رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2224

الاحتفال بالعيد حاضر في مخيمات الشمال السوري

14 مايو 2021 , 07:00ص
alsharq
إدلب - سونيا العلي

يمر العيد على نازحي إدلب في ظل الحرب، وفقدان الكثيرين للمة أفراد الأسرة، والشوق للأحبة الذين غيبهم الموت أو الاعتقال أو التهجير، ولكن رغم الحرب والدمار ووطأة النزوح ومرارة الواقع المعاش، تحاول العديد من الأسر إحياء طقوس ارتبطت بالعيد، منها صناعة الحلويات والكعك الذي تعبق رائحته الزكية الأزقة والحارات، لتعلن عن قدوم العيد، وتبعث الأمل في قلوب الكبار والصغار.

السيدة عائدة الغريب (41 عاماً) نازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم على أطراف مدينة إدلب، تعد بحسب إمكانياتها المتاحة، كمية قليلة من كعك العيد لأطفالها داخل الخيمة، علها تذكرهم بطقوس العيد، وتمنحهم قليلاً من البهجة والسعادة التي غابت عنهم لسنوات.

وتوضح عائدة الغريب أن غلاء الأسعار فرض الاختصار في جميع مناحي الحياة، حيث عمدت إلى توفير كيس من الطحين وعلبتين من التمر كانت قد حصلت عليها من سلة إغاثية تم توزيعها على أهالي المخيم، بهدف إعداد الكعك والمعمول للعيد، وعن ذلك تقول: "أفعل ما بوسعي لرسم البهجة على وجوه أبنائي الذين لم يعرفوا من حياتهم سوى الحرب والدمار".

وتشير الغريب إلى أن الفرح ومظاهر الاحتفال بالعيد كانت مؤجلة لدى الجميع إلى حين عودة الأمان إلى المنطقة وانتهاء الحرب، غير أن ذلك لم يحدث، رغم مرور أكثر من عشر سنوات من الحرب والقصف والتهجير، دون أي حل يبشر بالفرج، لذلك قررت كغيرها من الأهالي العودة لإحياء الطقوس والتقاليد، متناسين ما يدور من حولهم.

وتؤكد الغريب أن إعداد الحلويات يرتبط بأجواء وطقوس محببة، منها لمة الجارات والقريبات في خيمة إحداهن لمساعدتها في إعداد الكعك، وهكذا يتم التنقل بين البيوت والخيام حتى قدوم العيد، إلى جانب تخصيص جزء مما يتم تحضيره للفقراء والمحتاجين والجيران.

كما وجدت بعض النساء باقتراب العيد فرصة للعمل وكسب الرزق من خلال صناعة الكعك والحلويات وإرسالها إلى الأسواق لبيعها والاستفادة من ثمنها.

أم عامر (35 عاماً) نازحة من مدينة معرة النعمان، تمضي يومها كاملاً مع بناتها الثلاث في إعداد حلويات العيد، وعن سبب ذلك تقول: "في مثل هذه الأيام أستغل مهارتي في إعداد حلويات العيد في تحسين أوضاعنا المعيشية وكسب لقمة العيش".

وتؤكد أم عامر أن الكثير من النساء لا يصنعن الحلويات ويفضلن شراءها جاهزة، مما يشجعها على العمل لكسب الرزق، حيث تعمد إلى إعداد أصناف مختلفة من الكعك والمعمول، والبرازق والغريبة وترسلها مع أولادها إلى السوق لبيعها.

إن حضر الكعك والحلويات في بيوت بعض أهالي إدلب، فقد غابت ملابس العيد عن الكثير من الأطفال، بسبب الفقر وتدني المستوى المعيشي وارتفاع أسعار الملابس أضعاف ما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي فرض على معظم الأهالي والنازحين شراء المهم والضروري، والرخيص نسبياً.

الطفل عبد الكريم (10 سنوات) من مدينة سراقب، لم يشتر ثياباً جديدة بمناسبة قدوم العيد، وعن سبب ذلك يقول: "بعد وفاة والدي لا تستطيع أمي تأمين المال الكافي لشراء الملابس لي ولأخوتي الثلاثة، لذلك ذهبت إلى محل بيع الملابس المستعملة "البالة"، واشترت لنا ما نحتاجه من ملابس لرخص ثمنها مقارنة بالجديدة."

من جهته أحمد العمر (45 عاماً) النازح في مخيم على الحدود السورية التركية يرى أن فرحة الأطفال هي من تصنع أجواء العيد، وعن ذلك يقول لـ الشرق: "لن نسمح للحرب أن تحرمنا من بهجة العيد، وممارسة طقوسه المعتادة من صلة الأرحام وتبادل التهاني".

يصمت العمر قليلاً ويضيف بعد تنهد: "نحاول أن نكون سعداء حتى لا يشعر الأطفال بالحزن، لكن عيدنا يكون بين الأقارب، وفي عودتنا إلى منازلنا التي حرمنا منها النظام السوري، وليس في المخيمات حيث الذل والإهانة".

رغم الأوضاع المعيشية القاسية، وحالة التخبط والنزوح يأبى أهالي إدلب أن تكسرهم الظروف، ويصرون على التحامل على آلامهم، والاحتفال بالعيد رغم كل شيء، ساعين لإدخال الفرحة إلى قلوب أبنائهم، متناسين ما يدور حولهم من مآس، ليبقى عيدهم الحقيقي بعودة النازحين إلى منازلهم، واللقاء بأحبتهم بعد غياب.

مساحة إعلانية