رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

21407

المريخي: القنوط واليأس من رحمة الله يضاعفان بلاء العاصي

11 يونيو 2016 , 04:02م
alsharq
هديل صابر

من منا لم تنزلق قدمه في المعصية؟! ومن منا لم يطرق باب التوبة أملاً في الصفح والغفران، من رب قال في محكم آياته: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا"؟

ومن منا لم يقترف ذنبا أو معصية بعد التوبة لسبب أو لآخر، ليحيا بعدم توازن مع العقل الذي يرفض المعصية، ومع القلب الذي يزيِّن للنفس حب الشهوات! إلى جانب البيئة المحيطة من أقران السوء الذين يؤكدون أن لا توبة لمن يكرر الذنب، ليزيد من يأس وقنوط الإنسان، فيبدأ بالانسحاب من تأدية الفرائض، وبالتالي التخاذل عن أعمال الخير، ظناً منه أنه لا توبة له، وأنَّه مطرود من رحمة الله..

ولفلسفة موضوع التوبة الذي قد يجهله الكثيرون لضبابية الأمر، طرح "دوحة الصائم" الموضوع على الدكتور محمد حسن المريخي (إمام وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية)، الذي بدأ حديثه مفنداً كافة الأقاويل التي تشكك بقبول التوبة، حتى بعد الذنب، موضحاً فضيلته أنَّ على العاصي أمراً غاية في الأهمية، تعنى بضرورة أن يلتقي الشخص بطلبة العلم الشرعي، الذين يدلونه على الدين الحق مستشهداً في هذا الصدد، بقول الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا".

واستشهد "المريخي" بالحديث القدسي: "يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي"، فهذه النصوص دلالة طمأنينة لكل من تسلل القنوط واليأس إلى قلبه أو نفسه اللوامه، لتأكيد أيضا قول رسول الله صلى الله عليه "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم".

وأشار الدكتور المريخي في حديثه إلى أمر آخر على المسلم العاصي أن يتحراه، وهو تغيير الصحبة، وتغيير البيئة التي قد تدفعه دفعا لارتكاب المعاصي والآثام، لاسيما وأنَّ في كثير من حالات العُصاة، قد يقنطون من رَوح الله، والسبب أقران السوء الذين يشككون بقبول التوبة!

وأكد أنَّ هذا دخيل على الدين الإسلامي بل اعتبره فكراً ضلالياً خاطئاً يشوب الشرع، ويشوب فكرة التوبة والرجوع إلى الله في الكتاب والسنة النبوية، فمهما بلغت ذنوب الإنسان فباب التوبة مفتوح، على حجم سبعين ألف سنة، ولن تغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وفي الحديث القدسي، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي.. يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي.. يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة".

القنوط من رَوح الله!

وحذّر الدكتور المريخي من أن يبتعد العاصي ـ مهما بلغت معاصيه ـ عن طاعة الله، فلابد أن يتغلب على نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن"، فعليه أن يلتفت لله، وأن يطرق كل باب يقربه إلى الله، والابتعاد عن الفرائض خلال المعصية يضاعف البلاء، لذا عليه بالطاعة والاستزادة بكل عمل يقربه إلى الله وإلى طاعته، وعليه أن لا ييأس من روح الله.

وتحدث الإمام ابن باز يرحمه الله عن هذا الأمر قائلاً: "فالقنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله، ربنا جل وعلا نهى عن هذا، قال جل وعلا: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ (53) سورة الزمر، وقال تعالى: "إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) سورة يوسف، لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس بسبب كفره أو معاصيه بل عليه التوبة والرجوع إليه والإنابة إليه، وله البشرى لأن الله يقبل توبته ويعظم أجره، ويجازيه على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك ولا يقنط، ولا ييأس بل يرجو رحمة ربه، يرجو أن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يتقبل عمله ولا ييأس".

مساحة إعلانية