كرّمت وزارة الداخلية، ممثلة في إدارة أمن الشمال، أحد المقيمين من الجنسية الآسيوية، تقديرًا لتعاونه المثمر مع الجهات الأمنية، وذلك في إطار حرص...
رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
عزا فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي مشاكل الأمة إلى عدم الالتزام بالأخلاق، وذكر أن المشاكل التي تحيط بنا سببها عدم الالتزام بالأخلاق العظيمة، سواء منا ابتداءً أو من الآخرين رداً وانتهاءً.. مشيرا إلى أن هناك فلسفة في الغرب تسمى فلسفة الإدارة بالأخلاق وهي قائمة بناء على عدة تجارب واستبانات، وقد نجحت في بعض الدول، لأن أنجح الشركات هي التي يتمتع مديرها بالأخلاق النبيلة، وليست هي التي حصل مديرها على ألقاب علمية كالدكتوراه وغيرها.. وأكد في خطبة الجمعة اليوم بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب على أن التعامل هو الأساس في جلب المحبة والألفة، والتفاني في العمل والإخلاص في تقديم الأنفع والأنجع. وعلى مستوى الدول فما من مشكلة نزلت بدول المجتمع الإسلامي والعربي إلا كان مردها إلى الأخلاق، وعدم سلامة القلب، وفي الروح الهابطة التي يتصف بها البعض، من الذين يجودون على الأعداء لإلحاق الأذى والضرر والإضرار بالأشقاء.. مؤكدا ان الأمة الإسلامية هي الوحيدة التي حفظ الله كتابها ودستورها من التحريف والتبديل، والسؤال الذي يبحث عن جواب في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية.. أين نحن من القرآن الكريم وأخلاقه؟ إرضاء الله تعالى وأضاف قائلا: ومن أراد أن تصبح نفسه لوامة على التقصير في الخير، ولوامة على التفريط في جنب الله تعالى، ومن أراد أن تصبح نفسه مطمئنة راضية مرضية، عليه أن تكون تصرفاته راضية مرضية لله تعالى، وأن تكون نفسه مستقرةً مطمئنة إلى ما عند الله تعالى، لا يعرف الوجل ولا الخشية من غير الله سبحانه {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}. ومن أراد أن يخدم الأمة بعقله فعليه أن يقدم للأمة تفكيراً خيراً صالحاً ينهض بالأمة، ويبني لها حضارات إبداعية مشرفة ومشرقة. من هنا صدق التطابق بين الجانب المادي والمعنوي في الإنسان من حيث الصحة والمرض. هذه المعايير التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، وأن نضعها نصب أعيننا، ونطبقها في حياتنا. معايير للعبادات وأكد فضيلته أن العبادات كلها مرتبطة بهذه المعايير، فالصلاة عماد الدين، من أقامها أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، والتي يريدها الله تعالى من عباده ليست مجرد حركات وأفعال وأقوال مبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وإنما هي الصلاة التي تثمر بعداً عن فحشاء الفعل، وهجراً لمنكر القول، ذات أثر على سلوك الفرد داخل أماكن العبادة وخارجها قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، وكذلك الزكاة التي جعلها الله تعالى تطهيراً للنفس من شوائب الأخلاق، مثل الحسد والحقد والبخل والشح، وتزكيةً للظاهر من حيث تطابق التصرفات للتطهير الشامل للروح والقلب والنفس والعقل والفكر، مما يجعلها تثمر تسابقاً في الخيرات وتسارعاً إلى تحقيق كل خير لكل فرد في المجتمع.. قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، هذا التطهير وهذه التزكية جعلا جواب سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا تركت لعيالك يا أبا بكر؟، قال: تركت لهم الله ورسوله.. وكذلك الحج وما فيه من الهدي والنسك، فإن الله تعالى غني عن كل ذلك، وإنما الغاية منها حصول المرء على مرتبة التقوى، قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، وكذلك بقية أركان الإسلام، وشعائره التعبدية. حال الأمة اليوم وشخّص فضيلته حال الأمة قائلا: وهذه الازدواجية الشخصية التي أصابت الأمة الإسلامية هي من أخطر الأمراض التي أصابتها، وهي أن معظم أفراد الأمة قد حوّل أداء العبادات والشعائر إلى عادات تمارس، دون أن يكون لها أي أثر أو تأثير على مستوى الأخلاق والسلوك، وهذا مرض كبير وخطير، إذ العبادات مرتبطة بغايات وأهداف..الأخلاق في الإسلام ليست مجرد فلسفة كما كانت عند غيرهم، وإنما هي عمل وسلوك، من حيث الظاهر والباطن، ويتجلى الداخل في التقوى التي تحصل للإنسان، كما يظهر الظاهر في العمل الصالح المتسارَع إليه المتسابَق فيه، الذي يقوم به الإنسان. إذا تعارضت مع أوامر الخالق.. محمد عرنوس: التوحيد الخالص بترك رغبات المؤمن تناول الداعية محمد ياسر عرنوس خطيب جامع نور الدين زنكي في معيذر الجنوبي حال التوحيد الخالص لدى أبي الأنبياء إبرهيم عليه السلام. وقال إن الله وصفه الله تعالى بنفي الشرك عنه بكل أنواع الشرك (ولم يك من المشركين) وأنه إمام الناس في خلوص التوحيد، ووضح أن خلوص التوحيد ليس في ترك عبادة غير الله تعالى فحسب، بل في أن تفنى مرادات ورغبات المؤمن إذا تعارضت مع أوامر الله. وذكر الخطيب أن من أجلى مظاهر هذا الخلوص في التوحيد قصة إبرهيم في أمر الله له بذبح ولده وكيف استسلم الوالد وولده لهذا الأمر دون أي تردد وبكل رضا، مع صعوبة هذا الأمر الذي لم يشهد تاريخ البشرية أصعب منه أن يذبح الوالد ولده بيده ويرى تفجر دماء عروقه أمام ناظريه، ولم يكن هذا إلا اختبارا من الله ليكون درسا لكل المؤمنين بعده، لذا فالله تعالى فداه بذبح عظيم. وأشار الخطيب إلى لطائف بلاغية وتربوية من خلال إشارات الآيات: الأولى: هذا الولد لابرهيم كان استجابة لدعاء إبرهيم (رب هب لي من الصالحين) بينما الولد الثاني لابرهيم كان هبة من الله تعالى. الثانية أنه لا بأس أن يطلب العبد من ربه أن يهبه الولد لكن بشرط أن يكون صالحا (هب لي من الصالحين ) وإلا فالولد الفاسد يكون مصيبة ونكالا ولا يكون قرة عين. الثالثة: أن هذا الولد الموهوب لإبرهيم وصفه الله بالحلم (فبشرناه بغلام حليم) وظهر حلمه عندما قال (ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين). الرابعة: أمر تربوي وهو قوله تعالى (فلما بلغ معه السعي) قال المفسرون إنه بلغ ثلاثة عشر عاما، فشأن الولد في هذه السن أن يكون (مع والده) يسعى معه ويتعلم منه خاصة إذا كان من أهل العلم ورجالات المجتمع فيصحبه ليتعلم مع شؤون الرجولة العلم النافع. الخامسة: أن الله ذكر أن ابرهيم قال لولده (إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) أي هل ستستجيب لأمر الله تعالى، وفي قراءة أخرى (فانظر ماذا تري) أي انظر ماذا تري الله عز وجل من استسلامك لمراده، وماذا تري والدك من طاعتك وبرك، وكأنه خطاب لكل مؤمن. خامسها، لم يرد في هذه القصة ذكر لأم الولد (زوج إبرهيم) مع ذكرها في قصة أخرى فلم يستشر إبرهيم زوجه في هذا الأمر الجلل، ولا الغلام استشار أمه أو ودعها على الأقل، إظهارا أن الاستسلام لأمر الله. دعا للاعتزاز بالقيم الإسلامية.. محمد يحيى: ضعف الإيمان يحمل المسلم لتقليد عدوه قال الداعية محمد يحيى طاهر إن الله جلَّ شأنه كتب على عباده أن كلَّ أمةٍ تتخلى عن خصائصها، وتخجل من مبادِئها فهي أمة لا تزال في تقهقر وانحطاط واضمحلال في فكرها وقوتها وسلوكها. وأشار محمد يحيى طاهر في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم إلى إنه مما ابتُليت به أمة الإسلام، الإعجاب والتبعية المطلقة لأعداء الإسلام من قبل ضعفاء النفوس من المسلمين، الذين بلغ بهم الإعجاب والافتتان بالحضارة الغربية أَوْجَهُ، فأضحوا من الداعين إلى الاحتذاء بحذوها والسير في ركابها، حذو القذة بالقذة، وحذو النعل بالنعل، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلوه. ولفت إلى أنه لم يعد خافيا اغترار كثيرٍ من المسلمين وتقليدهم وافتتانهم لما يأتي من أخلاق الغرب والتعلقُ والافتتان ببعض المشاهير هناك أمرٌ مشاهد لا يخفى، حتى حاكاهم بعض شباب الإسلام في حركاتهم وقصاتِ شعورهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال إن بعض التصرفات المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف بدأت تغزو مجتمعاتنا مع الأسف، وتعلقت بها نفوس بعض شبابنا ذكورا وإناثا، انشغلوا بها، وتهيأوا لها، وذلك بسبب ضعف الإيمان في قلوبهم، وتقليدهم واتباعاهم للغرب في سيرهم ونهجهم في كلِّ ما يفعلونه، إضافة إلى الانبهار والإعجاب بحضارتهم المادية الزائفة، والانخداع ببريقها المخدر، ونوه بأنه لا يخفى أثر الغزو الفكري والثقافي والترويج الإعلامي المسموع والمرئي والمقروء الذي يحرض على هذه السلوكيات المخالفة للشريعة الاسلامية ويلفت إليها أنظارَ الناس وأسماعَهم، ويحرك قلوبهم لها، ويثير أهواءهم للاستعداد لها والمشاركة فيها. وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرصُ كلَّ الحرصِ على أن تخالف أمته غير المسلمين في كلِ شيء حتى قالوا عنه كما يرويه أنسٌ رضي الله عنه عند مسلمٍ: ما يريدُ هذا الرجلُ أن يدعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه. وقال الخطيب إن للأعياد ارتباطاً وثيقاً بالدين والعقيدة، لافتا الى أن عيدي الإسلام يصاحبان فرضي الصوم والحج، وأننا أُمرنا بإخراج النساء للمصلى يشهدن الخير، وأن لهما صلاةً واجبةً، وأنه قد حُرِّم علينا أن نصوم فيهما. واضاف: و هل أدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ.
