رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هنادي وليد الجاسم

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

654

هنادي وليد الجاسم

أخطر ما نخافه... لم يحدث أصلاً!!

29 مايو 2025 , 02:00ص

في كثير من الأحيان، لا يكون ما نخشاه هو الواقع ذاته، بل الصورة التي يرسمها خيالنا عنه «فالوهم» بما يحمله من غموض وافتراضات، يملك قوة أكبر على تخويفنا من الحقيقة التي قد تكون، في نهاية المطاف، أقل فظاعة بكثير مما نتصوره.

الإنسان بطبيعته يميل إلى ملء الفراغات التي لا يفهمها بتفسيرات قد تكون سوداوية أو متشائمة. فعندما لا نعرف، نخاف. وحين لا ندرك، نتخيل. وهذه المخيلة، في ظروف القلق والخوف، لا ترحم. بل تبني سيناريوهات مرعبة، تهدم فينا الشعور بالأمان، وتغرس جذور التوتر في تفاصيل حياتنا اليومية.

مثل عندما تسمع صوتا في الظلام، سوف تخاف قبل أن تدرك مصدره، لربما قد تتخيل لصاً أو شبحاً، أو خطراً لربما حيوان معك في الغرفة، ولكن بمجرد أن أشعلت الضوء واكتشفت أنه مجرد تيار هواء حرك شيئاً خفيفاً، فإن مشاعر الخوف تزول فوراً مهما كانت مزعجة، فهي تحمل معها وضوحاً ومفسرة السبب الذي أصدره الصوت.

ولعل من أبلغ الأمثلة على هذا الوهم، عند انتظار نتائج التحاليل الطبية. المريض حين ينتظر، يعيش في دوامة من الاحتمالات المرعبة. يوسوس بأسوأ الأمراض، ويتخيل أسوأ النتائج وأسوأ السيناريوهات، وكل هذا في عقله فقط. لكن ما إن تكشف الحقيقة، حتى وإن كانت موجعة، يهدأ قلبه لأنه صار يعرف من يواجه، ولم يعد يركض خلف شبح بلا ملامح.

إن الوهم لا يملك ملامح واضحة، ولهذا يصعب الإمساك به أو التفاوض معه، إنه يتضخم في الخيال فيغذيه، ويتشعب ويستمد قوته من جهلنا أو من قلقنا أو من التجارب التي لم تروَ للنهاية، أما الحقيقة، فهي وإن بدت موجعة، إلا أنها تضعنا على أرض صلبة، وتمنحنا سلاحاً لمواجهة ما هو آت.

وأسوأ ما في الوهم، أنه قد يمنعنا من اتخاذ قرارات مهمة، أو من خوض تجارب جديدة، أو من مصالحة أنفسنا، نخاف من نتائج لم تحدث بعد، نخاف من كلمات لم تقال، ونخاف من أشخاص لم نلتقِ بهم، فقط لأن خيالنا رسم لهم وجوها من الرعب، فالواقع مهما كان قاسياً، فهو يفتح أمامنا طريقاً للتفكير وايجاد الحلول، أما الوهم فهو يعيشنا في متاهة الخوف والضياع.

خاطرة،،،

تذكر دائماً أن الوهم يخوف أكثر من الحقيقة. لكن الحقيقة تحررنا، أما الوهم فيسجننا.

مساحة إعلانية