رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2499

من أجل رغيف الخبز.. أطفال سوريون يبحثون عن الأزهار في الجبال لبيعها

09 فبراير 2022 , 06:58م
alsharq
إدلب - سونيا العلي

رغم برودة الطقس ووعورة الطرق الجبلية تقطع الطفلة بيان الأصفر (10سنوات) مع أخوتها الأصغر سناً مسافة لا تقل عن 3 كيلو مترات، لجمع زهور النرجس بهدف بيعها والاستفادة من ثمنها في تأمين مادة الخبز لأسرتها بشكل يومي .

ونزحت الطفلة مع أمها وأخوتها الثلاثة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم على الحدود السورية التركية،  وعن عملها تقول للشرق: "بعد وفاة والدي وتعرض أمي لبتر قدمها جراء إصابة حربية، أضطر باعتباري الابنة الكبرى للعمل في قطاف زهور النرجس، لكسب بعض المال الذي يساعدنا في تأمين بعض حاجاتنا اليومية ."

وتبين الطفلة أن العمل مرهق ومتعب، حيث تضطر للسير في الطرقات الوعرة والموحلة، وتتعرض مع أخوتها لهجوم الحيوانات والكلاب الضالة، ولكنها تؤكد أنها مضطرة للعمل لكسب لقمة العيش .

ويقصد العديد من الأطفال في إدلب الجبال والبراري خلال فصل الشتاء، لجمع الزهور بغرض بيعها في ظل الفقر والنزوح وشح فرص العمل وفقدان المعيل، ويمتد موسم القطاف من منتصف كانون الثاني ولغاية نهاية شهر شباط في المناطق الجبلية والمرتفعات والمناطق ذات التربة الخفيفة وبين الصخور  .

كذلك صفا الحسين (34 عاماً) نازحة من مدينة سراقب إلى مخيم على أطراف مدينة حارم، تتوجه برفقة ولديها كل صباح للبحث عن الأزهار ونبات الفطر، تقول للشرق: "نواجه شتاء قاسياً في كل عام دون أن يلتفت أحد إلى معاناتنا، فحياتنا في المخيمات أشبه بجحيم لا يُطاق، لا تدفئة ولا سكن مناسب ولا خدمات، نحن نعيش على هامش الحياة ."

وتضيف الحسين: "نجد خلال عملنا الكثير من الصعوبات، منها العمل في أجواء البرد القارس، كما نتعرض للسقوطات المتكررة نتيجة نمو الأزهار في المنحدرات والجبال ."

وتشير الأم أنها تقوم بعد عودتها إلى المنزل بتنقية الزهور وربطها على شكل طاقات، وترسل أحد أبنائها للوقوف على حافة الطريق لبيعها .

وتبين أنها تعثر خلال رحلتها في الجبال على نباتات صالحة للأكل منها "الفطر والخبيزة"، فتصنع منها طعاماً لأطفالها لتوفير بعض النفقات والتكاليف .

وما أن تدخل السوق الرئيسي في مدينة ادلب حتى تنعشك رائحة النرجس البري الذي يتوضع على عربة الطفل وليد السماحي (11 عاماً) الذي يقيم في مخيم عشوائي على أطراف مدينة إدلب، ويعمل كبائع جوال، حيث يقوم بجمعها في الصباح الباكر ويزين عربته بها، ثم يعمل على توضيبها وترتيبها بشكل جذاب ولافت للنظر، ويبدأ ببيعها داخل السوق، كما يطوف بها أيضاً عدداً من الأمكنة العامة وأمام المدارس والجامعات القريبة منه.

ويشير أنه يعاني من المرض طوال فصل الشتاء جراء الوقوف تحت المطر في كثير من الأحيان، ولكن عدة أسباب تدفعه لهذا العمل منها عجز والده وكبر سنه، إلى جانب شح فرص العمل .

ويؤكد الطفل أنه ترك المدرسة بدافع العمل، لكنه يشتري من مردود عمله مستلزمات المدرسة لأخوته ليتمكنوا من متابعة تعليمهم .

ويؤكد الطقل أن الخيمة التي يقيم فيها مع أسرته تخلو من أي وسيلة تدفئة، الأمر الذي يدفعه لجمع الحطب وعيدان النباتات اليابسة التي يجدها أثناء عمله في الجبال للتدفئة ودرء صقيع الليل القارس، مشيراً أن والدته تعتمد على الحطب في الطبخ والغسيل، حيث تعجز عن شراء أسطوانة الغاز التي لم تستخدمها منذ أكثر من عام ونصف، نظراً لارتفاع سعرها .

من جانبه يوسف الأسعد (33 عاماً) عامل في مجال الصحة المجتمعية يتحدث عن عمالة الأطفال بالقول: "الكثير من الأطفال في إدلب عصفت بهم قسوة الحياة وكبروا قبل أوانهم، وتحملوا مسؤولية أسرهم في كسب لقمة العيش ." ويشير أن أسباب عدة تدفع الأطفال للعمل منها الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغياب المساعدات إلى جانب العيش وسط ظروف إنسانية صعبة ونقص مقومات الحياة وغياب فرص العمل لكثير من الأسر النازحة .

ويطالب الأسعد الجهات والمنظمات الدولية بحماية الأطفال السوريين حرصاً على مستقبلهم التعليمي من خلال تشجيعهم على التعليم ودعم المدارس.

دفعت الحرب السورية والظروف المعيشية الصعبة، مئات الأطفال للعمل بمهن مختلفة في ظل صعوبات ومخاطر يتعرضون لها خلال عملهم، تسرق طفولتهم وتحرمهم من أبسط الحقوق .

مساحة إعلانية