رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

426

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

بركة النية قبل القرار

31 مارس 2025 , 02:00ص

هناك أمر واحد حتمي في نفوس جميع الناس ألا وهو حديث النفس قبل فعل الشيء، أو بمعنى آخر هي النية القلبية للعمل. وإن الأخلاق مطلوبة في كل مكان سواءً بين الأهالي في المجتمع أو أماكن العمل. فلا يمكن اجتزاؤها من العمل. وبها تكون بركة العمل، وهي القيمة المعنوية في أداء العمل؛ أي التوفيق مع الزيادة في النتائج الإيجابية. قد يعتقد الكثير من الناس أن الهدف الرئيسي للذهاب للعمل هو كسب المال فقط! وإن كان هذا مشروعا ومن المسلمات، ولكن عندما يسأل؛ ماذا سوف تعمل بهذا المال؟ تختلف الفكرة السائدة في أذهان الناس وتأتي وجهات النظر المختلفة. الأمر الذي يعيدنا إلى المربع الأول؛ ألا وعلاقة النية بالبركة والتوفيق عند اتخاذ القرار والبدء بالعمل. أعزائي الكرام أتقدم بخالص التهنئة والتحيات بحلول عيد الفطر المبارك، أعاده عليكم باليُمِن والبركات وتقبل صيامكم.. اللهم آمين.

ليس كل غايات البشر الرئيسة هي كسب المال. وإنما هي وسيلة مؤدية للغاية. وقد تكون هذه النية حسنة وقد تكون سيئة أو خبيثة! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..) رواه الشيخان. إنما التوفيق في أمور الحياة تبنى على النيات مهما طال الأمر أو قصر. إذا ما علمنا أن لولا القوانين واللوائح المنظمة في المجتمع والدولة؛ لكان كثير من تلك المجتمعات تعيش واقع الغابة كما يُظَنّ؛ أي الفوضى، ولا أرى ذلك! حيث إن الحياة الفطرية تجري وفق قانون رباني محكم، ولكن التجاوزات بين البشر؛ تحدث فقط بشكل مبني على النوايا يفسد هذا النظام وفق تلك النيات والغايات. تذكرت نظام تقييم الأداء في احدى شركات الطاقة التي عملت فيها سابقاً، حيث كان في استمارة التقييم خانة معنونة بالقيمة! (أي قيمة الأداء) فتساءلت كيف يمكن قياس ذلك؟ الأمر يكمن في أن عند عمل المهام المنوطة بالموظف، فكيف يؤديها من الناحية المعنوية وكيف حصل نتائجها. فمثال ذلك هو من يستعين بزملائه بالعمل ويجحف حقهم المادي أو المعنوي أي كان. وتتعقد الأمور أكثر إذا كان مسؤولك المباشر بالعمل هو من فعل ذلك! وهذا الأمر شائع بشكل كبير في كل مكان اليوم للأسف. فقد يؤدي الموظف عمله ولكنه يتلاعب بنتائج أدائه أو مديره، وبذلك انتفت القيمة المطلوبة لأداء العمل؛ وهي الجدارة.

إن الأمر يصبح معقداً عند الحديث عن النوايا في القرارات من الناحية الأخلاقية والسياسات، ومنها المستويات الدولية. حيث تختلف المصالح والغايات التي تمس حياة الشعوب. ومثال ذلك؛ المفاوضات السياسية بين الدول، فإن الأمر يصبح أكثر حساسية وصعوبة، والأمر يكون توافقيا بين جهتين متضادتين، والقرارات تصبح مصيرية.

الغريب في دنيا الناس اليوم، أن بعضهم يستخدم حديث «الحرب خدعة» رواه البخاري في غير موضعه! على أنها حالة عامة للتعامل في جميع مجالات الحياة! ولا يمكن ذلك حتى مع فهم مدعي هذا الأمر، حيث لن تستوي حياته على الصعيد الشخصي! ولزم عليه وضع فاصل للتعامل بين القريب والبعيد، مما يؤدي إلى التناقض مع هذا التعميم، وكيف يصلح ذلك وفيه ضرر الآخر والأغرب إن فهمه السقيم لم يجعله ينتبه للفظة الحرب الواضحة بالتخصيص؟! إنما بركة القرارات تأتي بخالص النية عبر الوفاء بالعقود بشكل معنوي ومادي، والذي يحصل منه البركة؛ حيث فضل الزيادة على الناس والجمادات وكل شيء حي. قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } المائدة (١).

مساحة إعلانية