عربي ودولي

3470

العالم على صفيح ساخن .. هل يفجر مقتل سليماني فتيل حرب عالمية ثالثة؟

فجرت عملية اغتيال اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي ، اليوم الجمعة، نفذتها واشنطن بأوامر مباشرة من الرئيس دونالد ترامب، فجرت فتيل أزمة مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران تنذر بوقوع حرب لا يمكن السيطرة عليها.

وتباينت ردود الأفعال الأمريكية والإيرانية حيال العملية ، ردود وضعت العالم على ظهر صفيح ساخن، فخرجت من الجانبين تحمل في طياتها ترهيبا ووعيدا بالرد الحاسم من قبل طهران وبالردع الفوري من قبل واشنطن ، الردود والتهديدات تعتبر خطيرة ليس بسبب تفوق قطب على الآخر في ميزان القوى ولكن بالنظر إلى التحالفات الإستراتيجية التي يتمتع بها البلدين، ما يشي بأن الأيام المقبلة قد تشهد ما لايحمد عقباه.

وزارة الدفاع الأمريكية قالت إن العملية جاءت لردع إي مخططات لإستهداف الأمريكيين في المنطقة، مؤكدة أن قتل سليماني تم بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب كإجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج. فيما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سنواصل ردع إيران والرد عليها عندما يستدعي الأمر ذلك وأن بلاده ستواصل حماية مصالحها في المنطقة، وأضاف أنه تحدث مع القادة العراقيين عدة مرات وأنه يعرف أن مطالب الشعب العراقي التخلص من نفوذ إيران في بلدهم. وعبر بومبيو عن إمتنانه لحلفاء واشنطن الذين يدركون التهديدات العدوانية المستمرة من فيلق القدس.

وفي تعليق له اليوم قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بتويتر ونقلتها قناة الحرة الأمريكية: "إن إيران لم تربح أبدا أي حرب ولكنها لم تخسر أبدا في أي مفاوضات"، وهو تصريح له تأويلاته ودلالاته ، إذ يشير إلى أن واشنطن توصلت إلى أن المفاوضات مع إيران لن تكون حلا للتوتر الحاصل الآن فهي قادرة على تحقيق أهدافها عبر طاولة المفاوضات ، ولكن في حالة الحرب لا يمكن لها أن تربح أبدا، أو هكذا جاءت مضامين تصريحات الرئيس الأمريكي.

البيت الأبيض أكد أن سليماني كان يخطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين والجيش الأمريكي بالعراق والمنطقة، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الجيش الأمريكي وبناء على تعليمات من الرئيس دونالد ترامب نفذ عملية اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، مشيرا إلى أن العملية جاءت كإجراء دفاعي حاسم ، وأضاف البنتاعون أن سليماني وفيلق القدس التابع له مسؤولون عن مقتل مئات من القوات الأمريكية وقوات التحالف، لافتا إلى أن سليماني أقر الهجمات على السفارة الأمريكية في بغداد وقتله يهدف لردع خطط الهجوم الإيراني مستقبلا، وأنه ، أي سليماني، كان يعمل بنشاط على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين في المنطقة.

وبدورها تعهدت إيران صباح اليوم الجمعة بالانتقام لمقتل قاسم سليماني، فيما عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الإيراني لبحث الرد المناسب. وأعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الحداد ثلاثة أيام، مهددا الولايات المتحدة بأن انتقام إيران سيكون "ساحقا". وفي ردة فعل سريعة لها دلالاتها ، قامت السلطات الإيرانية بالإعلان عن تعيين اإسماعيل قا آني قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري ،خلفا للجنرال سليماني، وهي خطوة  تأتي في سياق "امتصاص" طهران للضربة الأمريكية.

وقال زير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية جميع عواقب "مغامرتها المارقة". وأضاف ظريف - في تغريدة على تويتر- "إن عمل الإرهاب الدولي الذي نفذته الولايات المتحدة واستهداف واغتيال الجنرال سليماني -القوة الأكثر فعالية التي تقاتل داعش والنصرة والقاعدة وغيرها- هو أمر خطير للغاية وتصعيد أحمق". فيما قال قائد الجيش الإيراني إن عملية اغتيال سليماني التي ارتكبتها واشنطن لن تبقى دون رد.

وفي السياق قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية إن اغتيال سليماني سيفرض ظروفا جديدة ستجعل أمريكا تندم على فعلتها ولن يكون لواشنطن مكان آمن في المنطقة بعد هدمها كل الجسور، مشددا على أن العالم سيرى بأسرع وقت الانتقام لدم الجنرال سليماني. كما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني: "يجب أن تدفع واشنطن ثمنا غاليا لجريمة اغتيالها قاسم سليماني". اما المتحدث باسم الحرس الثوري فقد قال : "سنبدأ مرحلة جديدة بعد استشهاد سليماني والابتهاج الأمريكي لن يدوم طويلا".

العملية التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد أثارت قلقا دوليا واسعا من حدوث حرب بين واشنطن وطهران، حربا تهدد أمن واستقرار العالم قاطبة وقد يصعب التحكم فيها أو التكهن بمآلاتها وتأثيراتها على المشهد الدولي والإقليمي بل والعالمي، وذلك في ظل التصريحات والوعيد والتهديد المتبادل بين طرفي الأزمة . حيث بدأ القلق من داخل مجلس النواب الأمريكي حين قالت رئيسته نانسي بيلوسي إن قتل سليماني بضربة أمريكية يهدد بإحداث "تصعيد خطير للعنف"، وأن أمريكا والعالم لا يمكنهما تحمل تصعيد في التوتر يصل إلى درجة اللاعودة".

أما الخارجية الألمانية فقد عبرت عن شعورها بالقلق "البالغ" من خطورة التصعيد بعد مقتل سليماني وسنعمل مع شركائنا لتجنب ذلك، مضيفة في الوقت ذاته أن قاسم سليماني مدرج ضمن قائمة الإرهابيين في الاتحاد الأوروبي وما حصل لم يأت من فراغ.

ودخلت بريطانيا على خط الأزمة حيث قال وزير الخارجية البريطاني إن تصعيد الصراع ليس في "مصلحتنا"، مضيفه أنهم لطالما كانوا مدركين للخطر العدواني الذي يشكله فيلق القدس بقيادة سليماني، ودعا الوزير البريطاني  كل الأطراف لنزع فتيل التوتر بعد مقتل قاسم سليماني. ومن جانبها قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها ستقوم بمراجعة حماية قواتها في العراق واستعداد الجيش البريطاني المتواجد هناك عقب مقتل سليماني.

وفي أول ردة فعل على عملية اغتيال سليماني حث الاتحاد الأوروبي على تجنب المزيد من التصعيد في العراق وحذر من اندلاع موجة من أعمال العنف في المنطقة. وقالت فدريكا موغريني،المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ،  إن الشرق الأوسط يشهد تصعيدا خطيرا ونأمل أن تؤول الغلبة للذين يؤمنون بالحكمة والعقلانية ونأمل الحفاظ على الإنجازات الدبلوماسية التي تحققت في الماضي وتجنب مواجهة في المنطقة.

وزارة الدفاع الروسية قالت إن مقتل الجنرال سليماني خطوة قصيرة النظر من قبل الولايات المتحدة فيما قالت الخارجية الروسية إن مقتل سليماني مغامرة ستؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة كلها. كما قال رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي إنه وبقتل سليماني واشنطن دفنت الأمل في تسوية أزمة الملف النووي، مؤكدا أنه وبعد هذه العملية يمكن أن تعجل طهران بصنع السلاح النووي، مضيفا أنه من السهل بدء الحرب لكن من الصعب جدا إنهاؤها، وان انتقام الجانب الإيراني لقتل سليماني لن يطول انتظاره ، وذلك بحسب ما نقلته الجزيرة.

الخارجية الصينية بدورها علقت على مقتل سليماني بالقول "إنها تعارض دائما استخدام القوة ونتابع الوضع عن كثب".

هذا في الوقت الذي قال فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العالم لا يمكن ان يتحمل حرب أخرى في منطقة الخليج، معربا عن قلقه العميق إزاء التصعيد الأخير في المنطقة وجدد دعوته لوقفه، مؤكدا ان هذه لحظة يجب على القادة فيها ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

بأي حال من الأحوال في الوقت الراهن لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة في ظل تمسك طرفي الأزمة بمواقفهم، واشنطن تقول إنها ستواصل ردع إيران والرد عليها متى ما استدعى الأمر، بينما شددت طهران على أن ردها على عملية اغتيال قاسم سليماني لن يطول انتظاره، وأن واشنطن بهذه العملية قد هدمت كل الجسور معها، وتعهدت طهران بالانتقام لمقتل قاسم سليمان وأن الرد سيكون ساحقاً، هذا في الوقت الذي انقسم فيه العالم إلى فسطاطين حيث تباينت فيه المواقف الدولية بين مؤيد ومعارض، وفقا لما تقتضيه المصالح والتحالفات الإستراتيجية ذات الثقل في المشهدين الدولي والعالمي .. ومالم يتخذ المجتمع الدولي موقفا صارما حيال التصعيد بين واشنطن وطهران فربما تقود المواجهات المباشرة بينهما إلى وقوع حربا عالمية ثالثة ستكون عواقبها وخيمة وستضرب تداعياتها العالم أجمع.

اقرأ أيضاً

 العثور على حطام طائرة إطفاء تركية غربي كرواتيا ومقتل قائدها

فوز رئيس الوزراء العراقي و9 من أعضاء حكومته وفقا للنتائج الأولية للانتخابات النيابية

نشطاء يتسلّقون بوابة شهيرة في برلين ويرفعون لافتة "الحرية لفلسطين"

أخبار ذات صلة

العاهل الأردني يؤكد ضرورة الالتزام باتفاق إنهاء الحرب في غزة وتدفق المساعدات للقطاع

تركيا ومصر تشددان على وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة