رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2857

ليز فارنيستاين لـ الشرق: أجندة بايدن الاقتصادية تتوافق مع الاستثمارات القطرية

12 فبراير 2022 , 06:30ص
alsharq
صفقة تاريخية مع شركة بوينج الأمريكية
واشنطن- زينب إبراهيم

تقول ليز فارنيستاين، الخبيرة الاقتصادية الأمريكية: إن الصفقات المهمة التي وقعتها قطر وبنود الأعمال على جدول الأجندة الاقتصادية في زيارة العمل التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لواشنطن للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعطت مساحة ثقة إيجابية كانت تحتاجها العديد من المشاريع والاستثمارات القطرية في مختلف الولايات الأمريكية، خاصة إن هناك اتصالا مباشراً بين توجهات الدولة الاقتصادية في ظروف الجائحة وارتباطها بمجالات تنشط فيها الاستثمارات القطرية فيما يتعلق بالمشروعات العقارية الكبرى أو مجال الفنادق وخدمات الضيافة وغيرها من المجالات ذات الصلة.

 

 

وأن هناك رغبة من إدارة بايدن في إعطاء دفعة إيجابية للشركات الكبرى الناشطة فيما يتعلق باستثمار الأصول، لاسيما الخاصة بالصناديق السيادية من أجل توسيع شبكة أعمالها بما يخلق فرص عمل مهمة يحتاجها الاقتصاد الأمريكي بكل قوة، ولهذا كانت هناك الكثير من الوعود الإيجابية للاستثمارات التي قام بها صندوق قطر السيادي مع شركة بروكفيلد الدولية في عدة مشاريع مهمة في مدينة نيويورك على سبيل المثال، فهناك المشروع الكبير مانهاتن ويست الذي كان بحاجة لاستئناف عمليات البناء فيه بعد النجاح الذي حققته الأبراج التي تم تشييدها في توفير إشغالات بعقود من شركات رئيسية انتقلت من وسط العاصمة إلى غرب مانهاتن بما يتيحه من إطلالات مهمة وجيدة وأيضاً مساحات أكبر بعقود أقل تكلفة.

وكانت قطر في صميم هذه الرؤية العقارية الناجحة في أبراج مانهاتن ويست أو بالدفعة الجديدة لبرج يوجين، والذي سيكون الأكبر كناطحة سحاب في نيويورك، كما أن خدمات الإضافة والفندقة التي تنشط بها قطر كان ما يميزها بدرجة كبيرة هو استثمارها في فنادق الصفوة أو فئة الخمس نجوم وارتبطت بعلامات تاريخية مثل سانت ريجيس وضمنت عقود مهمة مع شركات أخرى مثل الماريوت في خدمات الضيافة والفندقة، وكل تلك التوجهات المهمة رغم تأُثرها الحاد في فترة كورونا، إلا أنه كانت هناك خطط تحفيزية للعودة للحياة الطبيعية وانتقال نسبة الأشغال والخدمات إلى الأرقام الإيجابية بالتزامن مع منظومة التلقيح الناجحة والتخفيف في إجراءات الحظر الشامل، ما منح فرصاً أيضاً للتوسع وترقية الخدمات المقدمة والتي كان من الصعب تحقيقها في ظروف الإشغال العادية، ما جعل تلك الخطوط والتفاصيل الاقتصادية المهمة، وتوجهات إدارة بايدن لدعمها، خطوة مهمة للجانبين؛ فدائماً ما حرصت الإدارات الديمقراطية على أن تعتمد على الاقتصاد كمصدر قوة مهم بالنسبة لها، ففيما نجحت إدارة بايدن في تحقيق حزمة إجراءات ضمنت نمواً في معدلات النمو الاقتصادي مقارنة بإدارات رئاسية سابقة، كان الاقتصاد الواقعي متأثراً بظروف الوباء الذي تسبب في انكماش اقتصادي واضح، ولكن كان هناك تفهّم لمدى تعقيد التحديات التي تواجهها إدارة بايدن، وأهمية العام الثاني في رئاسته باعتباره الأقوى من حيث النفوذ الفعلي للرئيس في تقديم أوراق اعتماد ترشحه لفترة رئاسية جديدة، وقبل الانشغال في الحملات الانتخابية التي تستغرق العامين الأخيرين من رئاسته تقريبا، ولكن الخبرة التي يتمتع بها الرئيس بايدن وفريقه، مع الاحترام العالمي لسلطة رئاسية أمريكية متزنة وليست بعيدة عن أعراف الرئاسة، تضمنان فرصة إيجابية لإدارة الرئيس بايدن في تقديم المزيد من التطلعات التي ينتظرها الناخب الأمريكي، وهو ما حرص على التأكيد عليه بشراكته المهمة مع حلفاء مثل قطر، وتوافق أجندته الاقتصادية مع الاستثمارات القطرية التي توفر آلاف فرص العمل بالسوق الأمريكي، وترجمة التقارب السياسي الإيجابي والممتد إلى مستقبل أعمال متميز يجمع الجانبين، ويحقق لقطر مكاسب مهمة باقتناصها فرصاً متميزة في السوق الأمريكية التي باتت تعرفه عن قرب في أكثر من مجال، وتنشط أيضاً في مجالاته الجديدة وبخاصة الرقمية منها والتكنولوجية عبر مكتبها في سان فرانسيسكو واستثماراتها الجريئة في سيلكون فالي.

