رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

2548

الشرق في ضيافة مجلس الفنان بالدفنة..

فيصل التميمي: كنت مطراش البيت في رمضان

13 أبريل 2023 , 07:00ص
alsharq
حوار: محمد علي المهندي

من منطقة الدفنة، كانت الشرق في ضيافة مجلس الفنان القدير فيصل التميمي، ذلك المجلس الذي تجد في كل زواياه عبق الماضي الجميل لما يحتوي من مقتنيات نادرة، وتحف تراثية جعلته أشبه بالمتحف المصغر. وكانت الشرق، حاضرة لفعالية مميزة تقام يومياً في تمام الساعة الثانية والنصف صباحاً، وهي فعالية "المسحر" التي يحييها مجموعة من الشباب القطري الشغوف بالتراث والعادات القديمة، ونقلت عدسة الشرق من قلب الحدث في منطقة الدفنة قيام الفرقة بالتسحير.

في البداية تحدث الفنان فيصل التميمي، قائلاً: "بصراحة مظاهر رمضان تختلف من زمان إلى زمان آخر، فأذكر عندما كنت طفلاً صغيراً في فريج الغانم كنت أساعد أمي في جلب السعف من النخيل، من أجل الطبخ وعمل خبز الرقاق، إلى أن أصبحت رائحة السعف تذكرني بشهر رمضان المبارك، ثم انتقلنا لمنطقة نجمة وكان بيتنا مثل بقية البيوت غرفتين وحوشا وليوانا، وكانت رائحة السعف تشمها في البيت من كثرة الدخان، تلك الرائحة التي ما زالت عالقة في ذهني حتى اليوم".

وأضاف: كنت أنا "مطراش البيت"، أسعى بالأطباق الرمضانية لإهدائها إلى جيراننا، والجميل أن كل صحن كان تحته نيشان ليعرف كل بيت صحنه، ثم أعود محملاً بأطباق أخرى، وكنا نحن الصغار كشبكة مراسلين منتشرين في الفرجان، ونبدأ من بعد صلاة العصر وحتى موعد الفطور، وأذكر يوم تقوم إحدى ربات البيوت بعمل الهريس، كان ذلك بمثابة أفراح في الفريج، وإشارة بأن المائدة سيكون عليها اليوم طبق من الهريس قائلين: "اليوم بيجينا هريس".

وتابع: "كما أتذكر الكباب في رمضان الذي كان له مكانة خاصة، فكنا نحضره على "الدوه" في البيت، أو نشتريه من البائعين المتجولين المنتشرين في الفرجان الذين يبيعون الكباب، حيث يتجمع الشباب حول البائع للتلذذ بأسياخ الكباب الشهية بعد عصر بضع قطرات من الليمون عليها، مع الجرجير والخبز الإيراني، كما لا أنسى تأجير الدراجات الهوائية أو السياكل في رمضان من عند صاحب الدكان، حيث نبدأ في التأجير من أول الشهر الكريم، ونجوب الفرجان".

وأردف: "كما كنا نحضر الدورات الرياضية الرمضانية التي تقام في الفرجان والأندية، وكانت تفرز مواهب كروية يتم ضمها للأندية، وبعد الانتهاء من صلاة الفجر نذهب بالسياكل لصيد "القباقب" في منطقة المحرقة في رأس أبوعبود، ونستمر حتى طلوع الشمس، ونعود للبيت وقد فاحت منا رائحة الماء والملح".

 

"بوسحور" أول مسحر عرفته

وعن ذكرياته مع المسحر، قال: "في منطقة النجمة أول مسحر عرفته هو "بوسحور". كان رجلا طويلا وله شارب كبير، وكان يجوب على البيوت ويهلل ويسبح ويقرع الطبل بقوة لإيقاظ الصائمين، وكنت أرافقه مع الشباب، وهو يأخذ في جولته أكثر من ساعتين، في نجمة والمنصورة والمنتزه وبن درهم وحتى حدود أم غويلينة عند مصنع البيبسي القديم، وكل هذه المسافة كنا نقطعها سيرا على الأقدام بالطبع، كما أتذكر المسحر عبدالله بلال والد اللاعب المشهور في النادي الأهلي مشعل عبدالله، وكذلك المسحر محمد سعد مبارك".

كما تحدث الفنان فيصل التميمي عن الغبقة، مشيراً إلى أن "للغبقة عشاقها منذ فترة طويلة وأنا عندي طوال رمضان أربع غبقات الأولى لزملائي في المدرسة سابقاً والثانية لأصدقائي المقربين، والثالثة لرجال أعتز بهم، أما الرابعة تكون للجميع".

في "فرقة اللؤلؤة" بدأت التسحير

وعن بداياته في ممارسة هواية التسحير، قال التميمي: "التسحير ليس نوعا من الفنون بل هو مهنة إنسانية قديمة موروثة جيلا بعد جيل تشعرك بقيمة خدمتك للمجتمع، وقد امتهن هذه المهنة في الخليج العديد من الفنانين، فالمسحر لا يتقاضى راتباً".

