رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات alsharq
55 جدة يوثقن الموروث الاجتماعي في سوالف "مقعد الضحى"

تسجيل الروايات الشفوية لـ 49 مسنة عن الحياة التقليدية لإصدارها في كتاب تعليم الأمهات الحروف والأرقام وتوقيع أسمائهن ودورات للعناية الصحية والاجتماعية انطلقت فكرة "مقعد الضحى" في عام 2008 وبدأت الفكرة بـ 35 جدة، واليوم يتجاوز عددهن 55 جدة كبيرة سن، حيث يقوم المركز بتعليمهنّ مهارات الكتابة والقراءة وحفظ الأرقام وكتابتها والرسم والحياكة وأشغال الإبرة والمشغولات اليدوية. ويعني مقعد الضحى الفترة الزمنية من النهار التي كانت تلتقي فيه أمهات الزمن الجميل في بيت السيدة الأكبر سناً، لتبادل الخبرات والأحاديث والتجارب، وتقوم كل سيدة بممارسة أيّ عمل منزلي أو يدوي تتقنه، مثل حياكة الملابس، وشغل السدو، وصناعة المخبوزات، وسف الخوص، وخياطة "البيز" وتعني مسكات المطبخ، وخياطة "التلي" وتعني نوع من العقدة في الخياطة، وطحن الحبوب على الرحى، وطحن القهوة والهيل، إلى جانب شرب القهوة والشاي. وعندما يأتي وقت الظهر تتوجه كل سيدة إلى بيتها حاملة معها الأكلات التي أعدتها، أو تحضيرات المطبخ من بهارات وحبوب وقهوة، وهي تحمل في ذاكرتها خبرات الجدات والزمن الأصيل المفعم بالمعاني الشعبية والقيم. ومقعد الضحى عبارة عن لقاء أسبوعي، تقوم فيه المتطوعات بتوثيق الروايات الشفوية للجدات، وقصص الأمس والأحاديث التي توارثتها الأمهات عن الجدات، حيث يقوم المركز بتوثيقه لطباعته في كتاب. قالت السيدة عائشة الحرمي مسؤولة "مقعد الضحى" للشرق: إن مقعد الضحى يضم أكثر من 55 جدة وسيدة من كبيرات السن من مناطق الخور والذخيرة وأم قرن والدوحة، وتشرف عليهن أكثر من 13 عضوة، والذي انطلقت فكرته في 2009، بهدف إيجاد ملتقى لكبيرات السن لإحياء ماضي الأجداد بأصالته وعبقه. وتتلخص فكرة مقعد الضحى بأنه ملتقى أسبوعي كل ثلاثاء بمقر مركز قدرات للتنمية بالخور، وقت الضحى تلتقي فيه كبيرات السن، ويقمنّ بإحياء ماضي الأجداد، واسترجاع الماضي بجماله ورونقه، ويتم فيه تبادل الخبرات والحكايات والقصص، والتعريف بالماضي وتاريخه. وأوضحت أنّ الهدف من المقعد ملء فراغ كبيرات السن، والعمل على توعيتهنّ صحياً وبيئياً واجتماعياً من خلال محاضرات مبسطة ودورات تقدم لهنّ من اخصائيات وطبيبات وتربويات، مضيفة أنّ المقعد يواصل برامجه بعد الشهر الفضيل، بحيث تعود الجدات إلى جلساتهنّ الشعبية بالمركز. ونوهت بأنّ مقعد الضحى يحمل قيمة اجتماعية وثقافية وتراثية، حيث تلتقي كبيرات السن بحفيداتهنّ وبناتهنّ الصغيرات، ويتبادلنّ معهنّ الأخبار والحكايات والعادات والتقاليد والتجارب الحياتية، وتتعلم فيه البنات أساليب التعامل مع الحياة والمهارات التقليدية التي بنت حضارة قطر. كما يهدف المقعد إلى إشراكهنّ في المجتمع، ودمجهنّ مع الأحداث المحلية، وإحياء التواصل بين الجدات والبنات، لتعريفهنّ بالماضي وتاريخه، والاستفادة من خبراتهنّ بحيث يتم توثيقها ورصدها وتسجيلها لتكون خبرة متوارثة للأجيال. إصدار كتاب ونوهت بانّ المركز بصدد إصدار كتاب بعنوان (سوالف مقعد الضحى) الذي يوثق شفوياً وكتابياً تراث الجدات وكبيرات السن، ويتم فيه رصد خبراتهنّ وتجاربهنّ في الماضي الجميل، ويتضمن الكتاب موضوعات عن الأكلات التقليدية والمهن والتعليم والعلاج الشعبي والحرف اليدوية والحياة البسيطة والعمارة القديمة والشوارع والأسواق والملابس الشعبية والعادات والتقاليد والمناسبات مثل القرنقعوه وهي ليلة النافلة والعيد ورمضان وعيد الأضحى، وأنواع الطبخ وتربية الحيوانات والدواجن وموارد المياه والأغاني القديمة والأهازيج الشعبية والعرس القطري التقليدي والطب الشعبي واستخدامات الأعشاب قديماً، بالإضافة إلى الكلمات القطرية الشعبية التي اندثر بعضها أو لا يعرفها الجيل الجديد. وتمّ جمع روايات شفوية من قرابة 49 جدة وكبيرة سن ممن عاصرنّ الزمن الجميل، وتمّ تسجيل تلك الروايات ورصدها على لسان الجدات، وتمّ أيضاً الاستناد إلى مراجع وكتب تراثية لتوثيق المعلومات المروية. وأوضحت أنّ مركز قدرات خصص لمقعد الضحى برامج وأنشطة مثل القيام بزيارات منزلية لأمهات وجدات لا يقدرنّ على التواصل مع المقعد بالحضور، وعمل رحلات ترفيهية برية وبحرية وسوق واقف ومتحفيّ الدوحة والذخيرة، بهدف استرجاع الذكريات الجميلة عن حياة البساطة، وإمتاع الأمهات وكبيرات السن بالماضي من خلال الزيارات والجولات الميدانية. ويقوم المركز بعمل ورش تعليمية وتدريبية، فمثلاً في الأعمال اليدوية والحياكة، والعطور، والملابس والألعاب اليدوية، حيث تقوم الجدات بتعليم الحرف التقليدية والمهن اليدوية للبنات ومتطوعات المركز مثل عرائس ألعاب المدود وسلال الخوص وحياكة الملابس الشعبية وعمل أكياس القرنقعوه وخياطة البيز وسف الخوص والدراريع وغيرها. ويقوم المركز بتعليم الأمهات الحروف الأبجدية، والأرقام الحسابية، وتعليمهنّ كيفية كتابة أسمائهنّ وتوقيعات أسمائهنّ، وأرقام الهواتف، وكيفية استخدام الجوالات الحديثة. ونوهت السيدة عائشة الحرمي بأنّ المقعد بعد نجاحه تمّ عمل فرع للمقعد بالدوحة ليحاكي التراث القديم، ولجذب كبيرات السن إلى الالتقاء في مكان يحاكي التراث القطري. وأعربت عن تمنيها من الجهات المختصة إقامة مبنى خاص لكبار السن والجدات يحاكي حياة البساطة، ويصلح لأن يكون ملتقى للأمهات ممن يحفظنّ التراث ويمكنهنّ نقله وروايته للأجيال، مضيفة ً أنها تأمل من الجهات الاجتماعية الراعية لهذه الشريحة الغالية على قلوبنا أن تؤسس لمكان او مقعد أو ملتقى يحاكي في بنائه تراث الأجداد، وكأنه الحياة التقليدية ببساطتها، ويتيح لأهالي الحي أو الفرجان الاستفادة من خبرات الجدات. الحكايات الشعبية تقول الوالدة هيا محمد سلطان الباكر: أشارك كل ثلاثاء مع أمهات المنطقة مقعد الضحى، ونجتمع سوياً لرواية القصص والحكايات الشعبية، ويتم توثيق التراث الشفوي من قبل مشرفات المركز، وبعضنا يقوم بحياكة الملابس والوسائد والمفارش ونعلمها للبنات، وبعضنا الآخر يقوم بأشغال التطريز مثل القطبة والنقدة.

