رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1188

"المسحراتي" ينثر الفرح والبهجة في أروقة الحي الثقافي

07 يونيو 2016 , 02:28م
alsharq
الدوحة - الشرق

في تجسيد حي لأهم ملامح تراثنا الأصيل في رمضان، بدأ مسحراتي (كتارا) منذ الليلة الأولى للشهر الكريم يجوب أروقة الحي الثقافي بطبلته الشهيرة في تقليد جميل ومظهر محبب يعد من أبرز وأهم مظاهر شهر رمضان المبارك، ناثراً الفرح والبهجة والسرور في قلوب رواد (كتارا) وضيوفها الذين استرجعوا معه أجواء الشهر الفضيل ولياليه المباركة في السنين الخوالي، حينما كان يطوف في الحارات والأزقة، يدور على بيوت الناس قبل وقت الفجر بساعتين ويوقظهم من خلال طبلة يدق عليها بدقات منتظمة، ليتناولوا وجبة السحور ويستعدوا للصيام، عبر ألحان وعبارات وأشعار شعبية محفوظة تعودوا على سماعها رغم مرور الزمن وتعاقب الأجيال.

ففي العاشرة ليلاً، وتحت ضوء القمر الذي ينثر بريقه الفضي على مياه شاطئ الحي الثقافي، بدأ مسحراتي (كتارا) مشواره الليلي يطوف دروب (كتارا) وردهاتها برفقة مجموعة من الأطفال والدمى، مرددا الأهازيج الشهيرة التي عرفت منذ القدم مثل: (يا نايم وحد الدايم، يا نايم وحّد الله، ربي قدرنا على الصيام) بالإضافة إلى إنشاده لمقاطع تهلل لرمضان والقيام والصيام بكلمات يشق بها سكون الليل لتضفي على ليالي الحي الثقافي (كتارا) نسائم رمضانية وأجواء تراثية ساحرة.

من جهة أخرى، أعرب الكثير من رواد (كتارا) عن سرورهم بهذه الفعالية التي أعادت من خلالها (كتارا) روح الأحياء القديمة عبر فعالية حية نابضة مشرقة في الحي الثقافي، بعدما كادت هذه المهنة العريقة التي تعد من التفاصيل الأساسية لشهر رمضان في البلدان العربية، أن تندثر وتلغي دورها أجهزة الإعلام، مشيدين بدور (كتارا) في إحياء هذه العادة الرمضانية الأصيلة، بطقوسها الرائعة عبر استدعاء نجمها الرئيسي (المسحراتي) الذي يطوف الأحياء قبيل أذان الفجر مردداً أعذب وأجمل الدعوات والأغنيات بطبلته المعلقة بواسطة بواسطة حبل في رقبته والمتدلية على صدره لساهر الليل في صورة هي الأجمل في صور التراث والفلكلور الشعبي المشهور في رمضان المبارك .

لمحة تاريخية

جدير بالذكر أن "المسحراتي" مهنة ارتبطت بشهر رمضان المبارك، وتطلق على الشخص الذي يطوف بالبيوت ويوقظ المسلمين لتناول السحور، مستعملا الطبلة وكلمات من قبيل "اصح يا نائم وحد الدائم"، و"قوموا تسحروا" وغيرها من العبارات التي يرددها المسحراتي وهو ينقر على طبلته المشدودة بحبل في رقبته وهي تتدلى على صدره، وعادة ما تكون العبارات مصحوبة ببعض الأناشيد الدينية والتهليلات.

ظهرت مهنة المسحراتي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان بلال بن رباح يؤذن فيتناول الناس السحور، ويمتنعون عن الأكل عند سماع أذان عبد الله بن مكتوم الذي كان يقيم الصلاة بعد أذان بلال.. وتذكر الروايات أن عنبسة بن إسحاق هو أول مسرحاتي في الإسلام، أما الطبلة فظهرت مع أهل مصر.. وكان أهل اليمن والمغرب يدقون الأبواب بالنبابيت، بينما يطوف أهل الشّام على البيوت وهم يعزفون على العيدان والطّنابير.. واشتهرت بغداد بفن القومة الغنائي الخاص بسحور رمضان، حيث ينادي المسحراتي: "يا نياما قوموا‏..‏ قوموا للسحور قوموا‏"، مستعمل عصاه التي يدق بها على أبواب البيوت.

وفي عصور متقدمة أصبح المسحراتي يتنقل في الأحياء مصحوبا بالأطفال، وتختلف هذه العادة من بلد إلى آخر، فمن الأطفال من يرافقون المسحراتي بفوانيسهم وتنتشر هذه الظاهرة في مصر وبلاد الشام، ومنهم من يرافقونهم بترديد الأناشيد والتهليلات والعبارات التي يقولها المسحراتي. وتضفي هذه العادة على شهر رمضان الكريم أجواء من الفرح والاستبشار بالخير الذي يأتي به الشهر الفضيل.

وتحرص (كتارا) على إحياء هذه الظاهرة التي تكاد تندثر بسبب ماكينة التطور والعصرنة، وهي بذلك تهدف إلى خلق نوع من اللقاءات الاحتفالية التي تتواءم مع طبيعة الشهر الكريم، والحفاظ على هذه العادة من الاندثار والتلاشي.

مساحة إعلانية