تقارير وحوارات

678

بدران: الموقف القطري ثابت وأصيل تجاه القضية الفلسطينية

أشاد حسام بدران، المتحدّث الرسمي باسم حركة حماس بمواقف دولة قطر تجاه القضايا الإنسانية على مستوى العالم، وخاصة القضية الفلسطينية، مُثمّناً موقفها "الثابت والأصيل" تجاه أهل غزة.

وندّد بدران في حوارٍ خاص لـ"الشرق" بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بقوله، إنّ ما يشهده القطاع اليوم ليس حرباً بل دمارٌ هائلٌ ومحرقةٌ بكلّ ما في الكلمة من معنى، وتساءل مُستنكراً: "الاحتلال يتبجّح دائماً بأنّ لديه أسلحة ذكية، وقدرة على مراقبة كلّ هدف يُمكن أنْ يُصيبه، وعنده أقمار صناعية.. فكيف يُفسّر قتل كل هذا العدد من الأطفال في قطاع غزة المكتظ بالسكان؟!".

وأكّد أنّ سلاح المقاومة الفلسطينية سلاحٌ شرعي وخطٌّ أحمر غير قابل للنقاش، وأنّها تعتمد أولاً وأخيراً في تحقيق مطالبها على المواجهة الميدانية، لا على التفاوض السياسي ومحاولة التوصّل إلى تسوياتٍ هزيلةٍ على حساب الشعب الفلسطيني.

وكشف المتحدّث الرسمي باسم حركة حماس أنّ الحركة ستُفكّر جدّياً في التوجّه إلى الأمم المتحدة بطلب إعادة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى مناطقهم التي هُجّروا منها في أطراف قطاع غزة إذا ما أصرّ الاحتلال على مواصلة التدمير.

ووصف ما جرى في غزّة بأنّه "مجازر حرب حقيقية تستدعي تدخل العالم من أجل تخفيف المأساة الإنسانية الناتجة عن الحصار أولاً ثمّ عن العدوان"، مُحمّلاً الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون مسؤولية مجزرة رفح التي جرتْ مؤخراً.

وطالب بدران بفتح معبر رفح لخروج اللاجئين الفلسطينيين، بل لمرور الجرحى والسماح للقوافل الطبية والمساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع، مُشدّداً: "نُطمئن العالم بأنّ الفلسطينيين لن يعودوا إلى فكرة التهجير مرةً أخرى، ولو فُتحت كل الحدود أمامهم فلن يخرجوا من قطاع غزة إلا من أجل علاج الجرحى".

وأكّد أنّ موقف كافة الفصائل الفلسطينية موحّدٌ تماماً بالنسبة للمفاوضات الجارية في القاهرة، مُفنّداً ما ذكرته بعض التسريبات الإعلامية حول تهديد عزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني بانسحابه من المفاوضات.. وفيما يلي نصّ الحوار:

سند للمقاومة

• " ـ منذ يومين كانت هناك مفاوضات تُجرى في القاهرة ثم بعدها اُعلن عن فشل هذه المفاوضات ..... فلماذا فشلت؟

= نحن كنا نعلم مسبقا أن التفاوض مع الجانب الإسرائيلي لن يكون سهلا وبسيطا؛ لأن الإسرائيلين لا يريدون سوى المماطلة والتسويف، وما قد فشلوا في تحقيقه بالعمل العسكري يريدون أن يحصلوا عليه من خلال العمل السياسي، كما أنهم يريدون أن يتعاملوا معنا كفصائل مقاومة بعد انتهاء العدوان، على أنهم هم المنتصرون ، وهذه عكس ما تقوله الميديا الإعلامية لهم، وأيضا استطلاعات المحللين والعسكريين التي أجريت خلال اليومين الماضيين بأن الاحتلال لم يستطع الانتصار على حماس وأن الشعب الفلسطيني لم يستسلم وما أراده الاحتلال من هذه المفاوضات هو الوصول إلى تهدئة مفتوحة تحول دون تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني والخاصة برفع الحصار عن شعبنا.

