رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التطوع هو أن يكرّس الإنسان وقته وجهده ويقدّم مهاراته للآخرين دون أن يكون ذلك واجبًا عليه ودون انتظار مقابل مادي. وبما أن الإنسان كائن يعيش في جماعة، فهو بحاجة إلى غيره، وتلبية احتياجات الآخرين تُسهم في تيسير الحياة. غير أن الثقافة الرأسمالية الحديثة تدفع الناس إلى الأنانية والسعي وراء المصالح الشخصية بدلاً من تغليب المصلحة الجماعية. لكن الإسلام يشجع على التطوع، كما أن الحياة المعاصرة في أمسّ الحاجة إلى الإسهام التطوعي. فالعمل من أجل مصلحة المجتمع، بدءًا من العائلة الكبرى ووصولًا إلى المجتمع العام، يُعد فضيلةً تساهم في سعادة الفرد وسلام المجتمع، وتشكل علاجًا للعديد من مشكلات المجتمع الحديث.
يحظى العمل التطوعي بمكانة راسخة في التقاليد الإسلامية، ويكتسب معنى أسمى عندما يُؤدى ابتغاءً لرضا الله تعالى. ففي الحديث الشريف الذي رواه الطبراني: «أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ»، وأحاديث كثيرة غيره، نجد تشجيعًا واضحًا للمؤمنين على القيام بالأعمال الخيرية غير المفروضة، أي الأعمال التطوعية. وقد نشأ عن هذا الفهم للبر عبر التاريخ الإسلامي إرثٌ وقفي قويّ، حيث كان المسلمون يتسابقون في تلبية حاجات الآخرين. واليوم، نحن بحاجة إلى إحياء هذا الإرث ونقله إلى الأجيال الجديدة.
إن العمل التطوعي الذي يتم تحت تأثير الإرادة الحرة، يُسهم في تنمية الفرد على المستوى الشخصي، من خلال إكسابه مهارات التواصل والعمل الجماعي. كما يساعده على الشعور بالقيمة والمعنى، بل ويجعله أكثر امتنانًا عند رؤيته لحاجات الآخرين، مما يؤدي إلى تقليل مستويات التوتر والاكتئاب. وتشير الدراسات إلى أن المتطوعين يتمتعون بمعدلات أعلى من السعادة ومستويات أقل من الاكتئاب. علاوة على ذلك، لا يقتصر التطوع على الأثرياء أو أصحاب العلم، بل يمكن لأي شخص يمتلك وقتًا أو مهارات أن يشارك في الأعمال الخيرية.
يكتسب الشباب من خلال مشاركتهم في العمل التطوعي، مهارات حياتية قيّمة تلازمهم طيلة حياتهم. كما تتيح لهم هذه التجارب فرصة التعرف على أشخاص جدد ووجهات نظر مختلفة، مما يوسّع مداركهم ويطوّر طريقة تفكيرهم تجاه العالم. ويُسهم العمل التطوعي كذلك في تنمية صفات القيادة لدى كثير من الشباب. ومن جهة أخرى، فإن العديد من الشركات والمؤسسات تُولي أهمية خاصة للتجارب التطوعية عند تقييم المتقدمين للوظائف، مما يعزّز فرصهم في الحصول على وظائف أفضل أو الترقية المهنية. والأهم من ذلك، أن الشخص الذي يقدم نفعًا للمجتمع يشعر بقيمة أكبر لذاته ويزداد احترامه لنفسه، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على صحته النفسية والعقلية.
للتطوع فوائد اجتماعية كثيرة، من أبرزها إتاحة الفرصة للتواصل مع الآخرين وتكوين صداقات جديدة. ونظرًا لازدياد إدمان الهواتف والأجهزة اللوحية، يُعد العمل التطوعي فرصة ذهبية لربط الشباب ببعضهم البعض وتعزيز التفاعل الإنساني بينهم. كما أن فعل الخير يخلق علاقة قوية بين من يُقدّم المساعدة ومن يتلقاها، وبين من ينظمون الجهود لتقديم العون للآخرين. ومن خلال ذلك، يتعزز شعور الانتماء إلى المجموعة أو المجتمع، وتنمو روح التضامن. إن رعاية الناس لبعضهم البعض تُعد ضرورة دائمة في منطقتنا التي لا تخلو من الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية، وهي في الوقت ذاته من أبرز نقاط قوة المجتمعات الإسلامية مقارنة بالمجتمعات الغربية.