معطيات إيجابية

وتوضح ليز فارنيستاين في تصريحاتها لـ الشرق: مثلما كنت أؤكد أهمية هذه المعطيات الإيجابية في تطوير العلاقات الاقتصادية بين قطر وأمريكا في استفادة الاقتصاد الأمريكي وإدارة الرئيس بايدن أيضاً منها كما تستفيد قطر، فكما أوضحت إن الاقتصاد دائماً ما كان ركيزة قوية للإدارات الديمقراطية الأخيرة التي تولت البيت الأبيض لاسيما أنها كانت في أعقاب أزمات اقتصادية فادحة، فعانى الاقتصاد الأمريكي كثيراً بسبب حرب العراق في إدارة جورج بوش الابن قبل أن تنجح إدارة أوباما في أن تجعل من الاقتصاد ووتيرته المتزايدة ركيزة قوة بالنسبة لها، ولم تكن إدارة الرئيس بايدن بالمحظوظة حينما تولت مقاليد السلطة بسبب وباء كورونا الذي أحدث أرقاما سلبية متصاعدة على الجانب الاقتصادي، وفيما تخدم الأرقام إدارة بايدن في أنها نجحت في أن تجعل الاقتصاد أقوى مما كان عليه قبل بداية الجائحة بنسبة نمو 1.4% ولكن ذلك مقارنة بالاقتصادات العالمية ومعدلات النمو بها في ظل الجائحة فهو نجاح في ضوء هذا الصدد، أمّا على الصعيد الآخر تزايدت معدلات البطالة بصورة مرتفعة عما كانت قبل الوباء، وهنا جاءت أهمية مباشرة لصفقات رئيسية مثل صفقة الخطوط الجوية مع شركة بوينج الأمريكية والتي تبقي على الآلاف من فرص العمل التي ساعدت قطر على خلقها في قطاع النقل الجوي الذي اعتمدت فيه على الشركات الأمريكية بشكل كبير، وتخلق أيضاً فرصاً جديدة أمام حجم أعمال هو الأكبر في تاريخ «بوينج» بصفقة تشير تقديراتها إلى نحو 20 مليار دولار، كل هذا يفيد إدارة الرئيس بايدن والتي تتعامل مع أزمة بطالة متحققة واقعياً، ففيما يمكن أن تخبرك الأرقام الرسمية معطيات معينة عن تراجع نسبة البطالة، ولكن لا يمكنك التعامل مع أرقام البطالة دون أن تربطها بأرقام أخرى بشأن حالة التوظيف أو خلق فرص عمل جديدة وتجميد أعمال متنوعة بسبب الوباء فهذا هو الواقع المباشر، وبكل تأكيد كانت حزمة المساعدات الاقتصادية الضخمة التي ضختها إدارة بايدن وفق إجراءات التحفيز الاقتصادي أن تساهم بدرجة كبيرة على تزايد أرقام النمو عما كانت عليه، ولكن السؤال حول كونها كانت كافية لكل المتطلبات والاحتياجات والضروريات الاقتصادية برمتها، هذا لا يمكن تحقيقه عبر التحفيز وحسب دون موارد مهمة أخرى من الاستثمار الأجنبي وتطوير العلاقات الإيجابي مع الحلفاء، فهذا الجانب قدر ما يمنح روافد اقتصادية إيجابية فإنه يدعم المشروعات القائمة بالفعل والتي تمتلكها قطر في أن تعطي ثقة مباشرة في الاقتصاد الأمريكي لضخ استثمارات كبرى، وهي إضافة مهمة كانت تحتاجها العديد من القطاعات الأمريكية.

