رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

3662

القرضاوي يتحدث عن الزواج المحرَّم.. ونصائح لاختيار الزوج والزوجة

10 يونيو 2016 , 01:07م
alsharq
الدوحة — الشرق

"فقه الأسرة وقضايا المرأة أحدث إصدارات الشيخ القرضاوي"

الزواج الوسيلة التي بها بقاء النوع الإنساني ويقوى الأواصر بالمصاهرة

من يريد الزواج يفتح عيني بصيرته عند اختيار من يريدها شريكة حياته

السلف حذر من المرأة الحسناء في المنبت السوء

النسل من الغريبة أقوى وإنجابه من أعظم مقاصد الزواج

استبداد الأهل بالرأي ليس وراءه في النهاية إلا تعاسة الأبناء والبنات

الكتاب: فقه الأسرة وقضايا المرأة

المؤلف : الشيخ يوسف القرضاوي

الحلقة: السادسة

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها، يقوم تماسك المجتمع وقوته؛ لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر، ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو — إذ يُيَسِّر أسباب الحلال — يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لا بد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35)

حكم الزواج:

الأصل في حكم الزواج عند جمهور العلماء أنه سنة مؤكدة( )، لما ذكرناه من الأدلة القرآنية والنبوية التي ترغب في الزواج وتدعو إليه، ولفعله صلى الله عليه وسلم، بل هو سنة المرسلين كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:38]. ولما يترتب على الزواج من المصالح ومن الآثار الطيِّبة التي ذكرناها، من السكون والمودة والرحمة، ومن تقوية الأواصر بالمصاهرة، وقرة العين بالذرية، وتكثير عدد الأمة، وكونه الوسيلة التي بها بقاء النوع الإنساني.. إلخ.

ولهذا وجه النبي صلى الله عليه وسلم نداءه إلى الشباب، فقال: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"( ). وقال: "إني أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"( ). لكن قد توجد ملابسات في الشخص تنقل حكم الزواج من السنية والاستحباب إلى الوجوب أو الحرمة.

الزواج الواجب:

يكون الزواج واجبًا على من قدر على تكاليفه، وكان قوي الشهوة، بحيث يخاف على نفسه العنت، والسقوط في هاوية الزنى المحرم؛ لأنه طريق إلى إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وأما العاجز عن أعباء الزواج، فقد قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور:33].

الزواج المحرَّم:

يكون الزواج حراما إذا كان الرجل غير قادر على أعبائه الجنسية، فيتزوج المرأة وهو عاجز عن القيام بحق الزوجية، وبهذا تتعرض المرأة للمآسي التي لا تحتاج منا إلى التوضيح، إذ التلميح إليها يغني عن التصريح.

وكذلك إذا كان الرجل قادرا من الناحية الجنسية، لكنه عاجز ماديا لا يستطيع الإنفاق على المرأة وقد ينجب، فيجني على زوجته وأولاده،وهو ما لخصه الفقهاء بقولهم: العجز عن الإحصان والإنفاق.

ويكون الزواج حرامًا إذا كان الرجل متزوِّجًا، ويريد أن يتزوج أخرى، ولا يثق من نفسه بالعدل، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3].

قال الإمام القرطبي: ((متى علم الزوج أنه يعجز عن نفقة زوجته أو صداقها، أو شيء من حقوقها الواجبة عليه، فلا يحل له أن يتزوجها حتى يبيِّن لها، أو يعلم من نفسه القدرة على أداء حقوقها، وكذلك لو كانت به عِلَّة تمنعه من الاستمتاع كان عليه أن يبيِّن، كيلا يغُرَّ المرأة من نفسه.. وكذلك يجب على المرأة إذا علمت من نفسها العجز عن قيامها بحقوق الزوج، أو كان بها علة تمنع الاستمتاع من جنون أو جذام أو برص أو داء في الفرج، لم يجز لها أن تَغُرَّهُ، وعليها أن تبيَّن له ما بها من ذلك).

اختيار الزوجة:

الزوجية علاقة قدسية، ورابطة وثيقة العُرا، دائمة الأثر، فعلى المسلم الذي يريد الزواج أن يفتح عيني بصيرته عند اختيار من يريدها شريكة حياته وربة بيته، وأم أولاده.

وقد نبَّه الدين الإسلامي على جملة أوصاف في المخطوبة يُسنُّ مراعاتها قدر الإمكان، منها:

أن تكون ذات دين؛ فإن دينها يمنعها من فعل ما لا ينبغي، وطلب ما ليس لها بحق، ويدفعها إلى أداء ما عليها من واجب، قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}[النساء:34]. وقال: "تُنكح المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

وأن تكون عاقلة حسنة الطباع، مهذَّبة الأخلاق، فحُسنُ الأخلاق دليل التديُّن الصادق وثمرته، وفي الحديث: "فخُذْ ذات الدين والخُلُق تربت يَمِينك".