8804
| 21 ديسمبر 2018
ماهر الذبحاني: إهمال العبادة عقب رمضان يهدم الأعمال الصالحة محمد طاهر: الشهر الفضيل دروس متنوعة للخيرات قال فضيلة الشيخ ماهر أبوبكر الذبحاني إن التقاعس عن العبادة بعد رمضان يهدم الأعمال الصالحة التي تمت خلال الشهر الفضيل. ولفت إلى أن المتكاسلين يظنون أن اجتهادهم في رمضان يكفر عنهم ما يجري منهم في سائر العام من القبائح والموبقات. ونصح الشيخ ماهر الذبحاني في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم من كان محسناً في شهره بالإتمام، ومن كان مسيئاً فعليه بالتوبة والمبادرة إلى الصالحات قبل انقضاء الآجال، مشيرا إلى أنه ربما لا يعود على أحد منا رمضان مرة أخرى بعد هذا العام. الشيخ ماهر أبوبكر الذبحاني وأضاف مخاطبا المصلين: اختموا شهركم بخير، واستمروا على مواصلة الأعمال الصالحة التي كنتم تؤدونها فيه في بقية العام، فإن ربَّ الدهر هو ربُّ رمضان، وهو مُطَّلعٌ علينا وشاهدٌ على أعمالنا، وقد أمرنا سبحانه بفعل الطاعات في جميع الأزمنة والأوقات، ومن كان يعبد شهر رمضان فإن شهر رمضان قد مضى وفات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وتساءل الخطيب: أي كبيرة بعد الشرك أعظم من إضاعة الصلاة؟ مشيرا إلى أن إضاعتها سارت عادة مألوفة عند بعض الناس. ونوه بإن اجتهاد هؤلاء في رمضان لا ينفعهم شيئاً عند الله إذا هم أتبعوه بترك الواجبات والوقوع في المعاصي والسيئات. وقال إن بعض السلف قد سُئل عن قوم يجتهدون في شهر رمضان، فإذا انقضى ضيّعوا وأساءوا، فقال: (بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان). وأكد الشيخ ماهر الذبحاني أن المؤمن الصادق المحب لربه يفرح بانتهاء شهر رمضان؛ لأنه استكمل فيه العبادة والطاعة، فهو يرجو أجره وثوابه من الله، ويتبع ذلك أيضاً بالاستغفار والتكبير ولزوم العبادة، لافتا إلى أن هؤلاء حَرِيٌّ بهم أن يفرحوا، وكيف لا وقد بشر رسول الله بذلك في قوله: (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه..). وذكر أن من أعظم المعاني التي ينبغي أن نستحضرها في نهاية هذا الشهر الكريم، أن من فاز بالتوبة في هذا الشهر، وذاق حلاوة الإيمان والعمل الصالح، فإنه لا ينبغي له أن يترك هذا النعيم عند انقضاء الشهر بترك التوبة والاستقامة. محمد يحيي طاهر رمضان سبب للاستقامة لبقية العام قال الداعية محمد يحيى طاهر ان رمضان موسم، فكل وقته عظيم مبارك، فنهاره صيام، وليله قيام، أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. واشار في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بجامع الأخوين سحيم وناصر ابنى الشيخ حمد بن عبدالله بن جاسم آل ثاني رحمهما الله إلى أن رمضان مدرسة حقيقية يتلقى فيها المسلم دروس الخير المتنوعة، ويتعود فيها الابتعاد عن الشر وأسبابه، وانه ما ان ينتهي إلا والمؤمن قد ألف الخير ونفر عن الشر. مما يكون سبباً لاستمراره على الاستقامة بقية السنة. ودعا الى جردة حساب لمعرفة ماذا استفدنا من رمضان.. وقال اذا استفدنا من رمضان نحمد الله على هذه النعمة ولنحافظ عليها في بقية الأشهر ولا نفرّط فيها. ونبه الى أن من لم يدرك من نفسه هذا الشعور بالخير عند نهاية شهر رمضان، فليعلم أنه لم يستفد منه، وأنه لا يزال في غيه ناصحا بعدم اليأس من رحمة فان الله، يتوب على من تاب (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ). وقال خطيب جامع الاخوين إن الله شرع لنا في ختام هذا الشهر المبارك أعمالاً مكملة له زيادة في الخير، فشرع لنا صدقة الفطر — طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وشكراً لله على توفيقه، وهي زكاة عن البدن، يجب إخراجها عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد، ويستحب إخراجها عن الحمل في البطن وبين انه يجب إخراجها على كل مسلم غربت عليه الشمس ليلة العيد وهو يملك ما يزيد على قوت يومه وليله، ويجب عليه أن يخرج عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجته ووالديه وأولاده.
