رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

440

الكيان ضاعف من قبضته..

فلسطينيون لـ "الشرق": «هدّوا المخيم.. ما خلولنا شيء»

16 فبراير 2025 , 07:00ص
alsharq
نزوح مستمر من جنين على وقع عدوان غاشم
❖ رام الله - محمـد الرنتيسي

أيام ثقيلة الوطأة تمر على مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، لا حول للمواطنين فيها ولا قوة، منهم من نزح، ومنهم من ينتظر، وسط حالة من الرعب يتعمد جنود الاحتلال بثها، لإجبار السكان على ترك منازلهم، والغوص في المجهول، ويزيد من مخاوفهم ما يروج له قادة الكيان، نية جيشهم البقاء في المخيم لفترة طويلة، ويدلل على ذلك، الدفع بكتيبة إضافية على دراية تامة بمخيم جنين.

كل شيء في جنين ومخيمها، بات في متناول القبضة الفولاذية الإسرائيلية المنفلتة، وفي صباحات الاجتياح اليومية يطل الأطفال والأمهات، الذين يعيشون تحت وطأة حصار مطبق، على الشوارع المدمرة والخالية إلا من الآليات العسكرية، من وراء النوافذ، فيما يجتهد الآباء لتحسين ظروف «اعتقالهم» داخل السجون الكبيرة وغير الآمنة.

مهمة الأهالي في جنين، تبدو شبه مستحيلة، فهي وفق شهاداتهم، تحتاج إلى أعصاب باردة، فجيش الكيان لا يفارق الأحياء والأزقة، وقد انفلت من عقاله، وهو يفرض العقوبات الجماعية على نحو 20 ألف مواطن، عقوبات تفوح منها رائحة الدم والدمار، وتحوّل المنازل والممتلكات إلى حطام ورماد.

«الجنود المدججون بالأسلحة وشهية القتل، يتنقلون من بيت إلى آخر، ويعتلون أسطح المنازل، أما نحن فسجناء في بيوتنا، ولا يخرج أحد إلا إذا طلب منه إخلاء منزله» هكذا لخص المواطن عزمي أبو صبيح ما يجري في مخيم جنين، مبيناً أن موجات النزوح آخذة في التصاعد».

ويوضح لـ «الشرق»: «أصبح مخيم جنين معزولاً عن محيطه، بعد إغلاق جميع مداخله، وحتى الطرق الفرعية التي كان ينفد منها المواطنون أغلقوها بالكتل الإسمنتية، ومن يغامر بالخروج من منزله، يقع فريسة للضرب والتنكيل، والإخضاع للتحقيق، وربما ينتهي به الأمر إلى الاعتقال».

ويبدو أن جدول العقوبات بحق أهالي مخيم جنين أصبح مفتوح المدى، المواطنون في طريق نزوحهم يتفقدون الدمار، وأيديهم على قلوبهم من تكرار سيناريو غزة، بينما القلة القليلة ممن ظلوا في المخيم، تحولت منازلهم إلى سجون غير آمنة، فالرصاص ينهال عليهم بشكل عشوائي.

يرقب محمود تركمان حطام البيت الذي تربى فيه، قبل أن يتهاوى بفعل القذائف الإسرائيلية التي استهدفته، واصفاً الدمار في المخيم بأنه غير مسبوق، حتى خلال اجتياح «السور الواقي» عام 2002.

«ما خلولنا شيء.. هدّوا المخيم» قال تركمان، وقد غاصت قدماه في الوحل، بينما يواصل البحث عن مكان آمن لعائلته، مشيراً إلى أن أصوات نسف المنازل في مخيم جنين تُسمع على مدار الساعة، فيما المشاهد تبدو صادمة، فلا يُرى إلا الآليات العسكرية والجرافات الثقيلة، والسواتر الترابية، والأسلاك الشائكة، وثمة محال تاريخية ومبان قديمة سويت بالأرض.

وعبثاً حاول تركمان العودة إلى منزله، عله ينتشل بعض الأغطية أو ما يلزم لحياة النزوح، لكن عيون جنود الكيان كانت بالمرصاد، وبنادقهم مصوبة نحو كل من يحاول العودة.

العشرات حاولوا العودة إلى منازلهم بالفعل، وكان من بينهم المواطن وليد لحلوح (73) عاماً، الذي خرج لتفقد منزله في مخيم جنين، ومعرفة إذا ما ظل واقفاً أم لا، لكنه عاد مضرجاً بدمه، إذ أعدمه جنود الاحتلال على بعد أمتار من منزله، وفق ابنته سما.

ويواجه سكان مخيم جنين، أحوالاً صعبة، في ظل انقطاع الكهرباء والماء، والحصار المحكم الذي يحول دون دخول أدنى مقومات الحياة، وحسب تركمان فالأهالي يفتقرون لمياه الشرب والغذاء والأدوية وحليب الأطفال، والعالقون منهم على أطراف المخيم، لا يستطيعون الخروج أو العودة.

مساحة إعلانية