحمد الجاسم أن أحد أكثر ما يؤرق أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدوحة خلال المرحلة الحالية، هو الارتفاع المبالغ فيه في قيمة الرسوم الخاصة بتأسيس المشاريع، بالإضافة إلى الزيادة الواضحة في أسعار الإيجارات، والتي بلغت مستويات غير مسبوقة باتت تدفع برائد الأعمال إلى التفكير لألف مرة قبل التفكير في إطلاق أي مشروع، كونها تؤدي بشكل مباشر إلى زيادة حجم التكاليف المترتبة على عاتقه، خاصة وأن سعر أقل محل في الدوحة آنيا يصل إلى حدود 18 ألف ريال شهريا، في حين تقدر قيمة المكاتب بـ 5 آلاف ريال قطر لذات الفترة.

وأضاف الجاسم أن بلوغ أسعار الإيجارات في قطر لمثل هذه الدرجات بات يشكل حملا إضافيا على صغار المستثمرين، الذين يحتاجون إلى محلات بقيمة أقل تتماشى وقدراتهم المالية، داعيا الجهات المسؤولة عن هذا المجال في الدولة إلى ضرورة التدخل في هذا الأمر، والعمل على وضع حد للزيادات المبالغ فيها، من خلال تقنين قطاع العقارات أو على الأقل فرض ضرائب على العقارات الفارغة، أو سن نشرات أسعار جبرية تحدد سعر الشواغر على حسب مساحاتها وموقعها، مثلما يحدث في بعض الدول الأخرى، والتي نجحت بفضل ذلك في التحكم في سوق العقارات، ووقفه عند المحطات التي تحفظ مصلحة الجميع سواء كانوا مؤجرين أو ملاك محلات ومكاتب.

مراجعة القوانين

من ناحيته دعا رائد الأعمال عادل اليافعي إلى ضرورة مراجعة قوانين العمل، والتركيز فيها على حماية مصلحة جميع الأطراف بما فيها أصحاب الشركات الموظفون، مشيرا إلى أن التعديلات الأخيرة أعطت العمال حرية مبالغا فيها للتنقل من جهة عمل إلى أخرى في الوقت الذي يرغبون فيه، دون الالتزام حتى ببنود العقود المنصوص عليها بينهم وجهة العمل، ما خلق نوعا من التمرد حتى على أصحاب المشاريع في حد ذاتهم والذين يتحملون كافة تكاليف جلب هؤلاء الموظفين من بلدانهم الأصلية إلى الدوحة من أجل العمل في شتى القطاعات، داعية إلى ضرورة تكييف قانون العمل مع مثل هذه المعطيات والاجتهاد لوضع أطر قانونية تضع العمال أمام تشريعات صارمة في حال التفكير في السير نحو مثل هذه التصرفات.

وأكد اليافعي أن هذه الخطوة لا تتنافى وحقوق الإنسان، بل على العكس من ذلك هي أداة للحفاظ على مصلحة الجميع، مقترحا تعديل عقود العمل الحالية وتعزيزها ببنود جديدة تفرض على الموظف رد الدين لمستقدمه في حال الإخلال بشروط التعاقد، مطالبا أيضا بتسليط الضوء على إجراءات تغيير مكان العمل، والتي مكنت الموظفين من استبدال شركة بأخرى بيسر لا متناه، في الوقت الذي حرمت فيه الشركات من كفاءاتها التي تلقنت أبجديات العمل فيها، وهو ما يفرض رد دينها من خلال تعيين قيمة مالية تعود إلى المستقدم الأساسي في حال ما رغب الموظف في تغيير جهة العمل، ناهيك عن تسقيف الأجور وتحديدها على حسب نوعها، لأن بعض الشركات استغلت القوانين الجديدة المتعلقة بالعمل في خطف موظفين جاهزين بواسطة رفع الرواتب.

تسهيل الإجراءات

من جانبه رأى رائد الأعمال السيد سعد الفارسي بأن المرحلة الحالية هي الأنسب للنهوض بقطاع ريادة الأعمال في الدوحة، مرجعا ذلك إلى الإيجابيات التي خلفتها كأس العالم قطر 2022، وتركيز الحكومية على الرفع من عدد الزوار إلى ملايين زائر سنويا انطلاقا من عام 2030، وهو ما يتطلب تكاتف الجهود من أجل تحقيق الأهداف المرسومة ضمن رؤية قطر 2030، المعتمدة على تقوية المجالات المختلفة من أجل تعزيز الاقتصاد الوطني، والتي تعد ريادة الأعمال واحدة منها بالنظر إلى دورها اللامتناهي في توفير السيولة المالية محليا عبر أنشطتها التجارية والخدمية.

وبين الفارسي أن أهم ما يجب الانطلاق منه هو تسهيل الإجراءات أكثر في الفترة القادمة، مشيرا إلى أنه وبالرغم من تأسيس النافذة الواحدة، والاعتماد على الجانب الالكتروني في اطلاق المشاريع في الدولة، إلا أننا لازلنا بحاجة إلى المزيد من التطوير في هذا الجانب من أجل التغلب على التعقيدات التي يواجهها صغار المستثمرين في الدولة، بالإضافة إلى ضرورة فتح الأبواب أمامهم من أجل دخول مختلف المجالات عبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة القادرة على خدمة الاقتصاد الوطني مستقبلا.

العمالة الماهرة

وعن العقبات التي تعرقل نمو قطاع ريادة الأعمال في قطر، صرحت السيدة فاطمة الجسيمان بأنه وبعيدا عن النقاط التي تم ذكرها من قبل انطلاقا من صعوبة الإجراءات، مرورا بارتفاع الرسوم والتكاليف وصولا إلى قوانين العمل وغلاء الإيجارات، هناك أيضا مشكلة الوصول إلى العمالة الماهرة، وعدم توفر التأشيرات الخاصة بها، مؤكدة على أنه ونظرا لاختلاف التخصصات، توجد بعض المشاريع التي يعتمد نجاحها على جنسيات معينة على مستوى الموظفين، وذلك بحكم معرفتهم التامة بممارسة هذا النوع من النشاطات، وهو ما قد لا يتم الاستجابة له من طرف الجهات المسؤولة التي قد تقترح جنسيات أخرى لا تملك التجربة اللازمة في مثل هذه الاستثمارات.

ودعت الجسيمان الجهات الساهرة على تلبية هذا النوع من الطلبات، إلى إعادة النظر في هذه النقطة بالذات والبحث عن الحلول اللازمة التي تسمح بتوفير التأشيرات اللازمة والمطلوبة، في بعض المشاريع لضمان نجاحها، خاصة وأن تحقيق لأي أرقام إيجابية سيعود بالفائدة على اقتصادنا الوطني المحتاج إلى جميع عناصره، بما فيها ريادة الأعمال التي وفي حال تطورها أكثر خلال المرحلة المقبلة، ستسهم بشكل أفضل في تحقيق رؤية قطر المستقبلية المرتكزة أساسا على تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على صادراتنا من الغاز الطبيعي المسال.

مساحة إعلانية