3414
| 23 يونيو 2017
واصلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية جلساتها الرمضانية التي تقام بمسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب تحت عنوان "وآمنهم من خوف" وحملت جلسة اليوم عنوانا مأخوذا من الآية القرآنية "وكانوا لنا عابدين" وتناولت الحديث حول كيفية أن يمارس المؤمن العبادة بمفهومها الواسع. و تحدث في الجلسة الشيخ الدكتور عبد السلام مقبل المجيدي، والشيخ الدكتور محمد عبد الكريم وهو قارئ وداعية سوداني، الى جانب مداخلات ثرية من جانب عدد من الائمة والعلماء. واستهل يوسف عاشير مدير الجلسة الحديث بطرح سؤال حول مفهوم العبادة وأهميتها في تحقيق العبودية الخالصة لله تعالي في نفس المسلم والمجتمع، وأكد الدكتور عبد السلام المجيدي في كلمته أن وصف "وكانوا لنا عابدين" حسبما جاء في القرآن الكريم، اتسم بالروعة وجاء بديعا، في سياق الحديث الالهي عن الثلة العظيمة من الأمة التي تدينت بدين سماوي. وأضاف:أن الوصف بكلمة "عبد" هو تشريف عظيم من الله تعالي لعباده، لان العبادة مأخوذة من التذلل والخضوع لله، واشار الى ان العلامة بن القيم وصف العبادة بأنها تجمع غاية المحبة مع غاية الذلة لله تعالي، وهي التذلل لله مع التحرر من عبودية ما سواه، كما تناولها الشيخ العلامة بن تيمية وعرفها بانها اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالي ويرضاه، وقال "إن الانسان يجد اعظم اللذة في التذلل لله تعالي". وبدوره علق الشيخ محمد عبد الكريم حول الحاجة الي استشعار العبودية لله موضحاً أن هذا الاستشعار يعني أن يشرف الانسان من خلال العبادة بالذلة الكاملة لله مع الحب له، وكلما تذلل لله كلما عز عليه تعالى، موضحا أن المهان في الحقيقة هو من لا يعبد الله تعالي، وأن ذلة العبادة لله مهمة جدا لصلاح القلب مشددا على ضرورة أن يكون التذلل بالقلب والروح والجوارح واللسان.. المعنى الشامل للعبادة وفيما يتعلق بأثر التذلل في اجتناب النواهي، أشار الشيخ محمد عبد الكريم الى أن العلماء فسروا العبادة بأنها مطلق الطاعة لله، لكنه استدرك موضحا ان هناك مفهوما خاطئا شائعا للعبادة يحصرها في الركوع والسجود، وليس في معناها الشامل المتجسد في الطاعة لله، والابتعاد عن النواهي، وقال "إذا فسرت العبادة بكونها مطلق الطاعة فانها تشمل كافة العبادات والمعاملات وقواعد الاخلاق الاسلامية". وفي مداخلة تليفزيونية اوضح الشيخ خالد البكر أن الله تعالى أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالأنبياء من قبله، وأمرنا بالاقتداء بالنبي انطلاقا من قوله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا). وأضاف: أن النبي الكريم طرح قدوة نمضي على سيرتها وخطاها لأنها أمر ضروري للغاية يحتاجه المسلم حتي نسير على منوال النبي وسيرته، وقد وصف الله الانبياء بالقدوات، وأنهم كانوا عابدين له انطلاقا من قوله (وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين). وأضاف:أن الله تعالى أثنى على أعمال الأنبياء التعبدية وانهم كانوا حريصين عليها في العبادة القولية والبدنية، وهي إشارة مهمة يحتاج المسلم الى ان يتأملها وينظر فيها، وقال "إذا اراد العبد ان يمضي على طريق الأنبياء لابد ان يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وان يفعل الخيرات، وان يلتزم الثبات عند الازمات". وفيما يتعلق بتعدي العبادة من جسد الانسان الي روحه علق الشيخ عبد السلام المجيدي بالقول "إن العبادة الحقة لا يمكن ان تتحقق الا اذا جمعت فعل الخيرات واقامة الصلاة وايتاء الزكاة". وتتطرق الشيخ محمد عبد الكريم مجددا الى قضية الاقتداء موضحا ان القصص القرآني ذكر عبودية الانبياء على سبيل القدوة