ـ : وهل الجانب الإسرائيلي يرفض جميع مطالب الشعب الفلسطيني أم أن هناك بنودا معينة في مطالبكم هي التي تم رفضها؟

= : من المعلوم أننا قمنا بتشكيل وفد فلسطيني يضم كافة أشكال المقاومة على الأرض، سواء من حماس أو الجهاد وجميع فصائل منظمة التحرير وهذا كان إنجاز متقدم جدا، فلأول مرة تذهب جميع الفصائل الفلسطينية مجتمعة على مطلب واحد، وهو رفع الحصار عن شعبنا، وبالفعل قدمنا هذه المطالب المتمثلة في أربعة بنود إلى الجانب المصري، لكي يقوم بتقديمها إلى الجانب الإسرائيلي، حيث إننا لا نعترف بالكيان المحتل، وبالتالي ليست بيننا وبينهم أي علاقة مباشرة، وهو ما حدث بالفعل وانتظرنا الرد منهم، لكن رد الاحتلال تأخر كثيرا، وكي أكون أكثر دقة.. وصول رد الجانب الإسرائيلي تأخر عند المصريين ثم أبلغونا به قبل السويعات الأخيرة قبل انتهاء التهدئة.

ـ : ولماذا تأخر الرد؟

=: هذا السؤال يوجه الي الجانب المصري وليس إلى الجانب الفلسطيني، لكن على ما أعتقد أنهم وجدوا أن الرد سلبيا من الجانب الإسرائيلي، وللعلم نحن إلى الآن لم نتسلم ردا تفصيليا من الجانب الإسرائيلي يرد على جميع النقاط، فقط هم أبلغونا أن هناك رفضا لمطالبنا التي قدمناها، والتي لا يمكن النقاش حولها.

"التعنت"، هل هو من النظام المصري أم من الجانب الإسرائيلي؟

الاحتلال هو العدو الأساسي والواضح والمباشر، وبالتالي فكل إمكاناتنا العسكرية نوجّهها باتجاهه. الوضع الطبيعي هو أن يكون الجانب المصري مسانداً للمقاومة، على اعتبار أننا في النهاية تجمعنا الجغرافيا والتاريخ والعروبة وغير ذلك، ولكن مع ذلك نحن نريده على الأقل أن يكون وسيطاً نزيهاً؛ ولسنا في وارد التفاوض مع الجانب المصري، ولم نذهب إلى القاهرة لكي نفاوض المصريين على شروط التهدئة التي هي نتيجة حرب بيننا وبين الاحتلال.

• هناك نقطة أساسية للتفاوض مع الجانب المصري، وهي معبر رفح الذي لم يُفتح حتى الآن.. بالمنظور الوطني عندنا، وحتى بالمنظور المصري معبر رفح شأنٌ مصري - فلسطيني، وبالتالي فهو لا يجوز أنْ يكون ضمن الشروط التي نضعها نحن للاحتلال كي نصل إلى التهدئة، هذا موضوع مصري فلسطيني، ولا شك أنّ استمرار التعامل مع معبر رفح بهذه الطريقة لا يخدم المصالح الفلسطينية، ولا حتى المصرية، ولا يُعبّر عن ما ينبغي أنْ تكون عليه العلاقات بين الجيران وبين العرب، حتى في الأوضاع الطبيعية، فما بالك حينما تكون هناك حرب وعدوان بهذه الطريقة؟! في كل بلاد العالم، عندما تحدث كارثة طبيعية أو حروب، فمن الطبيعي أنْ تُفتح الحدود بين الدول وأن تُلزم هذه الدول بفتح حدودها حتى بالقانون الدولي‘ بعيداُ عن هذا كلّه، نحن نقول إنّ الوضع الطبيعي هو أنّه مادام معبر رفح معبراً مصرياً - فلسطينياً، فالأصل أنْ يكون مفتوحاً طيلة الوقت من غير هذه الحرب، فما بالك وهي قائمة؟ ونحن نُطمئن كلّ المصريين عموماً وليس فقط الحكومة المصرية أنّنا كفلسطينيين لن نعودَ إلى فكرة التهجير مرةً أخرى، أيْ لو فُتحت كل الحدود أمام الفلسطينيين فهم لن يخرجوا من قطاع غزة إلا من أجل علاج الجرحى؛ لأنّنا لا نملك اليوم الحاجات الأساسية من أجل علاجهم بسبب الحصار المتواصل طيلة سنوات. ما نريده من هذا المعبر ليس أن يستقبل اللاجئين الفلسطينيين لأنّهم لن يخرجوا. لِيُرِح العالم نفسه، فالفلسطينيون جرّبوا الهجرة ولن يُعيدوها مرة أخرى، الموت على أرض فلسطين خيرٌ لنا من الحياة في أيّ مكانٍ في العالم - مع احترامي لكلّ بلاد العرب والمسلمين. المطلوب الآن كخطوة أولى هو فتح المعبر بشكل حقيقي وليس دعائي وإعلامي لخروج كل الجرحى الذين أصيبوا إصابات خطيرة ولم يجدوا علاجاً داخل غزة، ثمّ الذي لا يقلّ أهمّيةً عن ذلك، وهو السماح لكل الوفود والمساعدات والقوافل، بالذات الطبية - والأطباء الذين جاؤوا من جميع أنحاء العالم وتمّ إرجاعهم مع الأسف عبر الحدود من معبر رفح وقبل الوصول إلى المعبر حتى. هذا ليس موقف حماس، هذا موقف كلّ الفلسطينيين، وحتى لو افترضنا أنّ هناك خلافاً ما بين المصريين وبين جهةٍ ما من الشعب الفلسطيني، فإنّ الذي يُعاقَب الآن هو كلّ الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة هو الذي حارب عن بكرة أبيه، النساء والأطفال والغالبية العظمى من النساء كانت أصلاً من المدنيين. باختصار، نحن لا نطلب مساعدة من أحد للقتال، والذي يُريد أنْ يُقاتل معنا هذا شرفٌ له ومع ذلك فإنّنا لا نطلب ذلك، ولكّنا نقول إنّ ما جرى في قطاع غزّة مجازر حرب حقيقية تستدعي تدخل كل العالم من أجل تخفيف هذه المعاناة والمأساة الإنسانية الناتجة عن الحصار أولاً ثمّ عن العدوان.

لا نسعى للتفاوض

• هل اعترضَ الجانبُ الإسرائيلي على نقاط معيّنة في الورقة التي قُدّمت لرفعِ الحصار والسماحِ بإيصال الدعم الإنساني إلى القطاع؟

لم يصلنا ردٌّ صهيونيٌّ مباشرٌ ومفصَّل.. من جهتنا، وحتى نكون واضحين في موضوع التفاوض، نحن لم نكُن نسعى للتفاوض بهذه الطريقة، ولم نكن نستجديه. إذا وصل ردٌّ سلبيٌّ للاحتلال حول مطالبنا أو إذا تأخّر وصول هذا الرد سواءً من الاحتلال أو لأية أسباب أخرى، فالأمر عندنا سيان؛ أنّ الجواب سلبي. (فيما يخصّ المبادرة المصرية) باختصار، المجمل الذي تحدّث فيه الجانب المصري ونقله عن الجانب الصهيوني، أو على الأقل قدّمه هو حسب رؤيته مرفوضٌ بالنسبة لنا.

الميناء والمطار

• لكنْ يُقال إنّه اعترضَ فقط على مسألة الميناء والمطار؟

هذا الكلام غير دقيق، ثمّ إنّ هذا أمر كبير وليس أمراً جزئياً، عندما نتحدّث عن الميناء والمطار، فهذا حقٌّ لكلّ شعبٍ في العالم، حتى في اتفاقية "أوسلو" المشؤومة على شعبنا -وهي اتفاقية سياسية دولية وقّع عليها العالم كلّه- كان المطار موجوداً، ولكنّه دمّر في انتفاضة الأقصى، والميناء كان أيضاً موجوداً من الناحية النظرية، وسواءً كان موجوداً أم لا، فإنّه حقنا الطبيعي، إذ لا يُعقل أنْ يرهن الشعب الفلسطيني ذو المليوني نسمة نفسَه وحياته وأطفاله وعلاجهم بأيّة جهةٍ كانت، فهي يُمكن أنْ تُغيّر رأيها بحسب التجاذبات السياسية أو تغيُّر الأنظمة الحاكمة هنا أو هناك. من حقّنا عندما يكون لنا معبر على البحر أنْ يكون لنا ميناء. ونحن من حيث المبدأ ليس عندنا مشكلة فيما يتعلّق بالجهة التي يُمكنها أنْ تُدير هذا الميناء لأنّ هناك حكومة توافق فلسطيني وليس شرطاً أنْ تكون حماس في الصورة بشكلٍ مباشر، كما يمكن التوصّل إلى آليات للرقابة الإدارية على ما يدخل الميناء وما يخرج منه.

المزيد من التفاصيل على صفحات "الشرق" غدا الأحد