يُعد نقل الخبرات من أبرز أشكال العمل التطوعي، حيث يُساهم المهنيون الناجحون في دعم الشباب الفقراء من خلال تعليمهم وتأهيلهم لسوق العمل. كما أن تطوع المعلمين خارج أوقات الدوام للاهتمام بتعليم الشباب، أو سفر الأطباء إلى مناطق الحروب والمآسي لتقديم العلاج المجاني، يمثل دعمًا كبيرًا للصحة العامة. ومن الأمثلة الملهمة، الجهود التي تبذلها العديد من المؤسسات التطوعية التركية والقطرية لتأمين وصول المياه والأغذية لإخوانهم في أفريقيا. إضافة إلى ذلك، فإن العمل التطوعي بما يتطلبه من نشاط بدني وذهني يسهم في تحسين الصحة العامة للمواطنين، ويعزز من شعورهم بالمسؤولية والانتماء.
بكل أسف، في الدول المسلمة سواء كانت غنية أو فقيرة، انتشرت عادة الاعتماد الكامل على الدولة لتلبية كافة الاحتياجات. هذا الأمر يؤدي إلى استسلام المواطنين للكسل وقلة المبادرة. رغم جودة خدمات الدولة، يبقى هناك دائمًا أشخاص داخل البلاد وخارجها يعانون من نقص في احتياجاتهم. لذلك، يلعب المتطوعون دورًا مهمًا كمكملين لهذه الخدمات، ويساهمون في التخفيف من مشكلات مثل التعليم، وحماية البيئة، ومكافحة الفقر. لذا، من الضروري نشر ثقافة التطوع التي تُعد من القيم الأساسية في تراثنا الإسلامي، لأنها لا تقتصر فقط على مساعدة الآخرين، بل تغني حياتنا الشخصية أيضًا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه ليس موتًا محتومًا. الطعنة قد تُنهك الجسد، لكنها تُوقظ الوعي. وبين الألم والصمت، يظل التعليم هو السلاح الأصدق يعلّمنا كيف نحول الخنجر إلى درس، والنزيف إلى ميلاد جديد. وحين نتعلم ذلك، سنستطيع أن نكتب تاريخًا لا يُختزل في طعنة، بل في كيفية النهوض بعدها، حتى لو جعلتنا الطعنة لحظةً لا نستطيع أن نستقيم ولا أن ننحني. الطعنة ليست مجرد نزيف جسدي، بل نزيف قيمي، يعكس خيانة الثقة وارتباك المصالح، ويمتد أثره إلى الوعي الجمعي، حيث يتحول الألم الفردي إلى جرح اجتماعي، لا يُعالج إلا ببناء عقول قادرة على فهمه وتجاوزه. ما ردور الأفعال المحتملة بعد طعنة الخاصرة؟ 1. الانكسار والصمت: حين يختار المجتمع الصمت بعد الطعنة، فإنه يتعوّد على الخوف، ويورّثه للأجيال. يصبح الاستسلام عادة، وتتحول الكرامة إلى ذكرى. • انعكاس اجتماعي: مجتمع صامت يولّد أجيالًا مستكينة، ترى في الخضوع نجاة. • المعالجة بالتعليم: غرس قيم الشجاعة الفكرية، وتعليم الطلاب منذ الصغر أن التعبير عن الرأي ليس جريمة، بل حق وواجب. 2 - الانتفاض والثأر. ردّ الفعل الغاضب قد يحوّل الألم إلى شرارة مقاومة، لكنه قد يفتح أبواب العنف. الثورة بلا وعي تُنتج فوضى، لا حرية. • انعكاس اجتماعي: مجتمعات تعيش على وقع الثأر تفقد استقرارها، وتُدخل أبناءها في دوامة عنف متجددة. • المعالجة بالتعليم: تعليم فنون إدارة الأزمات، وتعزيز ثقافة الحوار والمقاومة السلمية، ليُوجَّه الغضب إلى بناء لا إلى هدم. 3. التفاوض والمرونة الطعنات قد تكون رسائل سياسية. المرونة والتفاوض خيارٌ يُنقذ ما تبقى، لكنه قد يُفسَّر ضعفًا أو خضوعًا. • انعكاس اجتماعي: مجتمعٌ يتبنى ثقافة المساومة قد ينقسم بين من يرى فيها حكمة ومن يراها تنازلًا. • المعالجة بالتعليم: إدخال مناهج تُدرّس فنون التفاوض والوساطة، حتى ينشأ جيل يوازن بين صلابة المبادئ ومرونة المصالح. 