رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1522

المد التغريبي.. هل أصبح خطراً على الهوية الوطنية؟

19 مارس 2023 , 07:00ص
alsharq
تربية الصغار على التراث ضرورة
غنوة العلواني - عمرو عبدالرحمن

تعتبر الهوية الوطنية من الأمور المهمة في أي مجتمع، حيث تساعد على تماسك المجتمع وتعزيز الانتماء الفردي والجماعي، كما تساعد على صياغة الهدف الوطني والتحقيق فيه، وتعد أيضاً عنصراً مهماً في بناء الدولة والحفاظ عليها، حيث تعزز الولاء والانتماء للدولة وتشجع على العمل من أجل تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على السلم الاجتماعي. ومن أجل تحقيق ذلك تلعب الدولة دوراً حاسماً في توجيه أفراد المجتمع عامة، والأجيال الناشئة على وجه الخصوص، وتعريفهم بثقافتهم وتراثهم الوطني.

وعلى الرغم من جهود الدولة ممثلة في مؤسساتها ووزاراتها، لصياغة وتبني مبادرات وإجراءات من شأنها تعزيز القيم والتقاليد في المجتمع، فإن المد التغريبي في بعض الأحيان قد يتغلغل في معتقدات بعض أفراد المجتمع، ولدى الأطفال خاصة، عبر عدة وسائل، على رأسها التعرض للمحتوى الإعلامي سواء عبر الإنترنت أو منصات المحتوى الترفيهي، أو حتى مناهج المدارس الأجنبية داخل الدولة، وهذا قد يؤدي إلى صياغة أفراد من المجتمع ينتمون للنموذج الغربي بجميع سلبياته.

 "الشرق" ناقشت مع مختصين ورجال دين وتربويين، الإجراءات والآليات التي يجب على الجهات المعنية اتخاذها، لتعزيز الهوية الوطنية والقيم لدى الأجيال الجديدة والشباب، لحماية مستقبلنا من أي عوامل دخيلة تغير من قيم وتقاليد المجتمع، عبر تفعيل المبادرات والإجراءات التابعة لتتجاوز المظاهر وتتغلغل بعمق لدى أفكار ومبادئ أفراد المجتمع كافة.

وأكد المختصون أن قطر تمتلك تاريخاً ثرياً وتراثاً عريقاً، وتمثل هذه العناصر جزءاً مهماً من هوية الدولة التي يمكن تعزيزها من خلال مجموعة من الإجراءات والتدابير، ومنها: التركيز على التعليم باعتباره من أهم الوسائل التي تستخدمها الدولة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الناشئة، وتوفير الموارد الثقافية التي تساعد في تعزيز الهوية الوطنية، وكذلك تفعيل قانون اللغة العربية، وتكثيف المبادرات والدورات الدينية التي تتبناها مساجد الدولة لاستقطاب الشباب، والأجيال الناشئة لربطهم بتعاليم الدين الإسلامي، مع تكثيف المهرجانات والمناسبات التي تحتفي بالتراث والثقافة القطرية. وكذلك مواجهة موجة التغريب بأدوات توازي قوة الأدوات التي يستخدمونها، وعلى رأسها الإعلام والإنتاج الفني والدرامي والسينمائي. وأضافوا: إن الأسرة هي حائط الصد الأول في وجه المعتقدات والأفكار الغربية الدخيلة على أبنائنا، ومن بعدها تأتي المدارس، ثم المساجد، ولكن يجب أن تتوحد جهود جميع هذه الجهات تحت مظلة عدد من المبادرات والإجراءات والبرامج التي تتبناها الدولة وتشرف على تنفيذها، لكي تتوحد الجهود والأهداف.

