رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1725

العمال الأجانب.. مأساة مجتمعية في لبنان

14 يونيو 2020 , 07:00ص
alsharq
عاملات بلا حماية
أماني جحا

يواجه لبنان أزمة كبرى منذ نهاية العام الماضي على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي أزمة ظهرت معالمها إلى العلن مع بداية التحركات في الشارع اللبناني في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ومع تعدّد الأزمات، كان وباء كورونا الضربة الأخيرة للاقتصاد اللبناني، ففقدت الليرة اللبنانية المرتبطة بالدولار، كون الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد مدولر، ما لا يقل عن 60% من قيمتها وارتفعت أسعار السلع الأساسية وتفاقمت البطالة بنسبة 35 في المائة ويعيش أكثر من 45 في المائة من السكان تحت خط الفقر.

أزمات متعددة

مما لا شك فيه أن الأزمة طالت إضافة إلى المواطنين اللبنانيين، العمال والعاملات الأجنبيات، الذين يعيشون ويعملون في ظروف، وصفتها مجموعات حقوقية بأنها "استغلالية"، على خلفية الأجور المنخفضة وساعات العمل الطويلة ومن دون حماية بموجب قانون العمل. مع العلم أنه يعمل في لبنان ما لا يقل عن 250 ألف عامل من جنسيات عديدة في أعمال مختلفة، بدأوا يعانون من أوضاع صعبة مع بداية الأزمة وتغيّر سعر الصرف بالنسبة للدولار والقيود التي فرضتها المصارف على المودعين، فضلاً عن الإجراءات الخاصة بأزمة كورونا للحدّ من انتشار الفيروس، مما زاد الأمر تعقيداً. بالتالي لم يتلقّ الكثير من العمال رواتبهم منذ أشهر، بسبب أزمة الدولار في السوق اللبناني، وفقد البعض وظائفهم وتراجعت رواتب البعض الآخر إلى أقل من نصف ما كان عليه. طبعاً، إن بعضاً منهم يعمل خارج الإطار القانوني، بعد الفرار من نظام الكفالة. في هذه الأزمة تحديداً، تعاني العاملات المنزليات، اللواتي يبلغ عددهن نحو 180 ألف عاملة، معظمهن من الفلبين وإثيوبيا.

حالات انتحار

باتت العاملات اليوم محاصرات لأسباب عديدة، ولا يستطعن العودة إلى بلادهن لأنهن لا يملكن المال لدفع تكاليف الطائرة الباهظة. الكثيرات منهن طُردن من عملهن، بعد رفض من استقدمهن على دفع أجورهن، التي باتت تعتبر عالية جداً بالنسبة لليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها أمام الدولار. في السياق، تكشف تقارير عدة العديد من حالات الانتحار والهرب، بسبب نظام العمل المعمول به في لبنان، والمطبّق أيضاً في دول عربية عدة. وهو نظام تعتبره الجمعيات الحقوقية وجمعيات حقوق الانسان، بأنه نظام أقرب إلى العبودية، فالممارسات بحق بعض العاملات تدخل في إطار انتهاك حقوق الانسان ونظام العمل، لأن بعض أصحاب العمل يرفضون السماح للعاملات بالخروج إلى الشارع بمفردهن أو قضاء يوم عطلة. كما أن قانون العمل لا يحمي عمال المنازل حيث يعملون لساعات يوم طويلة ولم يستفيدوا من عطلة نهاية الأسبوع، حتى أنهم لا يملكون الحق في طلب الاستقالة، كما يسيء بعض أرباب العمل معاملة العمال الأجانب.

أزمة الدولار

وفي ظلّ أزمة ارتفاع الدولار وسحبه من التداول بين اللبنانيين، باتت راتب العاملة الأجنبية يوازي الحد الأدنى للأجور في لبنان وأكثر بعد وصول قيمة الدولار إلى عتبة الـ 4000 ليرة. وهذا ما دفع بالكثير من العائلات إلى ترحيل العاملات.