4. التحالفات الجديدة كل خنجر قد يدفع إلى إعادة الحسابات، والبحث عن حلفاء جدد. لكنه خيار محفوف بالمخاطر، لأنه يبدّل خريطة الولاءات. • انعكاس اجتماعي: قد يعيد الأمل لفئة، لكنه قد يزرع الشك والانقسام في فئة أخرى. • المعالجة بالتعليم: تعليم التاريخ والسياسة بنَفَس نقدي، حتى يفهم الطلاب أن التحالفات ليست أبدية، بل مصالح متحركة يجب التعامل معها بوعي. 5. التجاهل والمكابرة أخطر الخيارات هو الادعاء أن الطعنة سطحية. المكابرة هنا نزيف صامت، يُهلك من الداخل بلا ضجيج. • انعكاس اجتماعي: يولّد مجتمعًا يهرب من مواجهة الحقائق، ويغرق في إنكار الواقع. • المعالجة بالتعليم: إدخال قيم النقد الذاتي والشفافية، وتربية جيل يتعامل مع الأرقام والوقائع لا مع الأوهام. 6. الاستبصار والتحول أرقى الردود أن تتحول الطعنة إلى درس. فكل خنجر في خاصرة الأمة قد يكون بداية نهضة، إذا استُثمر الألم في التغيير. • انعكاس اجتماعي: مجتمع أقوى، يحوّل الجرح إلى مشروع بناء. • المعالجة بالتعليم: تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ليُصبح الألم مصدر قوة، والصمت فضاءً لإعادة صياغة المستقبل. وأنا أقول.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تُهزم مهما تكررت الطعنات. وحده التعليم يحوّل الخنجر إلى درس، والصمت إلى صوتٍ أعلى.
1413
| 15 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة الدوحة مدينة السلام الذي تسعى اليه ليعم جميع أنحاء العالم والإنسانية، جاء هذا الاجتماع من مبدأ انصر أخاك الذي تعرض لهجوم غادر من قبل دولة تدعي أنها تطلب السلام ولكنها قصفت من كانوا يناقشون نقاطاً تتصل بالسلام بينها وبين شعب يطلب أن تكون له دولة ومكان والكل عرف ذلك فاستنكر ما تم على ارض قطر التي تدير معها دول أخرى حوار السلام، لأن العنف ليس من مفهومهم جميعاً طالبي هذا الطريق للدول والإنسانية جمعاء، لذا ما إن تم هذا العدوان إلا واستنكره الجميع قريب وجار وبعيد عن المكان الذي وقع فيه العدوان وأخذ كل طرف ودولة موقفه من هذا العدوان فنعم ما كان حتى تقرر عقد قمة تضع النقاط على الحروف ليعلم المعتدي انه ليس من العقل ان يقوم هذا العدوان على دولةٍ طرف أساسي في حوار السلام، فلبى الجميع من يعنيهم الأمر نداء الاجتماع عربا كانوا او مسلمين ليصدروا بيانهم المندد بهذا التصرف الهمجي من قادة اسرائيل على الدوحة ارض السلام والوئام وحتى الدول الأخرى حاضرة ببياناتها المنددة وموقفها الرافض لهذا العدوان فاتخذت ما رأته وتجب عليها كدول وقعت على ميثاق الأمم المتحدة من نبذ العدوان والتصرف غير المقبول ضد أي دولةٍ عضو ومعهم في هذا التجمع الدولي، فتحية شكر لهم جميعاً من سيكون تحت قبة الاجتماع او خارجه متضامناً معهم لما سيتخذ من قرار يدين ويستنكر هذا التصرف اللا أخلاقي، فالدوحة سعيدة بكل من يقيم على ارضها بأمان وحب جميع الشعوب لهم بأن لا تنتشر الفوضى في كل مكان ويصدر القرار ليؤكد حق قطر في ان يقف معها كل من يؤمن بمبدأ السلم والأمان وأنها دولة تسير نحو مبدأ أن لكل إنسان وكيان الحق في العيش بأمان وبناء دولته ونفسه كباقي شعوب العالم في أي مكان، فالتقدير للمواقف الشريفة التي وقفها الأخ والجار والإنسان الشريف صاحب الضمير الحي في هذا الزمان، وسيجعل الكل يدرك انه ليس بعيداً عن المحاسبة والسؤال لما اقبل على هذا العمل الجبان في دولةٍ او شعبٍ يهمه البناء والتحضر كباقي الشعوب والدول في أي مكان، فلقاء الدوحة سيكون سابقةً تؤكد حرص اصحاب الفكر والمنطق انهم مع احترام المبدأ الذي وقع عليه في مجلس الأمن الدولي باحترام القانون مهما كانت قوته، فليس هناك من له الحق تجاوز النظام الدولي في أي مكان.
