رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

5552

فلسطينية تروي كيف بلسمت قطر مأساتها

13 فبراير 2020 , 04:18م
alsharq
غزة - حنان مطير:

هدى غالية عندما كانت طفلة

عبرت المواطنة الفلسطينية هدى غالية عن إمتنانها لدولة قطر حكومة وشعبا بعد الدعم الكبير والرعاية التي وجدتها بعد أن فقدت والدها و6 من إخوتها قبل 14 عاما جراء قصف الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة عام 2006 م ، قصف وقع أمام عينيها وحول بيتها واسرتها إلى أشلاء متناثرة ..

مضت السنوات تباعا واستطاعت هدى أن تصارع المستحيل بعد أن قدمت لها دولة قطر الأمل المفقود والدعم اللامحدود لتستطيع بذلك مواصلة دراستها حتى وصلت إلى الجامعة وتخرجت منها ، لافتة إلى أن الفضل في النجاح الذي حققته يرجع الى الله سبحانه وتعالى أولا وإلى .دولة قطر ممثلة بالأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزا بنت ناصر، مضيفة أنهم قد انتشلوها من الحزن والأسى الذي كانت تعيشه ويعيشه سكان قطاع غزة.

وفي لقاء مع الشرق تروي هدى غالية قصتها الملهمة، فالحادثة التي تعرضت لها لم تكن حادثًة عادية أو مجزرةً يمكن أن تمحو آثارَها الأيامُ، فهي مغروسةٌ في عمق الوريد، فيد المحتلّ الإسرائيلي إن مُدّت استشرست وأجرمت.

ومن منّا يمكنه أن ينسى مشهد بنت الشاطئ وهي تصرخُ وتنوح والدَها وإخوتها السّت حين قصفتهم طائرات الاحتلال  ففرقتهم أشلاءً عام 2006؟

لقد كانوا في نزهة ممتعةٍ على شاطئ بحر "السودانية" شمال قطاع غزّة، قبل أن تحدث المجزرة وتصعقها الصدمة.

هدى غالية هي تلك الطفلة التي ما زال مشهد والدِها لا يفارق عينيها وذاكرتِها، وما زال صوت الصاروخ الذي اخترق جِلستهم وضحكتهم يضرب بعقلِها كلّما مرّ في خيالِها.

 لقد كبرت اليوم وأنهت دراستها الجامعية بعزيمة قوية وأدت القسم القانوني لتصبح محامية معتمدة رسميًا، فتحقق حلمها الذي رسمته منذ اللحظات الأولى للجريمة وهو العمل من أجل محاكمة مجرمي الحرب قاتلي أهلَها.

تقول غالية "للشرق":"  المنظر كان أقسى من أن أقدر على استيعابِه وأن أتمكّن من تصوّره، فجرم الاحتلال فظيع لا يغتفر".

وتضيف:" الأيام مرّت، والله برحمتِه تكفّل بحفظِ عقلِي وجسدِي وقلبِي من الانهيار، فله الفضل في عودتي لحياتِي الطبيعية وإن كانت بقايا الألم تلوحُ في زوايا نفسِي".

رائحة العبير في قطر

أما الفضل بعد الله تعالى في دفع الحياة لتدب في جسدِها وتغيير شيء من لونِها المعتم كان لدولة "قطر" وفق تعبير هدى التي قالت:" نعم الفضل لله ثم لدولة قطر ممثلة بالأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزا، حين انتشلوني من غزّة التي تعيش حزنًا وأسىً لا يختلف عليه اثنان".

كانت هدى تتمنى أن تخرج من غزّة لبضع الوقت، تشمّ رائحة العبير عوضًا عن رائحة الموت التي لا تفارق أنفَها، فخمس سنواتٍ مرّت على المجزرة لم تُرجِع لها استقرار الرّوح وهدوئها، توضح:" كنت مُحبطة أيّما إحباط، لا أرى للحياة لونًا، ولا للابتسامة سببًا".

وفي عام 2012 شرّفت غزّة زيارةُ صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزا بنت ناصر، لتصل هدى رسالة بعدها بأن هناك "سفرية" تنظّمها دولة قطر.

"هل تلك حقيقة أم خيال؟!" تساءلت غالية قبل أن يتم تأكيد الخبر، تملّكتها الفرحة المغموسة بالأمل،  الأمل المفقود في قطاع غزة المحاصرة ، فأحلام طفلات وشابات غزّة بسيطة، ومن يحققها يبقى له الفضل والمعروف الذي لا يُقدّر بثمن.

 ودعت غاليةُ غزّة برفقة عدد كبيرٍ من أطفال غزّة، توضح:" جميعهم عانوا من ويلات المجازر التي اقترفها الاحتلال بحق أهل غزّة وكانوا بأمسّ الحاجة للخروج ورؤية وجهًا آخر لا يشبه بوجهِهِ حزنَ غزّة..".

كأنهم أهلي

 تروي "للشرق":" قضيت أجمل أيام العمر في قطر، كانوا مثل أهلي وأقاربي وأحبتِي،  لم أشعر للحظة أنني في غربة، ومذ دخلنا البلاد استقبلونا بمكانتهم المهمة ومقامهم الرفيع بحفاوةٍ وكرمٍ عظيم".

وتقول:" أما أكثر ما أشعرني بالأمان والحبّ حين قالوا لنا بثقة:" أنتم بحمايتِنا وحماية أمير قطر". وتضيف:" الأمان في غزّة أكثر ما كنت أفتقده وأحتاجُه، لقد شعرت بمعناه هناك حقيقة".

وتتبع:" لقد حاولت قطر تطبيبَنا ومسح دموعِنا، بترفيهِنا فلم يتركوا مكانًا إلا وصحبونا إليه، وفي الملاهي وحيث مدينة الأشباح ضحكت كما لم ولن أضحك يومًا، كنت أحتاج ذلك".

خرجت غالية من قطر ومشاعر الحب تربطها بالشعب القطري الذي لم تجد منه غير ابتسامةٍ وودّ.

وفي غزّة أرسل السفير العمادي للقاء هدى، وحينها قال لها بحنوّ: "من زمان نفسي أقعد معك.. اعتبريني أبوكِ يا بنتي"، تُعلق:" شعرت بامتنانٍ واحترامٍ كبيرٍ له، كِدتُ أبكي لتعاطفِه معي وشعوره بمشاعري أولًا، وللكلمة التي بتُّ أفتقدها وأشعر بالحسرة لأجلها "اعتبريني أبوكِ"".

وتروي:" كان يحاول تعويضي عن الألم الذي عشته بتحقيق ما أتمنى، فسألني عن أكثر شيء أتمنى أن يتحقق، فتمنيت أن تحجّ أمّي، إذ كان ذلك حلمها وأملها، فتكفّل العمادي بكل ما له علاقة بحجّها ومعها أخي".

فحين يُذكَر الفضل والامتنان تقول هدى: "قطر"، وحين تُذكَر الابتسامة والحنان تبتسم وتقول "قطر"، وحين يُذكَر الكرم والأمان تستحضر بذكرياتِها "قطر".

مساحة إعلانية