واراد الله تعالى توضيح أن الانبياء لا يستنكفون أن يكونوا عبادا لله تعالى لافتا الى ان معظم العبادات قلبية صادقة لله وقال "اذا كانت القلوب فاسدة فما نفع الركوع والسجود"!. الاقتداء بالأنبياء والسلف وقال الشيخ محمد يسري تعليقا على قضية اقتداء المسلم بالأنبياء والسلف "إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الى الاقتداء به، وبأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وعلماء الصحابة وإجماعهم، هما المقدمان في أمته من بعده، لافتا الى أن هذه الدعوة تستوجب ضرورة أن نقتدي بالنبي وصحابته وأن نتنافس في هذا المضمار. وعاد الشيخ عبد السلام المجيدي ليؤكد أن العبادات تستدعي أن يقوم بها الانسان على الوجه الوارد ذكره في القرآن الكريم موضحاً أن النبي كان يلفت نظر المسلمين الى العبادة المعتدية التي تتصل بشؤون الناس وحياتهم مثل قضاء حوائجهم، وهي أوسع من العبادة القاصرة التي يمارسها الانسان بنفسه. وفي مداخلته قال الشيخ عبد الله السادة "إن الانسان خلق لعبادة الله عز وجل، وكثير من الناس لا يظنون أن بعض الاعمال عبادة، ولا يعلمون أن حياة الانسان كلها عبادة، لأن الهدف الاسمى منها هو عبادة الله، السعي اليها، لافتا الى أن الله تعالى ربط بين عبادته والاستعانة به حسبما ورد في قوله تعالى بسورة الفاتحة (اياك نعبد،واياك نستعين)، مشدداً على أن كثرة العبادة المقرونة بسوء الخلق لا تنجي صاحبها من النار، وينبغي أن تخرج من اطارها الشكلي، خاصة أن كثيرين يعتقدون أن المسجد مقر العبادة بينما يمارسون النميمة والخلق السيئ. وردا على سؤال حول كيفية أن يكون الانسان عبداً لله أوضح الشيخ محمد عبد الكريم ضرورة أن يفعل الانسان الشيء الذي يريد الله له من حيث بر الوالدين،وقول الحق، وخدمة الناس، والقيام على شؤونهم،ورفع الضيم عنهم، موضحا ان التلازم قائم في القرآن الكريم بين العبادة والأخلاق، وأن العبادة تستلزم أن نصغي لأوامر الله وتطبيقها بمفهومها الشامل، والعمل من خلالها على تحقيق منافع الخلق. وأكد الشيخ عبد السلام المجيدي في سياق تعليقه على سؤال يتعلق بما اثاره البعض حول فصل القرآن عن السنة، ضرورة أن نقتدي بخطوات البني صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً وفي كافة شؤون حياته وسيرته موضحاً أن الله تعالى قرن عزته بعزة النبي، وبيعته ببيعة النبي، وطاعته بطاعة النبي، متسائلاً: كيف كان يمكن أن نعرف تفاصيل الأوامر الالهية الا من خلال معرفة النبي الكريم؟. وقال "إن الله تعالي سمى القرآن نوراً.. وسمى النبي محمد صلى الله عليه وسلم سراجاً منيراً، ولا يمكن أن تتحقق العبادة الا بالامتثال لأمر النبي. وأعرب الشيخ خالد البكر في مداخلة أخرى متلفزة عن أسفه لتفريط الناس في العلاقة مع الله تعالى من خلال التفريط في العبادات خاصة النوافل مثل صيام التطوع وقيام الليل لافتاً أن البعض يرون العبادة بمفهومها القاصر، يهتمون بجوانب أخرى ويقومون بإقناع أنفسهم بأن ما يقومون به من أعمال تتعلق بقضاء حوائج الناس تكفي في علاقته مع الله موضحاً أن العبادة هي الزاد والدعم حتى يثبت الانسان على الخير، خاصة أن القلب في حاجة الى التربية والعناية والاهتمام بشأنه، وهو ما لا يتحقق سوى بالعبادة، وقال "إن العبادة هي سر القوة للعبد، ويجب أن نضعها شعاراً نصب أعيننا، وأن نكون لله عابدين". وردا على سؤال حول حاجة طالب العلم الى العبادة أوضح الشيخ محمد عبد الكريم أن بعض الدعاة يقومون بعمل الخير، ويهملون الفرائض، ويكادون يخرجون الصلاة عن أوقاتها، مشدداً على أن هذا الأمر مؤشر غير صحي بالمرة، لأن العبادة قضية اساسية لابد أن تكون راسخة أولاً ومطبقة قولا وعملاً لدى فاعل الخير.