669
| 15 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت تصحب طلابنا، وصاحب هذه الفكرة (هوراس مان) وزير التعليم الأمريكي آنذاك، ويعتبر رائداً في مجال الإصلاحات التعليمية في بلاده، تأثر بالنظام البروسي في أوروبا وآمن بأهميته وتطبيقه، وكان يرى أهمية فكرة الاثني عشر عاماً أنها توحد النظام التعليمي، وتضمن تكافؤ الفرص، وتؤهل الطلبة حيث يتم تزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للحياة، سواء في التعليم الجامعي أو في مسيرته المهنية، ومن أهمية هذه الفكرة كذلك تأتي مرحلة النضوج للطالب بسن 18 عاماً وهو ما يعتبره الطالب فيه بالغاً. وبعد هذه الرحلة الطويلة جداً (أكثر من قرنين) من عمر هذه الفكرة ونحن في القرن الحادي والعشرين ما زلنا مع منظومة دراسية عاش معها أجيال وأجيال من الطلاب، أما آن لأجيالنا القادمة أن تصحب منظومة دراسية جديدة في مراحلها التعليمية النظامية، ونكتبها وبصراحة آن للمنظومة الدراسية أن تتغير. ولا ننسى أن نذكّر أن الطالب يقضي أكثر عمره على مقاعد الدراسة، ثلاث سنوات في الحضانة، وسنتان في الروضة، واثنتا عشرة سنة في المرحلة الدراسية النظامية، والمجموع سبع عشرة سنة، أكثر مما يقضيها في الدراسة الجامعية في جميع مراحلها من (البكالوريس والماجستير والدكتوراه)، ما هذا يا الكرام، ونقول كفى!. وهنا نطرح مبادرة بوجه جديد للمنظومة الدراسية، ولنقف على ما يناسبنا لا ما يقرره ويفرضه علينا غيرنا، فنحن نريد تعليماً رائداً وأن نصنع لمجتمعنا منظومة تتلاءم مع مستجدات الحياة والمتغيرات من حولنا دون المساس بالثوابت والمبادئ التي ينتمي لها مجتمعنا وهو دينه الإسلامي وهويته الإسلامية والعربية الأصيلة. والمبادرة أيها الكرام... تقول: المراحل الدراسية الاثنا عشر الحالية يمكن دمجها، أقترح أن تصبح كالتالي:- أولاً: المرحلة الابتدائية فقط خمس مراحل أي من (الصف الأول إلى الصف الخامس الابتدائي ويلغى الصف السادس). ثانياًً: المرحلة الإعدادية مرحلتان (الأول والثاني الإعدادي ويلغى الصف الثالث الإعدادي). ثالثاً: المرحلة الثانوية ثلاث مراحل من الأول إلى الثالث ثانوي كما هي الآن، لأنها مرحلة تخصصية وتحدد مسار الطالب فيما يرغب من توجه نحو المسار الدراسي ما بعد المرحلة الثانوية. فلنكتب مشهداً دراسياً تعليمياً في حياة طلابنا فيه من الفأل وسيرى الأثر. فكم من مشهد جديد أتى بالمباهج في الحياة!. كلمات موجزة... عشر سنوات دراسية كافية لصناعة طالب اليوم وتصنع الفارق في حياته!. صناعة الوقت في حياة طلابنا أصبح ضرورة!. كفانا تقليداً وسيراً خلف غيرنا!. طالب اليوم ليس كطالب الأمس!. الطالب الصالح المتحرك هو خير ضمان لبناء مجتمع قوي والقيام على نهضته!. القرار بأيدينا ونحن من نصنع النموذج التعليمي الدراسي! نعم القرار نحن من يصنعه. «ومضة» تعليم مختصر أفضل من تعليم طويل ممل قائم على التلقين والحفظ ثم يُنسى ثم لا شيء!.
627
| 18 سبتمبر 2025