1973

| 25 يونيو 2016

محليات alsharq
الجدات تروي لـ"الشرق" ذكريات رمضان لوَّل

جدات: الفريج كان يجمع الصغار والتكنولوجيا فرقت الأبناء وحولتهم إلى آلة ربات البيوت الأكبر سناً يتولينّ إعداد أصناف الطعام لأهل الحي الحياة التقليدية كانت تخلو من عاملات المنازل والمطاعم تستعيد الجدات ذكريات الروحانية في الزمن الجميل، وتصفنه بأنه زمن البساطة والتكاتف والإيثار والتجمع الاجتماعي، لا تفرقه وسائل تكنولوجية، ولا رسائل نصية، ولا فضائيات، ولا مدن حديثة، تحيطه العادات والتقاليد برباط الأصالة، وتعيش في أعماقه معاني المجتمع القطري من كرم وطيبة ونخوة. تؤكد كبيرات السن في لقاء أجرته معهنّ الشرق أنّ الماضي كان جميلا بكل ما يحمله من بساطة ورونق، لم تمتد إليه يد المدنية ولا الضوضاء ولا العشوائية ولا الوسائل الحديثة التي حولت الإنسان إلى آلة. في هذا اللقاء تحملنا الوالدة هيا بنت محمد سلطان الباكر "أم خليفة" إلى عبق الماضي، وتقول: كان يبدأ رمضان باستقبال هلاله، ونجلس في تجمعات أسرية من الأهالي وسكان الفريج الواحد في انتظار رؤية الهلال، وكذلك ليلة النصف، وليلة القدر، وليالي العشر الأواخر.. كل تلك الليالي كانت تحمل معها الروحانية، وكان التراث القطري يزينها من الفرحة والبهجة والطيبة التي تجمع أهل الحي الواحد. يبدأ استعدادنا بشراء تموين الشهر من الحبوب والنشا والساقو والهيل والسكر وحب الهريس واللحم والدجاج، ثم يستعد البيت الكبير الذي يضم الجدة أو الوالدة وكبير الأسرة بتجهيز مؤونة الشهر، ويكلف في ذاك الوقت ما بين 200ـ 400 ريال وقد يصل إلى 500 ريال، بينما اليوم تنفق الأسر آلاف الريالات لشراء تموين المطبخ وبالكاد يكفي الأسرة الواحدة. وكانت الجدة أو الوالدة هي التي تطبخ الطعام وتعده كل يوم، ولا يخزن منه شيء، وليس كما تفعل الكثير من الأسر تقوم بشراء المأكولات المخبوزة الجاهزة والمعدة مسبقاً مثل الرقاق والعقيلي والكباب والعيش واللقيمات لتكفيها طوال الشهر، وتقوم بقية سيدات البيت بمساعدتها من تنظيف المطبخ وأماكن الجلوس لتناول الطعام وتهيئة المكان لاستقبال أفراد الأسرة، لأننا نعيش في أسر ممتدة من الجد والجدة والوالدين والأبناء وزوجاتهم، وليس كما هو الحال اليوم تعيش كل أسرة بمفردها. وتضيف أنّ البيوت زمان أول كانت تأكل لقمتها مع بعضها، وتوزع أصناف الطعام الذي تطبخه على المنازل المجاورة، وهي عادة قديمة لا زالت قائمة إلى اليوم بين البيوت. وتقول: كان من عادة الأسر الطبخ يوم بيومه، ولا تشتري الأكلات من الشارع حيث لم تكن هناك مطاعم ولا وجبات سريعة، وما يتبقى من الطعام تخزنه الأمهات في رف علوي يتوسط الغرفة منعاً من الحشرات والحيوانات الصغيرة. أما عادة توزيع الأطعمة على البيوت يقوم بها صغار البيت، ويلفون على الجيران لتوزيع أطايب ما أعدته الجدات من هريس ومكبوس ولقيمات وغيره. واليوم، تقول: أقضي رمضان في العبادة واستذكار العبر، وأعيش في الماضي الجميل، وعندما يحين موعد إعداد الطعام أقوم بتعليم عاملة المنزل كيفية إعداد الأطباق القطرية على أصولها مثل الهريس والثريد والعصائر والمضروبة. وتختم حديثها قائلةً: الزمن القديم لا يندثر، لأنه يعيش في نفوس محبيه وأهله وأبنائه، وهناك رغبة وشغف من الكثيرين بالعودة إلى زمن الأصالة والبساطة. ومن جانبها تصف الوالدة هيا مبارك حياة الماضي في ليالي الشهر بأنها من أجمل اللحظات التي تمر على كل