وفي الحديث: "تزوَّجوا الودود الولود". والودود هي التي تتحبَّبُ إلى زوجها، وذلك من حسن طبعها وعقلها، والحمقاء لا تطيب العشرة معها.

أن تكون من بيت طيِّب، وأسرة فاضلة معروفة بالدين والصلاح، وشرف النفس، فإن الولد يرث الصفات العقلية والنفسية، من أمه وأهلها، كما يرث من أبيه وعصبته. ولهذا جاء في الحديث: "تخيَّروا لنطفكم فإن العرق دسَّاس". وقد حذَّر السلف من المرأة الحسناء في المنبت السوء.

ويستحب أن تكون بِكْرًا، ما لم يكن له مصلحة من وراء التزوُّج بالثيِّب، كملاءمة سنها له، أو إشرافها على أولاد له، أو قلة مهرها.. أو نحو ذلك، وإلا فالبكر أفضل، وخاصة للشاب البِكْر، وفي الحديث أن النبي قال لجابر بن عبد الله: "هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك".

وأن تكون ولودًا؛ لأن إنجاب النسل من أعظم مقاصد الزواج، ولهذا قال تعالى: "تزوجوا الودود الولود". ويعرف كون البكر ولودًا إذا كان نساؤها — الأم والعمة والخالة ونحوها — يعرفن بكثرة الأولاد، وهذا ما لم يكن له ولد من غيرها، وحينئذ فلا شيء عليه إذا تزوَّج عقيمًا.

وأن تكون على قدر من الجمال يُرضي نفسه، ويحجزه عن التطلُّع إلى غيرها، فإن جمالها أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودَّته، وأتم لسروره بها. وفي الحديث: قيل: يا رسول الله، أيُّ النساء خير؟ قال: "التي تسرُّه إذا نظر، وتُطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره".

ويُفضَّل ألَّا تكون ذات قرابة قريبة، لما في زواج البعيدة من توسيع دائرة التعارف والتآلف؛ ولأن الخلاف لا يُؤمَن، فيؤدي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها، وقد قيل: إن النسل من الغريبة أقوى، وولدها أنجب.

اختيار الزوج:

وعلى أبي الفتاة أو وليِّها أن يختار لها من يطمئنُّ إلى دينه وخلقه وحسن عشرته، فهو جدير أن يقف معها عند حدود الله، فإن عاشرها عاشرها بمعروف، وإن فارقها فارقها بمعروف، وفي الحديث: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"( ).

قال رجل للحسن: إن لي بنتًا، فمن ترى أن أزوِّجها له؟ قال: زوِّجها من يتقي الله، فإن أحبَّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلِمْها.

وقال الشعبيُّ: من زوَّج ابنته من فاسق، فقد قطع رحمها.

ورغَّب القرآن الأولياء في تزويج الصالحين من الرجال، دون نظر إلى الغِنَى والفَقْر، فإن صلاح المرء يبقى، أما غناه وفقره فلا يدوم ولا يبقى. قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النور:32].

إن الذي يحرص عليه الإسلام بالنسبة للزوج أو الخاطب هو: الدين والخلق — أو الصلاح كما سمته الآية الكريمة — وهما أهم مقومات الشخصية المسلمة.

وأُحِبُّ هنا أن أنبِّه أولياء الأمور إلى أن يضعوا في اعتبارهم رأي الفتاة وعواطفها وميلها، وألا يستبدُّوا بالأمر دونها؛ لأن استبداد الأهل بالرأي، والصمم عن الاستماع لنبضات قلبي الفتى والفتاة، وتغليب اعتبارات الرياء الاجتماعي، والمفاخرات الجاهلية بالأنساب والأحساب، ليس وراءه في النهاية إلا تعاسة الأبناء والبنات، أو دفعهم ودفعهن إلى التمرد على التقاليد التي تجاوز أكثرها الزمن، وغدت من مخلفات عصور الانحطاط، وأصبح (نسب) عصرنا هو العلم والعمل والنجاح.

اقرأ المزيد

alsharq طقس حار نسبياً نهاراً ومعتدل ليلاً على الساحل

توقعت إدارة الأرصاد الجوية أن يكون الطقس على الساحل، حتى الساعة السادسة من مساء اليوم، حار نسبيا الى... اقرأ المزيد

100

| 03 أكتوبر 2025

alsharq خلو الأسواق المحلية من مياه «أورانوس ستار» الملوثة

أكدت وزارة الصحة العامة أن الأسواق المحلية خالية من مياه الشرب المعبأة من العلامة التجارية (أورانوس ستار) منشأ... اقرأ المزيد

194

| 03 أكتوبر 2025

alsharq 67 زيارة تفتيشية على المقاصف المدرسية

كثفت وزارة الصحة العامة الرقابة على المقاصف المدرسية لضمان تطبيق أعلى معايير سلامة الغذاء في المدارس وحماية صحة... اقرأ المزيد

64

| 03 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية