رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابعت قبل أيام قليلة عن قرب، وخطوة بخطوة، رحلة خروج أحد الأصحاب من سوريا إلى دولة مجاورة بحثا عن ملاذ آمن بعد أن ساءت الحالة الأمنية والإنسانية في مدينة حلب منذ شهرين، وعرفت حجم الاستعدادات والتجهيزات التي سبقتها والمخاطر التي صاحبتها، ولمست حجم التحديات المستقبلية التي تدور في ذهن صاحبها.
فكّر صاحبنا ـ كشأن كثيرين أمثاله ـ بترك بلاده التي لم يغادرها إلا زيارة أو سياحة منذ خمسة وأربعين عاما بسبب قصف بيته الذي دمر جزئيا، والقصف المتواصل لحيّه، وتوقف عجلة عمله ومصدر رزقه، وخوفه من الفوضى والابتزاز المتزايدين.
تأخرت رحلة صاحبنا غير مرة بسبب الممرات والطرق غير الآمنة، وكان ثمة خشية أن يتأخر عن الحدود، وأن يمنع من الخروج كما حصل مع آخرين، لكن ما سهل عبوره، لطف الله ودعاء أحبابه له أولا، ثم اضطراره لدفع رشى للمعبر السوري ثانيا، بينما تأخر غيره ممن سبقوه قبل ذلك على هذا المعبر.
في أول اتصال لي به بعد خروجه وصف لي شعوره النفسي مشبِّها حالته كحال سمكة خرجت من ماء نهرها الصغير، وكشجرة خلعتها من جذورها الضاربة في تربة الأرض، ثم تحدث لي عن التحديات التي تنتظره وتنتظر أسرته في الأيام القادمة، من حيث المسكن والإقامة والعمل ومدارس الأولاد...
صاحبي الذي تحدثت عنه قد يكون محظوظا أكثر من غيره، إذ يوجد مالديه ماديا لتدبير أموره وسفره وإقامته وإن لبعض الوقت، ومن ساعده حتى بلوغ هدفه، ومن استقبله، ومن سيساعده بعد وصوله، ولكن ماذا عن الذين لا تتوفر لهم كل هذه الإمكانات وهذه التسهيلات وهم كثر والأعداد مرشحة للازدياد.
إنها باختصار مشكلة النزوح واللجوء والتشرد التي يعاني منها أبناء الشعب السوري كإحدى إفرازات ثورتهم ضد طاغية دمشق منذ عشرين شهرا، بكل تداعياتها ومعاناتها الإنسانية التي تزداد تفاقما، بسبب بطش النظام واعتماده الحل الأمني والعسكري في مسعاه للقضاء عليها، إلى جانب ما يتعرضون له من قتل وسجن وتعذيب وهدم للبيوت، وانتهاك للأعراض وتخويف وترويع.
وبحسب إحصاءات دولية موثّقة فإن عدد النازحين في الحد الأدنى بلغ 1.2 مليون شخص، فيما يبلغ عدد السوريين المسجلين أو بانتظار التسجيل كلاجئين في الأردن ولبنان وتركيا والعراق أكثر من 300.000 لاجئ، ويعتقد مراقبون أن هذه الأعداد أكثر من ذلك بكثير.
إن هذا الوضع الإنساني يتطلب دعما عربيا وإسلاميا ودوليا عاجلا ومتواصلا،من جانب الشعوب والأنظمة، ومن المنظمات الدولية، ولم يعد الحديث كافٍ عن جهد محدود لجمعيات خيرية عربية وإسلامية من هنا وهناك، ولعل أهم هذه الاحتياجات الإغاثية والإنسانية:
ـ توفير المأوى المناسب للحياة الكريمة من خلال مخيمات اللجوء الملائمة، أو الشقق. ولأن بعض الدول كتركيا صارت تتأخر في استقبال مزيد من اللاجئين فينبغي التفكير بإنشاء مخيمات للنازحين قرب المناطق الحدودية، التي تعتبر مأوى مؤقتا أو دائما، وبخاصة أن هذه المناطق صارت خارج نطاق سيطرة النظام.
ـ توفير الغذاء اليومي لهذه الشرائح مثل السلال الغذائية الشهرية التي تتضمن المواد التموينية الأساسية، أو قيمة هذا المصروف اليومي على مثل هذه الاحتياجات الغذائية.
ـ الرعاية الصحية الأولية للأطفال والأسر، لاسيَّما أن بينهم صغارا وكبارا في السن، وهو ما يعني احتياجهم لرعاية خاصة، كما أن من بينهم من يعاني من آثار عمليات جراحية وعلاجية أجريت لهم بسبب الظروف الدائرة في سوريا.
ـ التعليم، فقد يكون ميسورا التحاق اللاجئين السوريين في الأردن، ولكن هذا الأمر تكتنفه صعوبات في لبنان، وربما في العراق، ولكن المشكلة الأكبر في تركيا، حيث لا يقبل الطلاب في المدارس الحكومية، وكل ما هو موجود نوع من التعليم المحدود في المخيمات، وفي بعض المدارس التي أنشاتها جمعيات خيرية تركية مثل (IHH) لتعليم أبناء اللاجئين السوريين، ولكنها غير مرخصة من الجهات التعليمية التركية، وهو ما يعني ضياع عام تعليمي كامل على هؤلاء الأطفال (العام الماضي)، والعام الدراسي الحالي.
ومع خشية طول المدة يحتاج الأمر لتفاهمات مع الجهات المستضيفة لتوفير التعليم المناسب لأبناء اللاجئين، وأكثر من ذلك إقامة برامج تثقيفية وتدريبية للمقيمين في المخيمات أو من هم خارجها لاستثمار أوقاتهم بالنافع المفيد، وإكسابهم مهارات معينة تعينهم على تطوير قدراتهم، وتوسيع مداركهم، وتأمين مصدر رزق لهم رجالا ونساء وشبابا.. ويتصل بذلك طلبة الجامعات والمعاهد أيضا.
ـ برامج الدعم النفسي، فكثير من أطفال اللاجئين وأسرهم تعرضوا لصدمات وضغوط نفسية كثيرة بسبب قسوة ماشاهدوه مناظر، وما تعرضوا له من مواقف، وكلها تحتاج لدعمٍ يعنيهم لإعادتهم للحياة الطبيعية وتجاوز العقد في حياتهم.
قصة نزوح ولجوء الشعب السوري التي يبدو أنها ربما ستكون طويلة تحتاج إلى التفاتة جادة من المنظمات الدولية، ومن الجهات العربية والإسلامية الرسمية والشعبية، تتناسب مع أهوالها وأحوالها الإنسانية المتفاقمة، سواء على مستوى البرامج والخطط أو على مستوى الدعم المادي واللوجستي.
المشهور الذي لم يعد مشهوراً
(ترويج «مشاهير التواصل» للسلع الرديئة يفقدهم المصداقية) جذبني هذا العنوان لدى تصفُّحي اليومي لموقع صحيفة الشرق القطرية وهو... اقرأ المزيد
171
| 25 نوفمبر 2025
معايير الجمال
منذ صغرنا ونحن نشاهد الأفلام والدعايات التي رسخت في عقولنا الشكل والجسم الذي يجب أن نظهر عليه. أتحدث... اقرأ المزيد
177
| 25 نوفمبر 2025
ارتفاع الإيجارات.. أزمة متنامية تستدعي حلولًا واقعية
يشهد سوق العقارات في دولة قطر ارتفاعاً متواصلاً في الإيجارات السكنية والتجارية على حد سواء، حتى أصبحت الإيجارات... اقرأ المزيد
330
| 25 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13596
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1797
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1173
| 20 نوفمبر 2025