رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواهر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

366

جواهر آل ثاني

إدمان الدوبامين!

29 أبريل 2025 , 02:00ص

جميعنا لدينا مهاربنا الخاصة وملذاتنا الدورية او السرية او المصحوبة بالذنب «Guilty pleasures». قد تكون قطعة شوكولاتة يومية او لعبة فيديو بعد الرجوع من المدرسة او النوم لساعات طويلة في عطلة نهاية الأسبوع. أياً كان نوع هذه الملذات او المهارب، هي بنفسها قد لا تسبب ضررا لنا بالضرورة، ولكن قد يكون لها آثار سلبية كبيرة علينا إذا ما أصبح الانسان مدمناً عليها. فالإنسان لا يضره العمل في وظيفة ما على سبيل المثال، ولكنه يُضَر عندما يصبح مدمناً للعمل، ويعمل طوال الوقت، عندها ستتأثر صحته الجسدية وحياته الاجتماعية مع الوقت دون أن يشعر. الأمر نفسه قد يحصل مع ادمان الشخص لمشاهدة التلفاز. مشاهدة المسلسلات والأفلام في حد ذاتها ليست مضرة- في الأغلب- ولكن ادمانها مضر لأنها قد تؤثر في صحة الانسان الجالس طوال الوقت على كرسي يشاهد التلفاز ويأكل ويشرب طعاما غير صحي معظم الوقت.

الأمر الذي لم أذكره حتى الآن، هو ان ادمان أي شيء له أثر عقلي ونفسي وصحي سلبي على الانسان، مُرتبط بالسبب الذي جعل هذا الشخص يدمن هذا الشيء من البداية، فالإنسان الذي أدمن العمل في وظيفته او اكل الطعام غير الصحي او التسوق عبر الانترنت أدمن هذا الفعل لأنه مده بشعور رائع في البداية. لأنه أطلق «الدوبامين» المادة الكيميائية المرتبطة بالمتعة في الدماغ. هذا الشعور جعله يدمن فعلا معينا أو أمرا معينا حتى يشعر بالسعادة او الرضا وانطلاق «الدوبامين» في دماغه في كل مرة. المشكلة في ادمان أي شيء أنه مع الوقت يصبح غير كاف، وتحتاج جرعة أكبر منه حتى ترضى، ومثال على ذلك مشاهدة حلقة واحدة من مسلسلك في اليوم لن تعطيك الشعور الرائع الذي شعرت به في المرة الأولى مع الوقت، فتصبح تشاهد حلقتين يومياً ثم مع الوقت لن تشعر بالرضا او السعادة عند مشاهدة حلقتين فقط، فتشاهد ثلاث وأربع حلقات كل يوم وتستمر هكذا لتشعر بالسعادة، وإن لم تفعل ذلك ستشعر بالضيق والألم والقلق وقد تشعر بأعراض انسحاب حرفياً كما تتناول الموضوع الدكتورة انا ليمبكي في كتابها (أمة الدوبامين: البحث عن التوازن في عصر الانغماس).

إذاً، ما الحل؟ ماذا يمكننا ان نفعل في عصر كل ما فيه يشجع على الإدمان.. ادمان الجوال.. ادمان الطعام.. ادمان التلفاز.. ادمان العاب الفيديو.. ادمان «الاعجابات» وعدد المتابعين؟

الحل هو في التوازن وعدم الافراط في متعة أي شيء والاعتدال في كل أمور الحياة، وان يعلم الانسان انه إذا اسرف في الشعور بالمتعة فسيكون الألم مضاعفا وان اعتداله في الشعور بالمتعة سيجعل ألمه معتدلاً وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:  «كل واشرب والبس وتصدق في غير سرف ولا مخيلة».

وما الحل لو أدمنا شيئا ما مثل ألعاب الفيديو؟ الحل كما تقول الدكتورة انا ليمبكي هو ( abstain, maintain, and seek out the pain!) بمعنى، امتنع عن ادمانك لمدة ٣٠ يوما على الأقل حتى يُعاد برمجة دماغك والعودة إلى الاعدادات الأصلية في الاستمتاع بشكل طبيعي في الحياة. ومن ثم ابحث عن بدائل صحية ومعتدلة. وحاول الحفاظ على اعتدالك وحفاظك على نفسك وعلى الشعور بالمتعة والألم بشكل طبيعي وباعتدال.

وأخيراً، ابحث عن الألم، بعض النشاطات الشاقة مثل ممارسة الرياضة او الصيام تغذينا بالدوبامين بشكل غير مباشر، خاصة اننا عندما نمارس هذه الأمور نشعر بالألم في البداية ومن ثم نشعر بالدوبامين، ويستمر معنا اطلاق الدوبامين حتى بعد التوقف عن ممارسة الرياضة او كسر الصيام. هذا النوع من الدوبامين هو النوع الصحي والمعتدل والذي نرغب في استمراره معنا.

انتبهوا لما تقضون عليه اوقاتكم، حافظوا على أنفسكم وعلى سعادتكم، وافعلوا كل شيء باعتدال وان أمدكم بالدوبامين، فدوبامين اليوم قد يكون نقمة الغد.

 

مساحة إعلانية