رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
دعوات السفور وخلع الحجاب التي انطلقت هذه الأيام في مصر من كتاب ليبراليين ومن أناس عاديين عبر مداخلات على برامج التوك شو أو على صفحات الجرائد بلغت حد الهوس والسعار بدعوة البعض من هذه الأصوات إلى مليونية في ميدان التحرير للتظاهر ضد الحجاب ومن هذه الدعوات دعوة الصحافي شريف الشوباشي النساء في مصر إلى مظاهرة في التحرير لخلع الحجاب إذ قال عبر صفحته على «فيسبوك» ـ أن الجماعات الإسلامية وفي مقدمتها الإخوان المسلمون هي التي تقف وراء الدعوة لارتداء الحجاب، سعيا لتكوين دولة الخلافة، مؤكداً أن المظاهرة التي يدعو إليها هي استلهام لما قامت به هدى شعراوي عام 1923 حينما خلعت الحجاب كبداية لتكوين الهوية الحقيقية للمواطن المصري، ونسي هذا الكاتب أن دعوة ارتداء الحجاب هي دعوة رب العالمين وليست دعوة جماعة الإخوان أوغيرهم وأنها باتت معلومة من الدين بالضرورة .وأنهم بتجريدهم المرأة من حجابها وبدعوتهم لسفورها وتبرجها يجردونها من كونها إنسانة إلى كونها مجرد أنثى . الشوباشي ليس الصوت الأخير المنادي بهذا الخلع فقد كتب أحمد عبدالمعطي حجازي في جريدة الأهرام يقول " إنه لا يرى بأسا في أن نختلف حول الحجاب، فمن شاء أن يتّبع المدافعين عن الحجاب وفي مقدمتهم عدد من رجال الأزهر، ومن شاء أن يتّبع قاسم أمين وأحمد لطفي السيد وهدى شعراوي وسيزا نبراوي ودرية شفيق وغيرهم وغيرهنّ ممن دعوا للسفور، وجعلوه تعبيرا عن تحرر المرأة.
وأضاف حجازي في مقالته (الحجاب.. المعلوم والمجهول) أنه إذا كان د. سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق قد دافع عن الحجاب، واعتبره فريضة دينية ، فقد رأينا شيخا آخر للأزهر سبق طنطاوي وهو الشيخ عبد الرحمن تاج يقف ومعه زوجته وابنته دون حجاب في صورتين التقطتا لهم وإلى جانبهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وأضاف حجازي أن الحجاب لم يعد يؤدي الدور الذي كان يؤديه في العصور الماضية، مشيرا إلى أن الحجاب ربما يؤدي دورا معاكسا الآن، لأنه يذكّر المرأة بما كانت عليه جدتها فتتقمص شخصيتها، وتسلك سلوكها ، ويذكّر الرجل بما كان عليه جده، فيتعامل مع المرأة، وكأنها محض جسد مثير لا يحول بينه وبينه إلا هذا الحجاب الشفاف الذي يضاعف الإثارة ولا يمنعها." والطامة الكبرى أن حجازي أخذ ببعض الكتاب وترك بعضه الآخر على طريقة لا تقربوا الصلاة فقال الحجاب المذكور في قوله تعالى ” وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهنّ من وراء حجاب” هو هنا ما يكون من جدار أو ستار يحجب نساء صاحب البيت عن ضيوفه الأغراب" واستطرد فقال " والآية تتعلق بنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالذات ” وتناسى الآيات الأخرى .واختتم مقاله باختزال أهداف ثورتي 25 ينايرو (30 يونيو) بالقول " إلى أنه كما أيقظت ثورة 1919 المرأة المصرية، وحررتها من الحجاب، فإن ثورتي يناير ويونيو أيقظتا المرأة المصرية، وطرحتا علينا مسألة الحجاب لنناقشها من جديد .
وقد سبق فاروق حسني وزير الثقافة المصري الأسبق وبعض الفنانين هذه الأصوات واعتبروا الحجاب تخلفا بل قال فنان مشهور إن المرأة التي تلبس الحجاب امرأة معاقة ذهنيا أما فاروق حسني فقال في عام 2006 أن "المرأة المحجبة متخلفة" و"أن النساء بشعرهن الجميل كالورود لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس" و"أن وزارة الثقافة ومن يمثلها لابد أن تكون حائط الصد الرئيسي أمام هذه الأفكار بهدف الدعوة للانفتاح والعمل المحترم", وقال كذلك في تصريح لإحدى الصحف " إن الحجاب يعوق المصريات من قيادة السيارات ومن ركوب الأتوبيس وأن والدته دخلت الجامعة بلا حجاب!!