د. عبدالله الشيبة: التحدث بالعربية في بعض المدارس الدولية جريمة

أكد الدكتور عبدالله الشيبة، أن تعزيز الهوية الوطنية، من أهم وأخطر الموضوعات التي تشغل بال المختصين والحكومات على مستوى العالم، نتيجة لتأثر الهوية الثقافية والوطنية بمجموعة من المؤثرات الخارجية، التي ربما تمحو مع مرور الزمن الهوية الأصيلة لمجتمع ما، وهذا ما تخشاه الدول، ولكن بفضل الله تقوم دولة قطر بجهود حثيثة ممثلة بمؤسساتها التعليمية والتربوية والدينية والثقافية، بصياغة البرامج والمبادرات والآليات التي من شأنها تعزيز الهوية الوطنية، ولكن مع الانفتاح وعصر التكنولوجيا والسوشيال ميديا ربما يكون الأمر أكثر صعوبة من السابق، فقد تصيغ البرامج وتفعل الأدوات اللازمة لتعزيز الهوية، ولا تصل إلى الفئات المستهدفة بالشكل المطلوب. وأضاف: "يقضي الطلاب وقتاً طويلاً في المدارس يومياً، وهي البيئة التي يكتسبون فيها قيمهم وأفكارهم، لذلك يجب أن نصب اهتماماتنا في هذا الجانب، من خلال تصميم مناهج تعزز الهوية الوطنية والإسلامية، وليس مجرد الاكتفاء بحصص معدودة لدراسة التاريخ القطري، واللغة العربية، والتربية الإسلامية. وتابع: "ابني يدرس في إحدى المدارس الدولية، وفي يوم كان يلعب مع أصدقائه في المدرسة، وخلال اللعب تحدث مع صديقه باللغة العربية، ليتفاجأ باستدعائه وتحذيره من التحدث بغير اللغة الإنجليزية مرة أخرى،.

 

عبدالعزيز السيد: الارتباط بالزي الوطني يعزز الهوية

يرى السيد عبدالعزيز السيد باحث في شؤون التراث وصاحب مكتبة البوهاشم التراثية أن تعزيز الهوية الوطنية لدى النشء يعتبر قضية مشتركة بين الأسرة و المدرسة والهيئات العامة المعنية بهذه المسالة. وقال إن الأسرة تلعب دورا كبيرا في تنشئة أطفالها على حب الوطن والتعلق به والتغني بالتراث والارتباط بالأرض ومن ثم يأتي دور المدرسة التي تدرس الطالب تلك المفاهيم ويتم تطبيقها على ارض الواقع من خلال المشاركة في الاحتفالات الوطنية والمناسبات التي تحتفل بها الدولة.

 ولفت السيد عبد العزيز إلى أن المساجد أيضا تلعب دورا حيويا في هذا الجانب حيث إنها تساهم في التعريف بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف وتطبيقه بالطريقة الصحية وتحث أفراد المجتمع على الالتزام به سواء باللباس الخارجي أو بالمبادئ والأخلاق التي دعا إليها ديننا الإسلامي..

وقال السيد إن الارتباط بالزى الوطني يشكل جانبا كبيرا في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال التي تمسكت به وورثته عن آبائها وأجدادها، وأكد أن اللباس التقليدي يعبر عن الهوية الوطنية وينقلها إلى الخارج وقد تجلي ذلك خلال كأس العالم حيث تناقله الزوار والضيوف كجزء من التراث القطري الأصيل.

وأشار إلى أن الهوية الوطنية تكتسب بالممارسة وعن طريق تجسيدها على ارض الواقع.

 

حمد الغالي: للمدرسة دور في تعزيز الهوية الوطنية

شدد السيد حمد الغالي على الدور الذي تلعبه المدرسة في تعزيز الثقافة والهوية الوطنية لدى الأجيال، وأكد أيضا دور الأسرة باعتبارها النواة الأولى في المجتمع وأساس صلاحه. وقال إن بعض المدارس الأجنبية التي ينخرط بها أولادنا لا تساهم في تعزيز الثقافة الوطنية حيث يخرج الطفل يتحدث اللغة الانجليزية وغير متقن للغته العربية على الإطلاق ويحمل معه فكرا غريبا نظرا لما تعلمه في المدرسة.

 وأكد دور الأسرة والمدرسة في تعزيز قيم المجتمع، وقال يجب أن تلعب المدرسة دورا حيويا في تعليم الأطفال القيم وتعزز الجانب الوطني لديهم، وشدد على ضرورة التنشئة الإسلامية الصحيحة عن طريق اصطحاب الأبناء إلى المساجد ومراكز التحفيظ لتعليم الطفل دينه بالطريقة السليمة، كما أكد الدور الذي تلعبه المجالس في هذا الجانب في تعزيز العادات والتقليد والأعراف والتمسك بالهوية عن طريق الاحتفال بالمناسبات الوطنية والمشاركة بها بصورة مستمرة.. وشدد على أهمية إدراج مناهج متخصصة في تعزيز القيم والهوية الوطنية في المدارس والجامعات لمواجهة الثقافة الغربية التي بدأت تغزو مجتمعاتنا بكثرة في ظل الانفتاح والعولمة.. وقال لابد من الحفاظ على لغتنا العربية وتعلمها للأطفال لأنها الطريق الأقرب لتعزيز القيم والعادات والتقاليد.

