رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلوى حامد الملا

[email protected]

@salwaalmulla

مساحة إعلانية

مقالات

564

د. سلوى حامد الملا

حضور بحجم الغياب

28 نوفمبر 2024 , 02:00ص

أجمل ما يحمله الإنسان في سنوات عمره تلك المشاعر الصادقة البريئة الشفافة، التي يحرص عليها الإنسان لتكون جزءا متأصلا معه ومنه، لا تغيب مع السنوات وما مر به من تجارب وخبرات ولا تتغير مع الوجوه التي يلتقيها، يعتقد بعض البشر ان طبيعة الحياة وسرعة لغتها وعجلتها وسيطرة الماديات عليها؛ تجعل الإنسان يسير كيفما شاءت الحياة وظروفها وكيفما هي الأغلبية من البشر حوله! ليكون مع اتجاه الريح وحركتها دون مقاومة واعتراض، معتقدا انه بذلك يعيش حياة سوية خالية من المشكلات والشجون والآلام والندم. فهناك من يختار العيش والتعامل وفق ما يريده من حوله، ووفق مصالح وماديات؛ دافنا لمشاعره وحقيقة احاسيسه، يجهل انه بذلك اختار الموت البطيء لشخصيته ولكبت مشاعره في قبر موحش من الإنسانية والروح النابضة بالحياة والعطاء والحب. المشاعر الصادقة لا تتبدل، ولا يصيبها تغلب وتغير الفصول، وحركة الأيام وتغير البشر، تلك المشاعر تبقى الأقوى والأصدق والأجمل دون تزييف وتبديل وتغيير لمبادئ، تبقى متمسكة بمبادئها بقوة وثقة. دون ترك منفذ لليأس لأن ينفذ إليها من خيبات أمل وصدمات وأنانية بشر. ودون قرار ينسيها من هي باتباع قوانين غيره من بشر.

من يحملون صدق المشاعر الجميلة والبريئة لم يتلونوا ولم تزحف إليهم أنانية عالم الكبار المزعجة، يتعاملون كالأطفال، ينثرون جمال مشاعرهم الفواحة العطرة بروعة المعاني، مشاعر نقية ببريق عيونهم عاكسة جمالا ينعش مشاعر عابقة بالأعماق ويعكسها نبرة حروفهم ونغمة أصواتهم. الاحتفاظ بعبق وبقايا الطفولة في الأعماق. ذلك العالم النقي بعطاء الحب دون انتظار مقابل لمن يحبهم بصدق دون منَّة أو تعال أو كذب يجعل الروح لا تشيخ ولا تصاب بيأس يقعدها.

النفسيات البريئة الصادقة الراقية في تعاملها وفي إنسانيتها ووعودها هم أولئك الذين يحرصون على مشاعرهم من أن تجرح كما حرصهم على مشاعر من حولهم من أن تلمس بكلمة تجرحهم، يتحركون وفق قيم راقية لا يغيرها عمر بأرقامه، ولا كرسي بمنصبه، ولا غياب وحضور وفق أمزجة. الأيام تمضي، والعمر أوراقه تتساقط وترحل بعيدا، ولا يبقى لنا إلا تلك اللحظات الثمينة، والذكريات السعيدة، والذكرى الجميلة، والمشاعر الصادقة، تلك الدافعة للتعامل بصدق وشفافية روح محبة رافضة لكل التغييرات السلبية المتموجة والصاعدة والهابطة دون ثبات واستقرار، تبقى متفردة ومتحركة بالحب، ومتمسكة بمبادئها مهما طال زمن التغير وشاع في عالمنا وانتشر وفرض قوانين تخالف قوانينها.

آخر جرة قلم:

لنبحث في أعماقنا عن الذات الحقيقية ونتفقد ذلك الطفل الذي تشكلت شخصياتنا معه، ونمنحه مساحة للتعبير واللهو والرفض والبكاء، لنحرص على الوصول لأعماق وبقايا ذكريات طفولتنا الجميلة الصادقة، لتكون المساحة اليانعة والممتلئة بالحب والجمال. لتُنعش وتحيي الروح وتمنحها الأمل في لحظات قد يرمي بظلاله اليأس عليها.

الحياة كريمة؛ والكرماء بأخلاقهم وعقولهم وتعاملهم وجمال أرواحهم حولنا، قد تشغلهم ظروف الحياة إلا انهم معنا. لا يفتقدهم إلا من شابه صفاتهم وصدق تعاملهم وأخلاقهم ومبادئهم. الأرواح تلتقي بصمت، وتجتمع بحب بحضور، وتشتاق بغياب، وجودها حاضرا وباقيا بصدق، لا تتشبث بأعذار غياب ونسيان. هي فقط الأرواح الصادقة تبقى دائما حاضرة بسكن الروح.

مساحة إعلانية