إنسان، وكان سكان الفرجان على قدر حالهم، يقسمون اللقمة سوياً مع غيرهم من الجيران والأقارب. استعدادات الشهر وعن الاستعدادات، تقول: كنا نستعد بشراء أغراض المطبخ من الدكاكين، وهذا في الأسبوع الأول من الشهر ثم نشتري كل يوم بيومه، ولم يكن أبناؤنا يأكلون الطعام من الشارع، ولا يجتمعون حول مائدة واحدة إلا من إعداد ربات البيوت والجدات. وتضيف: كانت سيدات البيت يتزين بارتداء الجلابيات الخفيفة، بعد عناء يوم لتحضير الإفطار، ويجتمعنّ في بيت أكبرهنّ سناً لتبادل الخبرات والقصص، وكنّ يتعبدنّ طيلة الشهر ويستذكرنّ دروسه في بيوتهنّ أو بحلقات الذكر. أما الوالدة موزة الحميدي، فتتحدث عن وقت بدء إعداد الطعام، وتقول: كنا نبدأ يومنا بالاستعداد مبكراً بتجهيز أغراض المطبخ ولوازم الطعام، وعند الثانية من بعد الظهر تفترش السيدات حوش البيت، ويدخلنّ المطبخ، وكل واحدة منهنّ تقوم بعمل شيء، وفي ذاك الزمن لم تكن لدينا عاملات أو مدبرات منزل، إنما كانت كل سيدة تعد مطبخها بنفسها بمساعدة زوجات أبنائها أو بناتها، وكان الطهي مدرسة تعلمه الأم لبناتها وقريباتها. وفي ذاك الوقت، عندما تبلغ البنت من العمر 14 سنة تبدأ الأم في تعليمها فنون الطهي، وقبل هذه السن كنّ يساعدنّ أمهاتهن ّ في تنظيف الغرف وترتيب أماكن إقامة الأسرة، إلى جانب دراستهنّ ومواظبتهنّ على حفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه. خبرات الجدود وتضيف الوالدة موزة الحميدي: إنّ أجواء البيوت في الزمن القديم كانت تحفز الأبناء على التعلم من خبرات الجدود والجيران، وكانوا يتعلمون ما يدور حولهم من مواقف وليس مثل زمن اليوم، نجد الأبناء لا يفارقون أجهزة الكمبيوتر ولا الهواتف التي لا تضيف لهم أيّ معرفة جديدة. وتصف الوالدة عكشة بنت علي الحياة البسيطة بأنّ كل واحد على قدر حاله، حيث تذهب الأسرة في جولة للسوق الذي يبعد بمسافات طويلة، ولم تكن هناك وسائل نقل إلا المشي أو الدراجات بعض السيارات. وتبدأ الأسرة بشراء مؤونتها من الدقيق والأرز والهريس والسكر والدهن، حيث كانت ربات البيوت يطبخنّ في وقت واحد، والجميع يجتمع في حوش البيت أو المطبخ لإعداد مائدة الشهر. وتصف الحياة العملية بأنّ كل أم تمارس دورها، فإحداهنّ تطحن الحبوب على الرحى، والثانية تخبز الرقاق على التاوه وهي قطعة قديمة للطهي، والثالثة تعد حب الهريس، وأخرى تقوم بجلب الماء حيث لم تكن لدينا ثلاجات، وكنا نبرد الماء في مكان نظيف. وتنصح الأبناء بالعودة إلى رحاب الأسرة الممتدة، لأنها بنت جيلاً من المميزين، وهذا يضفي على شخصياتهم خبرات ومعارف لا يمكن تعلمها إلا من الحياة. وفي إطلالة تاريخية سريعة، نستمدها من كتاب المطبخ القطري الصادر عن متحف قطر الوطني، يفيد أنه روعيّ في البيت القديم أن تكون سقوف المباني أفقية مستوية، بسبب مناخ الحرارة في فصل الصيف، وقلة الأمطار في فصل الشتاء، حيث أملت طبيعة البلاد ومناخها الحار الرطب طريقة بنيان خاصة. ويستخدم الطين لصف الحجارة فوق بعضها، ولتغطية أسطح المنازل تستخدم اللياسة، وهي قطعة من الطين لسد فراغات السقف الصغيرة، وبمرور الوقت أدخل أصحاب البيوت الأخشاب في تزيين الأسقف لأنها تجلب الهواء. يتكون المطبخ القديم من أركان عديدة، ويتوسطه حوش لتجميع نسوة البيت، وهن يقمن بإعداد الطعام، مثل ركن القهوة، والبئر، ومخزن المواد الغذائية، وأرفف لحفظ الأواني ولوازم البيت.

1706

| 09 يونيو 2016