رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ابتسام آل سعد

@Ebtesam777 

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

279

ابتسام آل سعد

الدجاجة التي أسعدت أطفال غزة

28 أكتوبر 2025 , 03:01ص

دخل على أولاده بدجاجة فهللوا وسجدوا لله شاكرين!

هذا كان حال عائلة غزاوية من قطاع غزة حينما أقدم أب فلسطيني على تصوير ردة أفعال أبنائه وهو يحمل لهم دجاجة مذبوحة لتكون غداء فاخرا لهم في هذا اليوم، وكيف انهال الأولاد على أبيهم عناقا وتمجيدا على قدرته في الحصول لهم على دجاجة ليأكلوها بعد أكثر من عام لم يأكلوا فيه لحما وعاشوا على البقوليات الجافة حتى وصل بهم الحال لأكل أوراق الشجر فكيف بأبيهم اليوم يدخل عليهم وهو يحمل دجاجة طرية وطازجة؟! هل يمكن تصور فرحتهم في تلك اللحظة؟ إن لم تكونوا قد رأيتم المقطع الذي انتشر انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي فلكم أن تقلبوا في الصفحات الإلكترونية لتروا بأعينكم كيف كانت فرحة هؤلاء الأطفال لمجرد دجاجة سوف تزين مائدتهم المتواضعة في هذا اليوم وتتصوروا كيف سوف يلتهمونها بنهم وشغف وكيف يمكن أن نقول لهم بألف صحة وهناء على قلوبكم وبطونكم الصغيرة يا أبطال غزة الصابرة والبطلة بأهلها وأطفالها الذين أثبتوا للعالم بأنهم وُلدوا رجالا واستُشهدوا أبطالا وبقى منهم من نراهم اليوم يفتت الركام بيديه العاريتين من على أنقاض منزله لعل هذا المنزل يقوم من جديد فيعود والده وأخوه وأمه وأخته من الموت إليه؟!.

تسألونني لم غزة يا ابتسام؟! لم نرها لا تنفك عنكِ منذ أكثر من سنتين وأنتِ تكتبين المقالات والتغريدات وتخرجين في اللقاءات ولسانكِ لا يهدأ عن قول غزة واسم غزة؟ والإجابة واضحة وصريحة ومختصرة وهو أن ما جرى في هذا القطاع لم يمكنني تجاوزه ولا يمكن لأي إنسان (طبيعي) في المشاعر والهوية والدين والشعور والإنسانية أن يتجاوز ما حدث في غزة من إبادة حقيقة لأهلها وكيف اقتُلعت الأجنة من أرحام وبطون أمهاتها لمجرد أن من سوف يولد هو شبل فلسطيني يمكن أن يكون من المقاومة مستقبلا ولم يمكنني أن أغض الطرف عن المشاهد الموجعة جدا التي هزت أركان هذا العالم الذي لطالما تغنى بإنسانيته وحقوق الإنسان فيه ولم يستطع أن يهب لنجدة من تبقى من أطفالها وصغارها وأيتامها وفتيانها وأشبالها ورُضعها وشعبها ولو بغصن زيتون صغير يجعلنا نؤمن بأن السلام يمكن أن يتحقق يوما على أهل غزة وفلسطين عموما فكيف تريدون أن ننسى أو نتناسى أشلاء الأطفال والرُضع وهي منثورة هنا وهناك إما في شارع كانوا يهربون مع أهلهم من الغارات الإسرائيلية العمياء والوحشية أو في مدرسة إيواء ظنوا أنها يمكن أن تكون سالمة من البطش الإسرائيلي الأهوج الأهمج فإذا بآلة القتل الإرهابية الإسرائيلية تلحقهم وهي تتلذذ بقتل هؤلاء الرُضع وتفتيت أجسادهم أو حرقها أو دهسها أو جعلها ممثلا بها في سلوك لا يمكن أن يعطي صفة الإنسانية لهؤلاء القتلة المجرمين؟! كيف لا يمكن التأثر بهؤلاء الأطفال يسجدون لله شكرا لمجرد دجاجة ساقها الله لوالدهم لتكون طعاما لهم ونحن الذين نرمي الدجاج للكلاب والقطط والقمامات وربما كانت كلها لم تؤكل ولم يُلمس عظم فيها ولكن من باب التبذير والإسراف والنقم على النعم الذي ابتُلي به معظمنا ممن لم يشكر الله على نعمه وقوته وعطاياه؟! اخبروني إن كنتم تتجاوزون غزة لأتجاوز أنا أيضا ولكني مفعمة بحرقة من تلك المشاهد المؤلمة للأرواح التي زُهقت والبيوت التي تدمرت والمستشفيات التي هُتكت حرمتها والمساجد التي لم تُحترم قدسيتها ومدارس الإيواء التي اختُرق أمانها للهاربين من آلة الغدر الإسرائيلية، ولا أخفيكم فقد هزني مشهد هؤلاء الأطفال والدجاجة التي جعلتهم بتلك الفرحة الصادقة المنبثقة من قلوبهم الصغيرة التي لم تر فرحا منذ أكثر من عامين وتأتي دجاجة صغيرة لتوقظ تلك الفرحة الغائبة عنهم، فاللهم اِحرم من حرمهم الفرح والطفولة والأمان والسكينة والرزق والشبع والارتواء والاستقرار والأمن والأمان والوطن وراحة البال واجعل لحظاته نارا يتذوقها ويشعر بها ويعيشها الدقيقة فيها بساعة واجعله اللهم مخلدا في نار عذابك وانتقم لهؤلاء فأنت خير من يُدعى به وهم خير من يُدعى لهم يا الله.

مساحة إعلانية