 

 

د. فهد النعيمي: حافظنا على هويتنا في المونديال فاكتسبنا احترام العالم

قال الدكتور فهد النعيمي، إنه لا يخفى على المجتمع نجاح الاستراتيجية الوطنية لتعزيز القيم، وكان هذا جلياً خلال فعاليات كأس العالم، إذ اتضح مدى الأثر الإيجابي الذي ترتب على منع تداول الخمور، ورفع الشعارات المنافية للقيم الإسلامية والإنسانية، على الرغم من استقبال جماهير من غالبية دول العالم بمختلف ثقافاتهم وعاداتهم وأديانهم، ولكنهم في النهاية أعجبوا بقيمنا واحترموها، ووجدوا مردودا إيجابيا لها، عندما اعترفت وسائل الإعلام التي كانت تهاجم استضافة قطر للمونديال، بأنه كان الأكثر أماناً على النساء والأسر. وأضاف: "أقيم في الولايات المتحدة مع أسرتي منذ 8 أشهر، لاحظت خلال هذه المدة احترام المجتمع الغربي لثقافتنا الخاصة، فأصبحت أرتدي زيي التقليدي بحرية دون أن أتعرض وأسرتي لمضايقات، وهذه بالتأكيد من النتائج الإيجابية لتمسك المجتمع القطري بتقاليده خلال كأس العالم، وخير دليل على أن الحفاظ على الهوية الخاصة يعلي من شأن الفرد"، مشيراً إلى أن خطورة القيم الغربية الدخيلة تأتي من عدم توقع مداخلها، وعدم القدرة على قياس مدى تأثيرها على الأجيال إلا بعد سنوات طوال، لذلك لا يجب أبداً الإهمال في استمرار المبادرات والآليات التي من شأنها تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الصغيرة واليافعين. وأوضح أن للأسرة دوراً مهماً في تعزيز قيم المجتمع فبجانب الاهتمام بالمسار الأكاديمي للأبناء يتطلب من الاسرة لعب دور محوري في التربية والتنشئة الإسلامية السليمة القائمة على مبادئ ديننا الحنيف في تكوين الشخصية المتمسكة بهويتها.

 

 

عبدالله النعمة: للمساجد دور مؤثر في مواجهة الأفكار الدخيلة

قال فضيلة الشيخ عبدالله النعمة، إن للمساجد ورجال الدين دوراً مهماً في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال مجموعة من الأنشطة والخطوات التي تساهم في تعزيز الانتماء للوطن وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف فئات المجتمع، ومن أبرز هذه الأنشطة التوعية والتثقيف، إذ يمكن للأئمة والدعاة داخل المساجد أن يقوموا بتوعية الناس بأهمية الانتماء للوطن وتعزيز الروح الوطنية، وتحذيرهم من أي تهديدات يتعرضون لها فكرياً وقيمياً بما يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وكذلك إنماء العمل الخيري والاجتماعي عبر تنظيم العديد من الأنشطة الخيرية والاجتماعية التي تساهم في تعزيز الروح الوطنية، مثل توزيع الطعام والمساعدات الإنسانية على المحتاجين في رمضان، وتنظيم حملات التبرع بالدم، وغيرها من الأعمال التطوعية.

وأضاف إن التغريب هو بمثابة حرب فكرية على الهوية الإسلامية بالخصوص، حيث يسعى جاهدا دعاة التغريب إلى صياغة مجتمع نسخة طبق الأصل للنموذج الغربي بجميع سلبياته، فالملاحظ أن أغلب الأفكار التي تأتينا من الخارج تطعن في ثوابت الأمة، والدعوة للتفسخ والانحلال الأخلاقي تحت رداء الحريات، لذلك يجب أن ينتبه كل فرد في المجتمع لذلك، ويقف بالمرصاد ضد أي فكر يتنافى مع قيمنا الإسلامية والوطنية، وبالطبع الأسرة هي خط الدفاع الأول، وتأتي من بعدها المدارس، ثم المساجد لتنشئة الصغار على طاعة الله وحفظ القرآن. إذ إن جميع هذه الخطوط سيكون لها تأثير جلي على النشء لعدم التأثر بالأفكار الملوثة التي يتعرضون لها يومياً عبر الإعلام والأفلام، ومنصات التواصل الاجتماعي.