2489
| 04 يوليو 2014
الحلقة السادسة الإمام الغزالي والعلم: والإمام الغزالي من أئمة الصوفية، الذين بيَّنوا فضل العلم، بل ضرورته لعلم السلوك وعلم طريق الآخرة، الذي يبتغي فيه سالكه مرضاة الله تعالى ودخول جنته، والحصول على ثواب الآخرة، التي قال الله فيها: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]. قالوا: الحسنى: الجنة. والزيادة: التنعم برؤية الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:23 — 22] فقد أثبت الغزالي في كتابيه (إحياء علوم الدين)، وكتابه الذي ألفه في أواخر حياته (منهاج العابدين)، أهمية العلم وفرضيته وضروريته للمريدين والسالكين في الطريق إلى الله، وقال في ذلك قولًا حسنًا، يفتح العقول، ويحيي القلوب، ويوقظ الضمائر، ويفتح لمريدي الخير أبوابًا إلى اليقين والاستقامة، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت:6]. قال في منهاج العابدين: (اعلموا - إخواني، أسعدكم الله وإياي بمرضاته -: أن العبادة ثمرة العلم، وفائدة العمر، وحاصل العبيد الأقوياء، وبضاعة الأولياء، وطريق الأتقياء، وقِسْمة الأعزَّة، ومقصد ذوي الهمَّة، وشعار الكرم، وحرفة الرجال، واختيار أولي الأبصار، وهي سبيل السعادة ومنهاج الجنة. فقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]. وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} [الإنسان:22]. ثم إنا نظرنا فيها، وتأملنا طريقها، من مباديها إلى مقاصدها التي هي أمانيّ سالكيها، فإذا هي طريق وعْر، وسبيل صعْب، كثيرة العقبات، شديدة المشقَّات، عظيمة الآفات، بعيدة المسافات، كثيرة العوائق والموانع، حقيقة المهالك والمقاطع، غزيرة الأعداء والقُطَّاع، عزيزة الأشياع والأتباع. وهكذا يجب أن تكون؛ لأنها طريق الجنة، فيصير هذا تصديقًا لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الجنة حُفَّت بالمكاره، وإن النار حُفَّت بالشهوات"( ). ثم مع ذلك كله، فإن العبد ضعيف، والزمان صعب، وأمر الدين متراجِع، والفراغ قليل، والشُّغُل كثير، والعُمُر قصير، وفي العمل تقصير، والناقد بصير، والأجل قريب، والسفر بعيد، والطاعة هي الزاد، فلا بد منها، وهي فائتة فلا مرد لها، فمن ظفر بها فقد فاز، وسعِد أبد الآبدين، ودهْر الداهرين، ومن فاته ذلك خسر مع الخاسرين، وهلك مع الهالكين؛ فصار هذا الخطب إذن والله معضلًا، والخطر عظيمًا. فلذلك عَزَّ من يقصد هذا الطريق وقَلَّ، ثم عزَّ من القاصدين من يسلكه، ثم عز من يصل إلى المقصود، ويظفر بالمطلوب، وهم الأعِزَّة الذين اصطفاهم الله عز وجل لمعرفته ومحبته، وسدَّدهم بتوفيقه وعصمته، ثم أوصلهم بفضله إلى رضوانه وجنته، فنسأله جل ذكره أن يجعلكم وإيانا من أولئك الفائزين برحمته. نعم، ولما وجدنا هذا الطريق بهذه الصفة، نظرنا فأنعمنا النظر في كيفية قطعها، وما يحتاج إليه العبد من الأُهْبة والعُدَّة، والآلة والحيلة، من علم وعمل، عسى أن يقطعها بحسن توفيق الله تعالى في سلامة، ولا ينقطع في عقباتها المهلكة، فيهلك مع الهالكين، والعياذ بالله، فصنَّفنا فى قطع هذه الطريق وسلوكها: كتبًا كـ(إحياء علوم الدين) و(أسرار المعاملات) و(القربة إلى الله تعالى)، وغير ذلك. واحتوت هذه الكتب على دقائق من العلوم، اعتاصت على إفهام العامة، فقدحوا فيها، وخاضوا فيما لم يحسنوه منها. فأى كلام أفصح من كلام رب العالمين؛ وقد قالوا فيه: إنه أساطير الأولين! ألم تسمع إلى قول زين العابدين علي بن الحسين بن على بن أبى طالب رضوان الله عليهم أجمعين: إنى لأكـتم من علمى جـواهــــــره كيلا يرى الحق ذو جهل فيُـفْتَتنا وقد تـقـدم فى هذا أبو حســـــــــــن إلى الحسين، ووصَّى قبله الحسنا يا رب جوهر علم لو أبـوح به لـقـيل لي: أنـــت مـمن يـعـــبد الوثنا ولاستحلَّ رجال مسلمون دمى يـــــــــرون أقـبــح ما يأتونـــــه حـســــــــنًا وقد اقتضت الحال عند ذوى الدين الذين هم أشرف خلق الله تعالى: النظر إلى كافة خلق الله تعالى بعين الرحمة وترك المماراة، فابتهلتُ إلى من بيده الخلق والأمر: أن يوفقنى لتصنيف كتاب يقع عليه الإجماع، ويحصل بقراءته الإقناع، فأجابنى الذى يجيب المضطَّر إذا دعاه، وأطلعنى بفضله على أسرار ذلك، وألهمني فيه ترتيبًا عجيبًا لم أذكره في المصنفات التى تقدمت فى أسرار معاملات الدين، وهو الذى أنا له واصف فأقول وبالله التوفيق: إن أول ما ينتبه العبد للعبادة، ويتجرد لسلوك طريقها بخطوة سمائية من الله تعالى، وتوفيق خاص إلهي، وهو المعنيُّ بقوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر:22]. فإذا