مع العلم أنه في بداية الأزمة أي عندما ظهرت مؤشرات ارتفاع الدولار، انهالت الاستفسارات حول امكانية تخفيض قيمة الراتب الشهري أو دفعه باللبناني، وهو ما يعد فعلاً أمراً مخالفاً للقانون، مما يجعل الحل بمواجهة العاملة بالوضع وتخييرها بالرحيل أو البقاء. وهو ما دفع العاملات إلى حسم الموضوع وإصدار قرار أن يكون الدفع بالدولار، استناداً لما ينصّ عليه العقد الموقّع بين أطرافه، لأن انهيار العملة اللبنانية هي مشكلة محلية، لا يمكن أن تطول العامل الأجنبي، الذي يفترض ألا تتغير قيمة راتبه نسبة لقيمة صرف الدولار في بلده.

مشهد قاسٍ

أما المشهد الأقسى وسط كل هذا، فهو افتراش المئات من العاملات الإثيوبيات، الأرض أمام السفارة الإثيوبية، في مشهد قلّ نظيره منذ حوالي أسبوعين. والصورة التي تناقلتها معظم المحطات التلفزيونية ومواقع التواصل أمام السفارة الإثيوبية في الحازمية (شرق بيروت)، مؤلمة للغاية للعاملات المنزليات اللواتي افترشنَ الأرض والوجع يسكن وجوههن. التعب بدا على وجوه كثيرات إلى حدّ البكاء في بلد تتعاظم أزمته المعيشية والاجتماعية لتنهش من حياة الضعفاء. تجمّعت العاملات الإثيوبيات أمام السفارة من دون مأوى، مما أثار جدلاً كبيراً رفضاً لما تعاني منه هؤلاء العاملات من تصرف غير انساني بحقهن. الأمر الذي دعا وزارة السياحة بالتنسيق مع وزارة العمل للتحرّك سريعاً على نقلهن إلى فندق ليتم بعدها ترحيلهن إلى بلادهن. ديساليتش، وهي عاملة من الجالية الإثيوبية، تقول لجريدة "الشرق"، انها كانت في إثيوبيا في أول شهرين من الأزمة اللبنانية، ما جعلها تستفسر قبل عودتها للعمل، ما إذا كان أرباب عملها سيدفعون لها راتبها بالدولار، مبدية حزنها على لبنان الذي أقامت فيه لمدة ثلاث سنوات، لكنها تنوي في نهاية هذا العام العودة إلى بلادها، ومن ثم الذهاب إلى إحدى الدول العربية لأن الوضع بات مقلقاً هنا.

لا شك أن وضع العمال والعاملات الأجانب اليوم صعب جداً، معظمهم لا يعمل، ويفتقدون العناية الطبية وإجراءات الوقاية في زمن كورونا، التي تبقى ترفاً، لعدم امتلاكهم المال. فأزمة الدولار تركت آثاراً سلبية على كل القطاعات اللبنانية واستهدفت جميع الفئات والطبقات المجتمعية. والأثر الأكبر يصيب دائماً الفئات الأكثر تهميشاً، وكأن نظام الكفالة الذي لطالما شكل عبودية مقنعة لم يكفِ العاملات، لتزيد الأزمة الاقتصادية وتفشي كورونا الوضع سوءاً. ربما تشكّل هذه الأزمات صدمة إيجابية تُعيد الأمور إلى طبيعتها وتلغي جزءا من نظام الكفالة والعبودية الذي ترسخ في مجتمعنا. هذا المجتمع الذي دأب على التظاهر والتعالي يعود اليوم إلى حجمه الطبيعي والأدوار المتعارف عليها.

اقرأ المزيد

alsharq سان مارينو تعلن اعترافها رسمياً بدولة فلسطين

أعلن لوكا بيكاري وزير خارجية سان مارينو اليوم اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين كدولة ذات سيادة ومستقلة ضمن... اقرأ المزيد

90

| 28 سبتمبر 2025

alsharq الأمم المتحدة.. سلطنة عمان تدعو إلى حملة عالمية سلمية لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني

دعت سلطنة عمان إلى حملة عالمية سلمية لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن السلام العادل يشكل ركيزة... اقرأ المزيد

82

| 28 سبتمبر 2025

alsharq نقابات الموانئ الأوروبية تطلق حملة لمقاطعة السفن المحملة بالأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي

أعلنت نقابات عمال الموانئ الأوروبية اليوم عن تنسيق حملة لمقاطعة السفن المحملة بالشحنات العسكرية المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي،... اقرأ المزيد

58

| 28 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية