رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1436

2784

عبيدة البنكي .. يده المبدعة أبدعت في حدائق الخط

09 يوليو 2015 , 02:46م
alsharq
ناصر الحموي :

في مدينة دير الزور السورية التي شهدت انطلاقته الأولى، اكتشف عبيدة البنكي شغفه الأول بسحر الخط العربي، ومنذ ذلك اليوم والخطاط الكبير الذي نال شرف كتابة "مصحف قطر" يقطع بلدانا ويقيم معارض وفياً لفن الخط العربي الذي أغراه صغيرا فالخطاط السوري عبيدة البنكي الذي يقيم حالياً في قطر، يحمل معلومات ثرة عن تاريخ كتابة المصاحف خاصة مصاحف الدولة العثمانية، ويحتفظ بالعديد من هذه المصاحف القديمة، التي لا تكاد تعثر على نسخ منها، ويتمنى أن يكتب موسوعةً في تاريخ كتابة المصاحف القرآنية.

يدين البنكي في شغفه للخط العربي لأبيه الشاعر الذي طالما بهره وهو يخط قصائده، كما يدين لأساتذته في المرحلة الابتدائية، عندما أغراه تشجيعهم له على مواصلة الاهتمام بهذا الفن العريق لينضم إلى قافلة الخطاطين المشاهير.

تعرف الخطاط السوري عبيدة البنكي في البداية الأمر الى مدرسة الخط البغدادية التي يمثلها الخطاط العراقي الكبير محمد هاشم بغدادي، وذلك من خلال كتابه الذي كان له أكبر الأثر في أبناء جيله من الخطاطين، ثم تعرف إلى أستاذيه أحمد الباري ومحمد القاضي الذي أخذ عنهما الأصول في فن الخط، وعندما رحل الى اسطنبول حاضنة ووارث الخط العثماني، تحول إلى المدرسة التركية التي تتميز بالقوة والإتقان وضبط الخط وتركز على جماليات الكتابة وإبراز الجوانب الفنية التي ترقى بفن الخط العربي، حيث أخذ الخطاط عبيد البنكي من هذه المدرسة علمه كاملا ، إذ تتلمذ على يد الأستاذ حسن جلبي شيخ الخطاطين، والأستاذ الكبير حامد الآمدي آخر الخطاطين العمالقة في القرن العشرين، ونال على يديهما شرف الإجازة في الخط، وهي أعلى مرحلة يصلها الخطاط وتخوله بالتالي إجازة غيره في فن الخط.

درس الخطاط البنكي الهندسة الزراعية، لكنه انصب جهده كله في فن الخط العربي، ويقول في ذلك إن اليد المبدعة التي تنثر وتنبت الزهور هي أيضا نفسها، التي تبدع حدائق الخط والعبارة والمعنى، فبين جمال البيئة وجمال (الخط) علاقة كبيرة، كما تركت البيئة التي نشأ فيها في دير الزور أثارها الكبيرة على مسيرته الفنية ، وذلك لتميزها بالهدوء الكبير وجمال الطبيعة الساحر ، التي يحتاج معها الخطاط للانعزال والانقطاع، خصوصا في البدايات، حيث عكست بجمالياتها وثرائها المزيد من الإبداع والإبتكار.

كان يمثل له كتابة آيات الذكر الحكيم والقرآن الكريم ، الحلم القديم الذي يتوج مسيرته الفنية ، حيث تتطلب لدى الخطاط إلمام تام بطبيعة الرسم القرآني والمزج بين فن الخط الكلاسيكي وما بين علم الرسم القرآني الحديث (المصطلحات الحديثة) ، وهو ما أتيح له بفضل الله هذه الفرصة حينما فاز بالمركز الأول في مسابقة كتابة (مصحف قطر) من بين (120) متسابقاً أكثر من (20) منهم من الخطاطين العالميين الذين فازوا بمسابقات وجوائز ، حيث كتب مصحف قطر مرتين ، استغرقت الأولى منه ما يقارب الثلاث سنوات والأخرى أقل من ذلك ، وقد اختارت اللجنة في قطر النسخة الأولى.

وكان الخطاط عبيدة البنكي الذي تأثر بخطاطي المصاحف المشهورين أمثال حافظ عثمان والحاج أمين الرشدي ، والذي تعتبر مصاحفهما من أجمل ما رسم في العالم الإسلامي ، يكتب في اليوم (16) ساعة ، ويقول في ذلك :"قبل الكتابة أقوم بدراسة الصفحة من حيث توزيع الكثافة ضمن الصفحة الواحدة وبعدها أعمل مسودة بشكلها الطبيعي ثم أبدأ بتبييضها بالشكل النهائي ووضع التشكيل والرتوش الأخيرة".

ويضيف عن المشاعر التي كانت تنتابه خلال كتابته (مصحف قطر) قائلاً :" العلاقة بين الخط وكتابة القرآن هي علاقة طهارة، أتوضأ قبل أن أكتب وكذلك هناك حاجة ماسة للهدوء والسكينة، وأنا عادة أكتب في الليالي، وأيضا أبدأ بالأدعية التي تسهل العمل وتيسره ثم تستمطر رحمة الله، وأنت تكتب وتستشعر مراقبة الله عز وجل لك وأنت تمارس عملك ويمدك بعطائك وهي علاقة عبادة رائعة وصعبة الوصف وهي عملية حساسة تحتاج إلى صفاء ذهن".

مساحة إعلانية