رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1438

21088

العشر الأواخر قرة عيون القانتين وملتقى الخاشعين ومحط المخبتين فأين المهتدون؟

19 يونيو 2017 , 11:40ص
alsharq
هديل صابر

اقترب وداع الشهر الكريم، الذي تتجلى فيه ليلة القدر، لعل النفوس تتنافس على الصالحات، من قيام وتلاوة قرآن، واعتكاف، فعلى الإنسان اغتنام ساعاته ودقائقه بل ثوانيه بالدعاء والابتهال، فبهذا اليوم تغير الأقدار، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجتهد فيها مالا يجتهد في غيرها وهو القدوة في علو الهمة، فأين المقتدون المهتدون؟.

فالليالي العشر قد آذنت بالرحيل ولسان حالها "أدركني فإنما أنا ساعات"، وقد لا تدركني في أعوام قادمة إنها ليالي العابدين، وقرة عيون القانتين، وملتقى الخاشعين، ومحط المخبتين، ومأوى الصابرين، فيها يحلو الدعاء، ويكثر البكاء، إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها، فمن ترك أوله عليه أن يدرك آخره، ليكون في ركاب من شملتهم رحمة الله، وليفوز بالعتق من النار.

"رمضانيات الشرق"، طرحت الموضوع على أصحاب العلم، لتبيان دور كل مسلم يريد أن يدرك العشر بهمة عالية، همة تدنيه من الجنة، وتبعد عنه نار جهنم.

ليلة القدر

البداية مع الدكتور أحمد المحمدي-داعية إسلامي- الذي أوضح قائلا "إنَّ ليلة القدر، ليلة ترد في الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان"، لافتا إلى أنَّ على المسلم أن يدرك ثلاثة أمور، فعن عبد اللهِ بن أُنيسٍ -رضِيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "أُريتُ ليلةَ القَدْر، ثمَّ أُنسيتُها، وأَراني صُبحَها أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ"، قال: فمُطِرْنا ليلةَ ثلاثٍ وعِشرين، فصلَّى بنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- فانصرَف، وإنَّ أثَرَ الماء والطِّين على جَبهته وأنفِه". قال: وكان عبدالله بن أُنيسٍ يقول: ليلة الثالث والعِشرين، وهناك أحاديث تؤكد أنها ليلة السابع والعشرين قال أُبيُّ بنُ كَعبٍ رضِيَ اللهُ عنهُ في لَيلةِ القَدْرِ: "واللهِ، إنِّي لأَعلمُها، وأكثرُ عِلمي هي اللَّيلةُ التي أَمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بقِيامِها، هي ليلةُ سَبعٍ وعِشرينَ"، والصحيح أنها ليلة محددة في الأيام الوترية.

أما الأمر الثاني هو أن الأيام الوترية لا ينبغي أن تحسب إلا بعد انقضاء شهر رمضان المبارك، لأن الليالي الوترية إذا كان رمضان ثلاثين يوما فأول ليلة وترية هي ليلة 21، أما إذا كان شهر رمضان 29 فأول ليلة وترية هي ليلة 20، أي في الأشفاع والأشفاع أوتار.

قيام ليلة

أما الأمر الثالث هو أن من أدرك ليلتها من الأوجب أن يصلي العشاء في جماعة، وأن يتم مع الإمام، فيكتب للمصلي قيام ليلة، عن عائشةَ -رضِيَ اللهُ عنها- قالت: "قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْر؛ ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي"، موضحا الدكتور المحمدي أنّ العفو أعلى منزلة من المغفرة، فالمغفرة تكون بعتاب، أما العفو بهو بدون حساب ولا مساءلة ولا عتاب، لذا على المؤمن الكيس الفطن، أن يغتنم ما تبقى من العشر الأواخر من رمضان، بكل ما يقرب إلى الله، ويبتعد عن كل ما يغضب الرحمن، ويغتنم الثواني والدقائق والساعات بين تلاوة قرآن، وصلاة، وذكر، وصدقة.

الأعمال في خواتيمها

وأشار من جانبه الداعية رمزي السعيد إلى أنَّ الأعمال والعبادات في خواتيمها كالخيل الأصيل الذي ما أن يقترب من نهاية السباق إلا ويجتهد، ويبذل قصارى جهده حتى يفوز بالسباق، وهكذا المسلم في شهر رمضان فعليه ألا تفتر قواه ولا عزيمته، فالخواتيم إذا قُبلت قُبلت العبادة، فعلى المسلم أن يكثر من العبادات في رمضان، من صلاة، واعتكاف وقراءة قرآن، ليخرج بجبال من الحسنات لتثقل ميزانه يوم العرض على الله .

ولفت الداعية رمزي السعيد قبل أن يختم حديثه إلى ضرورة احترام خصوصية وقدسية المساجد، والمساجد بيوت الله، وجدت للعبادة لقوله تعالى "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا"، فلا يجوز من يلجأ للمسجد أن يقضي وقت فراغ في المسجد، أو أحاديث جانبية، فالملائكة تصلي على المسلم وهو في المسجد طالما لم يحدث، فعلى الإنسان أن يغتنم وجوده في المسجد، فلا مانع من الاستراحة المصحوبة بالذكر، ولكن لا تتخذ للنوم أو للجلسات البعيدة عن ذكر الله.

يحكم الله أمر الدنيا بليلة القدر

وذكر أهل العلم أن الله تعالى يأمر الملائكة ليلة القدر بكتابة ما يكون في ذلك العام من اللوح المحفوظ، ولم يزل ذلك في علمه عز وجل قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام، واستدلوا بقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ {الدخان:3-4}، قال الإمام القرطبي: قال ابن عباس: يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم. وقيل إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران قاله ابن عمر، قال المهدوي: ومعنى هذا القول أمر الله عز وجل الملائكة بما يكون في ذلك العام ولم يزل ذلك في علمه عز وجل، قال ابن عباس: ينسخ من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ولا يحج فلان، وقال في هذه الآية: وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق.

مساحة إعلانية