هذا السعار الليبرالي والديماغوجي لم يبدأ اليوم إذن فقد جاء نتيجة لتراكمات طويلة لثقافة التعري التي تحيط بنا من جميع الجهات, قنوات تعرض أفلاما تسلع المرأة ولوحات فنية ,وتماثيل عارية ,وعروض ومسلسلات في التلفزيون, والإنترنيت ومجلات تتصدرها صدور عارية ورؤوس عارية , وجرائد تتسابق في نزع كل صور الحشمة والحياء عن المرأة ومسابقات جمال باتت تقليدا مستنسخا من الغير في بلادنا العربية ونصوص أيروتيكية جنسية ساهمت وزارة الثقافة المصرية بنشرها على نفقة الشعب المصري نفسه مثل كتاب "وليمة لأعشاب البحر"، التي نشرت في عهد فاروق حسني عام 2000م وفي عام 2003 تمت طباعة كتب مسيئة للإسلام حيث قامت وزارة الثقافة بطباعة كتاب "الوصايا العشر في عشق النساء" على نفقة الدولة, حيث يحتوي الكتاب على مجموعة من الجمل والعبارات التي تمس الدين وتدمر الأخلاق وتخاطب غرائز المراهقين، إضافةً لادعاء الكتاب أحاديث جنسية مسيئة ينسبها للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى الرغم من وقف النشر والطبع إلا أن آثار هذه الكتب وغيرها مما يروج له من وسائل ومطبوعات ظلت تعمل فهذه جميعا رسائل صامتة إلى القاريء والمشاهد تعمل بدأب لتغيير السلوك وتكوين قناعات مغايرة . إن ازدواجية المعايير باتت قاعدة عامة عند الليبراليين العرب فبينما يتشدقون بالحرية والديمقراطية نراهم في الواقع ممارسون للقمع ومصادرة الحريات وبينما قال زعيمهم فولتير " قد أخالفك الرأي ولكني على استعداد لأن أموت من أجل أن تقول رأيك " نراهم يموتون من أجل أن يكمموا الأفواه وينصروا الظالم على المظلوم والفاشية على الديمقراطية والذي يملك على الذي لايملك والسجان على السجين والغني المترف على الفقير المعدم والمرأة المتبرجة المسلعة على المرأة الشريفة المحتشمة . إن خلع المرأة لحجابها ليس له إلا معنى واحد وهو تحويلها إلى فضاء جسد لأنثى تباع وتشترى ونزع لإنسانيتها التي كفلها لها رب العباد من فوق سبع سماوات فقد أثبت العلم أن تعري المرأة ليس له أي علاقة بالحرية وأن الحرية لا تكتسب إلا بالمعرفة الحقة ومن لا يعرف الله تعالى لا يعرف الحقيقة ولا يعرف شيئا وأن دعوات خلع الحجاب ليست إلا دعوات مشبوهة الغرض منها النيل من الدين والترويج لها من قبل إعلام مسعور وإعلاميين مردوا على الكذب والنفاق مقدمة لأتاتوركية جديدة في وطننا العربي تسلخنا عن جذورنا وتلقينا في صحارى التيه لنعاني من عقدة اضطراب الديمومة فلا نعرف ماضينا ولا نستوعب حاضرنا . وواجبنا أن نتصدى لمثل هذه الأصوات بالحجة والإقناع وبتحصين نسائنا وبناتنا بالمعرفة الحقة فوقوف ابنة وزوجة شيخ الأزهر السبق عاريتي الرأس مع جمال عبدالناصر أو رأي فلان أو علان ليس حجة على الدين ، والمعرفة لا تؤخذ في هذا الأمر إلا من الكتاب والسنة لا من غيرهما . وعلى دعاة الليبرالية ترك الحرية للفتاة المسلمة لإظهار تعاليم دينها واحترام اختيارها كما تترك غيرها مع الفارق الكبير بين من يلتزم بدعوة الله تعالى وبين من يلتزم بدعوة العبيد .
جنون في الشوارع
مع تزايد أعداد السائقين الجدد وتسارع الحركة المرورية يومًا بعد يوم، لم تعد القيادة مجرد مهارة فنية فحسب،... اقرأ المزيد
324
| 01 ديسمبر 2025
التزام ثابت بدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات الإنسانية
جاءت إشادة منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، الذي أجرى جولة في أحد مراكز توزيع المساعدات... اقرأ المزيد
87
| 01 ديسمبر 2025
المنطق والتفكير المنهجي وبناء الوعي المعاصر
من العلوم المهمة التي يتراجع الاهتمام بها مع وجود حاجة ماسة في ميدان التعليم بشكل خاص، ومفيدة في... اقرأ المزيد
159
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
1929
| 30 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1740
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1590
| 25 نوفمبر 2025