 

 

عائشة الجابر: أكثرية طلابنا بالمدارس الدولية متشبعون بأفكار الغرب

تحدثت الخبيرة التربوية عائشة الجابر عن تحديات تعزيز الهوية الوطنية في المدارس الحكومية والخاصة، مؤكدة أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهوداً كبيرة في هذا الصدد، سواء من خلال تطوير مناهج التاريخ القطري والتربية الإسلامية، أو بأنشطة لاصفية ومبادرات تربوية تتعلق بهذا الهدف، ولكن تظل الأفكار التي يتعرض لها طلابنا يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الترفيهية، والإنترنت، خطراً محدقاً بشباب المستقبل، وبالتالي فإن أدوات تعزيز الهوية الوطنية، يجب أن تكون بقدر قوة أدوات التغريب والعولمة، وعلى رأسها الإعلام بالطبع. وأضافت إن الإشكالية في قطر تعرض طلابنا في المدارس الدولية تحديداً إلى جميع أوجه الفكر الغربي، وتشبعهم بهذه الأفكار، وعلى رأسها اللغة، لنجد أطفالاً قطريين وعربا لا يتحدثون اللغة العربية، لافتة إلى أن 70% من هؤلاء الطلبة في المدارس الدولية يفتقدون هويتهم الوطنية، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى أن المدارس من أهم الجهات التي تساهم في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأفراد، حيث تقوم بتزويدهم بالمعارف والمعلومات اللازمة عن تاريخ وثقافة وجغرافيا بلدهم، وتعرفهم على قيمه ومبادئه وتقاليده وعاداته ولغته، ويمكن للمدارس تصميم مناهج تعليمية تشمل دراسة تاريخ البلد وثقافته وجغرافيته وعلم اللغة والأدب الوطني، وتشجيع الطلاب على الاستكشاف الذاتي والتفكير النقدي والمشاركة الفعالة في النقاشات الصفية. وتابعت: "كما يمكن للمدارس تنظيم العديد من الأنشطة الثقافية والرياضية التي تعزز الهوية الوطنية، مثل الرحلات الميدانية إلى المواقع الأثرية والتراثية وتنظيم المسابقات والفعاليات الثقافية والرياضية، وتعزيز القيم الوطنية والمواطنة الصالحة، مثل الولاء والانتماء للوطن، والاحترام للتراث الثقافي والديني والتاريخي.

 

 محمد آل سرور: قطر نجحت في تعزيز هويتها خلال المونديال

أكد السيد محمد آل سرور أهمية أن تتضافر الجهود في سبيل تعزيز القيم والهوية الوطنية، وشدد على دور الأسرة في المقام الأول التي تعتبر النواة الأولى في المجتمع وتعنى بتربية الأبناء على العادات والقيم والأخلاق ومن ثم المساجد التي لها دور كبير في تعليم الجانب الديني وتكريسه لدى الأجيال والمجالس التي تتغنى بالتراث والعادات والتقاليد حيث يستمع النشء إلى حديث الآباء والأجداد ويستفيدون من خبراتهم في شتى المجالات.

وقال في ظل الانفتاح الكبير الذي تعيشه المجتمعات بات تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم وتراثهم وهويتهم الوطنية ضرورة ملحة وشدد على أهمية اصطحاب الأطفال إلى المساجد والاستماع الى الدروس التي تقام هناك لما لها من فائدة قصوى على النشء وضرورة إخضاعهم لبرامج توعوية إرشادية تقام عبر مراكز متخصصة أو في المساجد.

وقال إن هناك بعض مؤسسات المجتمع المدني تساهم في إطلاق برامج تستهدف تعزيز الهوية والقيم عند النشء وتعلم الأطفال العادات والتقاليد وتعمل على تنشئة الطفل في بيئة سليمة وتحميه من الانفتاح واثر وسائل التواصل الاجتماعي عليه.

ولفت إلى أن هناك غزوا من قبل الثقافة الغربية على المجتمعات العربية التي تطيح باللغة العربية وتؤثر على العادات والتقاليد وتنشئ جيلا غير قادر على تحديد هويته، لذا وجب تعليم الأطفال عادتهم وتقاليدهم وتعزيز قيم الهوية الوطنية لديهم حتى لا يصبحوا عرضة لأي تشويه.. وقال إن قطر نجحت خلال استضافتها لكأس العالم لكرة القدم في تعزيز ثقافتها الوطنية.

 

مساحة إعلانية