وتابع: "بدأت مع فرقة اللؤلؤة للفنون الشعبية، وكنا مجموعة شبابية لدينا نشاط وقوة وحماس في إبراز مهنة المسحر وتطويرها، واستهوتني مهنة المسحر، فقمنا بالتجربة مع فرقة اللؤلؤة بالنجمة عام 1982، وأذكر كان معنا أحمد عبدالرحيم وإخوانه أحمد وجمال وسعيد ومجموعة من الفرقة، ونجحنا في ذلك، وبدأت قيادة التسحير في الفرقة، أما بعد انتقالنا إلى بيتنا الجديد في الدفنة عام 1983، من هناك بدأت شهرتي كواحد من مجموعة شبابية قمنا بالتسحير في المنطقة".

 

عايروني بـ"الطبال" بالجامعة.. فجاء الرد عليهم من أستاذتي

وعن مرحلته الجامعية، قال التميمي: "أثناء تواجدي في جامعة قطر لدراسة علم الاجتماع، وُجهت لي عبارات غير لائقة من قبل بعض الطلاب الذين شاهدوني في لقاء التلفزيون وأطلقوا عليَّ لقب طبال وقد تأثرت من هذه الكلمات غير اللائقة واحتقار مهنة المسحر".

وأضاف: "لكن لا أنسى كلام الدكتورة جهينة سلطان، عندما لاحظت عليَّ تغيرا في وجهي، وحدثتها بقصة ما حصل لي من قبل الطلبة وقامت بإلقاء محاضرتين متتاليتين عن دور الأشخاص في خدمة المجتمع وكيفية إسعاد الناس، وأشارت عليَّ وقالت أنتم لكم ميزة لكن هذا الشخص له ميزة أكثر وأفضل وله قيمة لأنه أخذ علم الاجتماع على أصوله ولم يتقوقع بل اندمج مع المجتمع وقام بعمل اجتماعي تطوعي كبير ومؤثر في خدمة المجتمع، وأعاد إحياء مهنة المسحر التي تكاد تندثر هذه الأيام".

واستطرد: "بصراحة رد الدكتورة برد قلبي، ومن بعدها وضعت في أذني قطعة قطن ولم أستمع لكلام الناس، وكلفتني الجامعة بتأسيس فرقة شعبية تمثل الجامعة في المهرجانات الجامعية، ونجحنا في تأسيس فرقة لدرجة أن الدكتور محمد كافود أسس قسم الفنون في الجامعة وقالي هذا المنصب مخصص لك بعد التخرج وبعد أن أصبحت رئيسا للقسم كونت فرقة مسرحية وفنون شعبية وموسيقية، وقمنا بعمل حفل تم توجيه الدعوة إلى شخصيات ومختصين بالتراث والمسرح، وكانت الفرقة القومية الشعبية في أوج تألقها وشهرتها، ومنذ ذلك الحفل طلبني الأستاذ موسى زينل مدير إدارة الثقافة وعينني رئيساً على الفرقة القومية الشعبية قائلاً "لا نريد الازدواجية والبقاء على فرقة واحدة تمثلنا في الفنون الشعبية".

وأوضح التميمي أن الفرقة التي تقوم بالتسحير هي فرقة "الجبيلات" ولديها رخصة من وزارة الثقافة، وتشارك في المناسبات وكانت طوال الشهر الكريم تسحر في الميناء القديم، كما شاركت في ليلة القرنقعوه في الدوحة والخور".

سالم النوبي: نرى الفرحة في عيون الناس عندما يشاهدون "المسحر"

تحدث سالم النوبي عضو فريق الجبيلات، قائلاً: "نحن سعداء بعملنا في خدمة المجتمع وبالتسحير فمهنة المسحر لها خصوصيتها، وانقرضت منذ فترة، ولكن نحن فرقة الجبيل قمنا بإحياء هذه المهنة، فيومياً نقوم بالتسحير في المعلم السياحي ميناء الدوحة القديم، ولدينا شباب متخصصون في ذلك وتوزع المهام على الجميع من قارع الطبل إلى صقال الطارات، والتصفيق والترديد وذلك لإيقاظ الناس، ونرى الفرحة في عيون الناس سواء الأطفال أو الكبار، كما أننا نقوم يومياً بالتسحير في منطقة الدفنة، ونبدأ من بيت الفنان فيصل التميمي مروراً بشوارع كل المنطقة".

وأضاف: "في المناطق البعيدة نركب السيارة، ويوم العطلات ترى العديد من السيارات يتتبعونا إلى الخور والوكرة والذخيرة والشمال ليستمتعوا بأجواء التسحير. ومن المواقف الجميلة قيام أحد الشيبان بتوقيفنا لكي نسحر له، وبعد انتهاء فقرتنا أجهش في البكاء متذكراً أيامه في الفرجان، هذه المواقف تؤثر فينا، بل تستفزنا في تقديم الأفضل".

 

مساحة إعلانية