سياسات ذكية

واختتمت ليز فارنيستاين تصريحاتها موضحة: إنه من المهم التوضيح أن قطر عموماً لديها صندوق سيادي ذكي للغاية، فهو يبحث الفرص الاقتصادية الواعدة ويحاول اقتناصها بما يضمن أرباحا مستقبلية، وإن العقلية الخاطئة التي تعتقد في إنه في الوفرة المادية للمستثمر الأجنبي من السهل أمامها عقد صفقات دون أن تكون ذات جدوى واضحة ومباشرة وأثراً مستقبلياً ناجحاً بالنسبة إليها، أو حتى بالضغط السياسي من أجل ضمان عقود إنقاذ لمشروعات تعاني من أزمات مالية وأفق غير واضح؛ كل هذا كان له انعكاساته السلبية التي أثرت كثيراً على الإدارة الرئاسية السابقة عبر تحقيقات شتى وملاحقات ما زالت مستمرة، فلا منطق أعمال حقيقي يمكن خلقه ويكون له استدامة سوى بالتعامل بمعايير السوق وكثيراً ما قيمت قطر جدوى مشروعات ضخمة داخل أمريكا رغم أثرها السياسي، ولكن بمعايير اقتصادية مجردة، فهي تعقد صفقات تتوافق مع خططها طويلة المدى والتي تتمسك فيها بأجندة تنمية يمكن تعجيلها ولكن لا يمكن تأجيلها، فكانت بمعزل عن التورط في مغامرات اقتصادية بتبعات سياسية، واختارت الاستثمار بذكاء وبصورة منوعة لإبقاء علاقات أكثر استدامة مع المؤسسات الأمريكية، وهو ما جعلها تحظى بثقة إدارة بايدن على أكثر من مستوى، وكانت دلالات عديدة منها كون صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أول زعيم من المنطقة يستقبله الرئيس بايدن في البيت الأبيض، توحي بمدى الثقة المهمة التي توليها أمريكا إلى قطر خاصة بعد الملفات الإيجابية في المشهد الأفغاني الذي وصل فيه التنسيق الدبلوماسي لمستويات غير مسبوقة تاريخياً.

أكدت ليز فارنيستاين، الخبيرة المالية في ناسداك وأستاذة الاقتصاد بجامعة إلينوي، إن العلاقات القطرية-الأمريكية أكدت على تناميها بصورة قوية تعزز من حيويتها على أكثر من صعيد، بوصفها علاقة إستراتيجية تعززها فرص الاستثمار والتجارة، ومن هنا جاءت الصفقات المهمة التي وقعتها قطر انعكاساً لعمق الشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وواشنطن، وتبرز ثقة أمريكا في قطر كشريك موثوق ومهم في المنطقة من جانب، والثقة القطرية في الاقتصاد الأمريكي بعقد صفقات هي «الأكبر تاريخياً» من حيث القيمة التعاقدية، لاسيما في صفقة الخطوط الجوية القطرية التي تم توقيعها مع شركة بوينج بشراء 50 طائرة شحن حديثة وتقدر بـ 20 مليار دولار، وهو ما يعزز الثقة القطرية في الشركات الأمريكية، وسوف يتم استثمار النجاحات السياسية والدبلوماسية في تعزيز الثقة من أجل المضي قدماً في العديد من المشاريع القائمة بالفعل واحتاجت لدفعات قوية بين صناع السياسات من أجل العمل المشترك على تعزيزها.

مساحة إعلانية