خطر بقلب العبد أوَّل كل شيء: إني أجدني منعَّمًا بضروب النعم عليَّ، كالحياة والقدرة والعقل والعلم والمنطق، وسائر المعانى الشريفة واللَّذات، وما ينصرف عني من ضروب المضارِّ والآفات، وإن لهذه مُنعمًا يطالبنى بشكره وخدمته، وإن أغفلتُ ذلك فيزيل عني نعمته، ويذيقنى بأسه ونقمته. وقد بعث إليَّ رسولًا أيَّده بالمعجزات الخارقة للعادات، الخارجة عن مقدور البشر، وأخبرني أن لي ربًّا جل ذكره قادرًا عالمًا، حيًّا متكلِّمًا، يأمر وينهى، قادرًا على أن يعاقبني إن عصيته، ويثيبني إن أطعته، عالمًا بأسراري، وما يختلج في أفكاري، وقد وعد وأوعد، وأمر بالتزام قوانين الشرع، فيقع فى قلبه أنه ممكن؛ إذ لا استحالة لذلك فى العقل بأول البديهة، فيخاف على نفسه عنده ويفزع. فهذا خاطر الفزع الذى يُنَبِّه العبد، ويُلزمه الحُجَّة، ويقطع عنه المعذرة، ويزعجه إلى النظر والاستدلال، فيحتاج العبد عند ذلك، ويقلق، وينظر فى طريق الخلاص، وحصول الأمان له مما وقع بقلبه، أو سمع بأذنه، فلم يجد فيه سبيلًا سوى النظر بعقله في الدلائل، والاستدلال بالصنعة على الصانع، ليحصل له العلم اليقين بما هو مَغِيب، ويعلم أن له ربًّا كلَّفه وأمره ونهاه. هذه أول عقبة استقبلته فى طريق العبادة، وهى (عقبة العلم والمعرفة)؛ ليكون من الأمر على بصيرة، فيأخذ فى قطعها من غير بُدٍّ، يحسن النظر فى الدلائل، ووفور التأمل والتعلم، والسؤال من علماء الآخرة، أدلَّاءِ الطريق، سُرُج الأمة، وقادة الأئمة، والاستفادة منهم، واستهداء الدعاء الصالح منهم بالتوفيق والإعانة إلى أن يقطعها بتوفيق الله سبحانه. فبعد حصول هذه المعرفة بالله سبحانه وتعالى جهد حتى يتعلم ما يلزمه من فرائض الشريعة ظاهرًا وباطنًا، فلما استكمل العلم والمعرفة بالفرائض، انبعث ليأخذ فى العبادة ويشتغل بها، فنظر فإذا هو صاحب جنايات وذنوب، وهذا حال الأكثر من الناس، فيقول: كيف أُقبل على العبادة وأنا مُصِرٌّ على المعصية، متلطِّخ بها؟ فيجب عليَّ أوَّلًا أن أتوب إليه ليغفر لي ذنوبي، ويخلصني من أسرها، ويطهرني من أقذارها؛ فأصلح للخدمة، وبِساط القُربة، فتستقبله هاهنا (عقبة التوبة)، فيحتاج لا محالة إلى قطعها، ليصل إلى ما هو المقصود منها، فيأخذ فى ذلك بإقامة التوبة بحقوقها وشرائطها، إلى أن يقطعها، فلما أن حصلت له التوبة الصادقة، وفرغ من هذه العقبة، حنَّ إلى العبادة ليأخذ فيها؛ فنظر فإذا حوله عوائق مُحدِقة به، كل واحدة منها تعوقه عما قصده من العبادة، بضرب من التعويق. فتأملَ، فإذا هى أربعة: الدنيا، والخَلْق، والشيطان، والنفس، فاحتاج لا محالة إلى دفع هذه العوائق وإزاحتها عنه، وإلا، فلا يتأنَّى له مراده من العبادة، فاستقبلته هاهنا (عقبة العوائق)، فيحتاج إلى قطعها بأربعة أمور: التجرد عن الدنيا، والتفرد عن الخَلْق، والمحاربة مع الشيطان، والقهر للنفس. فأما النفس فأشدُّها؛ إذ لا يمكنه التجرد عنها، ولا أن يقهرها بمرة ويقمعها، كالشيطان، إذ هي المطيَّة والآلة، ولا مطمع أيضًا في موافقتها على ما يقصده العبد من العبادة، والإقبال عليها، إذ هي مجبولة على ضد الخير كاللهو واتباعها له، فاحتاج إذن إلى أن يُلجمها بلجام التقوى، لتبقى له فلا تنقطع، وتنقاد له فلا تطغى. فيستعملها فى المصالح والمراشد، ويمنعها من المهالك والمفاسد، فيأخذ إذا في قطع هذه العقبة، ويستعين بالله جل ذكره على ذلك.. عوارض العبادة فلما فرغ من قطعها رجع إلى قصد العبادة، فإذا عوارض تعترضه، فتشغله عن الإقبال على مقصوده من العبادة، وتصدُّه عن التفرغ لذلك، كما ينبغى، فتأملَ فإذا هى أربعة: الأول: الرزق، تطالبه النفس به وتقول: لا بد لي من رزق وقِوام، وقد تجردتَ عن الدنيا، وتفردتَ أيضًا عن الخلق، فمن أين يكون قِوامي ورزقي؟ والثانى: الأخطار من كل شيء يخافه أو يرجوه، أو يريده أو يكرهه، ولا يدرى صلاحه في ذلك أو فساده، فإن عواقب الأمور مبهمة، فيشتغل قلبه بها، فإنه ربما يقع فى فساد أو مَهلكة. والثالث: الشدائد والمصائب تنصبُّ عليه من كل جانب، لا سيما وقد انتصب لمخالفة الخلق، ومحاربة الشيطان، ومضادَّة النفس، فكم من غُصَّة يتجرَّعها، وكم من شدة تستقبله، وكم من هم وحزن يعترضه؟ وكم من مصيبة تتلقاه. والرابع: أنواع القضاء من الله عز وجل بالحلو والمُرِّ، تَرِد عليه حالًا فحالًا، والنفس تسارع إلى السخط، وتبادر إلى الفتنة. فاستقبلته هاهنا (عقبة العوارض الأربعة)، فاحتاج إلى قطعها بأربعة أشياء: التوكل على الله سبحانه فى مواضع الرزق، والتفويض إليه في موضع الخطر، والصبر عند نزول الشدائد، والرضا عند نزول القضاء، فأخذ في قطع هذه العقبة بإذن الله، وحسن تأييده، فلما فرغ من قطعها، وعاد إلى قصد العبادة، نظر فإذا النفس فاترة ضعيفة، كَسْلى لا تنشط، ولا تنبعث لخير كما يحقُّ وينبغى، وإنما ميلها أبداً إلى غفلة ودَعَة، وراحة وبطالة، بل إلى شرٍّ وفضول، وبليَّة وجهالة، فاحتاج معها هاهنا إلى سائق يسوقها إلى الخير والطاعة، وينشطها لهما، وزاجِرًا يزجرها عن الشر والمعصية)( ). فضل العلم في القرآن: لا يوجد كتاب سماوي تحدث في فضل العلم، والثناء على أهله، وبيان ما لهم عند الله وعند خلقه من مكانة؛ غير القرآن الكريم. فانظر إلى شواهد القرآن المتكاثرة في ذلك، يقول الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران:18]. فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه، وثنَّى بالملائكة وثلَّث بأهل العلم؛ وناهيك بهذا شرفًا وفضلًا، وجلالًا ونبلًا. وقال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة، ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام. وقال عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]. فنفى التسوية بين العالم والجاهل، من غير نظر إلى نوع العلم. وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [الفاطر:28] فقصَر خشيةَ الله على العلماء. وقال تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد:43]. وقال تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل:40]، لما طلب سليمان من رعيته من يأتيه بعرش بلقيس من اليمن، وهو في فلسطين، قال عفريت من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل:39]. ولكن سليمان يريد ما هو أسرع من ذلك. فقال الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل:40]. وإذا كان السابق من الجن؛ فهذا ليس منهم، فهو من الإنس. وقال ما قال تنبيهًا على أنه اقتدر بقوة العلم. وقال عز وجل في قصة قارون حين خرج على قومه في زينته: {قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص:79]. وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص:80]. بيَّن أن عِظَم قدر الآخرة يُعْلَم بالعلم. وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43]. تُثبت الآية أنه لا يعقل الأمثال المضروبة للناس إلا أهل العم وحدهم. وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83]. ردَّ حكمه في الوقائع إلى استنباطهم، وألحق رتبتهم برتبة الأنبياء في كشف حكم الله. فضل العلم في السنة: من ذلك: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"( ). وقال صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء"( ). ومعلوم أنه لا رُتبة فوق النبوة، ولا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة. وقال صلى الله عليه وسلم: "يستغفر للعالم ما في السماوات والأرض"( ). وأي منصب يزيد على منصب من تشتغل ملائكة السماوات والأرض بالاستغفار له؟!
4211
| 03 يوليو 2014
مساحة إعلانية
كرّمت وزارة الداخلية، ممثلة في إدارة أمن الشمال، أحد المقيمين من الجنسية الآسيوية، تقديرًا لتعاونه المثمر مع الجهات الأمنية، وذلك في إطار حرص...
77740
| 21 أكتوبر 2025
أوضحت شركة سنونو لتوصيل الطلبات، على حسابها الرسمي بمنصة إكس، أن المقطع المتداول من فعالية الملايين تنتظرك كان تصرفًا شخصيًا من الأشخاص الظاهرين...
23142
| 22 أكتوبر 2025
فيما يلي بيان بأسعار بعض العملات الأجنبية مقابل الريال القطري، كما وردت من بنك قطر الوطني اليوم.. العملة الشراء البيع ريال سعودي 0.96400...
14336
| 21 أكتوبر 2025
أعلنت وزارة الداخلية عبر حسابها بمنصة اكس، أن الدفاع المدني يباشر إجراءاته للسيطرة على حريق اندلع في عدد من مراكب الصيد بفرضة الوكرة.
12114
| 22 أكتوبر 2025
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل
أعلن المجلس الأعلى للقضاء عن مزادين للمركبات والعقاراتعبر تطبيق مزادات المحاكم، يوم الأحد 26 أكتوبر 2025. وأوضح عبر حسابه بمنصة إكس، اليوم الخميس،...
7540
| 23 أكتوبر 2025
اقتربت المهلة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، لتعديل أوضاع المركبات التي انتهت تراخيصها وتجاوزت المدة القانونية، من الانتهاء. ولم يتبق إلا 3 أيام...
5635
| 24 أكتوبر 2025
نفذت وزارة التجارة والصناعة حملة تفتيشية موسعة استهدفت محلات بيع الذهب في مختلف مناطق الدولة، وذلك استجابة لتزايد الشكاوى الواردة من المستهلكين بشأن...
4670
| 23 أكتوبر 2025